تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 25

الموضوع: سلسلة منـاهج المحـدثين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    Lightbulb سلسلة منـاهج المحـدثين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
    الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين إمامنا وقدوتنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين أما بعدُ:
    فإني أحمد الله العظيم على نعمه وفضله وكرمه وإحسانه بأن يسر لنا التواصل عبر الأثير من خلال هذه الشبكة المعلوماتية الكبيرة والتي فيها الخير الكثير إن شاء الله .. لعلها تكون لنا شفيعاً يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .. وأسأله جل وعلا الإخلاص في القول والعمل إنه على كل شيء قدير .. عوداً على بدأ فابعث لكم رسالتي هذه والتي أسميتها "سلسلة مناهج المحدثين" تقصداً لا عرضاً والتي أعرض فيها ترجمة للمحدث بالإضافة الى منهجه العلمي و وصفٍ لكتابه المعني والتي أنقلها لكم من موقع الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها عند اطلاعي لبعض المواضيع المثبتة فيها .. فألفيتها جيدة ومشتمله على العلم النافع فآثرت نقلها لكم عبر هذا الموقع العلمي لتعم الفائدة والخير لغير واحدٍ من طلبة العلم الشرعي من الاخوة الأعضاء والزوار الكرام والمشرفين المحترمين .. وبهذه المناسبة اتقدم بالشكر الجزيل لكل القائمين على هذا المجلس العلمي من إداريين وأعضاء لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يشكر الله من لا يشكر الناس " أخرجه البخاري في الأدب المفرد
    و أسال الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعله في ميزان حسناتهم وأن يرفع منزلتهم .. آمين
    ولله در من قال:
    تـزود للذي لابـد منه - - - فان الموت ميقات العـباد
    وتب مماجنيت وانت حي - - - وكن متنبها قبل الرقـاد
    ستندم ان رحلت بغير زاد - - - وتشقى اذ يناديك المنادي
    اترضى ان تكون رفيق قوم - - - لهم زاد وانت بغير زاد!!

    فالله أسأل أن يرزقنا وإياكم البصيرة في الدين وان يرزقنا الجنة وأن يجيرنا من النار .. آمين

    ====
    وأعتذر عن أي تقصير أو خطأ قد يطرأ ..
    والمسلم مرآة لأخيه المسلم ناصح له في كل حين ..
    ولسان حالي يقول:
    تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم - - - إن التشبه بالكرام فلاحُ
    والله أعلم ..
    والحمدلله أولاً وآخراً ..
    أخوكم: عبدالله السني
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    منهج الإمام مالك في موطئه
    ترجمة الإمام مالك بن أنس:
    هو: مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث, وهو ذو أصبح الأصبحي الحميري أبو عبد الله المدني إمام دار الهجرة, وعدادهم في بني تيم بن مرة من قريش حلفاء عثمان بن عبيد الله التيمي أخي طلحة بن عبيد الله.
    مولده على الأصحّ في سنة ثلاث وتسعين للهجرة.
    شيوخه:
    روى عن إبراهيم بن أبي عبلة المقدسي, وأيوب بن أبي تميمة السختياني, وثور بن زيد الديلي, وجعفر بن محمد الصادق, وحميد الطويل, وداود بن الحصين, وربيعة بن أبي عبد الرحمن, وسعيد بن أبي سعيد المقبري, وصالح بن كيسان, وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم, وعبد الله بن دينار, وأبي الزناد عبد الله بن ذكوان, وعبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك, وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق, وأبي أمية عبد الكريم بن أبي المخارق البصري, وعطاء الخرساني, وعائشة بنت سعد بن أبي وقاص.
    تلاميذه ومن روى عنه:
    روى عنه إبراهيم بن طهمان - ومات قبله - , وإبراهيم بن عبد الله بن قريم الأنصاري قاضي المدينة, وأبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي, وأبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري, وإسحاق بن محمد الفروي, وإسماعيل بن أبي أويس, وإسماعيل بن علية, وإسماعيل بن موسى الفزاري, وأشهب بن عبد العزيز, وحبيب بن أبي حبيب كاتب مالك والحسين بن الوليد النيسابوري, وسعيد بن منصور, وسفيان الثوري - ومات قبله -, وسفيان بن عيينة, وشعبة بن الحجاج - ومات قبله -, وأبو عاصم الضحاك بن مخلد, وعبد الله بن المبارك, وعبد الله بن محمد النفيلي, وعبد الله بن مسلمة القعنبي, وعبد الله بن وهب, وعبد الله بن يوسف التنيسي, وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي - وهو أكبر منه , وعبد الرحمن بن مهدي, وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج - وهو أكبر منه -, وعبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون, وعلي بن الجعد, وأبو نعيم الفضل بن دكين, وليث بن سعد - وهو من أقرانه - ومحمد بن إدريس الشافعي, ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري - وهو من شيوخه -, ومصعب بن عبد الله الزبيري, ووكيع بن الجراح, والوليد بن مسلم, ويحيى بن إبراهيم بن أبي قتيلة, ويحيى بن سعيد الأنصاري - وهو من شيوخه - ويحيى بن سعيد القطان, ويحيى بن عبد الله بن بكير, وأبو إسحاق الفزاري وأبو عامر العقدي, وأبو الوليد الطيالسي.
    مناقبه وثناء العلماء عليه:
    قال محمد بن سعد: وكان مالك ثقة مأمونا ثبتا ورعا فقيها عالماً حجةً.
    قال البخاري عن علي بن المديني: له نحو ألف حديث. وقال محمد بن إسحاق الثقفي السراج: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن أصحّ الأسانيد فقال: مالك عن نافع عن بن عمر. وقال أبو بكر الأعين عن أبي سلمة الخزاعي: كان مالك بن أنس إذا أراد أن يخرج يحدث, توضأ وضوءه للصلاة, ولبس أحسن ثيابه, ولبس قلنسوة, ومشط لحيته. فقيل له في ذلك فقال: أوقِّر به حديث رسول .
    وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي عن معن بن عيسى: كان مالك بن أنس إذا أراد أن يجلس للحديث اغتسل, وتبخر, وتطيّب؛ فإن رفع أحد صوته في مجلسه زبَرَه وقال قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيّ } فمن رفع صوته عند حديث رسول الله , فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله .
    وقال علي بن المديني عن سفيان بن عيينة: ما كان أشدّ انتقاد مالك للرجال وأعلمَه بشأنهم.
    وقال علي بن المديني: سألت مالكا عن رجل فقال: رأيتَه في كتبي؟ قلت: لا. قال: لو كان ثقة لرأيتَه في كتبي.
    مصنّفاته:
    من أشهرها:
    •1-رسالته إلى ابن وهب في القدر والرد على القدرية. وهو من خيار الكتب في هذا الباب, الدالّ على سعة علمه بهذا الشأن.
    •2-كتابه في النجوم وحساب مدار الزمان ومنازل القمر. وهو كتاب جيد مفيد جداً قد اعتمد عليه الناس في هذا الباب وجعلوه أصلاً.
    •3-رسالة في الأقضية, مجلد, رواية محمد بن يوسف بن مطروح, عن عبد الله بن عبد الجليل, مؤدب مالك بن أنس.
    •4-رسالة إلى أبي غسان محمد بن مطرف في الفتوى, وهي مشهورة, يرميها خالد بن نزار, ومحمد بن مطرف, وهو ثقة من كبار أهل المدينة.
    •5-رسالة إلى هارون الرشيد في الآداب والمواعظ.
    قال عنها الذهبي في السير (8/89): إسنادها منقطع، قد أنكرها إسماعيل القاضي وغيره، وفيها أحاديث لا تعرف.
    قلت: هذه الرسالة موضوعة.
    وقال القاضي الابهري: فيها أحاديث لو سمع مالك من يحدث بها لأدَّبه
    •6-كتاب في تفسير غريب القرآن. يرويه عنه خالد بن عبد الرحمن المخزومي.
    •7-وقد نُسب له أيضاً كتاب يُسمى ( السرّ ) من رواية ابن القاسم عنه.
    •8-رسالة إلى الليث بن سعد في إجماع أهل المدينة. وهي مشهورة معروفة.
    •9-الموطأ, وهو أشهرها وأهمها.
    محنته:
    قال ابن سعد: حدثنا الواقدي قال: لما دعي مالك، وشوْوِرَ، وسمع منه، وقبل قوله، حُسد، وبغوه بكل شيء، فلما ولي جعفر بن سليمان المدينة، سعوا به إليه، وكثروا عليه عنده، وقالوا: لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء، وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره: أنه لا يجوز عنده، قال: فغضب جعفر، فدعا بمالك، فاحتجّ عليه بما رُفع إليه عنه، فأمر بتجريده، وضربه بالسياط، وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه، وارتكب منه أمر عظيم، فوالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو.
    وفاته:
    قال الواقدي: مات بالمدينة سنة تسع وسبعين ومئة. وهو ابن تسعين سنة, وحمل به ثلاث سنين - يعني بقي في بطن أمه ثلاث سنين -.
    وقال محمد بن سعد عن إسماعيل بن أبي أويس: اشتكى مالك بن أنس أياما يسيرة, فسألت بعض أهلنا عمّا قال عند الموت فقالوا: تشهَّد ثم قال: لله الأمر من قبل ومن بعد.
    وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومئة, في خلافة هارون, وصلى عليه عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس, وهو يومئذ والٍ على المدينة.
    ودفن بالبقيع, وكان بن خمس وثمانين.
    قال محمد بن سعد: فذكرت ذلك لمصعب بن عبد الله فقال أنا أحفظ الناس لموت مالك بن أنس: مات في صفر سنة تسع وسبعين ومئة.
    قال عبد الله بن يوسف: وقال أبو ضمرة علي بن ضمرة: قال أبو المعافى بن أبي رافع المديني
    ألا إنّ فقد العلم في فقد مالك - - - فلا زال فينا صالحُ الحالِ مالك
    يقيم طريق الحق والحقُّ واضحٌ - - - ويهدي كما تهدي النجوم الشَّوابك
    فلولاه ما قامت حدودٌ كثيرة - - - ولولاه لاشتدّتْ علينا المسالك
    عشَوْنا إليه نبتغي ضوءَ رأيهِ - - - وقد لزم الغيّ اللحوحُ المماحِكُ

    مصادر ترجمته:
    التاريخ الكبير للبخاري 7/ الترجمة1323, تاريخ الدوري 2/543, الجرح والتعديل 8/ الترجمة902, حلية الأولياء 6/316, الفهرست لابن النديم280-284, سير أعلام النبلاء8/43-121, البداية والنهاية 10/174-175, تهذيب الكمال 27/91-119.
    دراسة الموطأ ومنهج الإمام فيه:
    يعد الموطأ أول مؤلف ثابت النسبة من غير شك إلى مؤلفه, وهو الإمام مالك رحمه الله, وهو يعد الأول في التأليف في الفقه والحديث معاً فقد كان الناس يعتمدون على الذاكرة أكثر مما يعتمدون على الكتاب, أما التدوين والتأليف الحق فقد ابتدأ بالموطأ, وقد كان عصر مالك يدعو إلى التأليف بسبب ظهور الفرق وأهل الأهواء والوضاعين.
    وللموطأ مزايا منها:
    •-أنه تأليف إمام فقيه محدّث مجتهد متبوع.
    •-إطباق العلماء على الثناء عليه وتبجيله.
    •-أنه من مؤلفات منتصف القرن الثاني الهجري, فهو سابق غير مسبوق بمثله.
    محتوياته:
    يحتوي الموطأ على ما انتهى إلى مالك, فما كان يسمى في عهده (العلم) ويرد في عباراته وعبارات معاصريه بلفظ العلم, وهو علم نقلي مروي, طريقة تلقّي الخالف عن السالف, ويبدو أن هذا العلم النقلي كان في ذلك العهد جملة متصلة الأجزاء متداخلة الأقسام, لم تتميز فروعها بالأسماء والتي عرفت بعد ذلك من علم الحديث والتفسير والفقه.
    وكذلك احتوى الموطأ من ذلك ما لو نظرت إليه على ضوء التقسيم الأخير لكان فنوناً مختلفة قد يكون الطابع الفقهي أبرزها, والتحكم في جمعها وفي ترتيبها, فقد صنف الموطأ أبواباً هي أبواب الفقه المشهورة, أو أقرب ما تكون إليها بعناوينها وبترتيبها كثيراً, أو مع شيء من المخالفة.
    ثم إن الحديث بمعناه الخاص, من قول أو فعل أو تقرير هو العنصر المتميز في مادة الكتاب, والطابع الظاهر الذي يُسلك في الموطأ من أجله في كتب السنة, والمجموعات الحديثية, والحديث هو الذي يصدّر به الباب المعنون بتلك العناوين التي ظلت تحملها كتب الفقه؛ لكن مع الحديث أو السنة أو الأثر - على اختلاف الاصطلاح في ذلك - مواد أخرى من فتاوى الصحابة وعملهم وقولهم, ومن فتاوى التابعين وعملهم كذلك, وإلى جانب ذلك - وبعده غالباً - فتاوى مالك فيما سئل عنه, وقوله فيما يفهم من الحديث, وما يعلّق به عن المنقول من القول أو الفعل, وأحب ما يكون في ذلك إليه وأعجبه عنده وأحسنه لديه...
    وعليه؛ فقد خلص لنا أن ما حواه الموطأ أقسام:
    •1-أحاديث مروية عن النبي بأسانيد متصلة.
    •2-أحاديث مروية عن النبي بأسانيد مرسلة.
    •3-أحاديث مروية بسند سقط منه راو.
    •4-أحاديث يبلغ في سندها إلى ذكر الصحابي, ولا يذكر فيها أنه سمع رسول الله وهي الموقوفات.
    •5-البلاغات, وهي قول مالك: بلغني أن رسول الله قال:...
    •6-أقوال فقهاء التابعين.
    •7-ما استنبطه من الفقه المستند إلى العمل أو إلى القياس أو إلى قواعد الشريعة.
    مراجع الفقرة: موسوعة شروح الموطأ عبد الله التركي (1/41-43), كشف المغطى في فضل الموطا للطاهر بن عاشور (29).
    سبب تأليف الموطأ:
    ذكر ابن خلدون في تاريخه (1/17-18) قال: حجَّ أبو جعفر المنصور ولقيه مالك بالمدينة فأكرمه وفاوضه, وكان فيما فاوضه : يا أبا عبد الله لم يبق على وجه الأرض أعلم مني و منك, وقد شغلتني الخلافة, فضع أنت للناس كتابا ينتفعون به تجنّب فيه رُخص ابن عباس, وشدائد ابن عمر, ووطئه للناس توطئة. قال مالك : فلقد علمني التصنيف يومئذ.
    تاريخ تأليف الموطأ:
    ذكر الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في تقدمته لكتاب "التعليق الممجد على موطأ محمد" (1/16) قال: (( والمذكور أن مالكاً ألف الموطأ في سنين كثيرة ذُكر أنها أربعون, وذُكر أنها دون ذلك, وعلى كل حال يُستبعد أن تكون مدة التأليف نحو سبع سنوات, لما عُرف من إتقان مالك وضبطه وانتقائه, وقلة تحديثه بالأحاديث في مجلسه... إلى أن قال: (( فتأليفه الموطأ بعد سنة140 جزماً, أو بعد سنة147, وفراغه منه بعد سنة158 جزماً, والله تعالى أعلم )).
    تسميته بالموطأ:
    الموطأ في اللغة كما يقول ابن فارس: (( كلمةٌ تدلُّ على تمهيدِ شيءٍ وتسهيله)).
    ويقول السيوطي: قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الكتاني الأصبهاني: قلت لأبي حاتم الرازي: موطأ مالك لم سمّي موطأ؟ فقال: شيء قد صنّفه ووطأه للناس حتى قيل: موطأ مالك كما قيل: جامع سفيان.
    وقال أبو الحسن بن فهر:... قال مالك: عرضت كتابي هذا على سبعين فقيهاً من فقهاء المدينة فكلهم واطأني عليه فسمّيته: الموطأ.
    قال ابن فهر: لم يسبق مالكاً أحد إلى هذه التسمية, فإن ممّن ألّف في زمانه بعضهم سمّي بالجامع وبعضهم بالمصنف, وبعضهم بالمؤلف ولفظة الموطأ بمعنى الممهّد المنقّح )).
    مراجع الفقرة: معجم مقاييس اللغة تحقيق: عبد السلام هارون: (6/91), تنوير الحوالك ص (6) دار الكتب العلمية.
    نُسخ الموطأ:
    قال القاضي عياض: والذي اشتهر من نسخ الموطأ ممن رويته, أو وقفتُ عليه, أو كان في روايات شيوخنا, أو نقل من أصحاب اختلاف الموطآت: نحو عشرين نسخة, وذكَرَ بعضهم أنها ثلاثون نسخة )).
    وقال الحافظ صلاح الدين العلائي: روى الموطأ عن مالك جماعات كثيرة, وبين رواياتهم اختلافات من تقديم وتأخير وزيادة ونقص, وأكبرها رواية القعنبي, ومن أكبرها وأكثرها زيادات: رواية أبي موسى )).
    وقد قال ابن حزم: ..في رواية أبي مصعب زيادة على سائر الموطآت نحو مائة حديث )).
    وذكر السيوطي عدد نسخ الموطأ أربع عشرة.
    وقال الشيخ ولي الله الدهلوي في (المصفى): إن نسخ الموطأ أكثر من ثلاثين, وبنى ابن عبد البر شرحيه (التمهيد) و (الاستذكار) على اثنتي عشرة رواية, وفي تقديم الأبواب وتأخيرها اختلاف في النسخ كثير جداً, ولا بدّ منه لما تقدم أن الإمام مالك لم يزل ينقيه في كل سنة ويختبره, والرواة عنه قد أخذوا في السنين المختلفة.
    وأشهر هذه النسخ هي:
    •1-نسخة يحيى بن يحيى المصمودي الأندلسي ت (234).
    •2-نسخة عبد الله بن وهب المصري ت (199).
    •3-نسخة عبد الرحمن بن القاسم المصري ت (191).
    •4-نسخة عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ت (221).
    •5-نسخة عبد الله بن يوسف الدمشقي التنّيسي ت (217).
    •6-نسخة معن بن عيسى المدني الأشجعي مولاهم ت (198).
    •7-نسخة سعيد بن كثير بن عفير الأنصاري ت (226).
    •8-نسخة يحيى بن عبد الله بن بكير القرشي مولاهم ت (231).
    •9-نسخة أحمد بن أبي بكر الزهري أبي مصعب ت (242).
    •10-نسخة مصعب بن عبد الله الزبيري الأسدي ت (236).
    •11-نسخة محمد بن المبارك القرشي الصوري القلانسي ت (215).
    •12-نسخة سليمان بن برد, وقد اختلف أهل النقل في اسمه.
    •13-نسخة أحمد بن أحمد السهمي أبو حذافة المدني ت (259).
    •14-نسخة سويد بن سعيد بن سهل الهروي أبو محمد الحدثاني.
    •15-نسخة محمد بن الحسن الشيباني ت (179).
    •16-نسخة يحيى بن يحيى التميمي الحنظلي ت (226).
    ما تفرّدت به بعض النسخ:
    •-تفرّد القعنبي بثلاثة أحاديث.
    •-تفرد ابن عفير بأربعة أحاديث.
    •-تفرد معن بن عيسى بثمانية أحاديث.
    •-تفرد يحيى بن بكي بحديث واحد.
    •-تفرد ابن وهب بحديث واحد.
    •-تفرد أبو مصعب الزهري بحديث واحد.
    •-تفرد سويد بن سعيد بحديث واحد.
    •-تفرد محمد بن الحسن الشيباني بحديث واحد.
    مراجع هذه الفقرة: موسوعة شروح الموطأ: عبد الله التركي (1/46-65), الموطأ بالروايات: سليم الهلالي (1/137-145) و (1/160-163), بستان المحدثين عبد العزيز الدهلوي (27-44).
    عدد أحاديث الموطأ:
    اختُلف في عدد أحاديث الموطأ, فنُقل عن سليمان بن بلال قوله: لقد وضع مالك الموطأ وفيه أربعة آلاف حديث, أو قال أكثر, فمات وهي: ألف حديث ونيّف, يخلّصها عاماً عاماً بقدر ما يرى أنه أصلح للمسلمين وأمثل في الدين )).
    وقال أبو بكر الأبهري: جملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي r وعن الصحابة والتابعين: ألف وسبعمائة وعشرون حديثاً, المسند منها ستمائة حديث, والمرسل مائتان واثنان وعشرون حديثاً, والموقوف ستمائة وثلاثة عشر, ومن قول التابعين ما ئتان وخمس وثمانون )).
    وقال ابن حزم: أحصيت ما في موطأ مالك فوجدت فيه من المسند خمسمائة ونيفاً, وفيه ثلاثمائة ونيف مرسلاً, وفيه نيف وسبعون حديثاً؛ قد ترك مالك نفسه العمل بها )).
    مراجع هذه الفقرة: مقدمة تحقيق (القبس) لابن العربي, طبعة دار الغرب (1/58), المدارك للقاضي عياض (1/193), فضل الموطأ وعناية الأمة الإسلامية به لـ: محمد بن علوي الحسني (31-37).
    البلاغات والمراسيل في موطأ الإمام مالك:
    يوجد في موطأ الإمام مالك ما يعرف بـ( البلاغات ) وهي من قبيل المعلّقات ، فلا يُجزم بثبوتها ، بل الأصل فيها الضعف لانقطاع الإسناد ، حتى توصَلَ بإسناد ثابت ، وقد وُجد في " بلاغات " مالك كثير من البلاغات موصولاً بإسناد ضعيف ، أو ضعيف جداً ، وإن كان كثير منها ثابتاً.
    قال ابن عبد البر رحمه الله: بلاغات مالك ومرسلاته مما بلغه عن الرجال الثقات وما أرسله عن نفسه في موطئه ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أحد وستون حديثاً )).
    وقال السيوطي: صنَّف ابن عبد البر كتابا في وصل ما في «الموطأ» من المُرسل والمُنقطع والمُعْضل قال: وجميع ما فيه من قوله: بلغني, ومن قوله: عن الثِّقة عنده, مِمَّا لم يُسْنده: أحد وسُتون حديثًا, كلَّها مُسْندة من غير طريق مالك, إلاَّ أربعة لا تعرف:
    أحدها: «إنِّي لا أنْسَى, ولكن أنْسَى لأسُنَّ».
    والثاني: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أُرِي أعْمَار النَّاس قبله, أو مَا شَاء الله تعالى من ذلك, فكَأنَّه تَقَاصر أعْمَار أمَّتهِ.
    والثالث: قول معاذ: آخر ما أوصَاني به رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد وضعتُ رجلي في الغَرْز أن قال: «أحْسِن خُلقكَ للنَّاس».
    والرَّابع: «إذَا أنْشَأت بَحْرية, ثمَّ تَشَاءمت, فتلكَ عَيْنٌ غديقة» )).اهـ
    وقال الأبناسي في (الشذا الفياح): هكذا قال ابن عبد البر, واعترض عليه الحافظ إسماعيل بن عبد المحسن الأنماطي في جزء أسندها فيه فقال: أما الحديث الأول فأخرجه... )). وذكرها.
    وقد وصلها الحافظ ابن الصلاح في رسالة سماها : (وصل البلاغات الأربعة في الموطأ).
    ولعلي القاري الحنفي رسالة بعنوان: شفاء السالك في إرسال مالك. وهي مطبوعة بتحقيق الشيخ: مشهور حسن سلمان.
    مراجع هذه الفقرة: التمهيد لابن عبد البر (24/161), تدريب الراوي تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف(1/212-213), الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح مكتبة الرشد (83-84), توجيه النظر إلى أصول أهل الأثر لطاهر الجزائري تحقيق: أبو غدة (911-937).
    خصوصيات الموطأ في اصطفاء أحاديثه:
    •-جمع الرواية عن معظم شيوخ الحجاز.
    •-اختيار الثقات منهم والأصح من حديثهم.
    •-تحمّل رواية غير الحجازيين, وإن كانت قليلة.
    •-انتقاء الأصح من هذه الروايات جميعها.
    •-تخليص الموطأ فيما بعد من أحاديث ليس عليها العمل عاماً بعد عام.
    مراجع الفقرة: الموطآت: نذير حمدان ص (314).
    مصطلحات الإمام مالك في الموطأ:
    للإمام مالك رحمه الله في الموطأ مصطلحات تكلّم عليها أهل العلم وبيّنوها, ومنها:
    •1-قوله: السنة التي لا اختلاف فيها عندنا كذا وكذا )).
    يُعبّر بقوله هذا عن أقوال الفقهاء السبعة, وفقهاء المدينة.
    •2-قوله: هذا أحسن ما سمعت )).
    يعني: إذا اختلفوا أخذ بأقوى أقوالهم وأرجحها؛ إما بكثرة القائلين, أو لموافقة قياس
    قوي.
    •3-قال ابن عبد البر: إذا قال مالك: عن الثقة عن بكير بن عبد الله الأشجّ؛ فالثقة: مخرمة بن بكير, ويشبه أن يكون: عمرو بن الحارث.
    •4-قال ابن عبد البر: إذا قال: عن الثقة, عن عمرو بن شعيب؛ فهو عبد الله بن وهب, وقيل: الزهري.
    وقال الحافظ ابن حجر: إذا قال: عن الثقة, عن عمرو بن شعيب؛ فقيل: هو عمرو بن الحارث, أو ابن لهيعة.
    •5-قال ابن وهب: كل ما في كتاب مالك (( أخبرني من لا أتهم من أهل العلم )) فهو الليث بن سعد.
    •6-قوله: عن الثقة, عن ابن عمر؛ هو نافع, كما قال الحافظ ابن حجر.
    •7-وما أرسله عن ابن مسعود؛ فرواه عبد الله بن إدريس الأودي.
    •8-قال الدراوردي: إذا قال مالك: على هذا أدركت أهل العلم ببلدنا )), (( والأمر عندنا ))؛ فإنه يريد ربيعة وابن هرمز.
    مراجع هذه الفقرة: التمهيد (3/4), الإرشاد للخليلي: مكتبة الرشد (1/209), تدريب الراوي: عبد الوهاب عبد اللطيف (1/312-313), الموطأ بالروايات: سليم الهلالي (1/129-130).
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    منهج الإمام الشافعي في مسنده
    التعريف بالإمام الشافعي:
    هو: محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السايب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي, الإمام أبو عبد الله الشافعي المكي الفقيه المطلبي نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ولد سنة خمسين ومائة بغزة, وقيل باليمن, وقيل بعسقلان. وغزة أصحّ, وحمل إلى مكة وهو ابن سنتين فنشأ بها وأقبل على الأدب والعربية والشعر, فبرع في ذلك، وحبب إليه الرمي حتى فاق الأقران وصار يصيب من العشرة تسعة، ثم كتب العلم، لقي جدُّه (شافع) رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مترعرع, وكان أبوه السائب صاحب راية بني هاشم يوم بدر فأسر وفدى نفسه ثم أسلم فقيل له لمَ لمْ تُسلِم قبل أن تفدي نفسك؟ قال: ما كنت لأحرم المؤمنين طمعاً لهم فيَّ.
    شيوخه:
    مسلم بن خالد الزنجي فقيه مكة, وداود بن عبد الرحمن العطار, وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون, وعمه محمد بن علي بن شافع, ومالك بن أنس وعرض عليه الموطأ حفظاً, وعطاف بن خالد, وسفيان بن عيينة, وابرهيم بن سعد, وإبرهيم بن أبي يحيى الأسلمي الفقيه, وإسماعيل بن جعفر, وعبد الرحمن ابن أبي بكر المليكي, وعبدالعزيز الدراوردي, ومحمد بن علي الجندي, ومحمد بن الحسن الفقيه, وإسماعيل بن علية, ومطرف بن مازن قاضي صنعاء, وخلق سواهم.
    تلاميذه:
    الحميدي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي، وأبو يعقوب يوسف البويطي، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وحرملة بن يحيى، وموسى بن أبي الجارود المكي، وعبد العزيز المكي صاحب " الحيدة "، وحسين بن علي الكرابيسي، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، والحسن بن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد الأزرقي، وأحمد بن سعيد الهمداني، وأحمد بن أبي شريح الرازي، وأحمد بن يحيى بن وزير المصري، وأحمد بن عبدالرحمن الوهبي، وابن عمه إبراهيم بن محمد الشافعي، وإسحاق بن راهويه, وأمم سواهم.
    مناقبه وثناء العلماء عليه:
    قال ابن عبد الحكم: لما حملت به أمه رأت كان المشتري خرج من فرجها حتى انقض بمصر ثم وقع في كل بلد منه شطية فتأول المعتبرون أنه يخرج منها عالم يخص علمه أهل مصر ثم يتفرق في ساير البلدان، وقال الشافعي: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين وقرأت الموطأ وأنا ابن عشر سنين.
    وقال إسحاق بن راهويه: قال لي أحمد بن حنبل بمكة: تعال حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله فأقامني على الشافعي.
    وقال أبو ثور: ما رأيت مثل الشافعي ولا رأى (هو) مثل نفسه.
    وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي يا أبه أي رجل كان الشافعي فإني سمعتك تكثر الدعاء له؟ فقال: يا بني كان الشافعي للدنيا كالشمس وكالعافية للناس. فهل رأيت لهذين من خلف أو منهما عوض.
    وقال حرملة: سمعت الشافعي يقول سميت ببغداد ناصر الحديث.
    وقال أبو زرعة: ما عند الشافعي حديث فيه غلط.
    وقال أبو حاتم: صدوق.
    وقال الشافعي: إذا صح الحديث فهو مذهبي، وقال: إذا صح الحديث فأضربوا بقولي الحايط، وقال الربيع: سمعته يقول أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فلم أقل به.
    وقال: لأن يلقى الله العبد بكل ذنب إلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الأهواء.
    وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ : مناقب الشافعي لا يحتملها هذ المختصر فدونكها في تاريخ دمشق وفي (تاريخ الاسلام) لى وكان حافظا للحديث بصيراً بعلله لا يقبل منه إلا ما ثبت عنده، ولو طال عمره لازداد منه.
    مصنفاته:
    ذُكرت للإمام الشافعي -رحمه الله- العديد من التآليف, منها على سبيل المثال:
    إثبات النبوة والرد على البراهمة- أحكام القرآن- اختلاف الحديث- الإملاء الصغير- تعظيم قدر الصلاة- التنقيح في علم القيافة- الأم في الفقه- الرسالة في أصول الفقه- إبطال الاستحسان-المبسوط, وغيرها.
    وفاته:
    مات الإمام الشافعي يوم الخميس, وقيل يوم الجمعة وانصرف الناس من جنازته ليلة الجمعة, فرأوا هلال شعبان سنة أربع ومائتين -رحمه الله- ورضي عنه, وله ثمان وخمسون سنة، وقال ابن أبي حاتم: ثنا الربيع حدثني أبو الليث الخفاف -وكان معدَّلاً- حدثني العزيزي -وكان متعبداً- قال: رأيت ليلة مات الشافعي كأنه يقال لي: مات النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة فأصبحت, فقيل: مات الشافعي رحمه الله.
    مراجع الفقرة: وفيات الأعيان لابن خلكان تحقيق إحسان عباس (4/163-164), تذكرة الحفاظ (1/361-363), سير أعلام النبلاء (10/5-100).
    وصف الكتاب ومنهجه :
    فمسند الإمام المعظم والمجتهد المقدم أبي عبد اللًّه محمد بن إدريس الشافعي رضي اللًّه عنه من أرفع المسانيد شأناً وأعظمها نفعاً لمن يريد أن يطلع على وجوه التدليل على مذهب هذا الإمام الجليل لأنه حوى معظم ما استند إليه هذا الإمام من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام.
    ومسند الشافعي هذا يحتوي على أحاديث سمعها أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم المتوفى سنة 346 هـ من الربيع بن سليمان المرادي المؤذن المتوفى سنة 270 هـ في ضمن كتب الأم وغيرها التي سمعها مباشرة من الإمام الشافعي رضي اللَّه عنه, غير أحاديث معروفة سمعها بواسطة البويطي.
    ومن يتأمل الكتاب يبدو له بوضوح أن هذا الكتاب ليس من صنع الشافعي رحمه الله ، وإنما هو تجميع لمروياته التي سمعها منه الربيع بن سليمان ، مع إضافة مرويات أخرى له من غير طريق الشافعي. قال الحافظ ابن حجر في تعريفه بهذا الكتاب : " مسند الشافعي رحمه الله تعالى وهو : عبارة عن الأحاديث التي وقعت في مسموع أبي العباس الأصم ، على الربيع بن سليمان من ( كتاب الأم ) ، و ( المبسوط ) ، التقطها بعض النيسابوريين من الأبواب ".
    وقال الكتاني في الرسالة المستطرفة: " وليس هو من تصنيفه ، وإنما هو عبارة عن الأحاديث التي أسندها ؛ مرفوعها موقوفها ، ووقعت في مسموع أبي العباس محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأصم الأموي ، مولاهم المعقلي النيسابوري ، عن الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم ، المؤذن المصري صاحب الشافعي وراوية كتبه ، من كتابي ( الأم ) و ( المبسوط ) للشافعي ، إلا أربعة أحاديث رواها الربيع عن البويطي عن الشافعي ، التقطها بعض النيسابوريين ؛ وهو : أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر المطري العدل النيسابوري الحافظ ، من شيوخ الحاكم ، من الأبواب لأبي العباس الأصم المذكور لحصول الرواية له بها عن الربيع.
    وقيل: جمعها الأصم لنفسه ، فسمي ذلك مسند الشافعي ، ولم يرتبه ؛ فلذا وقع التكرار فيه في غيرما موضع "
    ويقول الكوثري:
    " ومدوِّن تلك الأحاديث بأسانيدها في ذلك السفر المعروف "بمسند الإمام الشافعي" هو: أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر النيسابوري المتوفى سنة 360 هـ صاحب الأصمّ.
    وكان جمعه لتلك الأحاديث في ذلك السفر لشيخه بطلبه, وقيل: إنه جمعه كان لنفسه لا لشيخه, ويقال إن الجامع هو: الأصمّ نفسه, والله أعلم.
    وعلى كل تقدير: فإن أحاديث ذلك المسند من مسموعات ابن مطر من الأصم, ضمن سماعه لكتب الأم منه, كما سمعها هو من الربيع, وهو سمعها من الشافعي رضي اللَّه عن الجميع, ويكني بعض أهل العلم ابن مطر أبا جعفر, واللَّه أعلم.
    فمسند الشافعي سواء كان جمعه تحت إشراف الأصمّ, أومن غير إشرافه عليه؛ غير مرتب على الشيوخ ولا على الأبواب, ولذا قال الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة: " ولم يرتِّب الذي جمعَ حديث الشافعي أحاديثه لا على المسانيد ولا على الأبواب, وهو قصورٌ شديد, فإنه اكتفى بالتقاطها من كتب الأم وغيرها كيف ما أتفق, ولذلك وقع فيها تكرارٌ في كثير من المواضع " اهـ.
    ولذا ترى في المسند سرد أحاديثه تحت عناوين إمّا غير دالّة على أبواب الفقه اكتفاءً بمجرد ذكر مصادرها من الكتب نحو من "كتاب اختلاف مالك والشافعي" ومن كتاب "الرسالة" ومن كتاب "إبطال الاستحسان" ومن كتاب "أحكام القرآن" ومن كتاب "سير الواقدي" ومن كتاب "جماع العلم" ومن كتاب "اختلاف علي وعبد اللَّه" , وتلك عناوين لا تدلّ على نوع معاني الأحاديث المدوّنة تحتها, وإما دالة على أبواب من الفقه, لكن لا دقَّة في توزيع الأحاديثِ عليها ولا في جمعِها في أبوابها.
    وكان هذا المسند الجليل ينقصه حسن التبويب فيحول ذلك دون استثمار فوائده بأيسر نظرة.
    والواقع أن أهل العلم قصروا في خدمة هذا المسند الجليل المحتوي لجلِّ أحاديث الإمام الشافعي إلى أن قيَّض اللَّه لخدمته المحدِّث السندي القائم بخدمة السنة وإقراء الكتب الستة في المدينة المنورة في القرن السابق الشيخ محمد عابد السندي المتوفى سنة 1257 هـ, فإنه عني بترتيب مسند الإمام الشافعي وتهذيبه أنفع ترتيب وأمتع تهذيب.
    وله ـ أي السِّندي-: "حصر الشارد من أسانيد محمد عابد" من أنفع وأوسع الأثبات المؤلفة في القرن الهجري السابق, يقول فيه عند ذكر مسند الشافعي: " التقطه بعض النيسابوريين - وهو أبو جعفر محمد بن جعفر بن مطر من الأبواب, ويُقال: بل جرَدَ أحاديث كتب الأم أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر لأبي العباس الأصم, وقيل: بل جرَّدها الأصمّ لنفسه ولم يرتّب الذي جمع أحاديثه على المسانيد ولا على الأبواب؛ بل اكتفى كيف ما أتفق, فلذلك وقع فيها تكرار في كثير من المواضع, وقد وفقني اللَّه فرتبته على الأبواب الفقهية, وحذفت منه ما كان مكرراً لفظاً ومعنى ووقع إتمامه سنة 1230 هـ , ثم شرحتُ نصفاً منه وأسأل اللَّه الاتمام " اهـ.
    اشتمل هذا الكتاب على ( 1819 ) نصّاً حسب طبعة المحقق: ماهر الفحل, رُتِّبت على الأبواب الفقهية:
    بدأَت بباب ما خرج من كتاب الوضوء ، وانتهت بـ " ومن كتاب اختلاف علي وعبد الله مما لم يسمع الربيع من الشافعي ".
    من معالم منهج الكتاب وفوائده:
    أكثر الإمام الشافعي من الرواية عن شيخه مالك بن أنس, فقد أخرج له في هذا المسند (553) حديثاً.
    انفرد الإمام الشافعي بـ: (128) حديثاً, لم توجد عند غيره.
    حوى مسند الشافعي على الكلام في العلل, والجرح والتعديل, وتفاوت الرواة.
    الاهتمام بالألفاظ واختلافاتها بين الرواة.
    الاهتمام بالزيادات وبيان الألفاظ الزائدة ومَن زادها.
    اهتم الشافعي كثيراً بالنقل عن شيخه مالك في كثير من الفوائد.
    كما احتوى على توثيق كثير من الرواة.
    وجود أحاديث يرويها الشافعي عن مالك لا وجود لها في كثير من روايات الموطأ المتأخرة.
    كما أن هذا المسند أحد الموارد المهمة في القراءات القرآنية.
    اهتمام الشافعي ببيان الروايات واختلافها.
    كما ذكر تفسير بعض المفردات ضمن الحديث.
    وهو أيضاً يعتبر من المراجع الرئيسة في الأسانيد العالية.
    كما أنه يستخدم الإبهام في كثير من مشايخه.
    مراجع الفقرة: مقدمة زاهد الكوثري لمسند الشافعي بترتيب السندي, المعجم المفهرس ص: ( 39 ), الرسالة المستطرفة ص: ( 13 ), مقدمة: ماهر الفحل لتحقيقه لمسند الإمام الشافعي.
    اهتمام أهل العلم بمسند الشافعي:
    اهتم أهل العلم بسماعه وإسماعه اهتماما شديداً: يتضح ذلك من خلال كتب التراجم التي بين أيدينا والتي ذكرت لنا أكثر من ( 150 ) اسماً ممّن سمعوا هذا الكتاب على شيوخهم نكتفي بالإحالة على المواضع التالية منها كنماذج لذلك:
    أ - التقييد لابن نقطة ( ص : 53 و56 و123 و207 و270 و295 و331 و . . . )
    ب - ذيل التقييد للفاسي ( 1 / 46 و49 و61 و71 و87 و . . . ) .
    ج - سير أعلام النبلاء للذهبي ( 7 / 142 و17/357 و19/72 و248 و . . . )
    ما لحقه من أعمال:
    - رتَّبه: الأمير: سنجر بن عبد الله علم الدين الجاولي المتوفى: سنة 745 وهو مطبوع, وشرحه: في مجلدات.
    - وشرحه: أبو السعادات: المبارك بن محمد المعروف: بابن الأثير الجزري المتوفى: سنة 606, وسماه: ( كتاب شافي العي في شرح مسند الشافعي ) في خمس مجلدات. وقد طبع قريباً عن دار الرشد.
    - وانتخبه: الشيخ زين الدين: عمر بن أحمد الشماع الحلبي, وسمّاه: ( المنتخب المرضي من مسند الشافعي ).
    - وجمع مسنده: أبو عبد الله: محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم الشافعي المتوفى: سنة 346
    - وشرحه: الإمام أبو القاسم: عبد الكريم بن محمد القزويني الرافعي المتوفى: سنة 623 , عقيب
    ( الشرح الكبير ) , وابتدأ في: رجب سنة 612 ، في مجلدين. وقد طبعته وزارة الأوقاف القطرية, في أربعة مجلدات.
    - وجمع الحافظ ابن حجر أطرافه في كتابه: ( إتحاف المهرة.. ), المتوفى: سنة 852
    - وصنَّف السيوطي كتاباً سمّاه أيضا: ( الشافي العي على مسند الشافعي ) المتوفى: سنة 911
    - وشرحه من المتأخرين: الحافظ محمد عابد السندي وسمّاه: " مصعد الألمعي المهذّب في حلّ مسند الإمام الشافعي المرتّب ", وقد أفاد البعض بوجوده في المكتبة المحمودية بالمسجد النبوي الشريف بالمدينة.
    اسم الكتاب وأشهر طبعاته:
    1 - طبع باسم:
    "مسند الشافعي"
    برواية أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم ، عن الربيع بن سليمان ، طبع في: الهند سنة 1306هـ.
    وفي شركة المطبوعات العلمية بالقاهرة ، سنة 1327هـ.
    وفي مطبعة بولاق بالقاهرة ، سنة 1328هـ.
    وفي دار الكتب العلمية ببيروت ، بدون تحقيق ، سنة 1400هـ.
    وطبع باسم: "شفاء العي .." تأليف: مجدي بن محمد المصري, وتقديم الشيخ: مقبل الوادعي في مجلدين. مرتباً على الأبواب بترتيب السندي.
    وطبع باسم: "مسند الشافعي" عن دار علوم القرآن بتحقيق: خليل ملا خاطر/ في مجلدين سنة 1409
    وكذلك بتحقيق: ماهر ياسين الفحل. عن دار غراس/ في مجلد سنة 1425
    وأخيراً: بتحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب في ثلاث مجلدات كبار عن دار البشائر/ سنة 1426
    والطبعتان الأخيرتان بترتيب الأمير: سنجر.
    2 - طبع باسم:
    "بدائع المنن في ترتيب مسند الشافعي والسنن"
    ترتيب أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتي , صدر عن المطبعة المنيرية , ومطبعة الأنوار بالقاهرة , سنة 1369 .
    3 - طبع باسم:
    "مجتهد ومقدم ترتيب مسند الإمام المعظم محمد بن إدريس الشافعي"
    رواية أبي بكر أحمد بن الحسن الحيري ، ترتيب محمد عابد السندي ، صدر عن مكتبة الثقافة الإسلامية بالقاهرة ، سنة 1369ه .
    4 - طبع باسم:
    "ترتيب مسند الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي"
    رتَّبه محمد عابد السندي ، وصورته دار الكتب العلمية عن أصله المطبوع سنة 1370هـ.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    منهج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده
    ترجمة الإمام أحمد بن حنبل:
    اسمه ونسبه ونشأته:
    هو :أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أبو عبد الله المروزي، ثم البغدادي.
    خرج به من مرو حمْلاً، وولد ببغداد، ونشأ بها، ومات بها، وطاف البلاد في طلب العلم، ودخل الكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، واليمن، الشام، الجزيرة.
    قال صالح بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: ولدت في سنة أربع وستين ومائة في أولها في ربيع الأول.
    قال: وجيء به حملا من مرو، وتوفي أبوه محمد بن حنبل وله ثلاثون سنة، فوليته أمه يعني كان سن أبيه حين توفي ثلاثين سنة وأما أحمد، فكان طفلاً حين توفي أبوه، ولذلك وليته أمه.
    شيوخه:
    بشر بن المفضل, وإسماعيل بن علية, وسفيان ابن عيينة, وجرير بن عبدالحميد, ويحيى بن سعيد القطان, وأبي داود الطيالسي, وعبد الله ابن نمير, وعبد الرزاق الصنعاني, وعلي بن عياش الحمصي, والشافعي, وغندر, ومعتمر بن سليمان, وجماعة كثيرين.
    تلاميذه:
    البخاري, ومسلم, وأبو داود, وأسود ابن عامر شاذان, وابن مهدي, والشافعي, وأبو الوليد, وعبد الرزاق, ووكيع, ويحيى بن آدم, ويزيد بن هاورن - وهم من شيوخه -, وقتيبة, وداود بن عمرو, وخلف بن هشام - وهم أكبر منه -, وأحمد بن أبي الحواري, ويحيى بن معين, وعلي بن المديني, والحسين منصور, وزياد ابن أيوب, ودحيم, وأبو قدامة السرخسي محمد بن رافع, ومحمد بن يحيى بن أبي سمينة - وهؤلاء من أقرانه - وابناه: عبدالله, وصالح, وتلامذته: أبو بكر الأثرم, وحرب الكرماني, وبقي بن مخلد, وحنبل بن اسحاق, وشاهين بن السميدع, والميموني, وغيرهم, وآخر من حدث عنه أبو القاسم البغوي.
    مناقبه وصفاته وثناء العلماء عليه:
    قال أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح العكبري: طلبتُ أحمد بن محمد بن حنبل لأسأله عن مسألة، فجلست على باب الدار حتى جاء، فقمت فسلمت عليه، فردّ علي السلام، وكان شيخا مخضوباً طوالاً أسمر، شديد السمرة.
    وقال محمد بن العباس بن الوليد النحوي: سمعت أبي يقول: رأيت أحمد بن حنبل رجلا حسن الوجه، رَبعة من الرجال، يخضب بالحناء خضاباً ليس بالقاني، في لحيته شعرات سود، ورأيت ثيابه غلاظاً إلا أنها بيض، ورأيته معتمّاً وعليه إزار.
    قال عبدالله: وخضب أبي رأسه ولحيته بالحناء وهو ابن ثلاث وستين سنة.
    قال إسحاق بن راهويه: سمعت يحيى بن آدم يقول: أحمد بن حنبل إمامنا.
    وقال أبو يعقوب يوسف بن عبدالله الخوارزمي: سمعت حرملة ابن يحيى يقول: سمعت الشافعي، يقول: خرجت من بغداد وما خلّفت بها أفقه ولا أزهد، ولا أورع، ولا أعلم من أحمد بن حنبل.
    وقال محمد بن عبدوس بن كامل عن شجاع بن مخلد: كنت عند أبي الوليد الطيالسي فورَدَ عليه كتاب أحمد بن حنبل، فسمعته يقول: ما بالمِصْرَين - يعني البصرة والكوفة - أحد أحب إلي من أحمد ابن حنبل، ولا أرفع قدراً في نفسي منه.
    وقال أبو بكر الجارودي، عن أحمد بن الحسن الترمذي: سمعت الحسن بن الربيع يقول: ما شبّهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سمته وهيئته.
    قال الحارث بن عباس: قلت لأبي مسهر: هل تعرف أحداً يحفظ على هذه الأمة أمر دينها ؟ قال: لا أعلمه إلا شابّ في ناحية المشرق يعني: أحمد بن حنبل.
    وقال أحمد بن سلمة النيسابوري: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: كنت ألتقي بالعراق مع يحيى بن معين وخلف يعني ابن سالم وأصحابنا، وكنّا نتذاكر الحديث من طريقين وثلاثة، ثم يقول يحيى بن معين: وطريق كذا، وطريق كذا ، فأقول لهم: أليس قد صح بإجماعٍ منّا ؟ فيقولون: نعم، فأقول: ما تفسيره ؟ ما مرادُه ؟ ما فقهه ؟ فيبقَون كلهم إلا أحمد بن حنبل، فإنه يتكلّم بكلام له قويّ.
    وقال عبدالله سمعت أبي يقول:... وحججتُ خمس حجج منها ثلاث حجج راجلاً أنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهماً.
    قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يصلّي في كل يوم وليلة ثلاث مائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط، أضعفته، فكان يصلي في كل يوم وليلة مئة وخمسين ركعة، وقد كان قرب من الثمانين، وكان يقرأ في كل يوم سبعاً يختم في كل سبعة أيام، وكانت له ختمة في كلّ سبع ليال سوى صلاة النهار، وكان ساعة يصلي العشاء الآخرة ينام نومة خفيفة، ثم يقوم إلى الصباح يصلّي ويدعو.
    مؤلفاته:
    للإمام أحمد رحمه الله العديد من المؤلفات منها:
    تفسير القرآن. طاعة الرسول. كتاب الأشربة الصغير. كتاب الأيمان. كتاب الرد على الجهمية. كتاب الزهد. كتاب العلل في الحديث. كتاب الفرائض. كتاب فضائل الصحابة. كتاب المسند. كتاب المناسك. كتاب مناقب الإمام علي ابن أبي طالب. كتاب الناسخ والمنسوخ من القرآن.
    محنته:
    ودُعي إلى القول بخلق القرآن أيام المعتصم, فقال أحمد: أنا رجل علمتُ علماً ولم أعلم فيه بهذا، فأحضر له الفقهاء والقضاة فناظروه... فلم يجب، فضُرب وحبس وهو مصرٌّ على الامتناع، وكان ضربه في العشر الأخير من شهر رمضان، سنة عشرين ومائتين, وكانت مدة حبسه إلى أن خلِّي عنه ثمانية وعشرين يوماً, وبقي إلى أن مات المعتصم, فلما ولي الواثق منَعَه من الخروج من داره إلى أن أخرجَه المتوكّل, وخلَع عليه وأكرمه, ورفع المحنة في خلق القرآن.
    قال أبو عوانة الاسفراييني، عن أبي الحسن الميموني: قال لي علي بن المديني بالبصرة قبل أن يمتحن عليّ, وبعد ما امتُحن أحمد بن حنبل وضرب وحبس وأُخرج: يا ميموني، ما قام أحدٌ في الإسلام ما قام به أحمد بن حنبل, فتعجبت من هذا عجبا شديداً، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه, وقد قام في الردّة وأمر الإسلام ما قام به، قال الميموني: فأتيت أبا عبيد القاسم بن سلام، فتعجبت إليه من قول عليّ، قال: فقال لي أبو عبيد مجيباً: إذاً يخصمك ! قلت: بأي شيء يا أبا عبيد، وذكرت له أمر أبي بكر، قال: إنّ أبا بكر وجد أنصارا وأعواناً, وإن أحمد بن حنبل لم يجد ناصراً، وأقبل أبو عبيد يُطري أبا عبدالله ويقول: لستُ أعلم في الإسلام مثلَه.
    وفاته:
    قال عبدالله بن أحمد بن حنبل: توفي أبي رحمه الله يوم الجمعة ضحوة ودفنّاه بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين، وصلى عليه محمد بن عبدالله بن طاهر غلبنا على الصلاة عليه، وقد كنّا صلينا عليه نحن والهاشميون داخل الدار، وكان له ثمان وسبعون سنة.
    وقال أبو محمد عبدالله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي، عن بنان ابن أحمد بن أبي خالد القصباني: حضرت الصلاة على جنازة أحمد ابن حنبل يوم الجمعة سنة إحدى وأربعين ومائتين، وكان الإمام عليه محمد بن عبدالله بن طاهر، فأخرجت جنازة أحمد بن حنبل، فوضعت في صحراء أبي قيراط، وكان الناس خلفه إلى عمارة سوق الرقيق، فلما انقضت الصلاة، قال محمد بن عبدالله بن طاهر: انظروا كم صلى عليه ورائي، قال: فنظروا فكانوا ثمان مئة ألف رجل، وستين ألف امرأة، ونظروا من صلى في مسجد الرصافة العصر فكانوا نيفا وعشرين ألف رجل.
    وقال عبد الرحمان بن أبي حاتم الرازي: حدثني أبو بكر محمد ابن عباس المكي، قال: سمعت الوركاني جار أحمد بن حنبل قال: أسلمَ يوم مات أحمد بن حنبل عشرون ألفا من اليهود والنصاري والمجوس.
    مراجع الفقرة: تهذيب الكمال (1/427), الوافي بالوفيات (5/162-165), هدية العارفين في أسماء المؤلفين (1/48) دار العلوم الحديثة.
    مسند الإمام أحمد بن حنبل وترتيبه:
    إن من أعظم المسانيد قدراً وأكثرها نفعاً: "مسند الإمام أحمد"، فقد شهد له المحدثون قديماً وحديثاً بأنه أجمع كتب السنة، وأوعاها، لما يحتاج إليه المسلم في دينه ودنياه، قال ابن كثير: لا يوازي "مسند أحمد" كتاب مسند في كثرته وحسن سياقاته.
    شرع الإمام أحمد بتصنيف المسند منصرفه من عند عبد الرزاق, أي نحو سنة (200)هـ, وهو في السادسة والثلاثين من عمره, انتقاه من أكثر من سبعمائة ألف حديث, يرويها عن مائتين وثمانين شيخاً من شيوخه. قال حنبل: جمعنا أبي أنا، وصالح، وعبد الله، فقرأ علينا المسند وما سمعه غيرنا، وقال: هذا الكتاب جمعته من أكثر من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فارجعوا إليه، فإن وجدتموه وإلا فليس بحجة. اهـ. لكن قال الذهبي: هذا القول منه على غالب الأمر وإلا فلنا أحاديث قوية في "الصحيحين" و"السنن" والأجزاء ما هي في المسند. اهـ.
    وكان قد كتبه -أي المسند- في أوراق مفردة, وفرّقه في أجزاء منفردة على نحو ما تكون الموّدة, ورواه لولده عبد الله نسخاً وأجزاءً, وكان يأمره: أن ضع هذا في مسند فلان, وهذا في مسند فلان, وظلّ ينظر فيه إلى آخر حياته.
    وكان يقول لابنه: احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماماً.
    وكان ابنه عبد الله هو الذي انفرد برواية المسند عن أبيه وزاد فيه أحاديث, ولكنه لم يحرر ترتيب المسند ولا سهّله ولا هذّبه, بل أبقاه على حاله, ثم روى المسند عنه أبو بكر القطيعي.
    المسند : وجمعه " المسانيد " وهو الكتاب الذي جمع فيه مؤلفه مرويات كل صحابي على حدة ، كأن يجمع مثلا أحاديث أبي بكر تحت اسمه ، وأحاديث أبي هريرة كلها تحت عنوان اسمه وهكذا ، من غير تفريق بين صحيح وضعيف.
    وأول من ألّف على هذا المنهج هو الإمام أبو داوود الطيالسي ، وأعظم ما أُلف فيه هو مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله أجمعين.
    وهذا الكتاب المستطاب يشتمل على ثمانية عشر مسنداً:
    المسند الأول: مسند العشرة المبشرين بالجنة, الثاني: مسند أهل البيت, الثالث: مسند ابن مسعود, الرابع: مسند ابن عمر, الخامس: مسند عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي رمثة, السادس: مسند العباس وأبنائه الكرام, السابع: مسند عبد الله بن عباس, الثامن: مسند أبي هريرة, التاسع: مسند أنس بن مالك خادم رسول الله , العاشر: مسند أبي سعيد الخدري, الحادي عشر: مسند جابر بن عبد الله الأنصاري, الثاني عشر: مسند المكيين, الثالث عشر: مسند المدنيين, الرابع عشر: مسند الكوفيين, الخامس عشر: مسند البصريين, السادس عشر: مسند الشاميين, السابع عشر: مسند الأنصار, الثامن عشر: مسند عائشة مع مسند النساء.
    مراجع الفقرة: مقدمة تحقيق المسند لشعيب الأرنؤوط (1/56-59), بستان المحدثين للدهلوي ص (48-49).
    منهجه:
    أراد المؤلف رحمه الله تعالى أن يجمع كتابًا فيه مرويات الصحابة بحيث يذكر تحت كل صحابي أحاديثه التي رواها عن النبي, فانتقى مادة هذا الكتاب من سبع مائة ألف حديث سمعها من شيوخه، فبلغت النصوص التي انتقاها نحو من ثلاثين ألف حديث، وقد انتهج في صياغتها المنهج التالي:
    1 - جمع مرويات الصحابة المخرج لهم في المسند، ورتبها كالآتي:
    2 - يخرج النص الواحد بعدة أسانيد في أماكن متفرقة من مرويات صاحب الباب.
    3 - ربما أدخل مرويات صحابي في مرويات صحابي آخر.
    4 - لا يوجد ترتيب معين للنصوص المذكورة تحت كل صحابي، ولا يوجد ترابط من أي نوع بين هذه النصوص، بل كل نص يعتبر وحدة بذاته.
    عدد أحاديث المسند:
    قال الحافظ عبد القادر الرهاوي في أربعينه " فيه أربعون ألف حديث إلا أربعين أو ثلاثين " قال أبو عبد الله الأسدي " هكذا سمعته من القطيعي لما سمعته منه " وعن ابن المنادي " أن فيه ثلاثين ألف حديث "
    ولعله أراد بإسقاط المكرر أو خاليا عن زيادة ابنه وقد ذكر ابن دحية في كلامه على أحاديث المعراج أن فيه أربعين ألفا بزيادات ابنه عبد الله وهو يجمع الأقوال.
    قال في الرسالة المستطرفة: وقد اشتهر عند كثير من الناس أنه أربعون ألف حديث.
    قال ( أبو موسى المديني ) : لم أزل أسمع ذلك من الناس حتى قرأته على ( أبي منصور بن زريق ) . اهـ
    وكذا صرح بذلك الحافظ ( شمس الدين محمد بن علي الحسيني ) في ( التذكرة ) فقال : عدة أحاديثه أربعون ألفا بالمكرر.
    مراجع الفقرة: النكت على ابن الصلاح الزركشي (1/365-366), الرسالة المستطرفة دار البشائر ص (13)
    آراء العلماء في أحاديث المسند:
    للعلماء في أحاديث المسند ثلاثة آراء:
    الأول - أن جميع ما فيه من الأحاديث حجة.
    الثاني - أن فيه الصحيح والضعيف والموضوع، وقد ذكر ابن الجوزي في "الموضوعات" تسعة وعشرين حديثاً منه، وزاد العراقي عليها تسعة أحاديث، وجمعها في جزء.
    الثالث - أن فيه الصحيح والضعيف الذي يقرب من الحسن، وليس فيه موضوع، وقد ذهب إلى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية والذهبي والحافظ ابن حجر والسيوطي، وقال شيخ الإسلام: شرط أحمد في "المسند" أقوى من شرط أبي داود في "سننه"، وقد روى أبو داود عن رجال أعرض عنهم في "المسند"، وقد شرط أحمد في "المسند" أن لا يروي عن المعروفين بالكذب عنده، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف، ثم زاد عليه ابنه عبد الله وأبو بكر القطيعي زيادات، ضمت إليه، وفيها كثير من الأحاديث الموضوعة فظن من لا علم عنده أن ذلك من رواية أحمد في مسنده . اهـ
    وبما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله يتبين أنه يمكن التوفيق بين الآراء الثلاثة، فمن قال: إن فيه الصحيح والضعيف، لا ينافي القول بأن جميع ما فيه حجة؛ لأن الضعيف إذا صار حسناً لغيره يكون حجة، ومن قال: إن فيه الموضوع حمل على ما في زيادات عبد الله وأبي بكر القطيعي.
    وقد صنف الحافظ ابن حجر كتاباً سماه: "القول المسدد في الذب عن المسند" ذكر فيه الأحاديث التي حكم العراقي عليها بالوضع، وأضاف إليها خمسة عشر حديثاً، مما ذكره ابن الجوزي ثم أجاب عنها حديثاً حديثاً، وعقب السيوطي عليه بما فاته مما ذكره ابن الجوزي، وهي أربعة عشر حديثاً في جزء سماه: "الذيل الممهد.
    وقال السيوطي: اعْتُرض على التمثيل «بمسند» أحمد بأنَّه شرط في «مسنده» الصَّحيح.
    قال العِرَاقي: ولا نُسَلِّم ذلك, والَّذي رواه عنه أبو موسى المَديني: أنَّه سُئلَ عن حديث فقال: انظرُوه, فإن كان في «المسند» وإلاَّ فليسَ بحجَّة, فهذا ليس بصريح في أنَّ كل ما فيه حُجَّة, بل ما ليس فيه ليس بحجَّة... قال: وأمَّا وجُود الضَّعيف فيه فهو مُحقق, بل فيه أحاديث موضُوعة جمعتُها في جُزء, ولعبد الله ابنه فيه زيادات, فيها الضَّعيف والموضُوع. انتهى...
    وقال شيخ الإسلام ابن حجر في كتابه «تعجيل المنفعة في رجال الأربعة»: ليس في «المسند» حديث لا أصل له, إلاَّ ثلاثة أحاديث أو أربعة, منها: حديث عبد الرَّحمن ابن عوف أنَّه يدخل الجنَّة زحفًا.
    قال: والاعتذار عنهُ, أنَّه مِمَّا أمر أحمد بالضَّرب عليه, فتُركَ سهوًا, أو ضُرب وكتب من تحت الضَّرب.
    وقال في كتابه «تجريد زوائد مُسند البزَّار»: إذا كان الحديث في «مسند» أحمد لم نَعْزُه إلى غيره من المسانيد.
    وقال الهيثمي في «زوائد المسند»: «مسند» أحمد أصح صحيحًا من غيره.
    وقال ابن كثير: لا يُوازي «مسند» أحمد كتاب مسند في كثرته وحُسْن سياقاته, وقد فاتهُ أحاديث كثيرة جدًّا, بل قيل: إنَّه لم يقع له جماعة من الصحابة الذين في «الصَّحيحين» قريبًا من مئتين.... قال العِرَاقيُّ: ولا يلزم من ذلك أن يكون جميع ما فيه صحيحًا, بل هو أمثله بالنسبة لما تركه, وفيه الضَّعيف.
    مراجع الفقرة: تدريب الراوي للسيوطي طبعة عبد الوهاب عبد اللطيف (1/172-173).
    زيادات عبد الله بن أحمد والقطيعي:
    يقول الدكتور: عامر حسن صبري في كتابه (زوائد عبد الله بن أحمد في المسند):
    (( ذكرتُ فيه ما انفرد عبد الله عن أبيه من حديث بتمامه أو من حديث شاركه فيه, وفيه زيادة عنده, أو من طريق صحابي آخر غير الصحابي الذي روى له الإمام أحمد, وإن كان المتن واحداً.
    فعلى هذا الاعتبار لم أجعل الأحاديث التي يرويها عبد الله عن أبيه وغيره من الزوائد, فإن هذه الأحاديث إنما يرويها عبد الله لفائدة: كعلوّ السند وغيره.. وهذا الذي تقرر عندي بعد البحث والاستقراء, وعليه كان عمل الأئمة المخرِّجين...
    ثم يقول: وهذا الذي تقرّر عندي هو الذي ذهب إليه أيضاً الأستاذ: أحمد عبد الرحمن البنا -رحمه الله- فقد قال في مقدمة الفتح الرباني (1/19) ما فحواه:
    بتتبعي لأحاديث المسند وجدتها تنقسم إلى ستة أقسام:
    •1-قسم رواه أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه سماعاً منه وهو المسمّى بمسند الإمام أحمد, وهو كبير جداً يزيد على ثلاثة أرباع الكتاب, وهو الذي يقال في أول سنده: حدثنا عبد الله, حدثنا أبي...
    •2-وقسم سمعه عبد الله من أبيه وغيره, وهو قليل جداً.
    •3-وقسم رواه عبد الله عن غير أبيه, وهو المسمى عند المحدثين: بزوائد عبد الله. وهو كثير بالنسبة للأقسام كلها عدا القسم الأول.
    •4-وقسم قرأه عبد الله على أبيه, ولم يسمعه منه, وهو قليل.
    •5-وقسم لم يقرأه عبد الله على أبيه ولم يسمعه منه, ولكنه وجده في كتاب أبيه بخط يده, وهو قليل جداً.
    •6-وقسم رواه الحافظ أبو بكر القطيعي عن غير عبد الله وأبيه, وهو أقل الجميع.
    قال الشيخ أحمد البنا: وكل هذه الأقسام من المسند إلا الثالث فإنه من زوائد عبد الله, والسادس فإنه من زوائد القطيعي, والله أعلم.
    قلت-والكلام للدكتور عامر صبري-: ولي ثلاث ملاحظات على ما قال الشيخ:
    الملاحظة الأولى: قوله في القسم الثاني الذي سمعه عبد الله من أبيه وغيره: قليل جداً؛ غير مسلّم, فإن هذه الأحاديث تزيد على تسعمائة حديث.. فهي تزيد على الأحاديث التي انفرد بها عبد الله في زوائده.
    الملاحظة الثانية: قوله في القسم السادس: وقسم رواه الحافظ أبو بكر القطيعي..
    قلت: قد أثبت كثير من العلماء والحفاظ كابن تيمية والعراقي واللكنوي وغيرهم, وتبعهم صاحب الفتح الرباني: أن القطيعي زاد في المسند زيادات عن غير عبد الله, وهو غير مسلّم؛ فإنه قد تبيّن للعبد الفقير بعد تتبّع دقيق في المسند, وفي المسند المعتلي أنه لا يوجد للقطيعي أحاديث عن غير عبد الله سوى حديث واحد رواه في مسند أبي مسعود عقبة بن عامر الأنصاري...
    الملاحظة الثالثة: يُضاف إلى الأقسام الستةالتي ذكرها: قسم سابع, وهو في الأحاديث التي رواها للإمام أحمد في غير مسنده, ثم نقلها عبد الله إلى المسند, وهو قليل جداً..))اهـ كلام الدكتور عامر صبري.
    قلت: والقطيعي هو: أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شعيب البغدادي القَطِيعي أبو بكر، واشتهر "بالقَطِيعي" و " بأبي بكر ابن مالك"، وربما نسبه بعضهم إلى جده فقال: أحمد بن شبيب، وحمدان لقب جده، واسمه: أحمد. ولد سنة (274) وتوفي سنة (368) ببغداد، ودفن في مقابر باب حرب قريباً من قبر الإمام أحمد، رحمة الله عليهما.
    وفي مصنف مستقلّ للعلامة المحدّث الألباني رحمه الله سماه: الذب الأحمد عن مسند الإمام أحمد. انتهى فيه إلى عدم وجود زيادات للقطيعي البتة في المسند المطبوع.
    قال الشيخ الألباني في كتاب الذب الأحمد عن مسند الإمام أحمد ص (75) :
    - (( تذييل واستدراك ):
    وبعد انتهائي من تآليف هذه الرسالة بأكثر من عشرين سنة صدرت كتب علمية حديثية كثيرة والحمد لله لم تكن مطبوعة من قبل ، وقد تأكدت من بعضها صحة ما انتهيت إليه فيها من سلامة المسند المطبوع من الأحاديث الموضوعة من رواية القطيعي ....
    وإن من تلك الكتب جامع المسانيد والسنن للحافظ ابن كثير بتعليق الدكتور القلعجي وإتحاف المهرة ... بتحقيق الدكتور زهير بن ناصر الناصر وغيره وأطراف مسند الإمام أحمد للحافظ ابن حجر أيضاً تحقيق الدكتور زهير أيضاً ...
    وأهم من هذا كله أن هذا الدكتور الفاضل قال في مقدمته 1/61-62 :
    (( وقد وقفت في أطراف المسند على أربعة أحاديث من زيادات القطيعي أنقلها هنا ثم ساقها وهي أربعة : من حديث أنس ، وأبي برزة الأسلمي ، وأبي مسعود الأنصاري ، وقد صدرها كلها بقوله لم أجده إلا الثالث منها وهو عن أبي مسعود الأنصاري بلفظ إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ...
    ثم يقول الشيخ الألباني: والخلاصة أن في هذا التذييل فائدة كبرى تؤيد ما سبق تحقيقه من أنه لا يوجد في مسند الإمام أحمد غير حديث واحد من زيادات القطيعي ، وأنه لم يتفرَّد به كما سبق .... ))اهـ.
    قلت: وهذا الحديث هو نفسه الحديث الذي أثبته الدكتور صبري في دراسته السابقة.
    وانتهى الدكتور: دخيل بن صالح اللحيدان في بحث له في زوائد القطيعي إلى وجود أربعة أحاديث من زيادات القطيعي في المسند.
    وقال: ويتبين من خلال دراسة هذه الزيادات أن إسناد الحديث الأول واه، فشيخ القَطِيعي فيه رموه بالكذب. وكذا إسناد الحديث الثاني حيث إن فيه راوياً رموه بالكذب، مع أن في إسناده اضطراب، والحديث الثالث صحيح، وأما الرابع فالذي يظهر أن القَطِيعي أخطأ في متنه فقلب المعنى...
    قلت: وهذه الأحاديث على الترتيب هي:
    •-عن أنس رضي الله عنه قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني المدينة- فلم يكن في أصحابه أَشْمط غير أبي بكر، وكان يُغَلِّفُها بالحِناء والكَتَم ".
    •-عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس من البر الصيام في السفر".
    •-عن أبي مسعود رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت".
    •-عن عائشة رضي الله عنها قالت : فتلتُ القلائد لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم ".
    مراجع الفقرة: (زوائد عبد الله بن أحمد في المسند) عامر صبري ص (115-120), الذب الأحمد عن مسند الإمام أحمد. للشيخ الألباني. مجلة الجامعة الإسلامية العدد (114) بحث بعنوان: زيادات القَطِيعي على مسند الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله دراسةً وتخريجاً. تأليف الدكتور: دخيل بن صالح اللحيدان
    الأستاذ المساعد في قسم السنة وعلومها -كلية أصول الدين بالرياض/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
    شروحه وما لحقه من أعمال:
    أولاً: تقريبه وتيسير الاستفادة منه:
    •1-ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند, للحافظ ابن عساكر ت (571).
    •2- ترتيب المسند, للحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله الصامت ت (789). وهو مرتب على معجم الصحابة.
    •3-ترتيب مسند أحمد على حروف المعجم, لأبي بكر محمد بن عبد الله بن عمر المقدسي الحنبلي ت (820).
    •4-الكواكب الدراري, لعلي بن الحسين بن عروة الحنبلي ت (837) وقد رتب مسند الإمام أحمد على أبواب صحيح البخاري.
    •5-تهذيب المسند وترتيبه على الأبواب, للشيخ المحدث القاضي: شهاب الدين أحمد بن محمد الحنبلي الشهير بابن زريق ت (841).
    •6-إطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي, للحافظ ابن حجر ت (852) وهو أطراف الأحاديث التي اشتمل عليها المسند.
    •7-الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني, أحمد بن عبدالرحمن البنا، الشهير بالساعاتي, ورتبه على الأبواب ترتيباً حسناً، وأتمه بوضع شرح عليه سماه: بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني.
    •8-وله فهرسان جيّدان :
    الأول :المسمى بـ(مُرشد المحتار) من صنع وإعداد الشيخ: حمدي السلفي.
    والثاني :(المنهج الأسعد في ترتيب أحاديث مسند الإمام أحمد) لعبدالله ناصر الرحماني ، وهو في أربعة مجلدات ، وميزة هذا الكتاب أنه فهرس فيه ثلاث طبعات للمسند : الطبعة القديمة التي طبعت في ست مجلدات المطبوعة عام 1313هـ ، والطبعة التي حققها الشيخ أحمد شاكر ، والطبعة التي بترتيب الساعاتي (الفتح الرباني بترتيب مسند أحمد ن حنبل الشيباني).
    ثانياً: في التأليف حوله:
    ومن مظاهر عناية العلماء بالمسند والاحتفاء به كثرة المؤلفات التي ألفها أهل العلم حوله, ومنها:
    1- غريب الحديث, لأبي عمر محمد بن عبد الواحد المعروف بغلام ثعلب ت (345), واختصره:
    الشيخ الإمام سراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقن الشافعي ت (805 ), وعليه تعليقة:
    للسيوطي في إعرابه سماها ( عقود الزبرجد ).
    2- خصائص المسند, للحافظ أبي موسى المديني ت (581).
    3- المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد, لابن الجزري ت (833), وهو أيضاً في خصائص المسند.
    4- تجريد ثلاثيات المسند, للإمام محمد الدين إسماعيل بن عمر المقدسي ت (613), وشرحها محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفاريني ت (1188), وسمّاه: نفثات صدر المكمد وقرّة عين المسعد بشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد.
    5- الإكمال في تراجم من له رواية في مسند الإمام أحمد ممن ممن ليس لهم ذكر في تهذيب الكمال, محمد بن السيد علي بن الحسين بن حمزة بن محمد الحسيني الشريف شمس لدين أبو المحاسن الدمشقي تلميذ الذهبي ت (765).
    6- غاية المقصد في زوائد المسند, للحافظ نور الدين الهيثمي ت (807), وهي زوائد المسند على الستة, وقد رتبه على الأبواب.
    7- الدفاع عن الأحاديث القليلة التي انتقدها الحفاظ وحكموا عليها بالوضع, وألف في ذلك الحافظ ابن حجر ت (852): القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد.
    وعقب عليه السيوطي بـ: الذيل الممهّد.
    وألف العلامة محمد صبغة الله المدراسي الهندي: ذيل القول المسدّد.
    8- وقد شرح المسند: أبو الحسن بن عبد الهادي السندي ت (1139), وهي حاشية لطيفة نفيسة. واختصره: الشيخ زين الدين : عمر بن أحمد الشماع الحلبي, وسماه : الدر المنتقد من مسند أحمد.
    مراجع الفقرة: مقدمة تحقيق المسند لشعيب الأرنؤوط (1/86-91), كشف الظنون حاجي خليفة (2/1680) دار العلوم الحديثة.
    أهم طبعات الكتاب:
    1 - طبع بالمطبعة الميمنية بالقاهرة، سنة 1307هـ، ثم أعيد طبعه 1313هـ، وعلى هامشه منتخب كنز العمال، وقد أصبحت هذه الطبعة بعد ذلك، بمثابة الأصل الذي ترجع إليه كل الطبعات، وعليها إحالات أهل العلم في كتبهم وتخاريجهم، وقد صورها المكتب الإسلامي ببيروت، سنة 1385هـ بعدما أضاف إلي أولها فهرس للصحابة المخرج لهم في المسند، صنعه الشيخ الألباني، كما صورتها أيضًا مؤسسة قرطبة بالقاهرة، ودار الراية بالرياض، سنة 1410هـ.
    2 - طبع بتحقيق العلامة أحمد شاكر قريبًا من ثلث الكتاب، وأكمله الحسيني عبد المجيد هاشم، وصدر عن دار المعارف بالقاهرة، سنة 1394هـ.
    3 - طبع بتحقيق شعيب الأرناؤوط، وعادل مرشد، وصدر عن مؤسسة الرسالة، سنة 1420هـ.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    منهج الإمام الدارمي في سننه
    ترجمة الإمام الدارمي:
    نسبه :

    هو: عبدالله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام بن عبد الصمد الدارمي التميمي، أبو محمد السمرقندي الحافظ، من بني دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم.
    ولادته :
    قال إسحاق بن إبراهيم الوراق: سمعت عبد الله بن عبدالرحمن يقول: ولدت في سنة مات ابن المبارك، سنة إحدى وثمانين ومائة.
    شيوخه:
    روى عن يزيد بن هارون، ويعلى بن عبيد، وجعفر بن عون، وبشر بن عمر الزهراني، وأبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، وأخيه أبي بكر عبد الكبير، ومحمد بن بكر البرساني، ووهب بن جرير، والنضر بن شميل، وهو أقدمهم موتاً، وأبي النضر هاشم بن القاسم، وعثمان بن عمر بن فارس، وسعيد بن عامر الضبعي، والأسود بن عامر، وأحمد بن إسحاق الحضرمي، وأبي عاصم، وعبيد الله بن موسى، وأبي المغيرة الخولاني، وأبي مسهر الغسّاني، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبي نعيم، وعفان، وأبي الوليد، ومسلم، وزكريا بن عديّ، ويحيى بن حسان، وينزل إلى دُحيم، وخليفة ابن خياط وغيرهم
    تلاميذه:
    مسلم، وأبو داود، والترمذي, وعبد بن حميد، وهو أقدَم منه، ورجاء بن مرجي، والحسن بن الصباح البزار، ومحمد بن بشار بندار، ومحمد بن يحيى، وهم أكبرُ منه، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وصالح بن محمد جزرة، وإبراهيم بن أبي طالب، وجعفر بن أحمد بن فارس، وجعفر الفريابي، وعبد الله بن أحمد، وعمر بن محمد بن بجير، ومحمد ابن النضر الجارودي، وعيسى بن عمر السمرقندي راوي " مسنده " عنه ،وغيرهم.
    ثناء العلماء عليه:
    قال محمد بن إبراهيم بن منصور الشيرازي: كان عبد الله على غاية من العقل والديانة من يضرب به المثل في الحلم والدراية والحفظ والعبادة والزهادة، أظهر علم الحديث والآثار بسمرقند، وذبّ عنها الكذب، وكان مفسراً كاملاً، وفقيها عالماً.
    وقال أبو حاتم بن حبان: كان الدارمي من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع في الدين ممن حفظ وجمع، وتفقّه، وصنف وحدث، وأظهر السنة ببلده، ودعا إليها، وذبّ عن حريمها، وقمع من خالفها.
    وقال أبو بكر الخطيب: كان أحدَ الرحّالين في الحديث، والموصوفين بحفظه وجمعه والإتقان له، مع الثقة والصدق، والورع والزهد، واستُقضي على سمرقند، فأبى، فألحّ السلطان عليه حتى يقلّده، وقضى قضية واحدة، ثم استعفى، فأعفي، وكان على غاية العقل، ونهاية الفضل، يضرب به المثل في الديانة والحلم والرزانة، والاجتهاد والعبادة، والزهادة والتقلل.
    وقال محمد بن إبراهيم الفقيه السمرقندي: كنت عند أحمد بن حنبل فذُكر الدارمي فقال: ذاك السيد، عرض عليَّ الكفر فلم أقبَل، وعرضت عليه الدنيا فلم يَقبل.
    وقال أحمد بن حامد السمرقندي: سمعت رجاء بن مرجا يقول: رأيت أحمد، وإسحاق، والشاذكوني، وعلي بن المديني، فما رأيت أحفظ من عبد الله الدارمي.
    وعن رجاء بن مرجا قال: ما رأيت أحداً أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منه.
    قال الذهبي: قد كان الدارميّ ركناً من أركان الدين.
    مصنفاته:
    مصنفات الإمام الدارمي قليلة جداً إذا ما قورن بغيره من أهل العلم أصحاب المصنفات, وهذه المصنفات التي ذكرها العلماء هي:
    المسند
    التفسير
    الجامع.
    وفاته:
    قال أحمد بن سيّار المروزي الحافظ: مات في سنة خمس وخمسين ومائتين. يوم التروية بعد العصر، ودفن يوم عرفة يوم الجمعة، وهو ابن خمس وسبعين سنة.
    وقال الحافظ مكي بن محمد بن أحمد بن ماهان البلخي تلميذه في تاريخ وفاته نحو ذلك.
    ووهم من قال: وفاته في سنة خمسين، فقد أرَّخه جماعة على الأوّل.
    مصادر الترجمة : تهذيب الكمال (15/210-217), تهذيب التهذيب (دار الفكر) (5/258-259), سير أعلام النبلاء (12/224-232).
    مسند الدارمي تاريخه, وصفه ومنهجه:
    الإمام الدارمي أحد أعلام المحدثين الكبار, وهو أعلى طبقة من أصحاب الكتب الستة عدا البخاري فإنه معاصر له, ولم يكن شيء من تلك الكتب معروفاً حينئذ إلا أن يكون البخاري قد سبقه إلى تصنيف الصحيح, فصرف همّته لجمع كتاب مسند مبوّب يقرّب فيه السنن بين يدي الأمة وخاصة أن بلده سمرقند كانت البدعة فيها مألوفة, والسنن غير معروفة, فعمل الدارمي على نشر علوم السنة فيها وتبصرة الناس فيها.
    وأراد جمع المسند من الأحاديث المرفوعة إلى النبي مع غيرها من الموقوفات والمقطوعات مرتباً على الأبواب الفقهية, وأما المرفوع فهو أكثر أحاديث الكتاب, وعليه يعتمد في أكثر أبواب الأحكام, وربما أسهب وأطال بذكر بعض أبواب الأحكام كالطهارة والفرائض, كما أكثر من ذلك في المقدمة وفضائل القرآن...
    وفي ثنايا الكتاب, وفي أعقاب بعض الأحاديث يذكر الشيء من اختياراته في الفقه, كما أنه ربما شرح لفظاً غريباً وبيّن معنىً, أو ذكر علّة حديث, وهذا قليل.
    وعن تبويب الكتاب:
    فهو حسن الترتيب اعتنى بتبويبه أحسن عناية وأتى بها ظاهرة ليس فيها تكلف. فبدأه بذكر أمر الناس قبل بعث النبي , ومبعثه وشمائله ومناقبه, ثم اتباع سنته وهديه والحذر من البدع في الدين والرأي والكلام المشين, وبيّن ضرورة الاحتراز عن الفتيا بغير علم, وبيّن منزلة الإخلاص, فكأنه مهّد بذلك للدخول إلى أبواب العبادات بعد تجرّد وإخلاص, فشرع بعد ذلك في أبواب العبادات مرتبة على كتب شاملة جامعة, ثم يفرّع عليها بالأبواب مسلسلة متناسبة مع حاجة المكلف, ويترجم بالباب بترجمة ظاهرة الدلالة على المقصود بألفاظ الحديث أو بعضه.
    وأما عن معلقاته: فتكاد تكون غير موجودة؛ لأنه لا يحتاج إلى تعليق الأحاديث, وكأنه أشبه المختصر في السنن.
    وكذلك قلّ التكرار في كتابه إلا لمتابعة في السند أو زيادة في المتن, ولم يعهد في كتاب الدارمي تقطيع الحديث بذكر بعضه وإيراد البعض الآخر في باب غيره.
    وأما عن ثلاثياته فيقول محققه نبيل الغمري:
    (( وأما الثلاثيات, وهي أعلى ما في كتاب الدارمي, وجماتها على الصواب: خمسة عشر حديثاً...)).
    يقول الحافظ ابن حجر عنه: وأما كتاب ( السنن ) المسمى: ( بمسند الدرامي )؛ فإنه ليس دون ( السنن ) في المرتبة بل لو ضمَّ إلى الخمسة لكان أولى من ابن ماجة؛ فإنه أمثل منه بكثير.
    وقال الكتاني في الرسالة المستطرفة: وقال قوم من الحفاظ منهم ( ابن الصلاح ) و ( النووي ) و ( صلاح الدين العلائي ) و ( الحافظ ابن حجر ) : لو جعل ( مسند الدارمي ) سادسا كان أولى.
    وقال الذهبي عن مسنده: صاحب المسند العالي الذي في طبقة منتخب مسند عبد بن حميد.
    وقال الشيخ وليّ الله الدهلوي ت (1176) في (المسوّى شرح الموطا):
    (( علماً منّي بأن مسند الدارمي إنما صنِّف لإسناد أحاديث الموطأ, وفيه الكفاية لمن اكتفى )).
    مراجع الفقرة: كتاب (دراسات في الحديث الشريف وعلومه) رمضان الزيان, عدنان الكحلوت ص (57-58). شرح الدارمي تحقيق نبيل الغمري (1/107). تدريب الراوي (1/174), الرسالة المستطرفة دار البشائر ص (13), تذكرة الحفاظ (2/535), المسوى شرح الموطا للدهلوي (1/64) دار الكتب العلمية.
    تسمية الكتاب:
    لقد اصطلح علماء الحديث على تسمية كتاب الرواية الذي يجمع حديث كلّ صحابيّ على حدة مسنداً.
    إلا أنّ كتاب «السنن» لأبي محمد عبدالله بن عبدالرحمن الدارميّ رغم أنّه مؤلّف على الأبواب فقد اشتهر بالمسند على غير اصطلاح المحدّثين، حتى أنّ أبا عمرو ابن الصلاح عدّه بين كتب المسانيد؛ أوْقَعَهُ في هذا اشتهاره عند العلماء باسم مسند الدارميّ.
    ولعلّه سمّي مسنداً لأنّ أحاديثه مسندة متّصلة على غرار تسمية البخاريّ كتابه بالجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه.
    قال السيوطي في التدريب: و«مسند» الدَّارمي ليسَ بمسند, بل هو مُرتب على الأبواب, وقد سمَّاه بعضهم بالصَّحيح.
    قال شيخ الإسلام: ولم أرَ لمغلطاي سلفًا في تسمية الدَّارمي «صحيحًا» إلاَّ قوله أنَّه رآه بخط المُنذري, وكذا قال العلائي.
    وقال شيخ الإسْلام: ليسَ دُون «السُّنن» في الرُّتبة, بل لو ضُمَّ إلى الخمسة لكان أولى من ابن ماجه, فإنَّه أمثل منه بكثير.
    وقال العِرَاقيُّ: اشتهر تسميته بالمسند, كما سمَّى البُخَاري كتابه بالمسند, لكون أحاديثه مسندة.
    قال: إلاَّ أنَّ فيه المُرسل, والمُعضل, والمُنقطع, والمقطُوع كثيرًا, على أنَّهم ذكروا في ترجمة الدَّارمي أنَّ له «الجامع» و«المسند» و«التفسير» وغير ذلك, فلعلَّ الموجود الآن هو «الجامع» و«المسند» فُقِدَ.
    وقد أثبت محقق الكتاب حسين سليم أسد اسمه «مسند الدَّارمي» حيث قال: ومما تقدم نخلص ونحن مطمئنون إلى أن (مسند الدارمي) و (سنن الدارمي) و (الجامع) أيضاً كتاب واحد, وأن التسمية الموجودة على غلاف مصوّرتنا التي هي أمّ عملنا (مسند الدارمي) هي التسمية الموجودة التي أطلقها الدارمي على كتابه هذا, وهي التسمية الأكثر شيوعاً على ألسنة الناس, وفي كتاباتهم أيضاً عندما يذكرونه محيلين عليه أو ناقلين منه )).
    وأثبت محققه الآخر: نبيل الغمري الاسم على غلافه هكذا: «المسند الجامع»
    مراجع الفقرة: تدريب الراوي (1/173-174),الضوء اللامع المبين عن مناهج المحدّثين. للدكتور أحمد محرّم الشيخ ناجي (2/317) مطبعة الأمانة, مسند الدارمي تحقيق حسين أسد (1/54), فتح المنان بتخريج وشرح الدارمي تحقيق نبيل الغمري دار البشائر.
    عدد أحاديثه:
    قال محقق الكتاب نبيل الغمري: هذا وقد جاء في إحدى صفحات نسخة كوبريلي الأخيرة ما نصّه: (( عدد الأحاديث ثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسون حديثاً, وللأبواب ألف وأربعمائة وثمانية أبواب. كذا وجدت العدد بالأصل اهـ
    كذا جاء فيها, وعدد الأحاديث والآثار أكثر من هذا حسب ترقيمي اهـ.
    قلت: وقد جاء عدد الأحاديث حسب ترقيم الغمراوي (3775), وحسب نسخة حسين أسد (3546), وحسب نسخة فواز زمرلي (3503).
    مراجع الفقرة: فتح المنان لنبيل الغمري (1/98), مسند الدارمي تحقيق: حسين أسد, وطبعة الكتاب العربي تحقيق: فواز زمرلي.
    شروحه والأعمال عليه:
    لم يحظ مسند الدارمي كغيره من بقية كتب الحديث بالعناية والشرح مع أن الذهبي وصفه بكونه مسند عالٍ, إلا أنني لم أجد من شرحه من المتقدمين أو من المتأخرين إلا شرحاً وتخريجاً لأحد المعاصرين وهو عاصم الغمري وسمّاه فتح المنان شرح وتحقيق كتاب الدارمي أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن. في عشرة مجلدات.
    وألحقه بمجلد ضمّ أربعة رسائل سمّاه: إتمام الاهتمام بمسند أبي محمد بن بهرام.
    الرسالة الأولى: إتحاف الأشراف بما في مسند الدارمي من الأطراف.
    الرسالة الثانية: اللآلئ المرصوعة بما انفرد به الدارمي من الأحاديث المرفوعة.
    الرسالة الثالثة: الحطة برجال الدارمي خارج الكتب الستة.
    الرسالة الرابعة: الدرر الغوالي بما في المسند من العوالي.
    والكتاب صدر عن دار قرطبة.
    وقد ضمنه الحافظ ابن حجر ضمن كتابه «اتحاف المهرة».
    أشهر طبعات المسند:
    طبع الكتاب عدة طبعات:
    1 - طبعة على الحجر في كوانبور سنة 1293هـ، ثم في حيدر آباد سنة 1309هـ، ثم في دهلي 1337هـ على هامش المنتقى للمجد، وكلها بدون تحقيق.
    2 - طبعة بتحقيق محمد أحمد دهمان، صدرت عن دار إحياء السنة النبوية بالقاهرة، سنة 1346هـ.
    3 - طبعة بتخريج وتعليق وتحقيق عبد الله هاشم يماني المدني، صدرت عن دار إحياء السنة النبوية بالقاهرة، تصويرًا عن طبعة صادرة بفيصل آباد سنة 1404هـ.
    4 - طبعة بتحقيق فوّاز أحمد زمرلي، وخالد السبع، صدرت عن دار الكتاب العربي ببيروت، سنة 1407هـ.
    5 - طبعة بتحقيق وشرح وتعليق مصطفى ديب البغا، صدرت عن دار القلم بدمشق، سنة 1412هـ.
    6 - طبعة بتحقيق حسين سليم أسد، وصدر دار المغني بالرياض، ودار ابن حزم ببيروت، سنة 1421هـ
    7 - طبعة بتحقيق أبي عاصم نبيل بن هاشم الغمري, سماه: فتح المنان شرح وتحقيق كتاب الدارمي أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن, عن دار البشائر والدار المكيّة.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    منهج الإمام البخاري في صحيحه (1/2)
    منهج الإمام البخاري في صحيحه
    1ً- ترجمة الإمام البخاري:
    اسمه ونسبه ومولده :
    هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي.
    وأما الجعفي فلأن أبا جده - وكان مجوسيا- أسلم على يد الميمان الجعفي والي بخارى، فنسب إليه لأنه مولاه من فوق.
    وقد طلب والد البخاري العلم، قال البخاري:" سمع أبي من مالك بن أنس، ورأى حماد بن زيد وصافح ابن المبارك بكلتا يديه ".
    ولد الإمام البخاري يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة وقد ذهب بصره في صغره فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل فقال لها: " يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك أو دعائك ".
    طلبه للعلم :
    طلب العلم وهو صبي، وكان يشتغل بحفظ الحديث وهو في الكتاب ولم تتجاوز سنه عشر سنين، وكان يختلف إلى محدثي بلده ويرد على بعضهم خطأه فلما بلغ ستة عشر سنة، كان قد حفظ كتب ابن المبارك ووكيع وعرف فقه أصحاب الرأي، ثم خرج مع أمه وأخيه أحمد إلى مكة، فلما حجّ رجع أخوه بأمه، وتخلف هو في طلب الحديث.
    شيوخه :
    لقد أخذ البخاري عن شيوخ كثيرين قد ذكرهم من ترجم للبخاري. فمنهم من صنفهم على حروف المعجم كالمزي في تهذيب الكمال وحاول استقصاءهم، وذكرهم الذهبي في السير على البلدان، وذكرهم أيضاً على الطبقات، وقد تبعه الحافظ ابن حجر في ذكرهم على الطبقات.
    وقال رحمه الله : " كتبت عن ألف وثمانين رجلاً ليس منهم إلا صاحب حديث. كانوا يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص ". ومن أهم شيوخه: سمع ببلخ من مكي بن إبراهيم، وهو من عوالي شيوخه، وسمع بمرو من عبدان بن عثمان، وعلي بن الحسن بن شقيق، وصدقة بن الفضل، وجماعة، وبنيسابور من يحيى بن يحيى، وجماعة.وبالري إبراهيم بن موسى. وببغداد من محمد بن عيسى ابن الطباع، وسريج بن النعمان، ومحمد بن سابق، وعفان،وبالبصرة من أبي عاصم النبيل، والأنصاري، وعبد الرحمن بن حماد الشعيثي صاحب ابن عون، ومن محمد بن عرعرة، وحجاج بن منهال، وبدل بن المحبر، وعبد الله بن رجاء، وعدة، وبالكوفة من عبيدالله بن موسى، وأبي نعيم، وخالد بن مخلد، وطلق بن غنام، وغيرهم.
    تلاميذه :
    روى عنه خلق كثير منهم: أبو عيسى الترمذي، وأبو حاتم، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، وصالح بن محمد جزرة، .. وروى عنه الإمام مسلم في غير " صحيحه ".
    منزلته العلمية :
    اشتهر البخاري في عصره بالحفظ والعلم والذكاء، وقد وقعت له حوادث كثيرة تدل على حفظه منها امتحانه يوم دخل بغداد وهي قصة مشهورة.
    وكان - رحمه الله - واسع العلم غزير الاطلاع، وقال : " لا أعلم شيئاً يحتاج إليه إلا وهو في الكتاب أو السنة. فقيل له: يمكن معرفة ذلك كله قال: نعم ".
    وقال له بعضهم، قال فلان عنك لا تحسن أن تصلي، فقال: لو قيل شيء من هذا ما كنت أقوم من ذلك المجلس حتى أروي عشرة آلاف حديث في الصلاة خاصة.
    ثناء الأئمة عليه :
    أثنى عليه أئمة الإسلام، وحفاظ الحديث ثناءً عاطراً واعترفوا بعلمه وفضله وخاصة في الرجال وعلل الحديث، وهذا شيء يسير من ثناء هؤلاء الأئمة عليه.
    قال الإمام البخاري رحمه الله : ذاكرني أصحاب عمرو بن علي الفلاس بحديث، فقلت: لا أعرفه فسُروا بذلك، وصاروا إلى عمرو فأخبروه، فقال: حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث.
    وكان إسحاق بن راهوية يقول: اكتبوا عن هذا الشاب - يعني البخاري - فلو كان في زمن الحسن لاحتاج الناس إليه لمعرفته بالحديث وفقهه.
    وقال الإمام أحمد: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل.
    وكان علماء مكة يقولون : محمد بن إسماعيل إمامنا وفقيهنا وفقيه خراسان.
    وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت محمود بن النضر أبا سهل الشافعي يقول: دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة ورأيت علماءها كلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم.
    وقال محمد بن أبي حاتم أيضاً: سمعت إبراهيم بن خالد المروزي، يقول: رأيت أبا عمار الحسين بن حريث يثني على أبي عبد الله البخاري، ويقول: لا أعلم أني رأيت مثله، كأنه لم يخلق إلا للحديث.
    وقد قال له الإمام مسلم عندما سأله عن حديث كفارة المجلس: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله.. وقال له: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك (النكت على كتاب ابن الصلاح 2/716)
    وقال أبو عيسى الترمذي: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل (طبقات الشافعية 2/220)
    عبادته وورعه وصلاحه :
    وكما جمع الإمام البخاري بين الفقه والحديث فقد جمع الله له بين العلم والعبادة. فقد كان كثير التلاوة والصلاة، وخاصة في رمضان فهو يختم القرآن في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة.
    وكان أحياناً يعرض له ما يؤذيه في صلاته فلا يقطعها حتى يتمها، فقد أبَّره زنبور في بيته سبعة عشر موضعاً وقد تورّم من ذلك جسده فقال له بعض القوم: كيف لم تخرج من الصلاة أول ما أبرك ؟ فقال : كنت في سورة فأحببت أن أتمها.
    كما كان - رحمه الله - ورعاً في منطقه وكلامه فقال رحمه الله: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً.
    قال الذهبي معلقاً على كلامه هذا: قلت: صدق رحمه الله، ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس، وإنصافه فيمن يضعفه، فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتوا عنه، فيه نظر، ونحو هذا.
    وقل أن يكون: فلان كذاب، أو كان يضع الحديث، حتى إنه قال: إذا قلت فلان في حديثه نظر، فهو متهم واه.
    وهذا معنى قوله: لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدا. وهذا هو والله غاية الورع.
    وكان مستجاب الدعاء، فلما وقعت له محنته قال بعد أن فرغ من ورده : " اللهم إنه قد ضاقت عليَّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك " فما تم شهر حتى مات. حكاه ابن عدي.
    بعض مؤلفاته:
    الجامع الصحيح، الأدب المفرد، التاريخ الكبير، التاريخ الأوسط، التاريخ الصغير، خلق أفعال العباد، الرد على الجهمية، المسند الكبير، الأشربة، الهبة، أسامي الصحابة الوحدان، العلل، الكني، الفوائد، قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، رفع اليدين في الصلاة، القراءة خلف الإمام، بر الوالدين، الضعفاء. وغيرها كثير.
    وفاته :
    لما منع البخاري من العلم خرج إلى " خرتنك " وهي قرية على فرسخين من سمرقند، كان له بها أقرباء فبقي فيها أياماً قليلة، ثم توفي وكان ذلك ليلة السبت ليلة عيد الفطر عند صلاة العشاء، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة ستة وخمسين ومائتين، وعاش اثنين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوماً وكانت حياته كلها حافلة بالعلم معمورة بالعبادة، فجزاه الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء.
    مصادر الترجمة:
    سير أعلام النبلاء (12/391)، تذكرة الحفاظ (2/555)، الجرح والتعديل (7/191)، طبقات الحنابلة (1/271، 279)، تاريخ بغداد (2/4،33)، وفيات الأعيان ( /188،191)، تهذيب الكمال (1168،1172)، العبر (2/ 12، 13)، الوافي بالوفيات (2 / 206، 209)، طبقات الشافعية للسبكي (2 / 212، 241)، هدي الساري ص478، النجوم الزاهرة (3 / 25، 26)، شذرات الذهب (2 / 134، 136).
    2ً- الجامع الصحيح:
    اسم الكتاب:
    حسب ما رجحه الحافظ ابن حجر في هدي الساري: "الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله وسننه وأيامه".
    ويقال له الجامع الصحيح، ويقال اختصاراً: صحيح البخاري وهو المشهور بين الناس.
    الباعث على تأليف الجامع الصحيح:
    1- رغبة في تمييز الحديث الصحيح وتمييزه عن الضعيف.
    2- تلبية لرغبة شيخه إسحاق بن راهويه؛ حيث قال: لو جمعتم كتاباً لصحيح سنة رسول الله ، قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح.
    3- وقال البخاري: رأيت النبي وكأني بين يديه وبيدي مِروحةٌ أذبُّ عنه، فسألت بعض المعبرين فقال لي: أنت تذب عنه الكذب.
    موضوع الكتاب:
    قال ابن حجر في هدي الساري: بيان موضوعه والكشف عن مغزاه؛ فيه تقرر أنه التزم فيه الصحة وأنه لا يورد فيه إلا حديثا صحيحا، هذا أصل موضوعه، وهو مستفاد من تسميته إياه: الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله وسننه وأيامه. ومما نقلناه عنه من رواية الأئمة عنه صريحا، ثم رأى أن لا يخليه من الفوائد الفقهية والنكت الحكمية، فاستخرج بفهمه من المتون معاني كثيرة فرقها في أبواب الكتاب بحسب تناسبها، واعتنى فيه بآيات الأحكام؛ فانتزع منها الدلالات البديعة وسلك في الإشارة إلى تفسيرها السبل الوسيعة. قال الشيخ محيي الدين نفع الله به: ليس مقصود البخاري الاقتصار على الأحاديث فقط بل مراده الاستنباط منها والاستدلال لأبواب أرادها ولهذا المعنى أخلى كثيرا من الأبواب عن إسناد الحديث واقتصر فيه على قوله فيه: فلان عن النبي r أو نحو ذلك وقد يذكر المتن بغير إسناد وقد يورده معلقا وإنما يفعل هذا لأنه أراد الاحتجاج للمسألة التي ترجم لها..
    رواة الجامع الصحيح عن البخاري:
    •1- الفِربري محمد بن يوسف بن مطر، وهي أهم الروايات.
    •2- أبو طلحة منصور البزدوي.
    •3- إبراهيم بن معقل النسفي.
    •4- حماد بن شاكر.
    •5- أبو ذر عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الهروي الحافظ.
    •6- ابن السكن: أبو علي سعيد بن عثمان الحافظ
    •7- الأصيلي: أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي
    قال صديق حسن خان: وأما روايته، فقد روينا عن الفربري أنه قال: سمع البخاري من مؤلفه: تسعون ألف رجل فما بقي أحد يرويه عنه غيري. قال ابن حجر: أطلق ذلك بناء على ما في علمه، وقد تأخر بعده بتسع سنين أبو طلحة منصور البزدوي المتوفى سنة تسع وعشرين وثرث مئة، وهو آخر من حدث عن البخاري بصحيحه كما جزم به أبو نصر بن ماكولا وغيره.
    عدد أحاديث الكتاب وكتبه وأبوابه:
    قال ابن الصلاح: سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بالأحاديث المكررة، وتعقبه ابن حجر فقال: جميع أحاديثه بالمكرر سوى المعلقات سبعة آلاف وثلاث مئة وسبعة وتسعون حديثاً.
    قال صديق حسن خان: والخالص من ذلك بلا تكرير: ألف حديث وست مئة وحديثان، وإذا ضم إليه المتون المعلقة المرفوعة التي لم يوصلها في موضع آخر منه وهي: مئة وتسعة وخمسون حديثاً، صار مجموع الخالص: ألفي حديث وسبع مئة وإحدى وستين حديثاً. فجملة ما فيه من التعاليق: ألف وثلاث مئة وأحد وأربعون حديثاً، وأكثرها مكرر، فخرج في الكتاب أصول متونه وليس فيه من المتون التي لم تخرج من الكتاب ولو من طريق آخر إلا مئة وستون حديثاً. وجملة ما فيه من المكرر: تسعة آلاف واثنان وثمانون حديثاً خارجا عن الموقوفات على الصحابة والمقطوعات على التابعين. وعدد كتبه كما في الكواكب الدراري: مئة وستون، وأبوابه: ثلاثة آلاف وأربع مئة وخمسون باباً، مع اختلاف قليل في نسخ الأصول، وعدد مشايخه الذين خرج عنهم فيه: مائتان وتسعة وثمانون.. ووقع له اثنان وعشرون حديثاً ثلاثيات الإسناد
    انتقاؤه لكتابه وعنايته به:
    قال أبو جعفر العقيلي: لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلى بن المديني وغيرهم، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة، إلا في أربعة أحاديث. قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة (هدي الساري)
    وقال أبو أحمد بن عدي: سمعت الحسن بن الحسين البزاز، سمعت إبراهيم بن معقل، سمعت البخاري يقول: ما أدخلت في هذا الكتاب إلا ما صح، وتركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب.
    وقال البخاري: أخرجت هذا الكتاب من زهاء ست مئة ألف حديث.
    وقال أيضاً: صنفت " الصحيح " في ست عشرة سنة، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى
    قيمة الكتاب العلمية وثناء العلماء عليه: قال الإمام النسائي: ما في هذه الكتب كلها أجود من كتاب البخاري.
    وقال النووي في شرح صحيح مسلم (1/14): اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة، وقد صح أن مسلما كان ممن يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث، وهذا الذي ذكرناه من ترجيح كتاب البخاري هو المذهب المختار الذي قاله الجماهير وأهل الإتقان والحذق والغوص على أسرار الحديث.
    قال الذهبي في تاريخ الإسلام: وأما "جامع البخاري الصحيح" فأجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله تعالى..
    قال العراقي في ألفيته تبعا لابن الصلاح:
    أول من صنف في الصحيح - - - محمد وخصَّ بالترجيح
    ومسلم بعد وبعض الغرب مع - - - أبي علي فضلوا ذا لو نفع.

    وقد ذكر الذهبي وغيره قصيدة في الثناء على صحيح البخاري؛ فقال: لبعضهم:
    صحيح البخاري لو أنصفوه * لما خط إلا بماء الذهب. هو الفرق بين الهدى والعمى * هو السد بين الفتى والعطب أسانيد مثل نجوم السماء * أمام متون كمثل الشهب. به قام ميزان دين الرسول * ودان به العجم بعد العرب حجاب من النار لا شك فيه * تميز بين الرضى والغضب. وستر رقيق إلى المصطفى * ونص مبين لكشف الريب فيا عالما أجمع العالمون * على فضل رتبته في الريب. سبقت الأئمة فيما جمعت * وفزت على رغمهم بالقصب نفيت الضعيف من الناقلين * ومن كان متهما بالكذب. وأبرزت في حسن ترتيبه * وتبويبه عجبا للعجب. فأعطاك مولاك ما تشتهيه * وأجزل حظك فيما وهب
    أدلة تفضيله على صحيح مسلم:
    قال الحافظ ابن حجر في النكت(1/286- 289): وقال أبو عبد الرحمن النسائي:" ما في هذه الكتب كلها أجود من كتاب البخاري" قال ابن حجر: ونقل كلام الأئمة في تفضيل كتاب البخاري يكثر، ويكفي من ذلك اتفاقهم على أنه كان أعلم بالفن من مسلم، وأن مسلماً كان يتعلم منه ويشهد له بالتقدم والتفرد بمعرفة ذلك في عصره. فهذا من حيث الجملة وأما من حيث التفصيل فيترجح كتاب البخاري على كتاب مسلم، فإن الإسناد الصحيح مداره على اتصاله، وعدالة الرواة، كما بيناه غير مرة. وكتاب البخاري أعدل رواة وأشدُّ اتصالاً من كتاب مسلم، والدليل على ذلك من أوجه:
    •1- أحدها: أن الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم: أربعمائة وخمسة وثلاثون رجلاً، المتكلم فيهم بالضعف منهم: نحو من ثمانين رجلاً، والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري: ستمائة وعشرون رجلاً، المتكلم فيهم بالضعف منهم: مائة وستون رجلاً، على الضعف من كتاب البخاري، ولا شك أن التخريج عمن لم يتكلم فيه أصلا أولى من التخريج عمن تكلم فيه، ولو كان ذلك غير سديد.
    •2- الوجه الثاني: أن الذين انفرد بهم البخاري ممن تكلم فيه لم يكن يكثر من تخريج أحاديثهم، وليس لواحد منهم نسخة كثيرة أخرجها كلها أو أكثرها إلا نسخة عكرمة عن ابن عباس. بخلاف مسلم فإنه أخرج أكثر تلك النسخ التي رواها عمن تكلم فيه؛ كأبي الزبير عن جابر، وسهيل عن أبيه عن أبي هريرة، وحماد بن سلمة عن ثابت...ونحوهم.
    •3- الوجه الثالث: أن الذين انفرد بهم البخاري ممن تكلم فيه أكثرهم من شيوخه الذين لقيَهم وعرف أحوالهم واطلع على أحاديثهم، فميَّز جيدها من رديِّها بخلاف مسلم، فإن أكثر من تفرد بتخريج حديثه ممن تكلم فيه، من المتقدمين، وقد أخرج أكثر نسخهم كما قدمنا ذكره، ولا شك أن المرء أشدُّ معرفةً بحديث شيوخه وبصحيح حديثهم من ضعيفه ممن تقدم عن عصرهم.
    •4- الوجه الرابع: أن أكثر هؤلاء الرجال الذين تكلم فيهم من المتقدين يخرج البخاري أحاديثهم غالباً في الاستشهاد والمتابعات والتعليقات بخلاف مسلم، فإنه يخرج لهم الكثير في الأصول والاحتجاج ولا يعرج البخاري في الغالب على من أخرج لهم مسلم في المتابعات؛ فأكثر من يخرج لهم البخاري في المتابعات يحتج بهم مسلم وأكثر من يخرج لهم مسلم في المتابعات لا يعرج عليهم البخاري، فهذا وجه من وجوه الترجيح ظاهر.
    والأوجه الأربعة المتقدمة كلها تتعلق بعدالة الرواة، وبقي ما يتعلق بالاتصال: 5- وهو الوجه الخامس: وهو أن مسلماً كان مذهبه، بل نقل الإجماع في أول صحيحه: أن الإسناد المعنعن له حكم الاتصال إذا تعاصر المعنعِن والمعنعن عنه وإن لم يثبت اجتماعهما. والبخاري لا يحمله على الاتصال حتى يثبت اجتماعهما ولو مرة واحدة. وقد أظهر البخاري هذا المذهب في التأريخ وجرى عليه في الصحيح، وهو مما يرجَّح به كتابه، لأنا وإن سلمنا ما ذكره مسلم من الحكم بالاتصال، فلا يخفى أن شرط البخاري أوضح في الاتصال، وبهذا يتبين أن شرطه في كتابه أقوى اتصالاً وأشدُّ تحرياً، والله أعلم.
    وزاد في هدي الساري وجهاً سادساً فقال: وأما ما يتعلق بعدم العلة؛ وهو الوجه السادس: فإن الأحاديث التي انتقدت عليهما بلغت مائتي حديث وعشرة أحاديث.. اختص البخاري منها بأقل من ثمانين وباقي ذلك يختص بمسلم، ولا شك أن ما قل الانتقاد فيه أرجح مما كثر، والله أعلم.
    وقال السيوطي في التدريب: وقال شيخ الإسلام اتفق العلماء على أن البخاري أجل من مسلم في العلوم وأعرف بصناعة الحديث وأن مسلما تلميذه وخريجه ولم يزل يستفيد منه ويتبع آثاره حتى قال الدارقطني: لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء.
    يتبع...
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    منهج الإمام البخاري في صحيحه (2/2)
    شرطه في الصحيح:
    قال ابن طاهر في شروط الأئمة: اعلم أن البخاري ومسلماً ومن ذكرنا بعدهم، لم ينقل عن واحد منهم أنه قال: شرطتُ أن أخرج في كتابي ما يكون على الشرط الفلاني، وإنما يعرف ذلك من سبر كتبهم، فيعلم بذلك شرطُ كل رجلٍ منهم. واعلم أن شرط البخاري ومسلم أن يُخرجا الحديث المُتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور، من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلاً غير مقطوع، فإن كان للصحابي راويان فصاعداً فحسن، وإن يكن له إلا راوٍ واحد إذا صح الطريقُ إلى الراوي أخرجاه، إلا أن مسلماً أخرج أحاديث أقوامٍ ترك البخاري حديثهم، لشبهةٍ وقعت في نفسه، أخرج مسلم أحاديثهم بإزالة الشبهة، مثل حماد بن سلمة، وسهيل بن أبي صالح، وداود بن أبي هند، وأبي الزبير، والعلاء بن عبد الرحمن، وغيرهم.
    قال العراقي في شرح التبصرة والتذكرة: وليس ما قاله بجيد, لأن النسائي ضعَّف جماعة أخرج لهم الشيخان أو أحدهما.
    قال السيوطي في التدريب: وأجيب: بأنَهما أخرجا من أجمع على ثقته إلى حين تصنيفهما, ولا يقدح في ذلك تضعيف النسائي بعد وجود الكتابين. وقال شيخ الإسلام: تضعيف النسائي إن كان باجتهاده, أو نقله عن معاصر, فالجواب ذلك, وإن نقله عن متقدِّم فلا. قال: ويمكن أن يجاب بأن ما قاله ابن طاهر هو الأصل الذي بنيا عليه أمرهما, وقد يخرجان عنه لمرجح يقوم مقامه.
    وقال الحاكم في «علوم الحديث»: وصف الحديث الصحيح أن يرويه الصحابي المشهور بالرِّواية عن النَّبي وله راويان ثقتان, ثم يرويه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور بالرواية, وله رواة ثقات.
    وقال في «المدخل»: الدرجة الأولى من الصحيح اختيار البخاري ومسلم, وهو أن يروي الحديث عن رسول الله صحابي زائل عنه اسم الجهالة, بأن يروي عنه تابعيان عدلان, ثم يروي عنه التابعي المشهور بالرِّواية عن الصحابة, وله راويان ثقتان, ثم يرويه عنه من أتباع التابعين حافظ متقن, وله رواة من الطبقة الرابعة, ثم يكون شيخ البخاري أو مسلم حافظاً مشهورًا بالعدالة في روايته, ثم يتداوله أهل الحديث بالقبول إلى وقتنا, كالشهادة على الشهادة.
    فعمَّم في «علوم الحديث» شرط الصحيح من حيث هو, وخصص ذلك في «المدخل» بشرط الشيخين، وقد نقض عليه الحازمي ما ادعى أنه شرط الشيخين بما في الصحيح من الغرائب التي تفرد بها بعض الرواة.
    وأجيب بأنه إنما أراد أن كل راو في الكتابين يشترط أن يكون له راويان, لا أنه يشترط أن يتفقا في رواية ذلك الحديث بعينه. قال أبو علي الغساني, ونقله عياض عنه: ليس المراد أن يكون كل خبر روياه يجتمع فيه راويان عن صحابيه, ثم عن تابعيه, فمن بعده, فإن ذلك يعز وجوده, وإنما المراد أن هذا الصَّحابي, وهذا التابعي قد روى عنه رجلان, خرج بهما عن حد الجهالة.
    قال شيخ الإسلام: وكأن الحازمي فهم ذلك من قول الحاكم كالشهادة على الشهادة, لأن الشهادة يشترط فيها التعدد.
    وأجيب: باحتمال أن يريد بالتشبيه بعض الوجوه لا كلها, كالاتصال, واللِّقاء, وغيرهما.
    وقال أبو عبد الله ابن المواق: ما حمل الغساني عليه كلام الحاكم, وتبعه عليه عياض وغيره ليس بالبين, ولا أعلم أحدًا روى عنهما أنهما صرحا بذلك, ولا وجود له في كتابيهما, ولا خارجا عنهما, فإن كان قائل ذلك عرفه من مذهبهما بالتصفح, لتصرفهما في كتابيهما, فلم يُصب, لأن الأمرين معًا في كتابيها, وإن كان أخذه من كون ذلك أكثريًا في كتابيهما, فلا دليل فيه على كونهما اشترطاه, ولعلَّ وجود ذلك أكثريًا, إنما هو لأن من روى عنه أكثر من واحد, أكثر ممن لم يرو عنه إلا واحد من الرواة مُطلقًا, لا بالنسبة إلى ما خُرِّج له منهم في «الصحيحين», وليس من الإنصاف إلزامهما هذا الشرط, من غير أن يثبت عنهما ذلك, مع وجود إخلالهما به, لأنهما إذا صحَّ عنهما اشتراط ذلك, كان في إخلالهما به درك عليهما. قال شيخ الإسلام: وهذا كلامٌ مقبولٌ وبحثٌ قوي.
    وقال في «مقدمة شرح البخاري»: ما ذكره الحاكم وإن كان منتقضا في حق بعض الصحابة الذين أخرج لهم, إلا أنه معتبر في حق من بعدهم, فليس في الكتاب حديث أصل من رواية من ليس له إلا راو واحد فقط.
    وقال الحازمي ما حاصله: شرط البخاري أن يخرِّج ما اتصل إسناده بالثقات المتقنين المُلازمين لمن أخذوا عنه مُلازمة طويلة, وأنه قد يُخرج أحيانا عن أعيان الطبقة التي تلي هذه في الإتقان والملازمة لمن رووا عنه, فلم يلزموه إلا ملازمة يسيرة, وشرط مسلم أن يخرج حديث هذه الطبقة الثانية, وقد يخرج حديث من لم يسلم من غوائل الجرح, إذا كان طويل الملازمة لمن أخذ عنه, كحماد بن سلمة في ثابت البُناني وأيوب.
    وقال المصنف - أي النووي- : إن المراد بقولهم: على شرطهما: أن يكون رجال إسناده في كتابيهما, لأنه ليس لهما شرط في كتابيهما, ولا في غيرهما.
    وقال الحازمي في شروط الأئمة: مذهب من يخرج الصحيح أن يعتبر حال الراوي العدل في مشايخه وفيمن روى عنهم، وهم ثقات أيضا، وحديثه عن بعضهم صحيح ثابت يلزمه إخراجه، وعن بعضهم مدخول لا يصح إخراجه إلا في الشواهد والمتابعات، وهذا باب فيه غموض، وطريقه معرفة طبقات الرواة عن راوي الأصل ومراتب مداركهم. ولنوضح ذلك بمثال، وهو أن تعلم أن أصحاب الزهري مثلا على طبقات خمس، ولكل طبقة منها مزية على التي تليها وتفاوت. فمن كان في الطبقة الأولى فهو الغاية في الصحة، وهو غاية مقصد البخاري والطبقة الثانية شاركت الأولى في العدالة، غير أن الأولى جمعت بين الحفظ والإتقان وبين طول الملازمة للزهري، حتى كان فيهم من يُزامله في السفر ويُلازمه في الحضر، والطبقة الثانية لم تلازم الزهري إلا مدة يسيرة فلم تمارس حديثه، وكانوا في الإتقان دون الطبقة الأولى، وهم شرط مسلم..
    منهج الإمام البخاري في صحيحه:
    •1- يكرر الأحاديث ويقطعها: أ- لفائدة إسنادية أو متنية، ب- أو يكون الحديث عن صحابي فيعيده عن صحابي آخر، جـ- أو أن يسوقه بالعنعنة ثم يعيده بالتصريح بالسماع. قال ابن حجر في هدي الساري: الفصل الثالث: في بيان تقطيعه للحديث واختصاره وفائدة إعادته له في الأبواب وتكراره قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي فيما رويناه عنه في جزء سماه جواب المتعنت: اعلم أن البخاري رحمه الله كان يذكر الحديث في كتابه في مواضع ويستدل به في كل باب بإسناد آخر ويستخرج طريق واحدة فيتصرف حينئذ فيه، فيورده في موضع موصولا وفي موضع معلقا ويورده تارة تاما وتارة مقتصرا على طرفه الذي يحتاج إليه في ذلك الباب، فإن كان المتن مشتملا على جمل متعددة لا تعلق لإحداها بالأخرى فإنه منه بحسن استنباطه وغزارة فقهه معنى يقتضيه الباب الذي أخرجه فيه وقلما يورد حديثا في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد وإنما يورده من طريق أخرى لمعان نذكرها والله أعلم بمراده منها فمنها أنه يخرج الحديث عن صحابي ثم يورده عن صحابي آخر والمقصود منه أن يخرج الحديث عن حد الغرابة وكذلك يفعل في أهل الطبقة الثانية والثالثة وهلم جرا إلى مشايخه فيعتقد من يرى ذلك من غير أهل الصنعة أنه تكرار وليس كذلك لاشتماله على فائدة زائدة...
    •2- التزم استنباط الفوائد الفقهية والنكت الحكمية، فاستخرج بفهمه الثاقب من المتون معاني كثيرة فرَّقها في أبوابه بحسب المناسبة، واعتنى فيها بآيات الأحكام، ومن ثم أخلى كثيراً من الأبواب من ذكر إسناد الحديث واقتصر على قوله: فلان عن النبي ، وقد يذكر المتن بغير إسناد، وقد يورده معلقاً لقصد الاحتجاج لما ترجم له وأشار للحديث لكونه معلوماً أو سبق قريباً..
    •3- تراجم البخاري في صحيحه: بين ابن حجر في هدي الساري أن تراجم البخاري في صحيحه على نوعين:
    •أ*-ظاهرة:
    وهي أن تكون دالة بالمطابقة لما يورد في مضمونها.. وقد تكون بلفظ المترجم له أو بعضه أو بمعناه.
    •ب*-خفية:
    وهي التي لا تدرك مطابقتها لمضمون الباب إلا بالنظر الفاحص والتفكير الدقيق.. وهذا الموضع هو معظم ما يشكل من تراجم هذا الكتاب، ولهذا اشتهر من قول جمع من الفضلاء فقه البخاري في تراجمه وأكثر ما يفعل البخاري ذلك إذا لم يجد حديثا على شرطه في الباب ظاهر المعنى في المقصد الذي ترجم به ويستنبط الفقه منه، وقد يفعل ذلك لغرض شحذ الأذهان في إظهار مضمره واستخراج خبيئه، وكثيرا ما يفعل ذلك أي هذا الأخير حيث يذكر الحديث المفسر لذلك في موضع آخر متقدما أو متاخرا، فكأنه يحيل عليه ويومئ بالرمز والإشارة إليه...
    •4- تنوع تراجم البخاري: قال صديق حسن خان في الحطة(ص302): وجملة تراجم أبوابه تنقسم أقساماً؛ منها أنه يترجم بحديث مرفوع ليس على شرطه ويذكر في الباب حديثاً شاهداً على شرطه، ومنها أنه يترجم بحديث مرفوع ليس على شرطه لمسألة استنبطها من الحديث بنحو من الاستنباط من نصه أو إشارته أو عمومه أو إيمائه أو فحواه، ومنها أنه يترجم بمذهب ذهب إليه ذاهبٌ قبله، ويذكر في الباب ما يدل عليه بنحو من الدلالة لو يكون له شاهداً في الجملة من غير قطعٍ بترجيح ذلك المذهب فيقول: باب من قال كذا. ومنها أنه يترجم بمسألة اختلفت فيها الأحاديث، فيأتي بتلك الأحاديث على اختلافها، ليقرب إلى الفقيه من بعده أمرها، مثاله: باب خروج النساء إلى البراز. جمع فيه حديثين مختلفين، ومنها أنه قد تتعارض الأدلة، ويكون عند البخاري وجه تطبيق بينها، يحمل كل واحد على محمل فيترجم بذلك المحمل، إشارة إلى التطبيق، مثاله: باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان. ذكر فيه حديث: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". ومنها أنه قد يجع في الباب أحاديث كثيرة كل واحد منها يدل على الترجمة، ثم يظهر له في حديث واحد فائدة أخرى سوى الفائدة المترجم عليها، فيعلم ذلك الحديث بعلامة الباب، وليس غرضه أن الباب الأول قد انقضى بما فيه وجاء الباب الآخر برأسه، ولكن قوله: "باب" هنالك بمنزلة ما يكتب أهل العلم على الفائدة المهمة لفظ: تنبيه أو لفظ فائدة أو لفظ قف... ومنها أنه قد يكتب لفظ: باب مكان قول المحدثين: وبهذا الإسناد، وذلك حيث جاء حديثان بإسناد واحد، كما يكتب حيث جاء حديث واحد بإسنادين، مثاله: باب ذكر الملائكة؛ أطال فيها الكلام حتى أخرج حديث:" الملائكة يتعاقبون ملائكة بالليل وملائكة بالنهار" برواية شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، ثم كتب: باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء آمين...الحديث" ثم أخرج حديث:" إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة" ... ومنه أنه يذهب في كثير من التراجم إلى طريقة أهل السير في استنباطهم خصوصيات الوقائع والأحوال من إشارات طرق الحديث، وربما يتعجب الفقيه لعدم ممارسة هذا الفن، لكن أهل السير لهم اعتناء شديد بمعرفة تلك الخصوصيات...
    •5- كثيراً ما يترجم للمسائل الخلافية بصيغة السؤال ويختار القول الراجح، من خلال ما يورده من أحاديث في الترجمة مثل ترجمته في كتاب العلم بقوله: "باب متى يصح سماع الصغير ؟" وأورد فيه حديثين :
    أولهما: حديث ابن عباس قال: " أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله يصلي بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر لك علي ". وثانيهما: حديث محمود بن الربيع. قال : " عقلت من النبي مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو ". قال ابن حجر في الفتح: ومقصود الباب الاستدلال على أن البلوغ ليس شرطاً في التحمل.
    المعلقات في صحيح البخاري:
    قال الحافظ في هدي الساري: والمراد بالتعليق ما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر، ولو إلى آخر الإسناد، وتارة يجزم به كـ قال، وتارة لا يجزم به كـ يذكر، فأما المعلق من المرفوعات فعلى قسمين: أحدهما ما يوجد في موضع آخر من كتابه هذا موصولا وثانيهما ما لا يوجد فيه إلا معلقا، فالأول قد بينا السبب فيه في الفصل الذي قبل هذا وأنه يورده معلقا حيث يضيق مخرج الحديث، إذ من قاعدته أنه لا يكرر إلا لفائدة، فمتى ضاق المخرج واشتمل المتن على أحكام؛ فاحتاج إلى تكريره فإنه يتصرف في الإسناد بالاختصار خشية التطويل. والثاني: وهو ما لا يوجد فيه إلا معلقا، فإنه على صورتين: إما أن يورده بصيغة الجزم، وإما أن يورده بصيغة التمريض؛ فالصيغة الأولى يستفاد منها الصحة إلى من علق عنه، لكن يبقى النظر فيمن أبرز من رجال ذلك الحديث، فمنه ما يلتحق بشرطه، ومنه ما لا يلتحق، أما ما يلتحق؛ فالسبب في كونه لم يوصل إسناده إما لكونه أخرج ما يقوم مقامه فاستغنى عن إيراد هذا مستوفى السياق ولم يهمله بل أورده بصيغة التعليق طلبا للاختصار، وإما لكونه لم يحصل عنده مسموعا أو سمعه وشك في سماعه له من شيخه، أو سمعه من شيخه مذاكرة، فما رأى أنه يسوقه مساق الأصل، وغالب هذا فيما أورده عن مشايخه، فمن ذلك أنه قال في كتاب الوكالة: قال عثمان بن الهيثم: حدثنا عوف، حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله بزكاة رمضان الحديث بطوله، وأورده في مواضع أخرى منها في فضائل القرآن وفي ذكر إبليس، ولم يقل في موضع منها حدثنا عثمان: فالظاهر أنه لم يسمعه منه، وقد استعمل المصنف هذه الصيغة فيما لم يسمعه من مشايخه في عدة أحاديث، فيوردها عنهم بصيغة قال فلان، ثم يوردها في موضع آخر بواسطة بينه وبينهم ... وأما ما لا يلتحق بشرطه فقد يكون صحيحا على شرط غيره وقد يكون حسنا صالحا للحجة وقد يكون ضعيفا لا من جهة قدح في رجاله بل من جهة انقطاع يسير في إسناده قال الإسماعيلي قد يصنع البخاري ذلك إما لأنه سمعه من ذلك الشيخ بواسطة من يثق به عنه وهو معروف مشهور عن ذلك الشيخ أو لأنه سمعه ممن ليس من شرط الكتاب فنبه على ذلك الحديث بتسمية من حدث به لا على جهة التحديث به عنه قلت والسبب فيه أنه أراد أن لا يسوقه مساق الأصل فمثال ما هو صحيح على شرط غيره قوله في الطهارة وقالت عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه وهو حديث صحيح على شرط مسلم... ومثال ما هو حسن صالح للحجة قوله فيه: وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده الله أحق أن يستحيا منه من الناس وهو حديث حسن مشهور عن بهز؛ أخرجه أصحاب السنن.. ومثال ما هو ضعيف بسبب الانقطاع لكنه منجبر بأمر آخر قوله في كتاب الزكاة: وقال طاوس: قال معاذ بن جبل لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس... فإسناده إلى طاوس، صحيح إلا أن طاوسا لم يسمع من معاذ... والصيغة الثانية: وهي صيغة التمريض لا تستفاد منها الصحة إلى من علق عنه، لكن فيه ما هو صحيح، وفيه ما ليس بصحيح.. فأما ما هو صحيح فلم نجد فيه ما هو على شرطه إلا مواضع يسيره جدا، ووجدناه لا يستعمل ذلك إلا حيث يورد ذلك الحديث المعلق بالمعنى؛ كقوله في الطب: ويذكر عن بن عباس عن النبي r في الرقى بفاتحة الكتاب فإنه أسنده في موضع آخر... وأما مال لم يورده في موضع آخر مما أورده بهذه الصيغة فمنه ما هو صحيح إلا أنه ليس على شرطه ومنه ما هو حسن ومنه ما هو ضعيف فرد إلا أن العمل على موافقته ومنه ما هو ضعيف فرد لا جابر له... وقد تبين مما فصلنا به أقسام تعاليقه، أنه لا يفتقر إلى هذا الحمل، وأن جميع ما فيه صحيح باعتبار أنه كله مقبول ليس فيه ما يرد مطلقا إلا النادر فهذا حكم المرفوعات، وأما الموقوفات فإنه يجزم منها بما صح عنده ولو لم يكن على شرطه، ولا يجزم بما كان في إسناده ضعف أو انقطاع إلا حيث يكون منجبرا؛ إما بمجيئه من وجه آخر، وإما بشهرته عمن قاله. وإنما يورد ما يورد من الموقوفات؛ من فتاوى الصحابة والتابعين ومن تفاسيرهم لكثير من الآيات، على طريق الاستئناس والتقوية لما يختاره من المذاهب في المسائل التي فيها الخلاف بين الأئمة...
    قلت: وقد أفرد الحافظ ابن حجر التعاليق التي في صحيح البخاري في مصنف مستقل، قال عنه في هدي الساري: وقد بسطت ذلك جميعه في مصنف كبير سميته تغليق التعليق، ذكرت فيه جميع أحاديثه المرفوعة وآثاره الموقوفة وذكرت من وصلها بأسانيدي إلى المكان المعلق، فجاء كتابا حالفا وجامعا كاملا لم يفرده أحد بالتصنيف.
    (وقد طبع الكتاب في أربع مجلدات)
    الانتقادات على البخاري والرد عليها:
    وقد تكلم الحافظ بن حجر في هدي الساري عن الانتقادات الموجهة إلى الصحيحين فقال: الفصل الثامن: في سياق الأحاديث التي انتقدها عليه حافظ عصره أبو الحسن الدارقطني وغيره من النقاد، وإيرادها حديثاً حديثا على سياق الكتاب وسياق ما حضر من الجواب عن ذلك، والجواب عنه على سبيل الإجمال: أن نقول لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل، فإنهم لا يختلفون في أن علي بن المديني كان أعلم أقرانه بعلل الحديث، وعنه أخذ البخاري ذلك، حتى كان يقول ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني ومع ذلك فكان علي بن المديني إذا بلغه ذلك عن البخاري يقول: دعوا قوله فإنه ما رأى مثل نفسه. وكان محمد بن يحيى الذهلي أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهري وقد استفاد منه ذلك الشيخان جميعا وروى الفربري عن البخاري قال: ما أدخلت في الصحيح حديثا إلا بعد أن استخرت الله تعالى وتيقنت صحته... فإذا عرف وتقرر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عندهما، فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما، يكون قوله معارضا لتصحيحهما، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما، فيندفع الاعتراض من حيث الجملة...
    ثم قال في النكت(1/381): (والكلام على هذه الانتقادات من حيث التفصيل من وجوه؛ منها ما هو مندفع بالكلية ومنها ما قد يندفع:
    •1- فمنها الزيادة التي تقع في بعض الأحاديث إذا انفرد بها ثقة من الثقات ولم يذكرها من هو مثله أو أحفظ منه، فاحتمال كون هذا الثقة غلط، ظن مجرد وغايتها أنها زيادة ثقة فليس فيها منافاة لما رواه الأحفظ والأكثر فهي مقبولة.
    •2- ومنها الحديث المروي من حديث تابعي مشهور عن صحابي سمع منه، فيعلل بكونه روي عنه بواسطة، كالذي يروى عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ويروى عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وأن مثل هذا لا مانع أن يكون التابعي سمعه بواسطة ثم سمعه بدون ذلك الواسطة... إلى أن قال:وهذا إنما يطرد حيث يحصل الاستواء في الضبط والإتقان.
    •3- ومنها ما يشير صاحب الصحيح إلى علته كحديث يرويه مسندا ثم يشير إلى أنه يروى مرسلا فذلك مصير منه إلى ترجيح رواية من أسنده على من أرسله.
    •4- ومنها ما تكون مرجوحة بالنسبة إلى صحته كالحديث الذي يرويه ثقات متصلا ويخالفهم ثقة فيرويه منقطعا. أو يرويه ثقة متصلا ويرويه ضعيف منقطعا. 1.هـ.
    الكتب التي اعتنت بصحيح البخاري:
    1- المؤلفات في رجال البخاري:
    الكتب التي ترجمت لرجال البخاري في صحيحه كثيرة؛ منها ما ألف في الجمع بين رجال الكتب الستة، كالمعجم المشتمل لابن عساكر والكمال لعبد الغني المقدسي وتهذيب الكمال للمزي وتهذيب التهذيب لابن حجر وغيرها، ومنها ما ترجم لرجال البخاري ومسلم فقط؛ كرجال البخاري ومسلم للدارقطني والجمع بين رجال الصحيحين لأبي نصر الكلاباذي والجمع بين رجال الصحيحين لمحمد بن طاهر المقدسي، ومنها ما ترجم لرجال البخاري على سبيل الانفراد ، مثل:
    1- الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد الذين أخرج لهم البخاري في صحيحه، لأبي نصر أحمد بن محمد الكلاباذي.
    2- التعديل والتجريح لمن أخرج له البخاري في الصحيح، لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي.
    3- أسماء من روى عنهم البخاري في الصحيح، لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني.
    4- تسمية المشايخ الذين روى عنهم البخاري في صحيحه، لأبي عبد الله بن منده.
    5- رفع التماري فيمن تكلم فيه من رجال البخاري، لأبي بكر محمد بن إسماعيل بن خلفون الأندلسي.
    6- فك أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة لمحمد بن منصور بن حمامة السجلماسي
    2- شروح صحيح البخاري:
    1- شرحه الإمام أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي (ت 386هـ)، واسم شرحه"أعلام الحديث"
    2- وشرحه محمد بن يوسف الكرماني (ت 788هـ) في كتابه " الكواكب الدراري ".
    3- وشرحه الحافظ ابن رجب الحنبلي، في كتابه "فتح الباري"
    4- وشرحه الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني (ت 852هـ) في كتابه " فتح الباري " وهو أجل شروح البخاري.
    5- وبدر الدين العيني (ت 855هـ) في كتابه " عمدة القاري ".
    6- وأحمد بن محمد بن أبي بكر القسطلاني (ت 923هـ) في كتابه " إرشاد الساري ".
    وقد ذكر فؤاد سزكين في كتابه " تاريخ التراث العربي " (56) شرحاً. للجامع الصحيح، بعضها مخطوط وبعضها قد طبع عدة مرات كالكتب السابقة.
    وقد شرح أبوابه ابن المنير في" المتواري على تراجم أبواب البخاري"، والشاه ولي الله الدهلوي في" تراجم أبواب البخاري" ، ومحمد زكريا الكاندهلوي في" شرح تراجم أبواب البخاري"، وكلها مطبوعة.
    3- المستخرجات:
    1- مستخرج أبي بكر الإسماعيلي. 2- مستخرج أبي أحمد الغطريفي. 3- مستخرج أبي عبد الله الضبي المعروف بـ(ابن أبي ذهل). 4- مستخرج أبي عبد الله النيسابوري المعروف بـ(بابن الأخرم). 5- مستخرج أبي بكر الأصبهاني. 6- مستخرج أبي نعيم الأبهاني.7- مستخرج أبي بكر البرقاني. 8- مستخرج أبي ذر الهروي. وغيرها
    4- الأطراف: 1- أطراف الصحيحين لأبي مسعود الدمشقي. 2- أطراف الصحيحين لأبي نعيم الأصبهاني. وغيرها.
    5- من الدراسات حول صحيح البخاري أو مؤلفه:
    "الإمام البخاري سيد الحفاظ والمحدثين" للشيخ تقي الدين الندوي المظاهري
    المراجع :
    1- هدي الساري مقدمة فتح البخاري لابن حجر العسقلاني. 2- شروط الأئمة الستة لابن طاهر المقدسي وشروط الأئمة الخمسة للحازمي، كلاهما بتحقيق أبي غدة. 3- النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر. 4- تدريب الراوي للسيوطي. 5- الحطة في ذكر الصحاح الستة لصديق حسن خان القنَّوجي. 6- إتحاف القاري بمعرفة جهود وأعمال العلماء على صحيح البخاري، لمحمد عصام الحسيني ط: دار اليمامة. 7- شرح النووي على صحيح مسلم. 8- سير أعلام النبلاء للذهبي، 9- وتاريخ الإسلام له.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    منهج الإمام مسلم في صحيحه (1/2)
    منهج الإمام مسلم في صحيحه
    1ً-ترجمة الإمام مسلم:
    نسبه ومولده:
    هو الإمام الحافظ أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد القشيري النيسابوري، وقد اختلف في نسبته إلى القبيلة؛ هل هو قشيري من أنفسهم أو مولى، فرجح الأول ابن الصلاح والنووي، ومال الذهبي إلى الثاني.
    ولد سنة 206هـ كما رجحه كثير من العلماء، وقيل سنة 204هـ ، قال ابن خلكان في وفيات الأعيان(5/194): ولم أر أحداً من الحفاظ يضبط مولده ولا تقدير عمره، وأجمعوا أنه ولد بعد المائتين. وكان شيخنا تقي الدين أبو عمرو عثمان المعروف بابن الصلاح يذكر مولده، وغالب ظني أنه قال: سنة اثنتين ومائتين، ثم كشفت ما قاله ابن الصلاح فإذا هو في سنة ست ومائتين، نقل ذلك من كتاب "علماء الأمصار" تصنيف الحاكم أبي عبد الله بن البيع .. وصورة ما قاله بأن مسلم بن الحجاج توفي بنيسابور لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة إحدى وستين ومائتين، وهو ابن خمس وخمسين سنة، فتكون ولادته في سنة ست ومائتين، والله أعلم.
    طلبه للعلم وشيوخه وتلامذته:
    اتجه الإمام مسلم إلى طلب العلم في صغره فسمع الحديث وتلقى العلم عن شيوخ بلده ثم ارتحل وطوّف في البلدان؛ قال الذهبي في تذكرة الحفاظ (2 / 588): وأول سماعه سنة ثماني عشرة ومائتين، فأكثر عن يحيى بن يحيى التميمي والقعنبي وأحمد بن يونس اليربوعي وإسماعيل بن أبي أويس وسعيد بن منصور وعون بن سلام وأحمد بن حنبل وخلق كثير روى عنه الترمذي حديثا واحدا وإبراهيم بن أبي طالب وابن خزيمة والسراج وابن صاعد وأبو عوانة وأبو حامد بن الشرقي و...وعبد الرحمن بن أبي حاتم و.. وخلق سواهم
    قلت: وقد ذكر الذهبي في السير مئتين واثنين وعشرين شيخا من شيوخ الإمام مسلم.
    وقال ابن خلكان: أحد الأئمة الحفاظ وأعلام المحدثين، رحل إلى الحجاز والعراق والشام ومصر، وسمع يحيى بن يحيى النيسابوري وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن مسلمة القعنبي وغيرهم، وقدم بغداد غير مرة فروى عنه أهلها، وآخر قدومه إليها في سنة تسع وخمسين ومائتين، وروى عنه الترمذي وكان من الثقات.
    قلت: وقد استفاد الإمام مسلم من الإمام البخاري كثيرا، لا سيما في علم العلل، ومما يؤيد ذلك قوله للبخاري عندما سأله عن حديث كفارة المجلس: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله.(النكت على كتاب ابن الصلاح 2/716)
    وقد تتلمذ على الإمام مسلم عدد كبير من الأئمة الأعلام منهم: الترمذي وابن خزيمة وأبو عوانة، وأبو الفضل أحمد بن سلمة النيسابوري، ونصر بن أحمد الحافظ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، وغيرهم.
    عقيدته:
    كان الإمام مسلم من كبار أئمة أهل السنة والجماعة أهل الحديث؛ فقد ذكر الإمام أبو عثمان الصابوني في كتابه"عقيدة السلف أصحاب الحديث" علامات أهل السنة ومن بينها حبهم لأئمة السنة وعلمائها، فذكر أسماء بعض العلماء الذين يعد حبهم من علامات أهل السنة، وذكر منهم الإمام مسلما.
    ومما يدل على سلامة اعتقاده كتبه التي ألفها وخاصة كتابه الصحيح، فمن نظر في الكتاب علم حسن اعتقاد الرجل.
    مهنته:
    قال الذهبي في العبر: وكان صاحب تجارة وكان محسن نيسابور، وله أملاك وثروة.
    ثناء العلماء عليه:
    لقد فاضت ألسنة العلماء بعبارات التقدير والثناء على الإمام مسلم ومن ذلك ما ذكره المذي في تهذيب الكمال (27/499)، والذهبي في السير وتذكرة الحفاظ(2/588) وابن حجر في تهذيب التهذيب وابن خلكان في وفيات الأعيان وغيرهم؛ وفيما يلي أسوق بعض عبارات الأئمة في الثناء عليه:
    قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ قرأت بخط أبي عمرو المستملي أملى علينا إسحاق بن منصور سنة إحدى وخمسين ومائتين ومسلم بن الحجاج ينتخب عليه وأنا أستملي فنظر إسحاق بن منصور إلى مسلم فقال لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين.. وقال أيضا حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال سمعت أحمد بن سلمة يقول رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما .. وقال أبو قريش الحافظ: حفاظ الدنيا أربعة فذكر منهم مسلما قال أبو عمرو بن حمدان: سألت بن عقدة أيهما أحفظ البخاري أو مسلم فقال: يقع لمحمد الغلط في أهل الشام وذلك لأنه أخذ كتبهم ونظر فيها فربما ذكر الرجل بكنيته ويذكر في موضع آخر باسمه يظنهما اثنين، وأما مسلم فقلما يوجد له غلط في العلل لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل...
    وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (10/113):
    قال الحاكم كان تام القامة أبيض الرأس واللحية يرخي طرف عمامته بين كتفيه قال فيه شيخه محمد بن عبد الوهاب الفراء: كان مسلم من علماء الناس وأوعية العلم ما علمته إلا خيرا وكان بزازا وكان أبوه الحجاج من المشيخة. وقال ابن الأخرم: إنما أخرجت مدينتنا هذه من رجال الحديث ثلاثة محمد بن يحيى وإبراهيم بن أبي طالب ومسلم. وقال ابن عقدة: قلما يقع الغلط لمسلم في الرجال لأنه كتب الحديث على وجهه. وقال أبو بكر الجارودي: حدثنا مسلم بن الحجاج وكان من أوعية العلم، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة جليل القدر من الأئمة. وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وكان ثقة من الحفاظ له معرفة بالحديث، وسئل عنه أبي فقال: صدوق.
    قلت: وقد ذكره الذهبي في الطبقة الخامسة ممن يعتمد قوله في الجرح والتعديل، وذلك في كتابه"ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ص180)
    بعض مؤلفاته:
    قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: وله من التصنيف غير الجامع كتاب الانتفاع بجلود السباع والطبقات مختصر والكنى كذلك ومسند حديث مالك وذكره الحاكم في المستدرك في كتاب الجياء استطرادا وقيل إنه صنف مسندا كبيرا على الصحابة لم يتم.
    قلت: وله أيضا: التمييز (وقد طبع ما وجد منه)، وله المنفردات والوحدان(وهو مطبوع)، وأوهام المحدثين، وأولاد الصحابة، وأوهام الشاميين، وغيرها
    وفاته:
    قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول سمعت أحمد بن سلمة يقول عقد لأبي الحسين مسلم بن الحجاج مجلس للمذاكرة فذكر له حديث لم يعرفه فانصرف إلى منزله وأوقد السراج وقال لمن في الدار لا يدخل أحد منكم هذا البيت فقيل له أهديت لنا سلة فيها تمر، فقال قدموها إلى فقدموها إليه فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة فيمضغها فأصبح وقد فني التمر ووجد الحديث، قال الحاكم: زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات وقال: أيضا سمعت محمد بن يعقوب أبا عبد الله الحافظ يقول توفي مسلم بن الحجاج عشية يوم الأحد ودفن الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين
    وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان (5/ 194): وتوفي مسلم المذكور عشية يوم الأحد ودفن بنصر أباذ ظاهر نيسابور يوم الاثنين لخمس، وقيل لست، بقين من شهر رجب الفرد سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور، وعمره خمس وخمسون سنة.
    ينظر في ترجمته: تذكرة الحفاظ: 588 وتاريخ بغداد(13/ 100) وطبقات الحنابلة(1/337) وتهذيب الكمال(27/499) وتهذيب التهذيب(10/ 113) والبداية والنهاية(11/33) والعبر(2/23) والشذرات (2/144)
    2ً- الجامع الصحيح:
    اسم الكتاب: ذكر له عدة تسميات:
    •1-المسند الصحيح، سماه به صاحبه، كما في تاريخ بغداد(13/101) والسير(12/565)
    •2-وقد يقال اختصارا: المسند، جاء ذلك في بعض الروايات عن الإمام مسلم، فإنه لما عرض كتابه الصحيح على أبي زرعة الرازي قال:(عرض كتاب المسند على أبي زرعة ...)
    •3-ويقال له صحيح مسلم (وهو المشهور )، وهو موافق للواقع، فإنه اقتصر فيه على الأحاديث الصحيحة.
    •4- وقع في فهرست ابن خير (ص98) وبنحوه في برنامج التجيبي (ص83) وقع هكذا: (المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله r) وكأن هذا والله أعلم إنما هو وصف للكتاب لا اسم له.
    •5-ويقال له الجامع كما في تهذيب التهذيب ترجمة الإمام مسلم.
    سبب تأليفه الصحيح وانتقاؤه له ومدة تصنيفه :
    نص الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة الصحيح على أن سبب تأليفه له هو تلبية طلب وإجابة سؤال حيث قال: (أما بعد: فإنك يرحمك الله بتوفيق خالقك ذكرت أنك هممت بالفحص عن تعرف جملة الأخبار المأثورة عن رسول الله r في سنن الدين وأحكامه ...بالأسانيد ...فأردت - أرشدك الله - أن توقف على جملتها مؤلفة محصاة، وسألتني أن ألخصها لك في الصحيح بلا تكرار يكثر ...فإذا كان الأمر في هذا كما وصفنا فالقصد منه إلى الصحيح القليل أولى بهم من ازدياد السقيم.)
    وقد ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه (4/186) أن مسلما جمع الصحيح لأبي الفضل أحمد بن سلمة النيسابوري تلميذه وصاحبه، فقال في ترجمة أحمد في الموضع السابق:( ثم جمع له مسلم الصحيح في كتابه.) فبين الخطيب بهذا ما أبهمه الإمام مسلم في مقدمته.
    وقد انتقى الإمام مسلم رحمه الله أحاديث صحيحه من بين ألوف الأحاديث، فقد جاء عنه أنه قال كما في السير (12/565):( صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمئة ألف حديث مسموعة) وقد مكث رحمه الله في تأليفه قرابة خمس عشرة سنة أو تزيد كما في السير (12/565) ومقدمة شرح النووي على مسلم.
    رواة صحيح مسلم: لصحيح الإمام مسلم رواة كثيرون والذي وصلنا من طرق كتب الفهارس والأثبات روايته من طريق أربعة من تلاميذه وهم:
    •1- أبو اسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه، ولم يسمع الصحيح كاملا من الإمام مسلم، بل إن له فائتا لم يسمعه، يقال فيه: أخبرنا إبراهيم عن مسلم، وذلك الفوت في كتاب الحج وفي أول الوصايا وفي أحاديث الإمارة والخلافة، وهذا الفوت الأخير هو أكبرها، حيث يبلغ نحو ثمان عشرة ورقة،كما قال ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم.
    •2- أبو محمد أحمد بن علي بن المغيرة القلانسي. وقد ساق ابن عطية سنده إلى القلانسي عن مسلم في فهرسه (ص130،122،85) ثم قال: حاشا ثلاثة أجزاء من آخر الديوان؛ أولها حديث عائشة في الإفك؛ الحديث الطويل، فإن أبا العلاء تلميذ القلانسي، يروي ذلك عن أبي أحمد الجلوذي عن إبراهيم بن سفيان عن الإمام مسلم.
    •3-مكي بن عبدان بن محمد التميمي النيسابوري.
    •4-أبو حامد بن الشرقي أحمد بن محمد بن الحسن النيسابوري.
    وقد روى ابن نقطة في التقييد بعضا من رواية مكي بن عبدان عن الإمام مسلم، ورواه الجوزقي الحافظ من طريق ابن الشرقي، سماعا لبعضه ومن طريق مكي ابن عبدان سماعا لجميعه.
    عدد أحاديثه:
    ذكر النووي في التقريب أن عدد أحاديث صحيح الإمام مسلم أربعة آلاف حديث دون المكرر، ونقل عن أحمد بن سلمة رفيق مسلم، أنها تبلغ بالمكرر اثني عشر ألف حديث. وقد فسَّر الذهبي المكرر في قول أحمد بن سلمة هذا في السير (12/566) بقوله: (يعني بالمكرر بحيث أنه إذا قال: حدثنا قتيبة وأخبرنا ابن رمح يعدان حديثين اتفق لفظهما أو اختلف في كلمة).
    أما على ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي فهي بدون المكرر تبلغ 3033حديثاً.
    شرطه في الصحيح:
    قال ابن طاهر في شروط الأئمة الستة: اعلم أن البخاري ومسلماً ومن ذكرنا بعدهم، لم ينقل عن واحد منهم أنه قال: شرطتُ أن أخرج في كتابي ما يكون على الشرط الفلاني، وإنما يعرف ذلك من سبر كتبهم، فيعلم بذلك شرطُ كل رجلٍ منهم. واعلم أن شرط البخاري ومسلم أن يُخرجا الحديث المُتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور، من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلاً غير مقطوع، فإن كان للصحابي راويان فصاعداً فحسن، وإن يكن له إلا راوٍ واحد إذا صح الطريقُ إلى الراوي أخرجاه، إلا أن مسلماً أخرج أحاديث أقوامٍ ترك البخاري حديثهم، لشبهةٍ وقعت في نفسه، أخرج مسلم أحاديثهم بإزالة الشبهة، مثل حماد بن سلمة، وسهيل بن أبي صالح، وداود بن أبي هند، وأبي الزبير، والعلاء بن عبد الرحمن، وغيرهم.
    وقال الحازمي في شروط الأئمة الخمسة: مذهب من يخرج الصحيح أن يعتبر حال الراوي العدل في مشايخه وفيمن روى عنهم، وهم ثقات أيضا، وحديثه عن بعضهم صحيح ثابت يلزمه إخراجه، وعن بعضهم مدخول لا يصح إخراجه إلا في الشواهد والمتابعات، وهذا باب فيه غموض، وطريقه معرفة طبقات الرواة عن راوي الأصل ومراتب مداركهم. ولنوضح ذلك بمثال، وهو أن تعلم أن أصحاب الزهري مثلا على طبقات خمس، ولكل طبقة منها مزية على التي تليها وتفاوت. فمن كان في الطبقة الأولى فهو الغاية في الصحة، وهو غاية مقصد البخاري والطبقة الثانية شاركت الأولى في العدالة، غير أن الأولى جمعت بين الحفظ والإتقان وبين طول الملازمة للزهري، حتى كان فيهم من يُزامله في السفر ويُلازمه في الحضر، والطبقة الثانية لم تلازم الزهري إلا مدة يسيرة فلم تمارس حديثه، وكانوا في الإتقان دون الطبقة الأولى، وهم شرط مسلم..
    وقال ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم (ص72): شرط مسلم في صحيحه: أن يكون الحديث متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالماً من الشذوذ، ومن العلة، وهذا هو حد الحديث الصحيح في نفس الأمر..
    وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/613): .. وأما مسلم فلا يخرج إلا حديث الثقة الضابط، ومن في حفظه بعض شيء، وتكلم فيه لحفظه، لكنه يتحرى في التخريج عنه، ولا يخرج عنه إلا ما لا يقال إنه مما وهم فيه.
    مذهبه في عدم اشتراط اللقي في السند المعنعن :
    نقل مسلم في مقدمة صحيحه الإجماع على أن الإسناد المعنعن السالم صاحبه من وصمة التدليس؛ له حكم الاتصال إذا تعاصر المعنعِن والمعنعَن عنه، وإن لم يثبت اجتماعهما، أي إذا أمكن اللقاء فحسب, فقال رحمه الله: (وهذا القول يرحمك الله في الطعن في الأسانيد، قول مخترع مستحدث، غير مسبوق صاحبه إليه، ولا مساعد له من أهل العلم عليه، وذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديما وحديثا: أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه، لكونهما جميعا كانا في عصر واحد وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام، فالرواية ثابتة والحجة بها لازمة، إلا أن يكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يلق من روى عنه أو لم يسمع منه شيئا... )، وقد سار الإمام مسلم على هذا المنهج في كتابه، مثال ذلك: أنه أخرج حديث عبد الله بن يزيد عن حذيفة رضي الله عنه قال: أخبرني رسول الله r بما هو كائنٌ إلى أن تقوم الساعة..." الحديث، وقد قال في مقدمة صحيحه: (ولا حفظنا في شيءٍ من الروايات أن عبد الله بن يزيد شافه حذيفة وأبا مسعود بحديث قط، ولا وجدنا ذكر رؤيته إياها في رواية بعينها..)
    في حين ذهب البخاري وشيخه ابن المديني وأبو بكر الصيرفي الشافعي وغيرهم إلى اشتراط ثبوت اللقاء ولو مرة واحدة. قال النووي في جزءه "ما تمس إليه حاجة القاري من صحيح البخاري": (وهذا أقوى)، وقد أظهره البخاري في التاريخ وجرى عليه في الصحيح.
    قال الذهبي في السير: (ثم إن مسلما رحمه الله افتتح صحيحه بالحط على من اشترط اللقي لمن روي عنه بصيغة عن، وادَّعى الإجماع في أن المعاصرة كافية ولا يتوقف على العلم بالتقائهما، ووبخ من اشترط ذلك، وإنما يقول ذلك أبو عبد الله البخاري وشيخه ابن المديني، وهو الأصوب الأقوى ).
    وقال ابن رجب في شرح العلل (2/590): (وما قاله ابن المديني والبخاري، هو مقتضى كلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهم من الأعيان، بل كلامهم يدل على اشتراط ثبوت السماع كما تقدم عن الشافعي )1.هـ.لكن فرض المسألة؛ هل عمل مسلم بهذه القاعدة في صحيحه أولا ؟ قال النووي في مقدمة شرح مسلم: (وإن كنا لا نحكم على مسلم بعمله في صحيحه بهذا المذهب لكونه يجمع طرقا كثيرة فيتعذر معها وجود هذا الحكم الذي جوزه، والله أعلم.).
    قال المعلمي في التنكيل (1/82): معلقا على كلام النووي هذا: (وهذا سهو من النووي، فقد ذكر مسلم في ذلك الكلام أحاديث كثيرة زعم أنه لم يصرح فيها بالسماع ولا علم اللقاء، وأنها صحاح عند أهل العلم، ثم أخرج منها في أثناء صحيحه تسعة عشر حديثا، كما ذكره النووي نفسه، ومنها ستة في صحيح البخاري كما ذكره النووي أيضا).
    منهجه في كتابه:
    •أ*-بدأ كتابه بمقدمة، بين فيها سبب تأليفه الصحيح كما سبق، ثم ذكر مجموع ما أسند إلى رسول الله وأنه ثلاثة أقسام، ثم ذكر باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذب، ثم باب تغليظ الكذب على رسول الله في أبواب ختمها بباب صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن.
    •ب*-وشرطه في هذه المقدمة ليس هو شرطه في صحيحه. قال الحاكم في المستدرك (1/103) بعد إخراجه لحديث: ( هذا حديث ذكره مسلم في خطبه الكتاب مع الحكايات ولم يخرجه في أبواب الكتاب وهو صحيح)، وقال ابن القيم في (الفروسية ص145) في معرض رده على مخالف له: (وأما قولكم إن مسلم روى لسفيان بن حسين في صحيحه فليس كما ذكرتم وإنما روى له في مقدمة كتابه، ومسلم لم يشترط فيها ماشرطه في الكتاب من الصحة، فلها شأن ولسائر كتبه شأن آخر ولا يشك أهل الحديث في ذلك).
    ومما يدل على صحة التفريق في الشرط بين الصحيح والمقدمة أن أصحاب كتب التراجم يرمزون للراوي عند مسلم في الصحيح بحرف ( م ) وله في المقدمة بـ ( مق )كما في تهذيب التهذيب وغيره.
    •ت*-رد الإمام مسلم رحمه الله في مقدمته في باب صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن على بعض العلماء ولم يسمه، فاختلف فيمن أراد برده عليه على أقوال:
    1- قيل أراد البخاري: قال الحافظ بن حجر في نزهة النظر: (واكتفى مسلم بمطلق المعاصرة وألزم البخاري بأنه يحتاج إلى ألا يقبل العنعنة أصلا )
    وقال الصنعاني في توضيح الأفكار (1/44): (واعلم أنا راجعنا مقدمة مسلم فوجدناه تكلم في الرواية بالعنعنة وأنه شرط فيها البخاري ملاقاة الراوي لمن عنعن عنه، وأطال مسلم في رد كلامه والتهجين عليه، ولم يصرح أنه البخاري وإنما اتفق الناظرون أنه أراده ورد مقالته ) ا.هـ.
    والقول بأن المعني بالرد هو البخاري قديم قبل ابن حجر والصنعاني، كما نقل البلقيني في محاسن الاصطلاح عند النوع الحادي عشر
    2-وقيل أراد علي بن المديني، وممن قال بذلك الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث، وقال البلقيني في محاسن الاصطلاح: ولعله ابن المديني. ونقل البقاعي في النكت الوفية عن شيخه ابن حجر ما يخالف ما في النزهة. فقال في مبحث المرسل: (سئل شيخنا عن الذي بحث مسلم معه من هو فقال: علي بن المديني ) 3- ويحتمل أنه أراد الاثنين معا أو أكثر قال الذهبي في السير (12/575) عند بيانه موضوع مقدمة صحيح مسلم وأنه افتتحها بالحط على من اشترط اللقي : (وإنما يقول ذلك أبو عبد الله البخاري وشيخه علي بن المديني ) وقد ذكر ابن رجب في شرح العلل أن ما قاله البخاري وابن المديني هو مقتضى كلام الأئمة الشافعي وأحمد وأبي زرعة وأبي حاتم. فعلى هذا يحتمل أن مسلما إنما أراد رد هذه المقالة ولم يعن شيخا بعينه. ويحتمل أيضاً أنه قصد شخصاً آخر غير البخاري وابن المديني، فإن قوله:( وقد تكلم بعض منتحلي الأخبار من أهل عصرنا ..) يبعد أن يقوله في شيخه البخاري أو ابن المديني، كيف وهو القائل للبخاري: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك!! والله أعلم.
    •ث*- رتب كتابه على الكتب والأبواب، لكنه لم يذكر تراجم الأبواب التفصيلية، بل اكتفى بأسماء الكتب فحسب. قال ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم: (ثم إن مسلما رحمه الله وإيانا رتب كتابه على الأبواب فهو مبوب في الحقيقة ولكنه لم يذكر فيه تراجم الأبواب لألا يزداد بها حجم الكتاب أو لغير ذلك.) وقال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم: (وقد ترجم جماعة أبوابه بتراجم بعضها جيد وبعضها ليس بجيد إما لقصور في عبارة الترجمة وإما لركاكة لفظها وإما لغير ذلك. وإنا إنشاء الله أحرص على التعبير عنها بعبارات تليق بها في مواطنها)
    قلت: وترتيب النووي هو الذي اشتهر وعوّل عليه الأئمة.
    •ج*-قسم الإمام مسلم رحمه الله مجموع ما أسند إلى رسول الله r إلى ثلاثة أقسام:
    1-روايات الحفاظ المتقنين وقد التزم بتخريج رواياتهم.
    2-من ليس موصوفا بالحفظ والإتقان ممن يشملهم اسم الستر والصدق. فهؤلاء يتبع رواياتهم أهل القسم الأول.
    3- المتهمون بوضع الحديث ومن الغالب على حديثه المنكر أو الغلط، فهؤلاء يمسك عن حديثهم.
    وقد اختلف العلماء في مراد مسلم بهذا التقسيم على قولين:
    1- قال الإمامان الحافظان أبو عبد الله الحاكم وصاحبه أبو بكر البيهقي: إن المنية قد اخترمت مسلما قبل إخراج القسم الثاني وأنه إنما ذكر القسم الأول. وإلى هذا الرأي مال الحافظ ابن عساكر في مقدمة كتابه الأطراف وكذا الحافظ ابن حجر كما سيأتي.
    2- القول الثاني: رد القاضي عياض هذا القول وقال: (إنه قد ذكر في أبواب كتابه حديث الطبقتين وأتى بأسانيد الثانية منها على طريق الاستشهاد أو حيث لم يجد في الباب الأول شيئا. وذكر أقواما تكلم فيهم قوم وزكاهم آخرون، ممن ضعف أواتهم ببدعة، وخرج أحاديثهم، وكذلك فعل البخاري. فعندي أنه أتى بطبقاته الثلاث في كتابه على ما ذكر ورتَّب وبيَّنه في تقسيمه وطرح الرابعة كما نص عليه ... ثم قال:ويحتمل أن يكون أراد بالطبقات الثلاث الحفاظ ثم الذين يلونهم والثالثة هي التي طرحها.)
    قال الإمام النووي بعد نقله كلام القاضي عياض: (وهذا الذي اختاره القاضي ظاهر جدا.)
    وقد رد الحافظ ابن حجر في النكت (1/434-435) هذا القول ورجح ما ذهب إليه الحاكم والبيهقي ومن تبعهما فقال بعد نقله كلامهما: (ويؤيد هذا ما رواه البيهقي بسند صحيح عن إبراهيم بن محمد بن سفيان صاحب مسلم. قال: صنف مسلم ثلاثة كتب أحدها هذا الذي قرأه على الناس والثاني يدخل فيه عكرمة وابن اسحاق وأمثالهما والثالث يدخل فيه الضعفاء .1.هـ.
    قلت: وإنما اشتبه الأمر على القاضي عياض ومن تبعه بأن الرواية عن أهل القسم الثاني موجودة في صحيحه، لكن فرض المسألة هل احتج بهم كما احتج بأهل القسم الأول أم لا، والحق أنه لم يخرج شيئا مما انفرد به الواحد منهم، وإنما احتج بأهل القسم الأول سواء تفردوا أم لا، ويخرج من أحاديث القسم الثاني ما يرفع به التفرد عن أحاديث القسم الأول. وكذلك إذا كان لأحاديث أهل القسم الثاني طرقٌ كثيرة يعضد بعضها بعضا، فإنه يخرج ذلك، وهذا ظاهر بين في كتابه ولو كان يخرج جميع أحاديث القسم الثاني في الأصول، بل وفي المتابعات، لكان كتابه أضعاف ما هو عليه. ألا تراه أخرج لعطاء بن السائب في المتابعات وهو من المكثرين ومع ذلك فماله عنده سوى مواضع يسيره وكذا محمد بن إسحاق وهو من بحور الحديث، وليس له عنده في المتابعات إلا ستة أو سبعة، ولم يخرج للَّيث بن سليم، ولا ليزيد بن زياد، ولا لمجاهد بن سعيد، إلا مقرونا)1.هـ.
    وبنحو هذا قال الذهبي في السير (12/575)
    ح- اعتناؤه بالتمييز بين حدثنا وأخبرنا، وتقييد ذلك على مشايخه، كما في قوله: حدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد، قال عبد: أخبرنا وقال ابن رافع: حدثنا عبد الرزاق. وكان مذهبه الفرق بينهما، وأن حدثنا لما سمعه من لفظ الشيخ خاصة، وأخبرنا لما قرئ على الشيخ، ومذهبه وموافقيه صار هو الغالب على أهل الحديث، قال الحاكم في المعرفة: ( الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري: أن يقول في الذي يأخذه من المحدث لفظاً وليس معه أحد:"حدثني فلان"، وما يأخذه عن المحدث لفظاً مع غيره:"حدثنا فلان"، وما قرأ على المحدث بنفسه:" أخبرني فلان"، وما قرئ على المحدث وهو حاضر:"أخبرنا فلان"... قال ابن الصلاح: وهو حسنٌ رائق.
    ز- اعتناؤه بضبط ألفاظ الأحاديث عند اختلاف الرواة، وكما إذا كان بينهما اختلاف في حرف من متن الحديث، أو صفة الراوي أو نسبه، أو نحو ذلك، فإنه يبينه وربما كان بعضها لا يتغير معنى، وربما كان في بعضه اختلاف في المعنى، كقوله: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد بن الأشج،كلاهما عن أبي خالد، قال أبو بكر: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن الأعمش..وساق الحديث. قال ابن الصلاح: فإعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة إشعار منه بأن اللفظ المذكور له. وقد رجح السخاوي كلام ابن الصلاح هذا
    أما البخاري، فعيب عليه الجمع بين عدة رواة قد اتفقوا في المعنى، وليس ما أورده لفظ كل واحد منهم، وسكوته عن بيان ذلك.
    ج-تحريه فيما يرويه من الصحائف المشتملة على أحاديث تروى بإسناد واحد؛ كصحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة فإنه يقول فيها مثلا: حدثنا محمد بن رافع قال: ثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: رسول الله . فذكر أحاديث منها: وقال: رسول الله كذا.
    قال ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم: (فتكريره رحمه الله وإيانا في كل حديث منها لقوله: هذا ما حدثنا أبو هريرة وقوله: فذكر أحديث منها كذا وكذا يفعله المتحرِّي الورع.)
    قلت: وقد أثنى العلماء على صنيع مسلم هذا، وفضلوه على البخاري في ذلك، فإن البخاري ليس له ضابط معين في إيراده للأحاديث من هذه الصحيفة، فربما قدم أول حديث من الصحيفة، وهو حديث"نحن الآخرون السابقون"، ثم يعطف عليه الحديث الذي يريده، وقد يورد الحديث الذي يريد من غير أن يورد الحديث الأول فيها، ولعله يريد بذلك جواز الأمرين، والله أعلم.
    ط- تحريه في بيان المهمل كوله حدثنا عبد الله بن سلمة حدثنا سليمان يعني بلال. يستجز رحمه الله أن يقول سليمان بن بلال لكونه لم يقع في روايته منسوبا.
    ي- تحاشيه التكرار إلا إذا كان هناك حاجة ماسة إليه إنه قد يلجأ إلى ذلك، كما قال في المقدمة: (على غير تكرار إلى أن يأتي موضع لا يستغنى فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى أو إسناد يقع إلى جنب إسناد لعلة تكون هناك لأن المعنى الزائد في الحديث المحتاج إليه يقوم مقام حديث تام، فلا بد من إعادة الحديث الذي فيه ما وصفنا من الزيادة أو أن يفصل ذلك المعنى من جملة الحديث على اختصاره..)
    ك- تلخيصه الطرق وتحوُّل الأسانيد، مع إيجاز العبارة وكمال حسنها.
    ل- حسن ترتيبه وترصيفه الأحاديث على نسق يقتضيه تحقيقه وكمال معرفته لجوامع الخطاب ودقائق العلم، وأصول القواعد وخفيات علم الأسانيد ومراتب الرواة، قال المعلمي في الأنوار الكاشفة (ص29): (عادة مسلم أن يرتب روايات الحديث بحسب قوتها، يقدم الأصح فالأصح)، قلت: ومن هذه الحيثية قدِّم على البخاري، كما قال عبد الرحمن بن علي بن الدَّيبع:
    تنازع قوم في البخاري ومسلم - - - لديَّ وقالوا: أيّ ذيـن يقدمُ ؟
    فقلت: لقد فاق البخاري صحةً - - - كما فاق في حسن الصناعة مسلم

    م- التزامه شرح العلل في بعض الأخبار التي يوردها في مواطنها. قال رحمه الله في المقدمة: (قد شرحنا من مذهب الحديث وأهله بعض ما يتوجه به من أراد سبيل القوم ووفِّق لها، وسنزيد إن شاء الله شرحا وإيضاحا في مواضع من الكتاب عند ذكر الأخبار المعللة، إذا أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح والإيضاح.)1.هـ. قال القاضي عياض: (وكذلك علَّل الأحاديث التي ذكر ووعد أن يأتي بها قد جاء بها في مواضعها من الأبواب من اختلافهم في الأسانيد، كالإرسال والزيادة والنقص وذكر تصاحيف المصحفين. ).
    ن- أعلى ما عنده رحمه الله من الأسانيد يكون بينه وبين رسول الله rأربعة رواة، وليس عنده ولا عند أبي داود والنسائي ثلاثيات، كما هو الحال عند البخاري ، فعنده أحاديث ثلاثية كثيرة، وعند الترمذي حديث واحد، وعند ابن ماجه خمسة أحاديث إلا أنها ضعيفة.
    يتبع
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    منهج الإمام مسلم في صحيحه (2/2)
    قيمة الكتاب العلمية، وثناء العلماء عليه:
    قال محمد بن الماسرجسي: سمعت مسلما يقول صنفت كتبت مع مسلم في تأليف صحيحه خمس عشرة سنة وهو اثنا عشر ألف حديث.
    قال ابن الشرقى: سمعت مسلما يقول ما وضعت شيئا في كتابي هذا المسند إلا بحجة وما أسقطت منه شيئا إلا بحجة. وقد جاء عنه رحمه الله أنه قال: (عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي فكلما أشار أن له علة تركته، وكلما قال أنه صحيح وليس له علة خرجته. ) وقال أيضا: (إنما وضعت هنا ما أجمعوا عليه.)
    وقال الذهبي في السير في معرض كلامه عن صحيح الإمام مسلم: (وهو كتاب نفيس كامل في معناه فلما رآه الحفاظ أعجبوا به ).
    وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب (10/113):
    قلت: حصل لمسلم في كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله، بحيث أن بعض الناس كان يفضله على صحيح محمد بن إسماعيل، وذلك لما اختص به من جمع الطرق وجودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ كما هي من غير تقطيع ولا رواية بمعنى، وقد نسج على منواله خلق من النيسابوريين فلم يبلغوا شأوه، وحفظت منهم أكثر من عشرين إماما ممن صنف المستخرج على مسلم، فسبحان المعطي الوهاب.
    منزلته من الكتب الستة، والمفاضلة بينه وبين صحيح البخاري:
    هو عند جمهور العلماء في المرتبة الثانية بعد صحيح الإمام البخاري. وقدمه بعض المغاربة على صحيح البخاري وهناك قول ثالث باستواء الصحيحين وأنهما كفرسي رهان. قال الحافظ أبو علي النيسابوري: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم، قلت - أي الذهبي-: لعل أبا علي ما وصل إليه صحيح البخاري.
    وإنما حصل ذلك له رحمه الله لنيته الصالحة أولا، ولما بذله ثانيا من الجهد في انتقاء الأحاديث الصحيحة وترتيب الكتاب على نسق بديع.
    ومن فضل صحيح مسلم على صحيح البخاري فحجته في ذلك:
    •1- أن صحيح مسلم ليس فيه بعد مقدمته إلا الحديث السرد كما قال ابن حزم، وقال ابن الصلاح: روِّينا عن أبي علي النيسابوري أنه قال: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم، فهذا وقول من فضل من شيوخ المغرب كتاب مسلم على كتاب البخاري، إن كان المراد به أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح، فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسروداً، غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري، فهذا لا بأس به، ولا يلزم منه أن كتاب مسلم أرجح فيما يرجع إلى نفس الصحيح، وإن كان المراد أن كتاب مسلم أصح صحيحاً، فهو مردود على من يقوله.ا.هـ
    •2- أن الإمام مسلم يجمع طرق الحديث في مكان واحد، بخلاف البخاري فإنه يفرقها في أماكن متعددة، أما مسلم فلا يفعل ذلك إلا نادرا، كما في حديث ابن عباس في قصة مجيء وفد عبد قيس فإنه ذكره في كتاب "الإيمان" (17/24،23) وكرره في كتاب "الأشرية": (17/39).
    قال الإمام السخاوي في ختمه على صحيح مسلم: وقد قال الإمام أبو محمود المقدسي فيما قرأت بخطه: " انفرد مسلمٌ رحمه الله بفائدة حسنة، وهي كون أحاديثه أسهل متناولاً من حيث أنه جعل لكل حديث موضعاً واحداً يليق به، جمع فيه طرقه التي ارتضاها واختار ذكرها على ما شرطه، وأورد فيه أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة، فيسهل على الطالب النظر في وجوهه واشتهارها، وتحصل له الثقة بجميع ما أورده من طرقه وقد اتسقت أخبارها، وهذا بخلاف صحيح البخاري فإنه لا يتوصل إلى غرضه منه إلا النادر من الحفاظ المعتنين بمعرفة مظنة المعاني والألفاظ، ... ولعمري لقد غلط جماعة من الأئمة فنفوا رواية البخاري عن أحاديث هي موجودة فيه؛ وما ذاك إلا أنه ذكر أحاديث من كتابه في غير مظنتها الظاهرة لغرض يبتغيه".
    •3- اعتناؤه بترتيب إيراد الطرق، فإنه يورد الطريق الأصح، ويقدم الطرق التي فيها إجمال ثم يُتبعها بالطرق المبينة لها، ويقدم الطريق المنسوخة ثم يأتي بعد ذلك بالطريق الناسخ وهكذا.
    قال السخاوي: ومع جمع مسلم رحمه الله تعالى الطرق كما قررناه فهو يوردها على طريقة حسنة وهي أنه يذكر المجمل ثم المبين له، والمشكل ثم الموضح له، فيسهل بذلك على الطالب النظر في وجوهه، ومنها يسوق متن الحديث بتمامه وكماله من غير اختصار ولا تقطيع، وإن وقع له ذلك فإنه ينصّ على أنه مختصر ونحو ذلك.. مع أنه إنما يقع له ذلك فيما يورده في المتابعات لا في الأصول، ومنها أنه يفرِّق بين الصيغ في "حدثنا " و"أخبرنا "، ولا يرى الرواية بالمعنى، بخلاف البخاري في كل ذلك فإنه كان يرى تقطيع الحديث من غير تنصيص على اختصاره، وجواز الرواية بالمعنى مطلقاً، وعدم الفرق بين "حدثنا " و" أخبرنا " ..
    •4- إنه يعتني بالمتون عناية فائقة فإنه يتحرى ويتحرز في فروق الألفاظ ، فيقول مثلاً: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد بن الأشج، كلاهما عن أبي خالد، قال أبو بكر: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن الأعمش..وساق الحديث. قال ابن الصلاح: فإعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة إشعار منه بأن اللفظ المذكور له.
    أما البخاري، فعيب عليه الجمع بين عدة رواة قد اتفقوا في المعنى، وليس ما أورده لفظ كل واحد منهم، وسكوته عن بيان ذلك.
    •5- أنه اقتصر على المرفوع دون الموقوف وعلى المتصل دون المعلق فليس فيه إلا (14)حديثاً معلقاً على أعلى عدد ذكر وإلا فهي (12) ستة منها وصلها في صحيحه، وأما الموقوفات فهي قليلة جداً عنده لا تقارن بما عند البخاري.
    •6- تحريه فيما يرويه من الصحائف المشتملة على أحاديث تروى بإسناد واحد؛ كصحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة، كما تقدم عند الكلام على منهجه. وقد أثنى العلماء على صنيع مسلم هذا، وفضلوه على البخاري في ذلك، فإن البخاري ليس له ضابط معين في إيراده للأحاديث من هذه الصحيفة..
    النقد الموجه إليه مع الرد عليه:
    قال ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم: (عاب عائبون مسلما بروايته في صحيحه عن جماعة من الضعفاء أو المتوسطين في الطبقة الثانية، الذين ليسوا من شرط الصحيح، والجواب أن ذلك لأحد أسباب لا معاب عليه معها:
    1- أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده، ولا يقال إن الجرح مقدم على التعديل ...لأن الذي ذكرناه محمول على ما إذا كان الجرح غير مفسرا السبب فإنه لا يعمل به، ويحتمل أيضا أن يكون ذلك فيما بين فيه الجارح السبب واستبان مسلم بطلانه.
    2- أن يكون ذلك في الشواهد والمتابعات لا في الأصول.
    3- أن يكون ضعف الضعيف الذي احتج به طرأ بعد أخذه عنه؛ باختلاط حدث عليه غير قادح فيما رواه من قبل في زمان سداده واستقامته. كما في أحمد بن عبد الرحمن الوهبي ابن أخي عبد الله بن وهب.
    قال إبراهيم بن أبي طالب: قلت لمسلم بن الحجاج قد أكثرت الرواية في كتابك الصحيح عن أحمد بن عبد الرحمن الوهبي وحاله قد ظهر فقال: إنما نقموا عليه بعد خروجي من مصر.
    4- أن يعلو بالشخص الضعيف إسناده وهو عنده برواية الثقات نازل فيذكر العالي ولا يطول بإضافة النازل إليه مكتفيا بمعرفة أهل الشأن بذلك. وقد نص هو على ذلك عندما عاب عليه أبو زرعة روايته عن مثل أسباط بن نصر وقطن بن نُسير وأحمد بن عيسى المصري وغيرهم فأجاب: إنما قلت صحيح، وإنما أدخلت من حديث أسباط وقطن وأحمد ما قد رواه الثقات عن شيوخهم، إلا أنه ربما وقع إليَّ عنهم بارتفاع، ويكون عندي من رواية أوثق منهم بنزول، فأقتصر على ذلك، وأصل الحديث معروف من رواية الثقات )1.هـ مختصرا.
    وكلام ابن الصلاح هذا منصب كله على الإجابة عن الطعن في الراوي.
    وقال الشيخ ربيع بن هادي في خاتمة كتابه (بين الإمامين ): (يمكن إرجاع انتقادات الدارقطني وتتبعاته للإمام مسلم إلى الأقسام الآتية:
    •1- انتقادات موجه إلى أسانيد معينه، فيبدي لها عللا من إرسال أو انقطاع أو ضعف راو أو عدم سماعه، أو مخالفته للثقات في أمر ما، ويتبين في ضوء الدراسة والبحث أنه غير مصيب فيما أبداه من علة، وهذا النوع من الانتقادات لا يكون له تأثير في متون تلك الأسانيد، لعدم ثبوت العلل التي أبداها ويبلغ عدد هذا القسم أربعين حديثا.
    •2- انتقاد موجه إلى الأسانيد فيبدي لها عللا من انقطاع أو عدم سماع...ويكون مصيبا فيما أبداه من علة لكن تأثيره قاصرا على ذلك الإسناد المعين والمتن يكون صحيحا من طريق أو طرق أخرى، وله من المتابعات والشواهد ما يزيده قوة. ويبلغ عدد هذا القسم خمسة وأربعين حديثا.
    •3- انتقاد موجه إلى المتن كأن يدعي في حديث ما أنه لا يصح إلا موقوفا ولم يثبت رفعه. أو يدعي أنه من قول أحد التابعين ولا يصح رفعه أو يدعي أن جملة معينة قد زيدت في متن بسبب وهم أحد الرواة، ويكون مصيبا في ذلك ويكون لذلك الانتقاد أثره لثبوت دعواه ولعدم المتابعات والشواهد لذلك المتن وهذا النوع قليل جدا لا يجاوز ثمانية أحاديث.
    •4- انتقاد موجه إلى المتن كأن يدعي في حديث ما أنه لا يصح إلا موقوفا عن صحابي معين أو مرسلا من قول فلان. وتبين في ضوء الدراسة أن دعواه لا تثبت؛ وهذا يكون بالبداهة لا أثر له في ذلك المتن الذي ادعى فيه تلك العلة. وقد وجدت منه حديثين. )
    قلت: وقد انتقد صحيح مسلم بأن فيه عدة أحاديث مروية بالوِجادة، وهي منقطعة، كقوله: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: وجدت في كتابي عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: إن كان رسول الله r ليتفقد يقول:]أين أنا اليوم..[ الحديث. وروى أيضا بهذا السند حديث: قال لي رسول الله :] إني لأعلم إذا كنت عني راضية[، وحديث: ]تزوجني لست سنين[
    وقد أجاب عن هذا الانتقاد الرشيد العطار في كتابه"غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة" بأن الإمام مسلم قد روى هذه الأحاديث الثلاثة وغيرها مما قيل فيه منقطع من طرقٍ أخرى موصولة إلى هشام وإلى أبي أسامة.
    وأجاب السيوطي بجواب آخر فقال في التدريب: (وجواب آخر، وهو أن الوجادة المنقطعة: أن يجد في كتاب شيخه، لا أن يجد في كتابه عن شيخه، فتأمل)
    الكتب التي اعتنت بصحيح الإمام مسلم:
    الكتب التي ترجمت لرجاله:
    الكتب التي ترجمت لرجال مسلم في صحيحه كثيرة؛ منها ما ألف في الجمع بين رجال الكتب الستة، كالمعجم المشتمل لابن عساكر والكمال لعبد الغني المقدسي وتهذيب الكمال للمزي ولواحقه، ومنها ما ترجم لرجال البخاري ومسلم فقط؛ كرجال البخاري ومسلم للدارقطني والجمع بين رجال الصحيحين لأبي نصر الكلاباذي والجمع بين رجال الصحيحين لمحمد بن طاهر المقدسي، ومنها ما ترجم لرجال مسلم على سبيل الانفراد ، مثل: رجال صحيح مسلم لأبي بكر أحمد بن علي بن منجويه، والمنهاج في رجال مسلم بن الحجاج لأبي محمد عبد الله بن أحمد الاشبيلي، وتسمية رجال مسلم الذين انفرد بهم عن البخاري للذهبي، وغيرها..
    مختصراته: لصحيح الإمام مسلم مختصرات كثيرة منها:
    •1-مختصر مسلم لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت.
    •2-مختصر صحيح مسلم لأبي عبد الله شرف الدين محمد بن عبد الله المرسي (ت655هـ).
    •3-المختصر الجامع المعلم بمقاصد جامع مسلم، لأبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت656هـ)
    •4-تلخيص صحيح الإمام مسلم لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي (ت656هـ)وقد شرحه هو.
    المستخرجات على صحيح الإمام مسلم: من المستخرجات على الصحيح:
    •1- المسند الصحيح المستخرج على صحيح مسلم لأبي بكر محمد بن محمد بن رجاء الإسفراييني (ت286هـ) وقد شارك مسلما في أكثر شيوخه.
    •2-المستخرج على صحيح مسلم لأحمد بن سلمة النيسابوري (ت286هـ) صاحب مسلم.
    •3-المستخرج على صحيح مسلم لأبي جعفر أحمد بن حمدان الجيري (ت311 هـ).
    •4-المسند الصحيح المستخرج على صحيح مسلم لأبي عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني (ت316 هـ).
    •5-الصحيح المستخرج على صحيح مسلم لقاسم بن أصبغ القرطبي (ت340هـ).
    شـروحه:
    لقد اعتنى الأئمة بصحيح الأمام مسلم عناية فائقة، فمنهم من شرح غريبه ومنهم من شرحه كاملا ومنهم من اعتنى برجاله فمن تلك الشروح:
    •1-شرح مسلم لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن محمد الأصبهاني (ت520 هـ).
    •2-المفهم في شرح غريب مسلم لعبد الغفار ابن إسماعيل الفارسي (ت526 هـ).
    •3-المعلم بفوائد مسلم لأبي عبد الله محمد بن علي المازري (ت536 هـ).
    •4-إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم، للقاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت544 هـ).
    •5-صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسقط، للحافظ أبي عمرو بن الصلاح (ت643هـ).
    •6-المفهم في شرح مختصر مسلم لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي (656هـ).
    •7-المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت676 هـ).
    •8-إكمال إكمال المعلم لأبي عبد الله محمد بن خلفة الوشتاني الأبُي :المشهور بشرح الأبُي على مسلم (ت827أو 828).وقد جمع فيه مؤلفه بين كتاب المازري والقاضي عياض والقرطبي والنووي، مع زيادات من كلام شيخه ابن عرفة رامزاً لكل منهم بحرف: فالميم للمازري والعين لعياض والطاء للقرطبي والدال لمحي الدين النووي . وبلفظ الشيخ إلى شيخه ابن عرفة.
    •9-الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج للسيوطي.
    المراجع:
    1- "غنية المحتاج في ختم صحيح مسلم بن الحجاج" للسخاوي، ط: كنوز إشبيلية. 2- شروط الأئمة الستة لابن طاهر المقدسي، وشروط الأئمة الخمسة للحازمي بتحقيق أبي غدة. 3- صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح. 4- شرح النووي على صحيح مسلم. 5- سير أعلام النبلاء للذهبي. 6- شرح علل الترمذي لابن رجب. 7- تهذيب التهذيب لابن حجر. 8- التنكيل لما في تأنيب الكوثري من الأباطيل للمعلمي. 9- توضيح الأفكار للصنعاني. 10- الحطة في ذكر الصحاح الستة.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    منهج الإمام أبي داود في سننه
    1ً- ترجمة الإمام أبي داود:
    نسبه ومولده:
    هو الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني، محدث البصرة.
    ولد سنة اثنتين ومئتين، ورحل، وجمع، وصنف، وبرع في هذا الشأن.
    قال أبو عبيد الآجري: سمعته يقول: ولدت سنة اثنتين، وصليت على عفان سنة عشرين، ودخلت البصرة وهم يقولون: أمس مات عثمان بن الهيثم المؤذن، فسمعت من أبي عمر الضرير مجلسا واحدا.
    قلت: مات في شعبان من سنة عشرين، ومات عثمان قبله بشهر،
    طلبه للعلم وشيوخه:
    حرص الإمام أبو داود على طلب العلم والرحلة في سبيل تحصيله في سن مبكر من حياته، فقد رحل إلى بغداد سنة 220هـ، وكان عمره آنذاك ثمانية عشر عاما، ورحل إلى الشام سنة222هـ، لذا فإنه حظي بعلو الإسناد؛ فهو يفوق الإمام مسلم في علو الإسناد، بل إنه يشارك البخاري في جماعة من شيوخه لم يشاركه في الرواية عنهم غيره.
    تلقى العلم عن كثير من العلماء منهم: أحمد بن حنبل، وقد لازمه ملازمة شديدة؛ حتى إنه يعد من كبار أصحاب الإمام أحمد، وسننه مرتبة على طريقة الحنابلة في كتبهم الفقهية، وله سؤالات للإمام أحمد في الجرح والتعديل وفي الفقه وكلاهما مطبوع، وسمع من علي بن المديني، ويحيى بن معين ومحمد بن بشار، وسمع بمكة من القعنبي، وسليمان بن حرب، وسمع من: مسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن رجاء، وأبي الوليد الطيالسي، وموسى بن إسماعيل، وطبقتهم بالبصرة،...
    وسكن البصرة، فنشر بها العلم، وكان يتردد إلى بغداد.
    قال الحاكم: سليمان بن الأشعث السجستاني مولده بسجستان، وله ولسلفه إلى الآن بها عقد وأملاك وأوقاف، خرج منها في طلب الحديث إلى البصرة، فسكنها، وأكثر بها السماع عن سليمان بن حرب، وأبي النعمان وأبي الوليد، ثم دخل إلى الشام ومصر، وانصرف إلى العراق، ثم رحل بابنه أبي بكر إلى بقية المشايخ، وجاء إلى نيسابور، فسمع ابنه من إسحاق بن منصور، ثم خرج إلى سجستان.
    وطالع بها أسبابه، وانصرف إلى البصرة واستوطنها.
    تلامذته والرواة عنه:
    حدث عنه: أبو عيسى الترمذي في " جامعه "، والنسائي، فيما قيل، وإبراهيم بن حمدان العاقولي، وأبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن الاشناني البغدادي، نزيل الرحبة، راوي " السنن " عنه، و... وابنه أبو بكر بن أبي داود، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وعبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي،.. وأبو بشر الدولابي الحافظ، وأبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي راوي " السنن "، وابن داسة وغيرهم كثير.
    ثناء العلماء عليه:
    قال أبو بكر الخلال: أبو داود الإمام المقدم في زمانه، رجل لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم، وبصره بمواضعه أحد في زمانه، رجل ورع مقدم، سمع منه أحمد بن حنبل حديثا واحدا، كان أبو داود يذكره...
    وقال أحمد بن محمد بن ياسين: كان أبو داود أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله وعلمه وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف، والصلاح والورع، من فرسان الحديث..
    وقال الحافظ موسى بن هارون: خلق أبو داود في الدنيا للحديث، وفي الآخرة للجنة.
    وقال علان بن عبد الصمد: سمعت أبا داود، وكان من فرسان الحديث.
    قال أبو حاتم بن حبان: أبو داود أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وحفظا، ونسكا وورعا وإتقانا جمع وصنف وذب عن السنن.
    قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة: الذين خرجوا وميزوا الثابت من المعلول، والخطأ من الصواب أربعة: البخاري، ومسلم، ثم أبو داود، والنسائي.
    وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة، سمع بمصر والحجاز، والشام والعراقين وخراسان
    قلت - أي الذهبي -: كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء، فكتابه يدل على ذلك، وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد، لازم مجلسه مدة، وسأله عن دقاق المسائل في الفروع والأصول.
    وكان على مذهب السلف في اتباع السنة والتسليم لها، وترك الخوض في مضائق الكلام.
    روى الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: كان عبد الله بن مسعود يشبه بالنبي في هديه ودله.
    وكان علقمة يشبه بعبد الله في ذلك.
    قال جرير بن عبدالحميد: وكان إبراهيم النخعي يشبه بعلقمة في ذلك، وكان منصور يشبه بإبراهيم.
    وقيل: كان سفيان الثوري يشبه بمنصور، وكان وكيع يشبه بسفيان، وكان أحمد يشبه بوكيع، وكان أبو داود يشبه بأحمد.
    وفاته:
    قال أبو عبيد الآجري: توفي أبو داود في سادس عشر شوال، سنة خمس وسبعين ومئتين.
    مصادر الترجمة: الجرح والتعديل: 4 / 101 - 102، تاريخ بغداد: 9 / 55 - 59، طبقات الحنابلة: 1 / 159 - 162، تاريخ ابن عساكر: خ: 7 / 271 ب - 274 ب، المنتظم: 5 / 97 - 98، وفيات الاعيان: 2 / 404 - 405، تذكرة الحفاظ: 2 / 591 - 593، عبر المؤلف: 2 / 54 - 55، طبقات السبكي: 2 / 293 - 296، البداية والنهاية: 11 / 54 - 56، تهذيب التهذيب: 4 / 169 - 173، طبقات الحفاظ: 261 - 262، طبقات المفسرين: 1 / 201 - 202، شذرات الذهب: 2 / 167 - 168
    2ً- كتاب السنن:
    اسم الكتاب:
    اسم الكتاب على ما سماه به مؤلفه في رسالته إلى أهل مكة: السنن. ولا أعلم تسمية أخرى للكتاب غير السنن
    عدد أحاديث الكتاب:
    قال أبو بكر بن داسة: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله خمس مئة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب - يعني كتاب " السنن " - جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثماني مئة حديث ، ذكرت الصحيح، وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث...
    وقال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة: ولعل عدد الذي في كتابي من الأحاديث قدر أربعة آلاف وثمان مئة حديث، ونحو ست مئة حديث من المراسيل.
    موضوع الكتاب:
    أراد رحمه الله لهذا الكتاب أن يكون جامعا لأحاديث الأحكام، فقد قال في رسالته إلى أهل مكة: ولم أصنف في " كتاب السنن" إلا الأحكام، ولم أصنف كتب الزهد وفضائل الأعمال وغيرها، فهذه الأربعة آلاف والثمانمئة، كلها في الأحكام(1).
    أشهر رواة السنن عن أبي داود:
    رواية اللؤلؤي، ورواية ابن داسة ورواية ابن الأعرابي ورواية ابن العبد ورواية الأُشناني ورواية ابن الصريع ورواية الجلودي، وغيرهم. والمشهور من هذه الروايات رواية اللؤلؤي ورواية ابن داسة، ورواية اللؤلؤي هي المقدمة عند علماء المشرق، وسبب ذلك أن اللؤلؤي أطال ملازمة أبي داود، وكان هو الذي يقرأ السنن حينما يعرض أبو داود كتابه السنن على طلبة العلم إلى أن توفي أبو داود.
    أما رواية ابن داسة فإنها مشتهرة في بلاد المغرب أكثر من شهرتها في بلاد المشرق، وسبب تقديمهم لها أنها أكثر أحاديثا من رواية اللؤلؤي فهي أكمل من رواية اللؤلؤي - حسب رأيهم - ، لكن في الحقيقة أن الزيادات التي في رواية ابن داسة حذفها أبو داود في آخر حياته لشيء كان يريده في إسنادها، ذكر ذلك أبو عمر الهاشمي الراوي للسنن عن اللؤلؤي، والله أعلم.
    قيمة الكتاب العلمية وثناء العلماء عليه:
    قال أبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني، وإبراهيم الحربي: لما صنف أبو داود كتاب " السنن " ألين لأبي داود الحديث، كما ألين لداود عليه السلام الحديد.
    قال الحاكم: سمعت الزبير بن عبد الله بن موسى، سمعت محمد بن مخلد يقول: كان أبو داود يفي بمذاكرة مئة ألف حديث، ولما صنف كتاب " السنن "، وقرأه على الناس، صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف، يتبعونه ولا
    ـــــــــــــــ ــــــــــــــ
    •(1) قال محقق الكتاب عبد الفتاح أبو غدة: بل في كتاب " السنن" بعض أبواب لا تتعلق أصالة بالأحكام نحو (الحروف والقراءات) و(الملاحم) و(السنة) وغيرها.
    يخالفونه، وأقر له أهل زمانه بالحفظ والتقدم فيه.
    قال الحافظ زكريا الساجي: كتاب الله أصل الإسلام، وكتاب أبي داود عهد الإسلام.
    قال الخطيب أبو بكر: يقال: إنه صنف كتابه " السنن " قديما، وعرضه على أحمد بن حنبل، فاستجاده، واستحسنه.
    ونقل أبو علي الغساني عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد قوله عن سنن أبي داود: إنه خير كتاب ألف في السنن بالأسانيد.(بذل المجهود في ختم سنن أبي داود)
    وقال السخاوي في ختمه على أبي داود بعد أن تحدث عن مهجه: ولذلك كله صار الكتاب حكماً بين أهل الإسلام، وفصلاً في موارد النزاع والخصام، فإليه يتحاكم المنصفون وبحكمه يرضى المحققون. بل كان جماعة من فقهاء المذاهب يحفظونه ويعتمدون مُحصَّله ومضمونه...
    شرطه:
    قال الإمام أبو داود في رسالته لأهل مكة: .. فإنكم سألتم أن أذكر لكم الأحاديث التي في " كتاب السنن"، أهي أصحُّ ما عرفتُ في الباب؟ ووقفت على جميع ما ذكرتم. فاعلموا أنه كذلك كله، إلا أن يكون قد روي من وجهين صحيحين، فأحدهما أقدمُ إسناداً، والآخر صاحبه أقومُ في الحفظ، فربما كتبت ذلك، ولا أرى في كتابي من هذا عشرةَ أحاديث... وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى.. فإذا لم يكن مسندٌ ضد المراسيل، ولم يوجد المسند، فالمرسل يُحتجُّ به وليس هو مثل المتصل في القوة. وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء، وإذا كان فيه حديثٌ منكرٌ بينت أنه منكر، وليس على نحوه في الباب غيره... وقد ألفته نسقاً على ما وقع عندي، فإن ذُكر لك عن النبي سنةٌ ليس مما خرجته، فاعلم أنه حديثٌ واه، إلا أن يكون في كتابي من طريقٍ آخر(1)، فإني لم أخرج الطرق، لأنه يكثر على المتعلم... وما كان في كتابي من حديثٍ فيه وهنٌ شديد فقد بينته(2)، ومنه ما لا يصح سنده، وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح(3)، وبعضها أصح من بعض...
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــ
    •(1)هذا الحصر منه رحمه الله ليس بجيد، فإنه لم يستوعب جميع الأحاديث الصحيحة
    •(2)قال الذهبي معلقا على كلام أبي داود: قلت: فقد وفى - رحمه الله - بذلك بحسب اجتهاده، وبين ما ضعفه
    شديد، ووهنه غير محتمل، وكاسر - أي غضَّ - عن ما ضعفه خفيف محتمل، فلا يلزم من سكوته -والحالة هذه - عن الحديث أن يكون حسنا عنده، ولا سيما إذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولد الحادث، الذي هو في عرف السلف يعود إلى قسم من أقسام الصحيح، الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء، أو الذي يرغب عنه أبو عبد الله البخاري، ويمشيه مسلم، وبالعكس، فهو داخل في أداني مراتب الصحة، فإنه لو انحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج، ولبقي متجاذبا بين الضعف والحسن، فكتاب أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان، وذلك نحو من شطر الكتاب، ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين، ورغب عنه الآخر، ثم يليه ما رغبا عنه، وكان إسناده جيدا، سالما من علة وشذوذ، ثم يليه ما كان إسناده صالحا، وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعدا، يعضد كل إسناد منهما الآخر، ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه.
    فمثل هذا يمشيه أبو داود، ويسكت عنه غالبا، ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه، فهذا لا يسكت عنه، بل يوهنه غالبا، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته، والله أعلم.
    قال ابن حجر في النكت: وفي قول أبي داود:"وما كان فيه وهنٌ شديد بينته" ما يفهم أن الذي يكون فيه وهنٌ غير شديد أنه لا يبينه.
    •(3)مسألة ما سكت عنه أبو داود ستأتي لا حقاً.
    قال صديق حسن خان في الحطة بعد نقله كلام أبي داود: واشتمل هذا الكلام على خمسة أنواع:
    الأول: الصحيح، ويجوز أن يريد به الصحيح لذاته.
    والثاني: شبهه، ويمكن أن يريد به الصحيح لغيره.
    والثالث: ما يقاربه، ويحتمل أن يريد به الحسن لذاته.
    والرابع: الذي فيه وهنٌ شديد.
    وقوله: ما لا، يفهم منه الذي فيه وهنٌ ليس بشديد فهو قسم خامس.
    فإن لم يعتضد كان صالحاً للاعتبار فقط، وإن اعتضد صار حسناً لغيره، أي للهيئة المجموعة للاحتجاج وكان قسماً سادساً. انتهى من حاشية البقاعي على شرح الألفية.
    قال الإمام ابن طاهر المقدسي في "شروط الأئمة الستة"(ص88): وأما أبو داود فمن بعده فإن كتبهم تنقسم على ثلاثة أقسام:
    •1- القسم الأول: صحيح؛ وهو الجنس المخرج في هذين الكتابين للبخاري ومسلم، فإن أكثر ما في هذه الكتب مخرج في هذين الكتابين، والكلام عليه كالكلام على الصحيحين فيما اتفقا عليه واختلفا فيه.
    •2-والقسم الثاني: صحيح على شرطهم، حكى أبو عبد الله بن منده أن شرط أبي داود والنسائي: (إخراج
    أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم، إذا صح الحديث باتصال الإسناد من غير قطع ولا إرسال)، ويكون هذا القسم من الصحيح...
    قلت: قال الحافظ ابن حجر: المراد إجماعاً خاصاً، وذلك أن كل طبقة لا تخلو من متشدد ومتوسط ..فإذا أجمع أصحاب الطبقة الواحدة على ترك رجل ٍ تركاه، وإن اختلفوا فيه خرجا حديثه.
    •3-والقسم الثالث: أحاديث أخرجوها للضدية في الباب المتقدم، وأوردوها لا قطعاً منهم بصحتها، وربما أبان المخرِّج لها عن علتها بما يفهمه أهل المعرفة. فإن قيل: لم أودعوها كتبهم ولم تصح عندهم؟ فالجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: رواية قومٍ لها واحتجاجهم بها، فأوردوها وبينوا سقمها لتزول الشبه.
    والثاني: أنهم لم يشترطوا ما ترجمه البخاري ومسلم على ظهر كتابيهما من التسمية بالصحة، فإن البخاري قال: ما أخرجت في كتابي إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول. ومسلم قال: ليس كل حديث صحيح أودعته هذا الكتاب، وإنما أخرجت ما أجمعوا عليه. ومن بعدهم لم يقولوا ذلك، فإنهم كانوا يخرجون الشيء وضدَّه.
    والثالث: أن يقال لقائل هذا الكلام: رأينا الفقهاء وسائر العلماء يوردون أدلة الخصم في كتبهم، مع علمهم أن ذلك ليس بدليل، فكان فعلهما - يعني أبا داود والنسائي- هذا كفعل الفقهاء، والله أعلم.
    وقال الحازمي في "شروط الأئمة الخمسة "(ص150) بعد أن ذكر مذهب من يخرج الصحيح: .. وهذا باب فيه غموض، وطريقه معرفة طبقات الرواة عن راوي الأصل ومراتب مداركهم. ولنوضح ذلك بمثال، وهو أن تعلم أن أصحاب الزهري مثلا على طبقات خمس، ولكل طبقة منها مزية على التي تليها وتفاوت. فمن كان في الطبقة الأولى فهو الغاية في الصحة، وهو غاية مقصد البخاري والطبقة الثانية شاركت الأولى في العدالة، غير أن الأولى جمعت بين الحفظ والإتقان وبين طول الملازمة للزهري، حتى كان فيهم من يُزامله في السفر ويُلازمه في الحضر، والطبقة الثانية لم تلازم الزهري إلا مدة يسيرة فلم تمارس حديثه، وكانوا في الإتقان دون الطبقة الأولى، وهم شرط مسلم. والطبقة الثالثة: جماعة لزموا الزهري مثل أهل الطبقة الأولى، غير أنهم لم يسلموا من غوائل الجرح، فهم بين الرد والقبول، وهو شرط أبي داود والنسائي.
    وقال أيضاً في(ص167): وأما أبو داود ومن بعده فهم متقاربون في شروطهم، فلنقتصر على حكاية قول واحد منهم، والباقون مثله، .. ثم ذكر كلام أبي داود في رسالته إلى أهل مكة، ثم قال: وقد روِّينا عن أبي بكر بن داسه أنه قال: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله خمس مئة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمَّنت هذا الكتاب، جمعت فيه أربعة آلاف حديث وثمان مئة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه وما يقاربه. وذكر تمام الكلام.
    قال أبو عبيد الآجري: وكان أبو داود لا يحدث عن ابن الحماني، ولا عن سويد، ولا عن ابن كاسب، ولا عن محمد بن حميد، ولا عن سفيان ابن وكيع.
    منهجه:
    قد أبان أبو داود رحمه الله عن منهجه في كتابه"السنن"، في رسالته إلى أهل مكة، ويمكن أن يلخص منهجه في النقاط التالية:
    1-يخرج أصح ما عرف.
    2-يخرج الإسناد العالي وإن كان ضعيفا، ويترك الأصح لنزوله.
    3-لم يورد في الباب إلا حديثا أو حديثين، طلباً للاختصار وقرب المنفعة.
    4-لا يعيد الحديث إلا إذا كان فيه زيادة كلمة أو نحوها.
    5-قد يختصر الحديث الطويل، لأنه لو كتبه بطوله لم يعلم من سمعه المراد منه، ولا يفهم موضع الفقه منه.
    6-إذا لم يجد حديثاً مسنداً متصلاً في الباب فإنه يحتج بالمرسل( قال: وليس هو مثل المتصل في القوة)
    7-لا يخرّج عن المتروك (المجمع على تركه).
    8-يبين الحديث المنكر ويورده إذا لم يجد في الباب غيره.
    9-ألفه على نسق واحد حسب ما اقتضاه نظره.
    10-ما كان في كتابه من حديث فيه وهنٌ شديد فقد بينه.
    11-ما سكت عنه فهو صالح، وبعضه أصح من بعض.
    قلت: ومما يمكن أن نضيفه مما ذكره السخاوي في "بذل المجهود في ختم سنن أبي داود" مع بعض الإضافات التي أضفتها:
    1-أنه يورد الأحاديث على أحسن ترتيب وأبدع نظام، وقد أشبه صنيعه صنيع الإمام مسلم في الحرص على تمييز ألفاظ الشيوخ في الصيغ والأنساب، فضلاً عن ألفاظ المتون التي هي المقصود الأهم.
    2-إذا روى عن الحارث بن مسكين يقول: قرئ عليه وأنا شاهد؛ لكونه لم يقصده بالإسماع.(رقم3288م ثلا)
    3-وإذا سمع من شيخٍ حديثاً وفاتته منه كلمة أو نحوها، كابن في الإسناد نبه على ذلك، وأن بعض أصحابه أفهمه إياها عن ذلك الشيخ.
    4-ونحوه إذا سمع الحديث من شيخين له وكان له عن أحدهما أضبط، نبه عليه في أمثلة لذلك من هذا النمط.
    وقد شابه البخاري في إيضاح بعض غريب الألفاظ، كقوله: سمعت أحمد بن شبويه، يقول: قال النضر بن شميل: إنما يسمى الإهاب ما لم يدبغ، فإذا دبغ يقال: شنُّ أو قِربة.(رقم4128)، وكوله في بناء عثمان المسجد النبوي بالقَصَّة عي الجبس.(رقم451)، وفي الاستحداد: هو حلق العانة (رقم4201) قلت: ومثال آخر: قوله عقب حديث: " فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلا العشر... " قال أبو داود: (البعل ما شرب بعروقه ولم يتعن في سقيه وقال قتادة: البعل من النخل مران.)
    5-وقد يذكر أقوال السلف في المسألة وينسبها إلى أصحابها، كقوله في المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها: وهو قول الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء ومكحول وإبراهيم وسالم والقاسم.(رقم281)
    6-يسمي الرواة المشهورين بالكنى، ويكني المشهورين بأسمائهم، ويعين المهمل والمبهم مثاله: قوله عقب حديث:" سيأتيكم ركيب مبغضون فإذا جاءوكم فرحبوا بهم..."الحديث. قال أبو داود: أبو الغصن: هو ثابت بن قيس بن غصن. وكذا قوله في أبي الحسن - شيخٍ لشعبة- : هو مهاجر(رقم401)، وقوله في سليمان: يعني ابن موسى (رقم4564)
    7-وربما يورد الحديث معلقاً، كقوله: قال عمر رضي الله عنه:"حصير البيت خيرٌ من امرأةٍ لا تلد"(رقم3922).
    8-يذكر بعض الفوائد التي تتعلق بالأحاديث، مثاله: لما نقل في باب بئر بضاعة عن شيخه قتيبة بن سعيد أنه قال له: سألت قيِّم بئر بضاعة عن عمقها، قال: أكثر ما يكون الماء فيها إلى العانة، فإذا نقص فدون العورة، قال عقبه: وقدَّرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليه ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان وأدخلني إليه: هل غُيِّر بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا، ورأيت فيها ماءاً متغير اللون.
    قلت: ومما يمكن أن نضيفه مما لم يذكره أبو داود ولا السخاوي:
    1- أنه يبين علة الحديث إن وجدت، وينبه على الانقطاع ونحوه، مثاله: قال في كتاب الزكاة: حدثنا أيوب بن محمد الرقي ثنا محمد بن عبيد ثنا إدريس بن يزيد الأودي عن عمرو بن مرة الجملي عن أبي البختري الطائي عن أبي سعيد الخدري يرفعه إلى قال: " ليس فيما دون خمسة أوسق زكاة " والوسق ستون مختوما، قال أبو داود: أبو البختري لم يسمع من أبي سعيد. وكذا ما قاله عقب (حديث 1604): قال أبو داود: وسعيد لم يسمع من عتاب شيئا.
    2- ينبه أحياناً على المحفوظ والشاذ، مثاله: (حديث1612) حدثنا يحيى بن محمد بن السكن ثنا محمد بن جهضم ثنا إسماعيل بن جعفر عن عمر بن نافع عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال: فرض رسول الله زكاة الفطر صاعا فذكر بمعنى مالك زاد والصغير والكبير وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، قال أبو داود: رواه عبد الله العمري عن نافع بإسناده قال: على كل مسلم ورواه سعيد الجمحي عن عبيد الله عن نافع قال فيه من المسلمين والمشهور عن عبيد الله ليس فيه " من المسلمين " ومثاله أيضاً ما قاله عقب (حديث1616): حديث أبي سعيد الخدري قال: كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعا من طعام أوصاعا من أقط أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب... الحديث. قال أبو داود رواه ابن علية وعبدة بن سليمان وغيرهما عن ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام عن عياض عن أبي سعيد بمعناه وذكر رجل واحد فيه عن ابن علية " أو صاعا من حنطة " وليس بمحفوظ .
    3- أحيانا يذكر بعض العجائب التي يراها فيما يتعلق ببعض الأحاديث، مثال ذلك ما ذكره في كتاب الزكاة: باب صدقة الزرع (حديث1599): قال أبو داود: (شبرت قثاءة بمصر ثلاثة عشر شبرا، ورأيت أترجة على بعير بقطعتين قطعت وصيرت على مثل عدلين.)
    ما سكت عنه أبو داود:
    خلاصة كلام العلماء في المسألة: هل يعني صالح للاحتجاج أو صالح للاعتبار؟
    هناك طائفة من العلماء يرون أنه صالح للاحتجاج، ولذلك فإنهم يوردون حديثا سكت عنه أبو داود في سننه يقولون: هذا حديث أقل أحواله أنه حسن، لأن أبا داود سكت عنه، ونحو ذلك من العبارات، مثاله: قال الإمام الزركشي في" المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر"(ص57) عن حديث ]لا تجتمع أمتي على ضلالة[: سكت عنه أبو داود فهو حجة عنده.
    وهناك طائفة يرون أن ما سكت عنه فهو صالح للاعتبار، ومثال ذلك: قال الذهبي في الميزان في ترجمة إبراهيم بن سعيد المدني: له حديثٌ واحد في الإحرام، أخرجه أبو داود وسكت عنه، فهو مقارب الحال.(ومقارب الحال من أدنى درجات التعديل )
    وقد بين ابن حجر أن ما سكت عنه أبو داود على أقسام، فقال في النكت(1/435): ومن هنا يتبين أن جميع ما سكت عليه أبو داود لا يكون من قبيل الحسن الاصطلاحي. بل هو على أقسام:
    •1-منه ما هو في الصحيحين أو على شرط الصحة.
    •2-ومنه ما هو من قبيل الحسن لذاته.
    •3-ومنه ما هو من قبيل الحسن إذا اعتضد. (الحسن لغيره)
    •4-ومنه ما هو ضعيف، لكنه من رواية من لم يجمع على تركه غالباً.
    وكل هذه الأقسام عنده - يعي أبا داود- تصلح للاحتجاج بها. كما نقل ابن منده عنه أنه يخرج الحديث الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره وأنه أقوى عنده من رأي الرجال. وكذا قال ابن عبد البر: " كل ما سكت عليه أبو داود فهو صحيح عنده لا سيما إن لم يذكر في الباب غيره".
    تنبيه: الأحاديث التي سكت عنها أبو داود وفيها ضعف شديد قليلة جدا.
    تنبيه آخر: قال السخاوي في بذل المجهود بعد أن ذكر روايات السنن والاختلاف بينها: وحينئذٍ فينبغي التوقف في نسبة السكوت إليه إلا بعد الوقوف على جميعها، كما أنه لا ينسب للترمذي القول بالتحسين أو التصحيح أو نحو ذلك، إلا بعد مراجعة عدة أصول لاختلاف النسخ في ذلك،
    الكتب التي اعتنت بسنن أبي داود:
    1ً- الشروح:
    •1-معالم السنن لأبي سليمان حمد الخطابي.
    •2-مختصر سنن أبي داود لعبد العظيم بن عبد القوي المنذري.
    •3-تهذيب السنن لشمس الدين ابن قيم الجوزية.( وثلاثتها مطبوعة بتحقيق: أحمد شاكر ومحمد حامد فقي)
    •4-وشرح النووي قطعة منه.
    •5-وكذا شرح قطعة منه علاء الدين مغلطاي.
    •6-وشرح جزءاً منه ولي الدين العراقي (كشف الظنون 1/1005).
    •7-وشرح زوائده على الصحيحين سراج الدين ابن الملقن.
    •8-عون المعبود شرح سنن أبي داود، لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي.
    •9-وللآبادي أيضاً: غاية المقصود في حل سنن أبي داود، وهو أصل الكتاب المتقدم في مجلد واحد (توقف عنه خشية الإطالة ثم كتب عون المعبود).
    •10-بذل المجهود في حل أبي داود، لخليل أحمد السهارنفوري.
    2ً-المستخرجات: عمل عليه مستخرجا:
    •1-محمد بن عبد الملك بن أيمن الأندلسي.
    •2-أبو بكر أحمد بن علي بن إبراهيم الأصبهاني.
    •3-قاسم بن أصبغ القرطبي.
    3ً-ترجم لرجاله:
    •1-أبو علي الجياني ( على ما ذكره السخاوي).
    •2-محمد بن طاهر المقدسي في كتابه" مشايخ أبي داود".
    •3-محمد بن إسماعيل الأزدي ابن خلفون في كتابه "شيوخ أبي داود" (ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب1/61).
    •4-أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر في كتابه"المعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل"
    •5-أبو محمد بن عبد الغني المقدسي في كتابه" الكمال في أسماء الرجال"
    •6-أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي في " تهذيب الكمال في أسماء الرجال"
    4ً-خرج أحاديثه:
    خرج أحاديثه تخريجاً موسعاً الشيخ الألباني في كتابه "صحيح سنن أبي داود وضعيف سنن أبي داود" - لكنه لم يكمله-، وحكم على أحاديثه أحكاماً مختصرة في كتابيه المختصرين: "صحيح سنن أبي داود" و"ضعيف سنن أبي داود"
    5ً- من الدراسات حول سنن أبي داود:
    •1-أبو داود وجهوده في الحديث، رسالة لـ عبد الوهاب السامرائي.
    •2-ما سكت عنه أبو داود، لـ عبد الحميد أزهر الهندي.
    •3-ما سكت عنه أبو داود مما في إسناده ضعف، رسالة ماجستير
    •4-أبو داود وأثره في علم لحديث، رسالة لـ معوض بلال العوفي.
    •5-أبو داود حياته وسننه، لـ محمد لطفي الصباغ.
    •6-المتروكون ومروياتهم في سنن أبي داود (رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة أم القرى عام 1396هـ)
    وغيرها من الكتب والأبحاث.
    المصادر:
    1- رسالة أبي داود إلى أهل مكة، وشروط الأئمة الستة لابن طاهر المقدسي، وشروط الأئمة الخمسة: ثلاثتها بتحقيق أبي غدة.2 - النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر العسقلاني. 3- بذل المجهود في ختم سنن أبي داود، للإمام السخاوي، ط: مؤسسة الرسالة. 4- الحطة في ذكر الصحاح الستة لصديق حسن خان.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الدولة
    (غـزَّة - فلسطين).
    المشاركات
    178

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    جهد مشكور أخي ( عبد الله السني ) جزاك الله خيراً .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود الغزي مشاهدة المشاركة
    جهد مشكور أخي ( عبد الله السني ) جزاك الله خيراً .
    حياكم الله أخي الحبيب في الله (محمود الغزي) .. وحفظكم الله .. ونفع الله بكم .. وجزاكم بمثله وأفضل ..
    وأسأله جل وعلا الإخلاص في القول والعمل .. إنه على كل شيء قدير ..
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    منهج الإمام الترمذي في جامعه (1/2)
    1ً-ترجمة الإمام الترمذي:
    اسمه ونسبه ومولده:
    هو الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى السُّلمي الترمذي
    والترمذي: نسبة إلى "تِرْمِذ" - بكسر التاء - مدينة مشهورة
    ولد رحمه الله سنة 209هـ
    طلبه للعلم وشيوخه وتلامذته:
    بدأ رحمه الله طلب العلم في سن مبكرة؛ فمن أقدم شيوخه: أبو جعفر محمد بن جعفر السِّمناني(توفي قبل220هـ) فيكون عمر الترمذي آنذاك أقل من عشر سنين، ثم إنه بعد أن تلقى العلم عن أهل بلده رحل وطوّف في البلاد؛ قال الذهبي في السير:" ارتحل فسمع بخراسان والعراق والحرمين، ولم يرحل إلى مصر والشام"
    ويرجح الدكتور أكرم ضياء العمري في بحثه"تراث الترمذي العلمي" أن الترمذي دخل بغداد ولكن كان ذلك بعد وفاة الإمام أحمد بن حنبل - إذ إن الترمذي لم يسمع من الإمام أحمد-
    ومن أشهر الشيوخ الذين تلقى الترمذي عنهم وسمع الحديث منهم:
    1-قتيبة بن سعيد الثقفي البغلاني (ت240هـ) وهو أحد شيوخ أصحاب الكتب الستة.
    2-علي بن حُجر المروزي (ت244هـ)
    3-محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ) وهو من أهم شيوخه.
    4-محمد بن بشار البصري الملقب بندار (252هـ)
    5-محمد بن المثنى البصري العنزي الملقب بـ (الزمِن) (ت252هـ)
    6- أحمد بن منيع البغوي الحافظ (ت244هـ)
    7-محمود بن غيلان المروزي (239هـ)
    8-عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي الحافظ (255هـ)
    9-إسحاق بن راهويه (238هـ)
    وقد تلقى العلم عن الإمام الترمذي خلق كثير، من أشهرهم:
    1-أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي المروزي.
    2-أبو سعيد الهيثم بن كُليب الشاشي.
    3-أبو ذر محمد بن إبراهيم الترمذي.
    4-أبو محمد الحسن بن إبراهيم القطان.
    5-أبو حامد أحمد بن عبد الله المروزي التاجر.
    منزلته عند العلماء:
    قال الترمذي قال لي محمد بن إسماعيل : ما انتفعت بك أكثر مما انتفعت بي.
    قال المزي: "أحد الأئمة الحفاظ المبرزين، ومن نفع الله به المسلمين"
    وقال الذهبي في السير: الحافظ العلم الإمام البارع، وقال أيضا: جامعه قاضٍ له بإمامته وحفظه وفقهه.
    وقال ابن كثير: هو أحد أئمة هذا الشأن في زمانه وله المصنفات المشهورة..
    وأما عن وصف ابن حزم له بأنه مجهول، فقد رد الأئمة عليه وخطؤوه في ذلك، قال الذهبي في ميزان الاعتدال: "ثقة مُجمعٌ عليه، ولا التفات إلى قول أبي محمد بن حزم فيه ..فإنه ما عرفه ولا درى بوجود الجامع، ولا العلل اللذَين له"
    وذكر في السير في ترجمة ابن حزم أن جامع الترمذي وسنن ابن ماجه لم يدخلا الأندلس إلا بعد موته.
    وكذا ردّ عليه ابن كثير في البداية والنهاية، وكذا ردّ عليه ابن حجر
    صفاته:
    -كان عالماً عاملاً ورعاً زاهداً، قال الحافظ عمر بن أحمد بن علَّك المروزي: مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والزهد؛ بكى حتى عمِيَ.
    - وكان من أبرز صفاته التي عُرف بها: قوة الحفظ، فقد كان حافظاً بارعاً.
    - يُقال: أنه وُلد أعمى والصواب أنه أضرَّ في آخر عمره، ذكره الذهبي وابن كثير.
    بعض مؤلفاته:
    •1-الجامع، وهو أشهر مؤلفاته.
    •2- العلل الصغير، وقد اختلف فيه هل هو من كتب الجامع أو هو كتاب مستقل، والأشهر أنه من الجامع، وأنه كتبه كالخاتمة لكتاب الجامع.
    •3-كتاب العلل الكبير
    •4-الشمائل المحمدية.
    •5-تسمية أصحاب رسول الله .
    •6-كتاب الزهد.
    •7-كتاب الأسماء والكنى.
    •8-كتاب التفسير.
    •9-كتاب التاريخ.
    وفاته:
    توفي في ترمذ، في 13/ رجب/ 279هـ
    مصادر الترجمة: الثقات لابن حبان، الأنساب للسمعاني، وفيات الأعيان لابن خلكان، سير أعلام النبلاء للذهبي(13/273)، تذكرة الحفاظ للذهبي، تهذيب الكمال للمزي، تهذيب التهذيب (9/389)، البداية والنهاية، مقدمة تحفة الأحوذي، تراث الترمذي العلمي لأكرم ضياء العمري.
    2ً- جامع الترمذي:
    اسم الكتاب:
    وجد على بعض النسخ الخطية الجيدة للكتاب تسميته بـ" الجامع المختصر من السنن عن رسول الله ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل" ، ويسمى اختصارا: " الجامع"
    وهناك تسميات غير دقيقة، منها: " السنن" وهي تسمية غير دقيقة؛ لأن جامع الترمذي يتضمن أبواباً كثيرة غير الأحكام، كالتفسير والعقائد والمناقب والفتن وغيرها.
    وسماه الخطيب: "صحيح الترمذي" كما نص على ذلك السيوطي في تدريب الراوي، وأطلق عليه الحاكم "الجامع الصحيح" وهو الاسم الموجود على طبعة الشيخ أحمد شاكر للترمذي، وهذا الاسم غير صحيح، لأن الكتاب في الصحيح والحسن والضعيف والمنكر والشديد الضعف بل والموضوع.
    ومنهم من سماه "الجامع الكبير" كما ذكر الكتاني في "الرسالة المستطرفة"
    (ينظر: رسالة" تحقيق اسمي الصحيحين وجامع الترمذي" لعبد الفتاح أبي غدة).
    السبب الباعث على تأليف الكتاب:
    قال الإمام الترمذي في العلل: وإنما حملنا على ما بينا في هذا الكتاب - أي الجامع- من قول الفقهاء وعلل الحديث، لأنا سئلنا عن هذا فلم نفعله زماناً، ثم فعلناه لما رجونا فيه منفعة الناس..
    عدد أحاديث الكتاب:
    عدد أحاديث الكتاب ثلاث آلاف وتسع مئة وست وخمسون حديثاً
    وعنده ثلاثي واحد: (حديث رقم2260)، قال رحمه الله: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ابن بنت السدي الكوفي، حدثنا عمر بن شاكر عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله :]يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر[
    قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه و عمر بن شاكر شيخ بصري قد روى عنه غير واحد من أهل العلم.
    قلت: وعمر بن شاكر ضعيف كما في التقريب، لكن للحديث شواهد يتقوى بها، وقد حكم الشيخ الألباني بصحته في صحيح سنن الترمذي.
    رواة الجامع: لجامع الترمذي رواة كثر أذكر أشهرهم:
    •1-أبو حامد: أحمد بن محمد التاجر المروزي.
    •2-أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي.
    •3-أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي.
    •4-أبو ذر محمد بن إبراهيم بن محمد الترمذي.
    •5-أبو محمد الحسن بن إبراهيم القطان.
    ثناء أهل العلم على هذا الكتاب:
    قال الإمام الترمذي: صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان، فرضوا به. ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم.(تذكرة الحفاظ2/634)
    قال الذهبي في السير: قال ابن طاهر: وسمعت أبا إسماعيل يقول: كتاب أبي عيسى الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم. قلت: ولم ؟ قال، لأنهما لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من يكون من أهل المعرفة التامة، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه، وبينها، فيصل إلى فائدته كل فقيه وكل محدث
    قال ابن الأثير في جامع الأصول(1/114): كتاب الصحيح - أي الترمذي- أحسن الكتب وأكثرها فائدة وأحسنها ترتيباً وأقلها تكراراً، فيه ما ليس في غيره من ذكر المذاهب ووجه الاستدلال وتبيين أنواع الحديث والحسن والغريب..
    وقال الذهبي في السير(13/276): جامعه قاضٍ بإمامته وحفظه وفقهه وفيه علم نافع وفوائد غزيرة...إلخ
    قال الدهلوي في بستان المحدثين: تصانيف الترمذي كثيرة وأحسنها هذا الجامع الصحيح، بل هو من بعض الوجوه والحيثيات أحسن من جميع كتب الحديث:
    1-من جهة حسن الترتيب، والاختصار، وعدم التكرار.(فليس فيه سوى مئة حديث مكرر فقط)
    2-ومن جهة ذكر مذاهب الفقهاء ووجه الاستدلال لكل أحد من المذهب.
    3-ومن جهة بيان أنواع الحديث من الحسن والصحيح والضعيف... والغريب والمعل.
    4-ومن جهة بيان أسماء الرواة وألقابهم وكناهم ونحوها من الفوائد المتعلقة بعلم الرجال..
    قال ابن العربي: وليس فيها مثل كتاب أبي عيسى حلاوة مقطع.
    شرط الترمذي في جامعه:
    أبان رحمه الله أن قصده جمع الأحاديث التي يستدل بها الفقهاء، فقال رحمه الله في أول كتاب العلل: جميع ما في هذا الكتاب من الحديث فهو معمولٌ به وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حديثين حديث ابن عباس أن النبي جمع بين الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطرٍ. وحديث النبي أنه قال إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه. وقد بينا علة الحديثين جميعا في الكتاب.
    وقال الإمام ابن طاهر المقدسي في "شروط الأئمة الستة"(ص88): وأما أبو داود فمن بعده فإن كتبهم تنقسم على ثلاثة أقسام:
    •1-القسم الأول: صحيح؛ وهو الجنس المخرج في هذين الكتابين للبخاري ومسلم، فإن أكثر ما في هذه الكتب مخرج في هذين الكتابين، والكلام عليه كالكلام على الصحيحين فيما اتفقا عليه واختلفا فيه.
    •2-والقسم الثاني: صحيح على شرطهم، حكى أبو عبد الله بن منده أن شرط أبي داود والنسائي: (إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم، إذا صح الحديث باتصال الإسناد من غير قطع ولا إرسال)، ويكون هذا القسم من الصحيح...
    قلت: قال الحافظ ابن حجر: المراد إجماعاً خاصاً، وذلك أن كل طبقة لا تخلو من متشدد ومتوسط ..فإذا أجمع أصحاب الطبقة الواحدة على ترك رجل ٍ تركاه، وإن اختلفوا فيه خرجا حديثه.
    •3-والقسم الثالث: أحاديث أخرجوها للضدية في الباب المتقدم، وأوردوها لا قطعاً منهم بصحتها، وربما أبان المخرِّج لها عن علتها بما يفهمه أهل المعرفة... ثم قال: وأما أبو عيسى الترمذي فكتابه وحده على أربعة أقسام:
    •1-قسم صحيح مقطوع به، وهو ما وافق فيه البخاري ومسلم.
    •2-وقسم على شرط الثلاثة دونهما كما بينَّا.
    •3-وقسم أخرجه للضدية، وأبان عن علته ولم يغفله.
    •4-وقسم رابع أبان هو عنه، فقال: ما أخرجت في كتابي هذا إلا حديثاً قد عمل به بعض الفقهاء. وهذا شرط واسع..
    وقال الحازمي في "شروط الأئمة الخمسة "(ص150) بعد أن ذكر مذهب من يخرج الصحيح: .. وهذا باب فيه غموض، وطريقه معرفة طبقات الرواة عن راوي الأصل ومراتب مداركهم. ولنوضح ذلك بمثال، وهو أن تعلم أن أصحاب الزهري مثلا على طبقات خمس، ولكل طبقة منها مزية على التي تليها وتفاوت. فمن كان في الطبقة الأولى فهو الغاية في الصحة، وهو غاية مقصد البخاري و... والطبقة الرابعة: قوم شاركوا أهل الطبقة الثالثة في الجرح والتعديل وتفردوا بقلة ممارستهم لحديث الزهري، لأنهم لم يصاحبوا الزهري كثيراً، وهو شرط أبي عيسى الترمذي. وفي الحقيقة شرط الترمذي أبلغ من شرط أبي داود، لأن الحديث إذا كان ضعيفاً أو مطلعه من حديث أهل الطبقة الرابعة، فإنه يبين ضعفه وينبِّه عليه، فيصير الحديث عنده من باب الشواهد والمتابعات، ويكون اعتماده على ما صح عند الجماعة، وعلى الجملة: فكتابه مشتمل على هذا الفن، فلهذا جعلنا شرطه دون شرط أي داود.
    قال ابن رجب: أحاديث الكتاب فيها الصحيح، والحسن الذي فيه بعض الضعف، والغريب، والغرائب عنده في بعضها مناكير، ولا سيما في كتاب الفضائل، ولكنه غالباً ما يبين ذلك ولا يسكت عليه.
    وقال أيضاً: وهو يخرج عن الثقة، ومن يهم قليلاً، ومن يهم كثيراً، ويخرج عن المتهم بالكذب. ثم قال: لكنني لم أجد حديثاً عن راوٍ متهم بالكذب متفق على اتهامه ليس له إلا طريقاً واحدة، من ذلك حديث كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده: " الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً " كثير بن عبد الله الكثيرون على اتهامه بالكذب، لكن البخاري قواه،ثم إن الحديث له طرقاً كثيرة... فلم يتفرد به كثير.
    منهج الترمذي في جامعه:
    •1-قسم الترمذي جامعه إلى كتب وعددها (51)كتاباً، بدأها بكتاب الطهارة وختمها بكتاب المناقب، وألحق بالجامع كتاباً سماه "العلل الصغير" ثم قسم الكتاب إلى أبواب، جعل في كل باب أحاديث، يختلف عددها من باب لآخر، فإذا كانت في أبواب الطهارة فإنه يقتصر - في الغالب - على حديث أو اثنين أو ثلاثة، أما في الكتب المتأخرة فإنه يذكر تحت الباب أحاديث كثيرة.
    •2-جعل أبواب كتابه تحمل عناوين المسائل التي روى الأحاديث من أجلها.
    •3-يتبع الأحاديث التي يوردها بأقوال الفقهاء في المسألة التي تضمنها الحديث.
    •4-يتكلم على درجة الحديث ورجال الإسناد، وما اشتمل عليه الإسناد من علل.
    •5-يبين ما إذا كان العمل على هذا الحديث أولا.
    •6-يذكر ما للحديث من طرق.
    •7- قال ابن طاهر في شروط الأئمة في معرض كلامه عن جامع الترمذي: وكان من طريقته رحمة الله عليه أن يترجم الباب الذي فيه حديث مشهور عن صحابي قد صح الطريق إليه، وأُخرج من حديثه في الكتب الصحاح، فيورد في الباب ذلك الحكم من حديث صحابي آخر لم يخرجوا حديثه، ولا تكون الطريق إليه كالطريق الأول، وإن كان الحكم صحيحاً، ثم يتبعه بقوله: (وفي الباب عن فلان وفلان)، ويعُدَّ جماعة فيهم ذلك الصحابي المشهور وأكثر، وقلما يسلك هذه الطريقة إلا في أبواب معدودة، والله أعلم.
    تنبيه:
    1- هذا الترتيب الذي مشى عليه الترمذي في جامعه ليس دائماً في كل باب، وإنما قد يخرج عنه.
    2-قول الترمذي: "وفي الباب" تنبيه إلى أنه:
    •1-لا يريد بذلك ذكر ما يشهد للحديث من اللفظ أو المعنى، وإنما همه ذكر ما في الباب من أحاديث، فقد يكون الحديث الذي يذكره بعد قوله: وفي الباب معارضا لحديث الباب، مثال: حديث الوضوء من لحم الإبل (رقم81)، قال:وفي الباب عن جابر: " كان آخر الأمر ترك الوضوء مما مست النار".
    •2- ليس كل ما ذكره مسنداً يكون أصح مما قال فيه: وفي الباب مثال- في باب رؤية الهلال، ذكر حديث ابن عباس"صوموا لرؤيته...." ثم قال: وفي الباب عن أبي هريرة وابن عمر. وحديث أبي هريرة وابن عمر في الصحيحين، بخلاف حديث ابن عباس.
    3-لم يرد المصنف بقوله: وفي الباب الاستيعاب، إنما أراد بذلك أنه يوجد أحاديث أخر.
    4-قد يقول: (وفي الباب) ثم يذكر نفس الصحابي، ماذا يريد من هذا؟ ج: يريد أن يشير إلى طرق حديث هذا الصحابي.
    ما يذكره الترمذي في الباب غير ما ذكر:
    •1-تسمية المبهمين والمهملين.
    •2-يذكر اختلاف الرواة في الأسانيد.
    •3-يذكر اختلاف الرواة في الألفاظ، مثاله: حديث ابن عمر: "صلاة الجماعة تفضل عن صلاة الفذ بسبع وعشرين". وبقية الصحابة "خمس وعشرين".
    •4-قد يشرح ما جاء في الحديث من غريب، مثال: حديث أبي هريرة (رقم121): "فانخنست" قال الترمذي: ومعنى قوله: فانخنست يعني: تنحيت عنه.
    •5-يسمي من ذكر بكنيته، مثل: أبو قلابة: عبد الله بن زيد الجرمي.
    الأشياء التي تضمنها العلل الصغير الملحق في آخر الجامع:
    •1-سبب تأليف الكتاب: أنه سئل عن تصنيف كتاب يجمع فيه أحاديث النبي ، فامتنع أولاً ثم لما رأى من قبله تكلف ما لم يسبق إليه شرع في الكتاب.
    •2-ذكر طريقته في الكتاب: يجمع بين فقه الحديث والعلل.
    •3-أنه ذكر حال الأحاديث: فبين فيه أنه لا يوجد حديثٌ في كتابه إلا وقد عمل به بعض الفقهاء خلا حديثين: - حديث ابن عباس: "أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر"- وحديث "إذا شرب الرابعة فاقتلوه"
    •4-ذكر طرقه وأسانيده إلى من ذكر أقوالهم في الجامع..(أحمد، الشافعي... ) بأسانيده.
    •5-ذكر حكم نقد الرجال: بين أن نقد الرجال الحامل عليه النصح لله ولرسوله، وذكر بعضاً ممن انتقد الرجال وتكلم فيهم.
    •6-ذكر أن رواية الثقة عن رجل ليست توثيقاً له، قال: لأنه وجد أناس من الثقات رووا عن بعض الضعفاء.
    •7-ذكر أقسام الرواة:
    أ- الثقات. ب- من يهم قليلاً. ج- من يهم كثيراً. د- المتهمون بالكذب.
    •8-حكم المرسل واختلاف العلماء في الاحتجاج به.
    •9-ذكر أنواع التحمل.
    •10-ذكر أنواع الغريب: - غريب مطلق، غريب نسبي، تفرد بعض الرواة بلفظ.
    •11-ذكر اختلاف الرواة في الشيخ.
    •12-ذكر أول من فتش في الأسانيد، وذكر بعض من تكلم في الرجال.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها" الأدب المفرد للبخاري / عن أنس

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    جهد مشكور
    وهل أجد من يدلني على مناهج أئمة الجرح والتعديل ، وبالتحديد منهج الذهبي في الكاشف
    وفقكم الله لكل خير

  15. #15

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    جزاك الله خيرًا وبارك الله فيك ............

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    334

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    جزاكم الله خيراً على هذا البحث الطيب

    هل أجد بحثاً أتى بأمثلة على مناهج المحدثين من كتبهم ؟

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    19

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    جزاك الله خيرا على هذا الجمع الطيب

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    334

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    هل أجد بحثاً أتى بأمثلة على مناهج المحدثين ؟

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    38

    افتراضي رد: سلسلة منـاهج المحـدثين

    سلسلة طيبة أخي الكريم بارك الله فيك

  20. #20

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •