أي خطة ميزانية ستصمد أمام موجات الغلاء المتلاطمة؟!


هند الزميع


تجتاح العالم موجات من الغلاء متتابعة وترتفع حدتها على البعض حتى لا يكاد يجد فرصة للتخطيط المالي والموازنة بين الدخل والمصرفات حتى دخل بعضهم في حالة من التقشف مؤلمة كي لا يسلك متاهات الديون كغيره فيجد نفسه في نهاية المطاف عاجزا عن السداد وواقعا ضحية الالتزامات المادية للآخرين.
مسكين أحدهم حينما بكى قهرا مبررا بكائه بعجزه عن تغطية أهم المصروفات وقد كان يعتبر نفسه ذا دخل جيد وعلل بقوله: لقد ضاقت الدار وكثرت العيال وغلا الإيجار ودخول محال التموين صار محيرا كأنك أمام لغز صعبت تفاصيله, لقد تنازلنا عن كل الكماليات وبالكاد تسير أيامنا ونسأل الله البركة.
وآخرون رفعوا شعارات النداء بملاحقة أي عروض تسويقية تساعدهم على التوفير، لكنها وإن كانت أجدت مع البعض إلا أنه اشتكى منها عدد من المستهلكين حيث يسميها البعض مصيدة, فالعرض على مجموعة من السلع يجذب ولكنه مستنزف للمال عند الأشخاص الذين لا يملكون قوة تحكم أمام التسوق.
هنا تذكرت أحد الأشخاص شيخا كبيرا وهبه الله حكمة ونظرة مستقبلية حينما كان يوصي بادخار جزء من المال حتى لو كان بسيطا لكي لا يتأثر الشخص بالأزمات المادية المفاجئة فتحدث له صدمة فيتخذ قراراته بعشوائية وكردود فعل قد تكون سلبية, فوجود هذا المال المدخر يمنح الشخص شيئا من الاطمئنان ليتزن تفكيره في كيفية التصدي للمتغيرات كموجة الغلاء.
إنه لم يعد هنالك خيارات أفضل من التمسك بالمبادئ والقيم الحقيقية من القناعة بالرزق دون التخاذل عن طلبه وزيادته بالطرق المشروعة وكذلك سؤال الله البركة فهذا يهب المرء اطمئنانا وسكينة, لأنه يستصحب في حياته قول الله تبارك وتعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارً} موقنا بمقصد الآية من أن الاستغفار يستجلب خيرات السماء والأرض ويزيد الرزق وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
حقا في ظل أزمة الغلاء يظل المرء حائرا في إدارة ميزانيته مضطرا لأن يغيّر في مصروفاته وسياسته, معتبرا بغيره.