شهادة لا اله الا الله تساوى مطابقة -[فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ]- والعروة الوثقى هى شهادة لا اله الا الله-إذا قوله تعالى (اُعْبُدُوا اللَّهَ) إثبات، وفي قوله (وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) نفي،وهذا معنى التوحيد، وهو أنه مشتمل على إثبات ونفي، لا إلـه إلا الله؛ أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت؛ لأن النفي فيه اجتناب الطاغوت، وهو كل إلـه عُبد بالبَغي والظلم والعدوان، والإثبات؛إثبات العبادة لله وحده دون ما سواه، ففي قوله (اُعْبُدُوا اللَّهَ) التوحيد المثبت، وفي قوله (اجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) نفي الإشراك. فالنفى والاثبات الذى اشتملت عليه الاية مساوي تماما لكلمة التوحيد؛ بل هو دِلالة كلمة التوحيد فشهادة لا اله الا الله دلت بدلالة المطابقة والتضمن على الكفر بالطاغوت والايمان بالله فلا اله تساوى (اجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) والا الله تساوى اعبدوا الله-فهذه هى حقيقة دعوة الرسل وذبدة الرسالة المحمدية-، فهذه الشهادة أعظم كلمة قالها مكلَّف ولا شيء أعظم منها؛ وذلك لأن معناها هو الذي قامت عليه الأرض والسماوات، وما تعبَّد المتعبدون إلا لتحقيقها ولامتثالها.-------------------------الدعوة الى شهادة لا اله الا الله فى حقيقتها هى الدعوة الى الكفر بالطاغوت والايمان بالله
--
يقول شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله-
-
أرسل الله جميع الرسل : مبشرين ومنذرين،- وأولهم نوح عليه السلام وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم -وكل أمة : بعث الله إليها رسولاً، من نوح إلى محمد، يأمرهم بعبادة الله، ويناهم عن عبادة الطاغوت، والدليل قوله تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل 36 ] .
وافترض الله على جميع العباد : الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله،
--
ويقول شيخ الاسلام ايضا
----
: اعلم رحمك الله : أن أول
ما أوجب الله تعالى على عبده الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله
؛ والدليل قوله تعالى : ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم )[ البقرة
------
شهادة أن لا إله إلا الله،
يقتضي: أن يكون الشاهد، عالماً بأنه لا إله إلا الله؛ كما قال تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) [محمد: 19] قال: واسم الله مرتفع بعد: (إلا) من
حيث: أنه الواجب له الإلهية، فلا يستحقها غيره سبحانه؛ قال: وجملة الفائدة في ذلك، أن تعلم: أن هذه الكلمة، مشتملة على الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله، فإنك لما نفيت الإلهية، وأثبت الإيجاب لله تعالى، كنت ممن كفر بالطاغوت، وآمن بالله.-----------
ويقول ايضا
------------
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " وكفر بما يعبد من دون الله " فهذا: شرط عظيم ,
لا يصح قول
: لا إله إلا الله
إلا بوجوده
,
وأن لم يوجد
,
لم يكن من قال لا إله إلا الله, معصوم الدم , والمال
؛
لأن هذا هو معنى لا إله إلا الله؛
فلم ينفعه القول
,
بدون الإتيان بالمعنى؛ الذي دلت عليه , من ترك الشرك , والبراءة منه وممن فعله
,فإذا أنكر عبادة كل ما يعبد من دون الله، وتبرأ منه وعادى من فعل ذلك:
صار مسلما
, معصوم الدم , والمال؛
وهذا معنى
, قول الله تعالى:
(فمن يكفر بالطاغوت
ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) [البقرة: 256].
وقد قيدت لا إله إلا الله
, في الأحاديث الصحيحة
بقيود ثقال
,
لابد من الإتيان بجميعها
,
قولاً
,
واعتقاداً
,
وعملاً ,
فمن ذلك: حديث عتبان ,الذي في الصحيح " فإن
الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغى بذلك وجه الله " وفي حديث آخر: " صدقا من قلبه "، " خالصاً من قلبه " مستيقنا بها قلبه، غير شاك، فلا تنفع هذه الكلمة قائلها إلا بهذه القيود، إذا اجتمعت له، مع العلم بمعناها، ومضمونها كما قال تعالى: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) [الزخرف: 86] وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (فاعلم أنه لا إله إلا الله) [محمد: 19] فمعناها يقبل الزيادة، لقوة العلم، وصلاح العمل.
فلابد من العلم بحقيقة معنى هذه الكلمة
،
علماً ينافي الجهل
،
بخلاف من يقولها، وهو لا يعرف معناها
،
ولابد من اليقين،
المنافي للشك، فيما دلت عليه من التوحيد؛
ولابد من الإخلاص، المنافي للشرك
، فإن كثيرا من الناس يقولها، وهو يشرك في العبادة، وينكر معناها، ويعادي من اعتقده، وعمل به،
ولابد من الصدق، المنافي للكذب، بخلاف حال المنافق، الذي يقولها من غير صدق، كما قال تعالى: (يقولون بألسنتهم ماليس في قلوبهم) [الفتح: 11]
ولابد من القبول، المنافي للرد؛
بخلاف من يقولها، ولايعمل بها،
ولابد من المحبة، لما دلت عليه، من التوحيد، والإخلاص، وغير ذلك؛ والفرح بذلك، المنافي لخلاف هذين الأمرين،
ولابد من الانقياد بالعمل بها، ومادلت عليه مطابقة، وتضمنا، والتزاما؛ وهذا هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله دينا سواه
.
------------------------------------
ويقول شيخ الاسلام ايضا
----------------------
ولا إله إلا الله
:
إثبات العبادة لله وحده
،
والبراءة من كل معبود سواه
؛
وهذا معنى
:
الكفر بما يعبد من دونه؛ لأن معنى الكفر بما يعبد من دونه، البراءة منه، اعتقاد بطلانه
، وهذا معنى
الكفر بالطاغوت
، في قوله تعالى: (فمن
(ص313) يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) [البقرة: 256]. اعلم
أن لا إله إلا الله،
هى كلمة التقوى، والعروة الوثقى، وأصل دين الإسلام، ومفتاح دار السلام؛
قد دلت بمنطوقها، وموضوعها
،
على نفى استحقاق الإلهية عن غيره تعالى، والبراءة من كل معبود سواه
،
قولا
وفعلا
، وإثبات استحقاق الإلهية على وجه الكمال لله تعالى.
فالأول
: وهو النفى،
يستفاد من: لا، واسمها، وخبرها المقدر
؛
والإثبات:
يستفاد من الاستثناء؛ لأن الإثبات بعد النفى المتقدم، أبلغ من الإثبات بدونه
، وهذه طريقة القرآن، يقرن بين النفى والإثبات غالباً، كما في هذا الموضع،
لأن المقصود لا يحصل إلا بهما
، قال تعالى: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله) [البقرة: 256] وقال: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) [النحل: 36] وقال: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) [الإسراء: 23]
[ الدرر السنية فى الاجوبة النجدية]
ويقول الشيخ عبد اللطيف فى مصباح الظلام-، وكل من عقل عن الله يعلم علماً ضرورياً أن المقصود من الشهادتين ما دلتا عليه من الحقيقة والمعنى ، وما اشتملتا عليه من العلم والعمل . وأما مجرد اللفظ من غير علم بمعناهما ولا اعتقاد لحقيقتهما فهذا لا يفيد العبد شيئاً ، ولا يخلصه من شعب الشرك وفروعه ، قال تعالى : { فاعلم أنه لا إله إلا الله } وقال : { إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } فالإيمان بمعناها والانقياد له لا يتصور ولا يتحقق إلا بعد العلم ، والحكم على الشيء فرع عن تصوره ، فإذا لم يعلم ولم يتصور فهو كالهاذي وكالنائم وأمثالهما ممن لا يعقل ما يقول ، بل لو حصل له العلم وفاته الصدق لم يكن شاهداً بل هو كاذب ، وإن أتى بهما صورة ، قال الله تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } فكذبهم في قيلهم ، ورد شهادتهم وشهد على كذبهم ، وأكد الحكم بإن المؤكدة ولام التعليق ، فهل يقول عاقل أنهم يشهدون بكلمتي الإخلاص ، ويعترفون بها ؟ وهل هذا القول إلا رد لكتاب الله وخروج عن سبيل المؤمنين ؟ فإنهم مجمعون على اعتبار ما دلت عليه الشهادتان من المعنى المراد ، وأنه هو المقصود ، ولم يقل أحد أن الإيمان مجرد اللفظ من غير عقيدة القلب وعلمه وتصديقه ، ومن غير عمل بمدلول الشهادتين ، وما سمعت أن أحداً قاله إلا طائفة من المتكلمين