التباهي عند النساء..المضحك المبكي


عبير النحاس



عشق النساء الأول ..وسبب من أسباب همَّتهن في أحيان كثيرة..ومنبَع لسعادة الكثيرات..
هذا هو التباهي..
عندما تجلس بين مجموعة من النساء في زيارة ما تجد عجبا..
و يجد التباهي حينها أرضه الخصبة ..ويستبد بالمكان ..ويكاد يكون سيد المواقف كلها ..
منذ مدة بدأت أُشاغل التباهي بحثا, وأرصد تحركاته في كل مكان وزمان, فسمعت عجبا, ورأيت المضحك المبكي.
لمحت التباهي في طيات ملابس النساء والرجال يزهو ويتبختر بينها, كانوا يرتدون ما يتباهون به فقط لإثارة الغيظ قبل الإعجاب, وللفت الأنظار قبل جلب الثقة لأنفسهم بجميل ما يلبسون.
كان حاضرا أمام باب إحداهن وهي تضع أكياس القمامة على باب منزلها وتستثني بشكل مضحك علب الأطعمة و زجاجات المواد الأخرى لترى الجارات عينات مما يجلبه إليها زوجها دون أن تجلس لتعدد أمامنا وتحصي كل لقمة تنزلق في فمها وتتباهى بها, لقد كانت فارغة وهمومها لا تتعدى تلك اللقمة والأغراض التي تجلب لمنزلها.
كان جالسا قرب تلك السيدة التي لم تجد ما يميزها سوى أن تتكلم في المجالس كلها عن الوقت الذي تقضيه في أعمال المنزل لتخبرهن أنها بارعة في التنظيف ..من يدري ربما يفكِّرن باستقدامها بدل الفيلبينيات يوما.
كان يتربع في صالون إحداهن فنراها تحرص على دخولنا إليه لفترة وجيزة لنرى جديد إكسسواراتها المنزلية ثم تأخذنا لغرفة الجلوس بحجة الضيافة خوفا عليه منا..انتهت المهمة ورأينا ما تريد لنا رؤيته من ممتلكاتها.
كان يتعلق ذراع إحداهن و قد ارتدت في أشد أيام البرد ثوبا صيفيا عندما زارتها أخريات, وبعدما استعرضت أمامهن في جلسات سابقة كل ما في خزانتها من ملابس شتوية ..يومها أصيبت بالمغص فاتهمتهن بالحسد.
كان جالسا على شفاه طفلة بالكاد تعرف كيف تنطق.. و لكن والدتها لقنتها اسم ماركة ملابسها لتنطلق بها كلما شاهدت غريبا أو من تعرفه .. استثمار.
كان يتدلى فوق رأس بخيلة تتغنى بفن الإدارة المتطور لديها, و تعيب في الأخريات الإسراف.
و ماذا عن الرجال؟
لفترة مضت كنت أعتقد أن النساء فقط هن من يعشقن التباهي, و يُجِدنَّ أدوارهن بشكل ممتاز, ثم وبعد أن كبرت و تتالت السنوات ورأيت من رأيت وعاشرت من عاشرت فهمت وتأكدت بأن التباهي هو أمر يشترك فيه كل بني البشر على الإطلاق وكلٌ يتباهى بما هو غال مهم عنده..
فقد رأيته يجلس على مائدة مترفة أعدها يوما فارغ لصحبه ليتعالى عليهم بما ينفق و يمتلك..
وفي يد شاب حمل أربعة (جوالات) بيده في زيارة لمؤسسة كنت فيها.
وآخر يخرج هاتفه الثمين ليلقيه على كل طاولة أو كنبة قريبة منه..
وكان على مقعد سيارة أحدهم وقد دفع ثمنها ما يفوق ثمن منزله وبالتقسيط ..
وكان برفقة أستاذ جامعي يلقي المحاضرات أينما توجه, ويكاد يلصق على ظهره عبارة تقول..أنا أفهم كل شيء بشكل أفضل لقد عُينت أستاذاً في الجامعة.
و عند المتدينين وجدته كذلك:
كان يلزم سجادات فرشت في أماكن مكشوفة.
و يجلس في مجالس الجدل والتكفير وفضح ذنوب الغائبين وعيوبهم..
وكان يمسك سبحة المتصوفين معهم.
ويتخلل لحى عجيبة بطولها لم يجملها خلق حسن.
إلى متى التباهي ؟
المال قد يضيع يوما وقد رأيت ورأيتم هذا, أو عاينتموه, أو سمعتم به على أقل تقدير..
الجمال.. لا بد وأن يغادرنا فمقامه بيننا قصير..
النسب لن يعني لنا شيئا لو لم يكن لنا مجدنا الخاص الذي بنيناه بأنفسنا..
الشهادات والمهارات قد تذهب بها إصابة أو مصيبة..
أمجادنا سيأكلها التراب لو لم يجملها الإخلاص..
فهل سنترك التباهي بما يتلف ويضيع؟
و هل سنتباهى يوما كمسلمين بما حققناه من انجازات لأمتنا؟..
و ما نحن عليه من خلق رفيع أذهل غير أهل الإسلام فدخلوا فيه؟..
و ما لنا من علو همة وترفع عن الدنايا نعطي بها صورة رائعة عن الإسلام و المسلمين؟..
ليتنا نعرف بم؟.. ولم؟.. ومتى؟.. نتباهى.