تفاءلي :زواج زوجك لصالحك


مها السالم


كم تكره وتتألّم المرأه لزواج زوجها بأخرى، وهذا نابع من فطرتها، وليس هذا البغض بغضا للحكم الشرعيّ. ولوتأمّلت المرأة لوجدت أنّ زواج زوجها بأخرى غالباً ما يكون لصالحها، خاصّة إذا كانت قائمة بحقوق زوجها وولدها، وبعض الحكم تظهر جليّة حاضراً ،وبعضها الآخر - وقد يكون الأهمّ - لاتتجلى إلا بعد سنوات طويلة.... وقصّة "أمّ عبد الله" خير مثال على ذلك، وتتلخّص قصّتها فيما يلي:
تزوّجت "أم عبد الله" رجلاً أرملاً له ولد وابنتان، تتراوح أعمارهم بين (5_11)، وقد دخلت عليهم بنيّة طيّبة صادقة...أرادت أن تكون لهم أمّاً ...وقامت على شؤونهم خير قيام ..من اهتمام بملبس، ومطعم، ونظافة...لم يكن قلبها يحمل لهم غشّاً، ولاحقداً، ولا حسداً....لكن سرعان ما دبّ الحسد في قلب جدّة الأولاد لأمّهم وخالتهم ...فأخذوا بتحريض الأولاد ضدّ زوجة أبيهم واتهامها بالكيد والمكر... وغرس سوء الظنّ بقلوبهم.. حتّى تصدّعت الأمور وحدثت المشاكل ...ونشأت الفجوة بينهم ؛ فأصبحت في نظرهم زوجة أب تتربّص بهم....الخ.
مرّت الأيّام، كبر الأولاد وتزوجوا، كما أنّ "أمّ عبد الله" رزقت بأولاد ...وظلّت على علاقة بأولاد زوجها، وهذه العلاقة ليست بالسيئة ولا الجيّدة ....وإن كانت لاتخلو من بعض المواقف ...وشاء الله أن يتزوّج زوج "أمّ عبد الله" بأخرى طلباً للولد ....اجتنبت "أمّ عبد الله" زوجته الثانية لا غيرة ولا حقداً ...إنّما تجنّباً للمشاكل ..نظرت "أمّ عبد الله" لزواج زوجها بأنّه من صالحها ...فقد حمل بعض المصالح العاجلة لها ...ولم يمض على زواج زوجها خمس سنوات حتّى توفّيت زوجته الثالثة ولها ولد وابنتان! نشأ هؤلاء في كنف "أمّ عبد الله" وإخوتهم_بناتها،_ فربّتهم وأخلصت النيّة، فهم كأولادها ...وقد أصيب زوجها بشلل نصفيّ ،ولم تستغلّ تلك الفرصة لإيذائهم، أو هضم حقوقهم. كبرالأولاد وبلغوا الرشد ،وهم لاينادونها إلا يا أمّي، ويكنّون لها الحبّ والتقدير، ولا يرضون لأحد النيل منها ،أو محاولة التشكيك بحسن نيّتها.
توفي زوج " أمّ عبد الله" – والدهم- وبقوا معها، بل انتقلوا للسكن معها في بيتها الخاصّ، وظلّوا يتمتّعون بحسن المعاملة، والكلّ بذلك شاهد؛ العدوّ قبل الصديق.
....فسبحان الذي عوّضها بأولاد خيراً من أولئك .
فكان زواج زوجها وكأنّه رسالة من ربّ السماء لأولاد الزوجة الأولى إن كنتم لاتريدون "أمّ عبد الله" وترونها زوجة أب عوّضتها بخير منكم، ورسالة لـ "أمّ عبد الله" ها أنت تجنين حصاد صبرك وحسن نيّتك...
فإلى كلّ زوجة تزوّج زوجها: ثقي واطمأنّي بأنّ زواج زوجك هو خيرة لك، ومن صالحك؛ فالله الله بالصبر والاحتساب، وستجنين حلاوة ذلك عاجلاً أو آجلاً..
*قال تعالى :" وعسى أن تكرهوا شيئاً وهوخيرلكم وعسى أن تحبّوا شيئاً وهو شرّ لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون".
*وكم لله من لطف خفيّ يدقّ خفاه عن فهم الذكيّ.
وكم أمر تساء به صباحاً وتأتيك المسرّة بالعشيّ.