زوجتي تكذب



لاشك أن الكذب خلق سيء وعادة خبيثة، وان الكذاب ممقوت من الله والناس، وآفة الكذب أنه يمكن أن يصبح عادة، يصعب التخلص منها، وإلى هذا يشير الحديث الشريف: "إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً" (صحيح الجامع برقم 1665).
كما أن الكذب يؤدي إلى فقدان الثقة في الشخص الكذاب حتى وإن كان ما يقوله صدقاً. وتزييف الحقيقة أو إخفاء بعضها يعد كذباً، فالمرأة التي تذكر الشيء على غير حقيقته، أو تخفي شيئاً مهماً قد يؤثر في فهم الموضوع، هي بذلك تكذب. والزوجة التي تكذب على زوجها تدفعه لفقدان الثقة في أقوالها عامة.
ولكن: لماذا تلجأ الزوجة إلى الكذب؟! يرجع بعض الخبراء ذلك إلى عدة أسباب، منها:
* التنشئة غير السوية للمرأة في بيت أبيها، فقد تقلد سلوك الأم ـ غير الصادق ـ مع الأب، وهذا يدعونا إلى الرجوع إلى القول بحسن الاختيار وعدم التسرع في ذلك.
* كذب الزوج نفسه، أو خلفه لوعده، أو عصبيته الزائدة وتهوره في معالجة الأخطاء الصادرة عن الزوجة.فنحن أحياناً ندفع زوجاتنا للكذب، فالزوج الذي يقلل من قيمة كل شيء تشتريه الزوجة ويبخس ثمنه، أو يوهمها بأنها قد خُدعت في شرائه، كثيراً ما يضطر هذا الزوج زوجته إلى الكذب عليه وإخفاء الحقيقة؛ حتى لا تسمع سخريته أو تتجنب تهكماته، كذلك الزوج الذي يتعمد سؤال زوجته بعض الأسئلة المحرجة بالنسبة لها، فهو يدفعها دفعاً نحو الكذب عليه وإخفاء الحقيقة، والزوج الذكي هو الذي لا يضطر زوجته للكذب، وهو الذي يستطيع أن يتعرف على مدى صدق زوجته، وعلى المواطن التي لا ينبغي الاقتراب منها، وهي تختلف من امرأة لأخرى حسب اهتمامات كل واحد.
الكذب يمكن أن يعالج في جو من الحب والتفاهم وتوافر الثقة والمصارحة بين الزوجين، وعدم أخذ الموضوع بحساسية، بل على الزوج أن يتغاضى عن الهفوات، فالمرأة بطبعها ضعيفة، وقد تتخذ من الكذب في بعض الأحيان وسيلة دفاعية لدرء ما تخاف حدوثه من مشكلات، فقد تكذب في مواطن كثيرة ولاتعتبر ما تفعله كذباً، ولكن تعده درءاً للحسد ـ مثلاً ـ، مع أن كل من حولها يدركون تماماً حقيقته ويعرفون أنه كذب، وبخاصة فيما يخص الأولاد وأكلهم وشربهم .. إنها طبيعة في كل النساء!
فعلى الزوج أن يُفهّم زوجته برفق أن الكذب لا يجوز، وأنه قد يصنع جواً من عدم الثقة بينهما، وأنه من الأفضل أن تصارحه مهما كانت الظروف، وعليه أن يتفاهم معها، ويصلا إلى حل وسط لما يختلفان بشأنه، فالإقناع والحب هما أفضل وسائل العلاج، وكذلك القدوة الصالحة وضرب المثل الطيب في الصدق.
ومما ينبغي أن يعلمه كلا الزوجين: أن الكذب لا يرخص إلا في ثلاث، وفقاً لحديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، قالت : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: "الرجل يقول القول يريد به الإصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها" (البخاري مع الفتح 5/299).
والكذب في حديث الزوجين: كأن يمتدح الزوج زوجته ويذكر من حسنها وجمالها ولطفها ورقتها وعذوبتها - وقد تكون على غير ذلك - فيكسب قلبها ويليّن خلقها، ويزيد مساحة الود والتفاهم بينهما، ويسمي ذلك مجاملة، وهي مطلوبة، فكثيراً ما نحب أن نسمع كلمات المديح والثناء ممن نحبهم، فنشعر عندها بالرضا والثقة في النفس.
كذلك فإن الزوجة التي تمدح زوجها وتذكر من حسن خلقه وسعة صدره وإخلاصه وحسن رعايته لبيته وأولاده، تكسب وده وتشعره برضاها عن عيشتها معه، فتملأ قلبه بالحب لها والتقدير والاحترام، ويكون ذلك درءاً لكثير من المشكلات.
منقول