التكبر قفل على باب الجنة!



نمل ينظر إلى نمل



رشا عرفة





"ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً[1]" "سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق[2]" ،

"أليس في جهنم مثوى للمتكبرين[3]"،"فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون[4]" ، "إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِ ينَ[5]"

هذه آيات ذكرت في القرآن الكريم توضح لنا أن الله سبحانه وتعالى ينهانا عن التكبر، ويتوعد المتكبرين بنار جهنم التي تحرق فيها أجسادهم، لما لهذه الصفة الذميمة من آثار سيئة على صاحبها وعلى الآخرين، فهي تجعل صاحبها فريسة للإصابة بأمراض الحقد والغيرة والحسد، ويكون لقمة صائغة للشيطان يفعل به ما يشاء، كما أنها تؤذي مشاعر الآخرين جراء معاملة صاحبها لهم، وتقليله من شأنهم ظنا منه أنه الأفضل في الجاه أو النسب أو العلم مما ينمي مشاعر الأنانية والكراهية بين الناس، ويبعدهم عن تعاليم دينهم الإسلامي، الذي يدعو للتواضع وحب الآخرين ومراعاة مشاعرهم.

صفة مذمومة

والتكبر حالة انفعالية مكروهة ، وصفة خلقية مذمومة ، تجعل صاحبها يشعر أنه أفضل مكانة وأعظم قدرا من الآخرين مما يجعله يعاملهم باستخفاف وازدراء، ويترفع عن مجالستهم ومخالطتهم

وعرفه خبراء النفس بأنه موقف نفسي إرادي يفعله الشخص بمحض إرادته واختياره، لأنه يشبع لديه شهوة نفسية ، ويحقق له مكاسب ثانوية تقلل من قلقه واضطرابه الداخلي.

والشخص المتكبر من يحاول لفت الأنظار إليه بشكل دائم، ويتعالى على الناس وينظر لهم بدونية ، ويهوى مقارنة نفسه بالآخرين وإثبات أنه الأفضل دائما، ولا يرضى أن يكون مخطئا أبدا، ولا يتقبل النصيحة من أحد.

ولكن ترى ما السبب وراء إصابة الإنسان بهذا الداء ؟ وهل المصاب به يستطيع التخلص منه والتحلي بصفة التواضع أم لا؟ وما هو السبيل لذلك؟

أسئلة كثيرة حاولت "رسالة المرأة" الإجابة عليها من خلال استطلاع رأي عدد من الفتيات.

التنشئة السبب

تقول ليلى.ا التكبر صفة ذميمة تجعل صاحبها منبوذ من الآخرين، وإذا تقرب منه أحد يكون لمصلحة ما، وتلعب التنشئة الاجتماعية دورا كبيرا في تنمية هذه الصفة عند الشخص منذ الصغر، فالشخص المدلل منذ الصغر والذي يُمدح باستمرار من الجميع يشعر دائما أنه الأحسن، ويجهل قدراته الحقيقية، ولا يكترث بعواقب هذه الصفة فيما بعد، ولا يتقبل النصيحة، ولكن هذا الشخص إذا أدرك هذه المشكلة وعواقبها سيحاول بقدر المستطاع التخلص من هذه الصفة الذميمة.

ورأت عفاف .م أن زيارة الشخص المتكبر للمرضى بالمستشفيات، ومشاهدة المحتضرين، وتشييع الجنائز، وزيارة القبور، أمور جديرة أن تحرك مشاعره من الداخل، وتجعله يتخلص من هذه الصفة ويكون شخصا متواضعا.



وقالت هدى.م : كنت فتاة متكبرة بحكم أنني نشأت في أسرة ثرية جدا، وأيضا أنا متميزة في دراستي، لذا شعرت أنني أفضل من زميلاتي في كل شيء النسب والجاه والعلم، فبدأت أتكبر عليهم وأنظر لهم نظرة ازدراء، ورغم أن العديد من صاحباتي أنهين صداقتهن بي إلا أن هذا لم يرشدني إلى طريق الصواب، وتعرضت إلى ظروف قاسية أذهبت المال والجاه ولم يبق لي إلا دراستي، ولم يقف بجواري إلا زميلاتي، فشعرت حينها أنني صغيرة جدا في نظر نفسي، ومن يومها قررت التخلص من هذه الصفة.



التقرب لله

أما أميرة .ك فتقول البعد عن صحبة المتكبرين، والتقرب من المتواضعين، ومجالسة ضعاف النفوس والفقراء وذوي العاهات، والنظر إلى سير وأخبار المتكبرين لنتعرف على المصير الذي آلوا إليه بسبب الكبر، مثل إبليس وفرعون وقارون يهذب النفس ويجعلها تقلع عن ضلالها، وتعود لرشدها خشية أن تصير إلى نفس المصير.



وأكدت هيام .م على أن قراءة قصص الأنبياء والسلف الصالح، وحضور مجالس الذكر، والتقرب إلى الله، والمحافظة على أداء الطاعات يطهر النفس من كل الرذائل ويزكيها.

ديننا ينهانا

ولقد نهى ديننا الحنيف الإنسان عن التكبر وبشر الله تعالى المتكبرين في الأرض بالعذاب الشديد فقال تعالى "كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ[6]"، كما حذرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من التكبر فقال صلى الله عليه وسلم:"لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر[7]"،وقال أيضا" ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ألا أخبركم بأهل النار كل جواظ زنيم متكبر[8]"

ولا بد أن نعي جيدا أن التواضع من أخلاق الأنبياء وشيم النبلاء، فسيدنا موسى عليه السلام رفع الحجرَ لامرأتين أبوهما شيخٌ كبير، وداود عليه السلام كان يأكل من كَسب يده، وزكريّا عليه السلام كان نجّارًا،

ولا يوجد نبي إلا ورعى الغنم، ونبيّنا صلى الله عليه وسلم كان رقيقَ القلب رحيمًا خافضَ الجناحِ للمؤمنين ليّن الجانب لهم، يحمِل الكلَّ ويكسِب المعدوم، ويعين على نوائبِ الدّهر فإذا كان هذا هو حال نبينا وقدوتنا فكيف يكون الكبر هو حالنا.















[1] ) الإسراء:37.




[2] ) الأعراف:146.




[3] ) الزمر:60.




[4] ) الأحقاف:20.




[5] ) النحل:23.




[6] ) غافر:35.




[7] ) أخرجه مسلم.


[8] ) أخرجه مسلم.