من أسباب السعادة..تخلصي من التخزين


عبير النحاس


عندما تضطرك الظروف للتواجد في (علية) أحدهم أو في (الجراج) الخاص بمنزله ستكتشف حينها جانبا قد لا تعرفه من شخصية ذلك الشخص..
التخزين ..(الكراكيب)..عدم التخلص من الأشياء القديمة.. هل من حل؟..
هي حالة نلمحها و قد نعيشها عندما يكون بين أفراد عائلتنا شخص أو أكثر يعتقد أن هناك لحظة سنعود فيها لاستخدام غرض مهمل..
صديقتي كانت تشكو من عدم موافقة أولادها على التخلص من أي من الأدوات الكهربائية المعطلة في بيتها بحجة أن بعض القطع فيها قد تلزم في حال تعطلت القطع الجديدة, و كانت تشكو أيضا من تجميعهم لكل قطعة خردة قديمة كالمسامير و عدة النجارة و غيرها بحجة احتياجهم إليها في يوم من الأيام, و بالطبع فهذا اليوم قد يأتي و قد لا يأتي و قد يأتي بعد سنوات تكون فيها القطع قد تعرضت للتلف و الصدأ بعد أن حجزت لها مكانا في العلية.
و في يوم من الأيام انتبهت تلك الصديقة إلى أن ولدها احتاج مسمارا مما يسمونه (البرغي) ذو الساق اللولبية, وأنه لم يكلف نفسه عناء البحث في تلك الصناديق المخزنة في منزلهم بل اكتفى بارتداء ملابسه و خرج ثم عاد حاملا كمية من (البراغي) و قام باستخدامها, ومنذ ذلك اليوم بدأت صديقتي بالتخلص من كل الصناديق المخزنة دون أن تخبر أحد بالأمر و كانت النتيجة أنها تخلصت منها جميعها و لم يشعر أي من زوجها أو أبنائها بالأمر لسنوات عدة.
لماذا التخزين؟..
"تقول عالمة النفس الفرنسية "ماريز فايان" إن الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التخلص من الأشياء القديمة لديهم مثل الملابس والصور والأوراق يعانون من إحساس بعدم الأمان منذ الطفولة، ينعكس عليهم عند الكبر.
وأشارت العالمة في دراسة إلى أن هؤلاء الأشخاص يعتقدون أن التخلص من هذه الأشياء يعني الخسارة والصعوبة في التقدم إلى الأمام، وأخذ المخاطرة بالتغيير المطلوب، لذلك يجب مساعدتهم على الاحتفاظ بالأشياء المهمة فقط". المصدر : جريدة الشروق.

نعم هم يحتاجون لمساعدة فهي أمور خارجة عن إرادة فاعلها و قد رأيت بنفسي تمسُّك سيدة بكل قديم لديها حتى أصبح لديها في منزلها غرف كاملة مملوءة بالأشياء القديمة ناهيك عن السقيفة أو العلية..
ما العمل؟..
من تجربتي الشخصية وجدت أن تخلصي من الملابس التي باتت أصغر أو أضيق من مقاس صاحبها أولا بأول هو حل مناسب و أفعل هذا أيضا مع تلك التي لم تعد صالحة لارتدائها و ذلك في موسمي الشتاء و الصيف, فلا أرتب في الصناديق التي تقبع تحت الأسرة إلا تلك التي أكون متأكدة من حاجتنا لها في الموسم التالي, و قد وجدت للأمر فوائد كثيرة سآتي عليها.
الملاءات و المناشف القديمة أقوم بتحويلها إلى فوط للمطبخ بعد خياطتها و تنسيقها بطريقة جميلة, و قد وجدتها أفضل و أكثر مقاومة من تلك التي نشتريها جاهزة في العادة, و مع هذا فهناك قطع لا تصلح لاستخدامها في أعمال التجفيف و التنظيف في المطبخ و لا بد من جعلها في حقيبة التبرعات و تأكدي أن هناك من سيشكرك ..
بعضهن يحلو لهن الاحتفاظ بالحلي التقليدية و الحقائب، ولتلك الأشياء مواسم و أزمنة يعرفها الجميع و لهذا لن ينفع الاحتفاظ بشيء من هذه الأشياء ريثما تعود موضتها ففيها تغييرات ستكشفها العيون و سيبدو مظهرك فيها غير لائق والتبرع بها وهي ما زالت في موسمها و رونقها يكسبك أجرا و راحة أكبر..
بعضهن يحتفظن بالإكسسوارات المنزلية رغم مضي زمن طويل على فوات موضتها, و بعضهن لا يضحين بشيء من أدوات المطبخ البالية, والكتب المدرسية, وقطع السجاد التي لم يعد لها مكان, واللوحات غير المستعملة, وكلها على أمل استخدامها من جديد, ولا يتحقق الأمل.

ما الذي يفعله التخزين ؟..
ـ عندما نقوم بالتخزين يضطرب لدينا مفهوم الشراء بداية..
ـ فلا ندرك احتياجاتنا الحقيقية, و لا نشتري ما هو لازم فعلا, و ما نحن بحاجة حقيقية له؛ فكثرة وجود الملابس مثلاً تجعلنا مشتتين و تمنعنا من معرفة ما نحتاجه فعلا و بدقة..
ـ و قد يمنعنا أيضا وجود الكثير من أدوات المطبخ و القطع الكهربائية المعطلة من ترتيب و تنسيق المكان و من إدراك دقيق لحاجاتنا الفعلية..
ـ الخزائن لن تترتب بسهولة..و كذلك الأدراج.. و العلية ستكون مأوى (للكراكيب) و للغبار و الأتربة, و ستغدو عملية تنظيفها عملية شاقة.
ـ لن تأخذ ملابسنا الجديدة حقها في ارتدائها لمرات عديدة تتناسب مع ما دفعناه من ثمن لها.
ـ و سنفاجأ بعد مدة بأن المنزل سيكون مأوى للفوضى, و أننا لن نتمتع بما نشتريه لوجود اكتظاظ يجعل المكان متعبا للأعصاب.
و ماذا لو تبرعنا بما لا نحتاجه و قمنا بالتخلص مما لا يستحق أن نتبرع به أولا بأول؟..
ـ سنجد فسحة من الأماكن تريح أعصابنا و تساعدنا على الترتيب و التنظيف السهل السريع أولاً..
ـ سنحصي ما لدينا من أشياء و ملابس بسهولة, و بالتالي سنشتري ما يلزمنا بدقة, و سنوفر الكثير من أموال ننفقها قبل أن ندرك أننا حقا نحتاج لما اشتريناه.. و دون إحصاء لا يوجد تسوق سليم.
ـ سنستمتع بما لدينا بشكل أكبر عندما نرتدي الملابس الجديدة مثلا مرات أكثر ثم نتبرع بها و ابتسامة تعلو وجوهنا .
ـ سيستفيد من حولنا من تلك الأشياء و تلك الملابس بدلا من بقائها مخزنة و محنطة في الأقبية أو العليات أو الخزائن و الأدراج.

ـ سنشعر بالبركة لا ريب و سنمتلك تلك الطاقة التي يمنحها العطاء..
و دمتم