بسم الله الرحمن الرحيمإخواني وأخواتي الفضلاء ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، كثيرا ما سمعنا بهذا الحديث العظيم ، ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم : (( المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة )) رواه مسلم .
فيتبادر إلى الأذهان ، أن تكون طول الرقبة مثل الزرافة مثلا ، وهذا شيء لا يرضاه أحد ، فبتالي يزهد في قيامه بالأذان ، كأنه يقول : لا أرضى أن تطول رقبتي بهذا الشكل المضحك ! .
وبهذا التفسير اللامعقول ذهب بعض شراح الحديث فلووا أعناق النصوص عن ظاهرها ، وفسروا الحديث لغير تفسيره الصحيح ، فمنهم من قال : أي يقصد به أكثر الناس عملا ، ومنهم من قال : إنما هو لعلو مكانهم ، ومنهم من قال وهو الصحيح : أن أعناقهم تطول حقيقة ، فكيف يكون هذا ؟ .
والجواب هو ولله الحمد والمنة ، لو أن دققنا في آخر لفظ الحديث ، لوجدنا الجواب فيه ، فطول الأعناق لا تكون في الجنة البتة ، وإنما يكون طولها في يوم القيامة فقط ، وكما هو معلوم بأن الأجساد يوم القيامة تفرز العرق الكثير ، وذلك على قدر الذنوب ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (( تدني الشمس يوم القيامة من الخلق ، حتى تكون منهم كمقدار ميل )) قال سليم بن عامر : فوالله ! ما أدري ما يعني بالميل ؟ أمسافة الأرض ، أم الميل الذي تكتحل به العين . قال : (( فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق . فمنهم من يكون إلى كعبيه . ومنهم من يكون إلى ركبتيه . ومنهم من يكون إلى حقويه . ومنهم من يلجمه العرق إلجاما )) قال : وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه ، نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة .
فيظفر بهذه الكرامة العظيمة ومن دون الخلق أجمعين هم المؤذنون وحدهم ، فيكون العرق تحتهم بعيدا عنهم ، إلى أن يدخلوا الجنة فيكونون أسوياء ، جعلنا الله وإياكم منهم ... اللهم آمين .