طيب النفقة في الحج

عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان







عناصر الخطبة
1/وجوب طيب النفقة في الحج 2/ بيان ذم سؤال الناس 3/ بيان حكم أخذ أجرة الحج عن الغير

اهداف الخطبة
الترهيب من الحج بالمال الحرام / الترغيب في سؤال الله وحده


وينبغي الاستغناء عن ما في أيدي الناس، والتعفف عن سؤالهم؛ فإن سؤال الناس مذموم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:” لا تزال المسألة بالرجل، حتى يأتي يوم القيامة، ليس على وجهه مزعة لحم”. فيجب على المسلم أن لا يأكل، ولا ينفق إلا من حلال، للحديث:” أيما لحم نبت على السحت، النار أولى به.



من خيار أموالكم

طيب لا يقبل إلا طيبا

ولا مزعة لحم


الحمد لله الذي فتح أبواب الرحمة وأوسعها، ومنح عباده المؤمنين مواهب الفضل أجمعها، وأذن بفتح خزائن نعمه، لمن أمَّ أبواب كرمه وقرعها، ورغّب خليقته في التماس مغفرته وأطمعها، ونهاها عن ارتكاب معصيته ومنعها، وهو الرزاق لخلقه (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَه َا) [هود: 6].
نشكره سبحانه على نعمه ومننه، التي نوعها. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، إلهاً واحداً فرداً صمداً، قام بأرزاق الخليقة أجمعها. وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، الذي أرسل وكواكب الإيمان آفلة؛ فأطلعها، وأصنام الشيطان قائمة؛ فمزقها وقمعها. صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، الذين كانوا أزكى الأمة، وأورعها، وأتقاها قلوباً وأعمقها علماً وأشجعها، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم يعيد الله الخلائق ويجمعها.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعملوا بطاعته، واتركوا معصيته؛ تنالوا الفضائل والمقاصد، فمن طلب الإخلاص؛ فالله واحد، ومن اتكل على الأماني، وكسل عن العمل الصالح؛ فاته الخير وهو قاعد، ومن ادعى الإسلام بلا متابعة للرسول؛ افتضح عند الموارد.
عباد الله، تقدم ذكر مكانة حج بيت الله الحرام في الإسلام، وأنه يجب بشروط خمسة، وأهم شيء إخلاص العمل لله، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، ويجب طيب النفقة.
جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا خرج الرجل حاجاً أو معتمراً بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز، وقال: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور. وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة، ووضع رجله في الغرز، فقال: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك، ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور".
وينبغي الاستغناء عما في أيدي الناس، والتعفف عن سؤالهم؛ فإن سؤال الناس مذموم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال المسألة بالرجل، حتى يأتي يوم القيامة، ليس على وجهه مزعة لحم".
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سألت، فاسأل الله، وإذا استعنت، فاستعن بالله".
وفي آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن المسألة خدوش، يخدش به الرجل وجهه".

وفي حديث قبيصة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر الثلاثة الذين تجوز لهم المسألة قال: " وما سوى ذلك، -يا قبيصة- من المسألة، فهو سحت".

فعلى العبد أن يسأل الخالق سبحانه، فسؤال الخالق ممدوح، وسؤال المخلوق مذموم. والرب سبحانه يحب أن يدعى ويسأل.

قال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60]، وقال: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة:186].

وقال الشاعر:
لا تسألن بُنيّ آدم حاجةً
وسَلِ الذي أبوابه لا تحجب
فالرب يغضب إن تركت سؤاله
وبُنيّ آدم حين يُسأل يغضب

وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من فتح باب مسألة؛ فتح الله عليه باب فقر في قلبه".
وكذلك أخذ الأجرة للحج أو العمرة، فلا يجعل هدفه الدنيا؛ فإن ذلك خلل في النية، وفساد في القصد. بل يجب أن يكون قصده بالحج وجه الله، ويأخذ الإعانة؛ لتوصله إلى هذه العبادة لله، فإذا زادت الأجرة فلا بأس يأكلها، إذا كان من أعطاه إياها قد سمح بذلك.

فيجب على المسلم أن يحرص أن لا يأكل، ولا ينفق إلا من حلال، ويحذر من الأكل من الحرام، للحديث: " أيما لحم نبت على السحت، النار أولى به". فليحرص على طيب النفقة، وليحذر من المال الحرام.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة:172].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنّه هو الغفور الرحيم.