تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: هل اللغة العربية مخلوقة ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,406

    افتراضي هل اللغة العربية مخلوقة ؟

    السؤال:
    هل اللغة العربية خلق من خلق الله ؟


    الجواب :
    الحمد لله
    هذه المسألة من المسائل المحدثات التي لم يتكلم فيها السلف ، وإنما خاض فيها الخلف واختلفوا ، فقيل : الأحرف والكلمات مخلوقة ، وقيل غير مخلوقة .
    والصواب :
    التفصيل في ذلك ؛ فلا يقال هي مخلوقة بإطلاق ، فيوهم ذلك أن القرآن مخلوق ، ولا يقال غير مخلوقة بإطلاق ، فيوهم ذلك أن كلام الخلق غير مخلوق ، ولكن يقال: إن جنس الحروف التي تكلم الله بها بالقرآن وغيره ليست مخلوقة ، والكلام الذي تكلم الله به ليس مخلوقا ، لا حروفه ، ولا معانيه .
    أما الأحرف والكلمات التي يتكلم بها العباد فهي مخلوقة .

    فالأحرف والكلمات تختلف أحكامها باختلاف المتكلم بها ، فالقرآن كله غير مخلوق ، حروفه ومعانيه، وكلام البشر كله مخلوق حروفه ومعانيه .


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " إِنَّ الْمُنْتَسِبِين َ إلَى السُّنَّةِ تَكَلَّمُوا فِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ وَالْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ ".
    وَقَالَ طَوَائِفُ مِنْهُمْ: إنَّهَا مَخْلُوقَةٌ . وَقَالُوا: الْحُرُوفُ : حَرْفَانِ.
    وَقَالَ طَوَائِفَ: الْحَرْفُ حَرْفٌ وَاحِدٌ ، وَحُرُوفُ الْمُعْجَمِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ حَيْثُ تَصَرَّفَتْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَلَامِ اللَّهِ ، وَحَقِيقَةُ الْحَرْفِ وَاحِدَةٌ لَا تَخْتَلِفُ.

    وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ قَالَ: بِخَلْقِ الْحُرُوفِ، وَأنَّهُ لَمَّا حُكِيَ لَهُ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْحُرُوفَ سَجَدَتْ لَهُ إلَّا الْأَلِفُ ، فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد: هَذَا كُفْرٌ.
    وَرُوِيَ إنْكَارُ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ.
    وَالْأَوَّلُونَ لَا يُنَازِعُونَ فِي هَذَا؛ فَإِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْحُرُوفَ مَخْلُوقَةٌ؛ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ دَخَلَ فِيهِ حُرُوفُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، وَهُمْ يَخُصُّونَ الْكَلَامَ فِي الْحُرُوفِ الْمَوْجُودَةِ فِي كَلَامِ الْمَخْلُوقِ ، دُونَ الْحُرُوفِ الْمَوْجُودَةِ فِي كَلَامِ اللَّهِ .

    وَقَالَ الْآخَرُونَ: مُجَرَّدُ الْمُوَافَقَةِ فِي اللَّفْظِ لَا يُوجِبُ أَنْ يُجْعَلَ حُكْمُ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ حُكْمَ الْآخَرِ، لَكِنْ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا سَابِقًا إلَى ذَلِكَ الْكَلَامِ ، وَالْآخَرُ إنَّمَا احْتَذَى فِيهِ حَذْوَهُ وَمِثَالُهُ ، كَانَ اللَّفْظُ وَالْكَلَامُ مَنْسُوبًا إلَى الْأَوَّلِ .
    بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ لَبِيَدِ: ( أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ ) ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا الْكَلَامُ هُوَ تَكَلَّمَ بِهِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ؛ لَا عَلَى سَبِيلِ التَّبْلِيغِ عَنْ غَيْرِهِ ، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى قَائِلِهِ الْأَوَّلِ.
    فَهَكَذَا الْحُرُوفُ الْمَوْجُودَةُ فِي كَلَامِ اللَّهِ ، وَإِنْ أَدْخَلَهَا النَّاسُ فِي كَلَامِهِمْ الَّذِي هُوَ كَلَامُهُمْ، فَأَصْلُهَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ".
    إلى أن قال :
    " فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْحُرُوفَ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهَا بِاخْتِلَافِ مَعَانِيهَا وَاخْتِلَافِ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا، وَهَذَا أَوْجَبَ تَعْظِيمَ حُرُوفِ الْقُرْآنِ الْمَنْطُوقَةَ وَالْمَسْطُورَة َ، وَكَانَ لَهَا مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مَا امْتَازَتْ بِهِ عَمَّا سِوَاهَا، وَاخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ إنَّمَا كَانَ لِاخْتِلَافِ صِفَاتِهَا وَأَحْوَالِهَا.
    فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُقَالَ مَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: إنَّ كَلَامَ الْإِنْسَانِ كُلَّهُ مَخْلُوقٌ حُرُوفَهُ وَمَعَانِيَهُ، وَالْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ حُرُوفَهُ وَمَعَانِيَهُ " انتهى ملخصا من "مجموع الفتاوى" (12/ 441-450) .
    وقال أيضا :
    " فَمَنْ قَالَ: إنَّ حُرُوفَ الْمُعْجَمِ كُلَّهَا مَخْلُوقَةٌ ، وَإِنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقٌ : فَقَدْ قَالَ قَوْلًا مُخَالِفًا لِلْمَعْقُولِ الصَّرِيحِ وَالْمَنْقُولِ الصَّحِيحِ .
    وَمَنْ قَالَ: نَفْسُ أَصْوَاتِ الْعِبَادِ أَوْ مِدَادُهُمْ ، أَوْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَدِيمٌ : فَقَدْ خَالَفَ أَيْضًا أَقْوَالَ السَّلَفِ، وَكَانَ فَسَادُ قَوْلِهِ ظَاهِرًا لِكُلِّ أَحَدٍ، وَكَانَ مُبْتَدِعًا قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا قَالَتْهُ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِمْ بَرِيئُونَ مِنْ ذَلِكَ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْحَرْفَ الْمُعَيَّنَ ، أَوْ الْكَلِمَةَ الْمُعَيَّنَةَ ، قَدِيمَةُ الْعَيْنِ : فَقَدْ ابْتَدَعَ قَوْلًا بَاطِلًا فِي الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ.
    وَمَنْ قَالَ: إنَّ جِنْسَ الْحُرُوفِ الَّتِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا بِالْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً، وَإِنَّ الْكَلَامَ الْعَرَبِيَّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ لَيْسَ مَخْلُوقًا، وَالْحُرُوفَ الْمُنْتَظِمَةَ مِنْهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَلَازِمَةٌ لَهُ وَقَدْ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا ، فَلَا تَكُونُ مَخْلُوقَةً: فَقَدْ أَصَابَ.
    وَإِذَا قَالَ: إنَّ اللَّهَ هَدَى عِبَادَهُ وَعَلَّمَهُمْ الْبَيَانَ فَأَنْطَقَهُمْ بِهَا بِاللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِأَنْ جَعَلَهُمْ يَنْطِقُونَ بِالْحُرُوفِ الَّتِي هِيَ مَبَانِي كُتُبِهِ وَكَلَامِهِ وَأَسْمَائِهِ: فَهَذَا قَدْ أَصَابَ .
    فَالْإِنْسَانُ وَجَمِيعُ مَا يَقُومُ بِهِ مِنْ الْأَصْوَاتِ وَالْحَرَكَاتِ وَغَيْرِهَا مَخْلُوقٌ ، كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَالرَّبُّ تَعَالَى بِمَا يَقُومُ بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ : غَيْرُ مَخْلُوقٍ .
    وَالْعِبَادُ إذَا قَرَءُوا كَلَامَهُ فَإِنَّ كَلَامَهُ الَّذِي يَقْرَؤُونَهُ هُوَ كَلَامُهُ لَا كَلَامُ غَيْرِهِ، وَكَلَامُهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، وَكَانَ مَا يَقْرَؤُونَ بِهِ كَلَامَهُ مِنْ حَرَكَاتِهِمْ وَأَصْوَاتِهِمْ مَخْلُوقًا، وَكَذَلِكَ مَا يُكْتَبُ فِي الْمَصَاحِفِ مِنْ كَلَامِهِ فَهُوَ كَلَامُهُ مَكْتُوبًا فِي الْمَصَاحِفِ، وَكَلَامُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالْمِدَادُ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ كَلَامُهُ وَغَيْرُ كَلَامِهِ مَخْلُوقٌ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (12/ 54-55) .
    وينظر للفائدة : "مختصر الصواعق المرسلة" (ص 508-510) .


    وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
    من المعلوم عند أهل السنة أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، ولكن هذه الحروف التي كتب بها القرآن، هل هي غير مخلوقة، أم أنها حروف عربية؛ أي هل كان القرآن مكتوبا في اللوح المحفوظ بهذه الحروف، أم أن هذه الحروف وجدت مع العرب؟
    فأجاب :
    " هذا الكلام الذي سأل عنه السائل قد أجاب عنه أهل السنة والجماعة، وأجمعوا أن هذا القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، حروفه ومعانيه، فالقرآن هو كلام الله، حروفا ومعاني، تكلم الله به جل وعلا وسمعه جبرائيل وبلغه محمدا عليه الصلاة والسلام. فالقرآن كله حروفه ومعانيه هو كلام الله، وهو موجود في اللوح المحفوظ، بحروفه ومعانيه، ومن قال خلاف ذلك فقد خالف الشرع، وابتدع في الدين، وخالف أهل السنة والجماعة " انتهى ملخصا من "فتاوى نور على الدرب "(1/ 151) .
    والله أعلم.




    https://islamqa.info/ar/247364

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    3,200

    افتراضي

    بارك الله فيكم على هذا النقل الطيب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,406

    افتراضي

    أشكركم على مروركم الكريم .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,733

    افتراضي

    نفع الله بكم .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,714

    افتراضي

    جزاكم الله خيرًا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •