هكذا تكون محبة الرسول



عادل عبدالله هندي





هذا نبينا الحبيب حبيب الله وحبيب الكون وحبيب الصحابة وحبيبنا - عليه الصلاة والسلام -؛ فإذا تكلمنا عن حب بشر لبشر فليس أروع من حب المؤمن لنبيه محمد، فكم من إنسان يأمل في رفقته ومحبته وتشتاق الأفئدة إلى حوضه الشريف.

هذا نبينا أرسله ربه للبشر عامة، وناداه في القرآن بالنبوة والرسالة، وأخذ مواثيقا وعهودا على الأنبياء أن يتبعوه وأن يسيروا خلفه إن أدركهم، وهو الشاهد على من سبقه، والشفيع المشفع، وربط الله طاعته بطاعته – سبحانه -، وأوجب الاحتكام إليه عند النزاع والخلاف.

وبعد كل هذه القدر له، أحبه الصحابة حبا لا يقاوم ولا يقارن ولا يوازن مع شيء آخر، والكائنات كلها من جبال ونبات وحيوانات أعلنت حبها وفداءها لرسول الله في كل مراحل الحياة.

الرسول يحبنا:

ورسولنا محمد - صلى الله عليه وسلَّم - يشتاق إلينا ويحبنا ويأمل رؤيتنا، فهل نحن نحبه بهذا القدر؟ والرسول - عليه الصلاة والسلام - يجب أن نحبه:

- لأنه حبيب الله، ومن أحبَّ الله أحبه حبيبه.

- لأنه الرحمة المهداة والنعمة المسداة.

- لأنه يخاف علينا ويحبنا.

- وهو شفيعنا الذي تقبل شفاعته.

- لأنه صاحب الخلق العظيم والقدوة الحسنة.

وبمحبته تتحقق علامات الإيمان، وتنال بها محبة الرحمن، وهى الدرع الواقي من القدوات الفاسدة الضالة المضلة.

علامات محبة الرسول:

والسؤال الآن: كيف تكون محبة الرسول؟ وعلامات محبة الرسول على النحو التالي:

أولا: طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهى أولى علامات المحبة الصادقة، {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ...} (النساء: من الآية 80)، {...وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: من الآية 71)، والطاعة تكون فوق هوى النفس والفؤاد.

ثانيا: الغيرة عليه وعلى دينه وفدائه والغضب لانتهاك حرمته وحرمة الدين العظيم؛ فلقد تفانى الصحابة الكرام في غيرتهم على النبي، من أمثال "خبيب بن عدي، ومعاذ ومعوذ، و..."، والمسلم مطالب بأن يثبت محبته بالعمل لا بالكلام فقط؛ كأن ينشئ موقعا على الإنترنت للدفاع عنه ورد الشبهات المثارة حوله وحول سنته، وأن ينشر قضايا أمته ويثور على ما يفعله الأمريكان في العراق، والكيان الصهيوني في فلسطين وغير ذلك.

ثالثا: تعظيمه وتوقيره وعدم الاستهانة بسنته؛ فإن كثيرا من الناس قد لا يطبق السنة فحسب بل تجده يستهزئ من الملتزمين بهدي الرسول، فكيف يزعم حب النبي؟ لا بد من توقير النبي وسنته وندائه بنبوته لا باسمه مجردا.

رابعا: كثرة الصلاة عليه، فما أجمل أن يكون اللسان مصليا ومسلما على الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومن أحب إنسانا أكثر من ذكره، وليس هناك أبح إلى قلوبنا من البشر بشرا سوى محمد بن عبدالله، والصلاة عليه نور وبركة ودعاء وتعظيم وتوقير، وقد رويت عدة روايات تؤكد فضل الصلاة عليه، التي تذهب الهموم وتصرف الأحزان.

خامسا: تذكر النبي والشوق إليه وتمني رؤيته ولقائه؛ يقول النبي: "من أشد أمتي حبا لي ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله".

وإذا نظرت إلى حياة الصحابة والتابعين ومدى الشوق الذي ملأ قلوبهم نحوه - عليه الصلاة والسلام - لازددت حبا وعجبا، فبلال الصابر -رحمه الله- يقول وهو على فراش موته: "غدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه"، وهذا عبدالله ذو البجادين - رضي الله عنه - يشتاق ويشتاق للنبي فينتج حبه وشوقه أن رضي عنه الرسول ودفنه بيديه بعد تبوك.

سادسا: حب من أحبهم النبي، من البشر والكائنات والطعام والشراب والكلام والأماكن والأزمنة، فهذا حب حقيقي، فنحب آل بيت النبي جميعا ونذكر الله في أهل بيته كما قال: "أذكركم الله في أهل بيتي".

سابعا: التخلق بأخلاقه والسير على طريقته؛ فلقد كان لكم في سيرته الأسوة الحسنة {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21). وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرآنا يمشي بين الناس، فلنتخلق بأخلاق النبي وسيرته وهديه في الطعام والشراب والنوم والمعاملات.


وهكذا تكون محبة الرسول حقا لمن أرادها.