لنكن كما نحبّ



مها جابر




أوّل الطريق / لنتغافل .!

تحدّثني نفسي /

أنّني الوحيدة التي سيرهقها القلق ، والتي سيشغلها التفكير بـ كيف أقتصّ منها !؟

أعاود التفكير كرّة أخرى ، فأجد ألا ضير من ممحاة ستجعل السواد بياضاً ، وستجعلني أنسى،أو أتناسى على أقلّ تقدير .

يقول أحمد بن حنبل-رحمه الله- "التغافل تسعة أعشار حسن الخلق "

فتغافلنا عن صغار الأمور لا يجعلها بكلّ حال تتضاعف لتصبح حملاً لا يطاق ،

هذا فضلاً عن تطهيره للأرواح والنفوس .

لا يستطيع المرء الذي لا يعرف للعفو والتسامح طريقاً أن يتعايش مع الناس، ويسلو بهم،

بقدر ما يحرق نفسه كعود ثقاب مفكّراً: كيف يرّد ما فعلوه حتّى وإن كان تافهاً، أو من دون قصد .

نحن من يمكنه تخطّي عقبة "تعب " أرواحنا ، بتمرير الأخطاء، و بطبيعة الحال لن يكون تمريراً كيفما اتفق، بل تمريرا مقنّناً، لا يهضم حقوقنا ويفرض الاحترام من الآخر .

الكثير يقولون أنّى لنا ذلك، وكيف يمكننا إتمام (مهمّة التمرير) بنجاح ؟!

حسنا..إنّ التغاضي بدءا من أجل التسامح ليس دليل ضعف كما يظنّ البعض، ولا علامة فارقة يوسم بها المهمّشون، بل دلالة رجاحة عقل، وطهر مخبر .

بغضّ النظر عن حالة "المصفوح عنه "، فالمستفيد الأوّل بكلّ حال " الصافح " والذي سيعيش هانئ البال، مرتاح القلب، لا يحمل ضغينة ولا حقداً.

فضلاً عن الأجر العظيم .

كثيراً ما تحضرني قصّة الصحابي الذي دخل على صحابة رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-

بعد أن أخبرهم الرسول - صلّى الله عليه وسلّم- أنّه سيدخل عليهم رجل من أهل الجنّة ، فأخذ بيده أحدهم يسأله ماذا صنع ويصنع ليكون من أهلها ، فأخبره أنّه لا ينام وفي قلبه شيء على مسلم [1]!

سبحانك يا الله، ما أعظم النتيجة..

وما أصعب طريقها على الكثير .!

إذا علمنا هذا كلّه..أفلا يمكننا الانطلاق على أوّل عتبة في طريق التغافل من أجل قلوبنا التي أثقلها الـ(هراء)؟






[1] ابن حبان وصححه الألباني رحمه الله تعالى.