المرأة المسلمة وإدارة الوقت



فاطمة عبد الرءوف



إذا كان الوقت هو أثمن ما يملكه الإنسان لأنه عمره وحياته ووجوده على سطح الأرض فهو بالنسبة للمسلم أكثر أهمية وحيوية؛ لأنه يوقن أن هذا الوقت هو مزرعة الآخرة وعلى قدر بذله وجهده فيه تكون درجته في الآخرة.

ولايختلف الأمر عند المرأة المسلمة التي هي شقيقة الرجل، يقول تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}( النحل: 97).

لكن عندما نتحدث عن المرأة المسلمة وإدارتها لوقتها فلابد أن نضع في اعتبارنا تعدد المهام التي تقوم بها وتعدد الأدوار والمسئوليات التي تقع على عاتقها ما يجعل حاجتها لإدارة الوقت أكثر أهمية وإلحاحا.

قواعد أساسية

هناك عدد من القواعد الاساسية التي تعين وتساعد المرأة المسلمة على حسن إدارة وقتها وإليك خمس من هذه القواعد:

ـ وضع الغاية الأساسية من الأعمال في الذهن:

هذه الغاية بالنسبة للمسلمة هي: ارضاء المولى عز وجل، فهذه الغاية شرط لاختيار أي عمل للقيام به وكذلك بانتوائه في كل عمل.. مثلا مكالمة هاتفية من الممكن أن تكون لصلة الرحم وإسداء النصح هذه غاية لرضا الله عز وجل ومن الممكن أن تكون لون من التسلية والفضول الذي قد يفضي للغيبة والنميمة وبالتالى تكون أداة لرضا الشيطان وكسب السيئات.

ـ تحديد الأهداف:

فإذا كانت الغاية هي رضا المولى فلابد أن يتبع ذلك وضع أهداف محددة في مدى زمني محدد فمثلا تهدف المرأة المسلمة أن تعلم ابنها الذي وصل سنه لسبع سنوات أحكام الصلاة وشروطها وتحببه في الصلاة وهذا الهدف سوف يستغرق عاما كاملا.

ومن الممكن تقسيم هذا الهدف فالشهر الأول سوف يكون حديث عاطفي عن الصلاة التي سوف نحدثه عنها باعتبارها صلة بين الإنسان وبين الرب سبحانه.

ولتحقيق هذا الهدف سوف تستعين الأم بعدد من الوسائل كالقصة وفيلم كارتون إسلامي و.. و..

ـ التوازن:

فالمرأة المسلمة عندها أهداف متعددة ولا يصح ان تكون أسيرة لهدف واحد مهما كان؛ لأن لها أدوار متعددة في الحياة ولكل دور أهدافه فهي: عابدة، طالبة علم، داعية، زوجة، أم، بنت، أخت، ربة منزل، ولابد أن يكون هناك انسجام وتوازن بين هذه الأدوار.

ـ فقه الأولويات:

إنه فقه من لون خاص فهذه الأدوار المتعددة التي ذكرناها لابد أن هناك أولويات بينها كما أن لكل دور أولويات داخله فمثلا زوجة وأم لأطفال صغار وهي في الوقت نفسه داعية ناجحة.. أولوية الأطفال الصغار تأتي أولا لأن ذلك فرض عين عليها ولأنه واجب الوقت ولأن هذه المرحلة حاسمة في حياتهم ولا يقوم بذلك أحد غيرها ولكنها لن تلغي الدعوة سوف تأتي في مرحلة متأخرة فمثلا بعد أن كان لها ثلاث لقاءات اسبوعية سيكون لها لقاء واحد كل أسبوع أو أسبوعين وسوف تُفعل الدعوة الفردية أكثر وسوف تعين أخريات بتحضير الدروس لهن وبالتالي تشاركهن في الأجر، وسوف تستفيد من وجودها في المنزل بتكثيف الاطلاع وهكذا.

- التفويض:

هو مصطلح يعني أن كل عمل يستطيع غيرنا القيام به بكفاءة يمكن أن نكلفه به ولا يلزم أن نقوم به بأنفسنا كي نستطيع أن نوفر في الوقت المهدر ومن أمثلة ذلك:

فوضي أولادك أن يرتبوا أسرتهم وحجراتهم وفوضي بعض المعلمين ذوي الأمانة تدريس الأولاد.. فوضي زوجك لشراء مستلزمات المنزل.. فوضي داعيات جدد للقيام بإلقاء الدروس في بعض المساجد الصغيرة التي كنت تقومين بإلقاء الدروس فيها.

مهارات لازمة

وإليك أختي المسلمة عددا من المهارات التي تعينك لأداء أدوارك بالغة:

ـ استيقظي مبكرا قبل الفجر بنحو نصف ساعة يقول صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة" (رواه الترمذي).. فإذا كنت حقا صادقة وطامحة في تحقيق أهدافك فابدأي يومك مبكرا فهناك ساعات مباركة يكون الإنجاز فيها على أشده وهذه أول ساعات النهار عندما يكون الإيقاع البيولوجي للجسد منسجما مع الكون كله.

- ابدأي يومك بالاستغفار والصلاة وقراءة القرآن فتكونين في معية الله وسوف تلمسين مدى الطاقة والنشاط والحيوية والتفاؤل الذين ستشعرين بهم.

ـ لا تسهري كثيرا وهذا أمر منطقي كي تستطيعي الاستيقاظ مبكرا وليكن لك ورد محاسبة قبل النوم تقيمي فيه أعمال هذا اليوم وجدولك للغد بمشيئة الله تعالى.

ـ قسمي اليوم وفقا لمواعيد الصلوات وإليك هذا النموذج الاسترشادي مع الوضع في الاعتبار أن لكل أخت ظروفها الخاصة:

فترة الفجر:

ـ قبل الفجر بنصف ساعة أحسني الوضوء واستغفري كثيرا فهذا هو وقت السحر وصلي ركعتين أو أوتري وألحي في الدعاء.

ـ صلي الفجر وأطيلي في القراءة يقول تعالى: {...وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}(الإسراء: من الآية 78).

ـ اقرأي قرآن أو احفظي أو راجعي حفظك فهذه هي الفترة الذهبية للحفظ.

فترة الصباح والضحى:

- هذه الفترة الممتدة من شروق الشمس وحتى صلاة الظهر هي أطول فترات النهار، يقول تعالى: {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}(المزمل:7) وهي فترة العمل الاساسية في حياة أي إنسان فهي فترة الدراسة للطالبة وفترة العمل للمعلمة وفترة البحث للباحثة وفترة العمل المنزلي لربة المنزل.

- لا تنسي صلاة الضحى في هذه الفترة فهي شكر للخالق وعون لك على المتابعة.

فترة الظهيرة:

- في هذه الفترة يمكنك إنهاء باقي أعمالك أو أداء العمل المنزلي للعاملة (نفترض أن المرأة المسلمة العاملة لابد أن تكون عدد ساعات عملها قصيرة لتستطيع القيام بباقي المهام).

- في هذه الفترة لا تنسي الحصول على قسط ولو 15 دقيقة كقيلولة صغيرة وهي سنة نبوية ولأنك مستيقظة من الصباح الباكر فأنت بحاجة للراحة كي تستطيعي مواصلة اليوم.

فترة العصر:

- خصصيها للأبناء تعليما وتحفيظا للقرآن وقراءة قصص ولع أو لدروسك الدينية لوكنت داعية أو لطلب العلم واستذكاره وحفظ المتون.

- لاتنسي أذكار المساء قبل غروب الشمس.

فترة المغرب:

- فلتكن هذه الفترة حرة افعلى فيها ما يحلو لك.. خصصيها للأنشطة الاجتماعية زيارة لمريض أو صلة رحم أو استقبلي ضيوفك أو مارسي فيها أنشطة أنثوية جميلة أو شاهدي برنامجا إسلاميا ممتعا في التلفاز وفي حالة الضرورة فقط كرسيها لإنهاء بعض الأعمال المنزلية.

فترة ما بعد صلاة العشاء:

- بهذه الفترة ينتهي اليوم صلي العشاء وحاسبي نفسك عن اليوم وضعي مخطط الغد ثم خصصي ماتبقى لنفسك وزوجك.

- خذي حماما دافئا ومارسي تمارين الاسترخاء وغيري ملابسك لأخرى أكثر جمالا وانسي أعباء اليوم ومشاكله و اجلسي مع زوجك دون ضجيج بعد أن نام الأولاد، تناولوا مشروبا وتحدثوا ساعة ثم ناموا وتأملي هذا الحديث وكيف كان النبي يتحدث مع أهله ساعة قبل أن ينام فعن ابن عباس: "رقدت في بيت ميمونة ليلة كان النبي صلى الله عليه و سلم عندها لأنظر كيف صلاة النبي صلى الله عليه و سلم بالليل قال فتحدث النبي صلى الله عليه و سلم مع أهله ساعة ثم رقد ..) (رواه البخاري ومسلم).

نصائح عامة

- لا تزيدي في السهر عن ثلث الليل الأول وخصصي ولو يوم في الاسبوع تقومان فيه لصلاة قيام الليل.

ـ ضعي في اعتبارك أن هناك مساحة من الوقت للمقاطعات تزيد طبعا في حالة وجود أطفال صغار لتصل لنحو ثلث الوقت تقريبا وهذا أمر طبيعي فلا تتضايقي أو تشعري بالتقصير.

ـ يوم الجمعة خصصيه لمزيد من العبادة وقضاء الوقت مع الأهل وخذي راحة من الأعباء المنزلية والدراسية.

ـ دلت الخبرات أن تخصيص يوم في الأسبوع لأداء الأعمال المنزلية وإعداد بعض الأطعمة يساعدك باقي الأسبوع على القيام بمهامك ببساطة.

ـ السرعة والإتقان والعمل الفوري يحققون وفرة وبركة في الوقت وهذا ما يطلق عليه جودة الوقت.

ـ لا تستهيني بالأوقات القصيرة سلبا وإيجابا.

ـ إحذري مهلكات الوقت كالثرثرة في الهاتف والجلسات النسائية التي لا يذكر فيها اسم الله والمنتديات غير الإسلامية وتذكري أن وقتك هو رأس مالك في الحياة فحافظي عليه.