الطريق إلى الرضا



أحمد عباس





ماذا يحدث لو شعرتي فجأة أن العالم يسقط من حولك؟ لو شعرتي أن كل ما سعيتي من أجله وحرصتي عليه وتحملتي في سبيله قد أصبح سرابًا أو كان وهمًا؟ ماذا تفعلين لو وجدتي أنك تستيقظين في الصباح بدون رغبة حقيقية في الحياة ورؤية العالم؟ هذا المقال نحاول فيه أن نستعرض سبل التعامل مع هذه الحالة التي تصيب كل إنسان في وقت من حياته.

برد الرضا

لا يمكن الخروج من هذه الحالة إلا من خلال اللجوء إلى الرضا والتسليم للقدر لأنك عندما تستطيعين تحقيق الرضا والتسليم فقط تبدأين في إدراك معنى الحياة ولا تحزني على ما فات ولا تفرحي بما هو آت، ولكن من أجل الوصول إلى هذه الحالة المتصالحة مع نفسك ومع الكون من حولك يبدو أن أمامك طريقًا من البذل والصدق والمرونة، فالله تعالى لا يترك عبده أبدًا على مر الصبر حتى يذيقه برد الرضا، وفي هذا الطريق نضع لك بعض الومضات التي قد تساعدك في الوصول إلى الهدف:



أولاً: تعلّم أن تتقبلي نفسك على حقيقتها

من الممكن أن تعيدي اجترار الذكريات الحزينة وما كنتي تطمحين أن تكوني عليه في الدنيا وما فقدته في مشوار العمر حتى الآن ولكن هذا لن يجدي نفعًا، وبدلاً من ذلك يجب أن تكوني ممتنة لربك على كل النعم والعطايا التي أحاطك بها وما أكثرها، ولا تنسي أنك تستطيعين أن تدوني في ذاكرتك أو في ورقة كل المزايا والعطايا التي منحك الله تعالى.

ثانيًا: واجهي نفسك بسلبياتك ثم توقفي عن ذلك

يمكنك أن تمضي عمرك كله ليل نهار توجهين الانتقادات لنفسك وتفندين شخصيتك لتستخرجي منها أوجه القصور والعيوب والسلبيات، يمكنك أن تتهمي نفسك بالجبن والانطواء والتردد والكسل والعاطفية الزائدة، يمكنك أن تسترسلي في هذا الحال إلى ما لا نهاية لكنه لن يورث قلبك إلا مزيدًا من الحسرة والألم، صحيح أن الإنسان الصادق لابد أن يصارح ذاته بكل العيوب والنقائص لكي يستكملها في طريق التزكي والسمو الإنساني إلا أنك من الضروري ألا تنزلقي في هذه الدوامة بحيث تصبح هي الأصل في نظرتك لنفسك.

ثالثًا: كوني صادق مع نفسك

واحدة من أصعب الأمور التي يجب عليك أن تقومي بها لتصلي إلى حالة الرضا الحقيقي في حياتك، والصعوبة تكمن في أننا في عالم اليوم أصبحت مجتمعاتنا أكثر مادية وإيقاع الحياة شديد السرعة ولذلك أصبحنا نحب المديح والثناء ونعتبر كل انتقاد يوجه إلينا بمثابة تأثير سلبي بدلاً من أن نأخذ النقد لنحاول أن نطور من أنفسنا نحو الأفضل.

رابعًا: راجعي الماضي

قد يكون السبب الرئيس في إحساسك بعدم الرضا وأن الحياة من حولك تزيدك إحباطًا أن يكون هناك موقف معين أو أمر ما سبب لك ألمًا وحزنًا ولكنك تجاوزته في رحلة الحياة بدون أن تقومي بعلاجه داخل نفسك علاجًا كاملاً، ولذلك تحتاجين أن تعودي بكيانك ووجدانك لهذا المطب وتتعاملي معه بكل السبل التي تريحك وتعيد إليك الثقة في الحياة.

خامسًا: استبدال الطرق القديمة بأساليب مبتكرة

طالما أنك وصلت لهذه الحالة التي تفتقدين فيها الإحساس بالرضا والانسجام مع الحياة من حولك فلابد من تغيير شامل وكامل في أساليب تعاملك مع كل شيء من حولك، فرغم صعوبة أن يغير الإنسان صفاته وطباعه الأساسية إلا أنه بالإمكان إحداث تغيير واضح في طريقة تناوله للموضوعات وتعرفه على الواقع من حوله وكذلك طريقة الاستجابة وردود الفعل.


ومن أجمل ما يمنحك الشعور بالرضا والتسليم أنه يفتح أمامك أبوابًا جديدة من الأمل، ويضمد الجروح ببلسمه الشافي، ويهون أمور الدنيا في عينك، فتقوى نفسك وتعلو همتك وتكتسبين قوة ما ظننتي يومًا أن تمتلكي ولو جزءًا منها.