♦ ملخص السؤال:
شابٌّ يُعاني مِن الكذب والتجمُّل أمام الناس بإعطائهم صورة وهمية عن وضعه الاجتماعي والفخر بما ليس عنده نتيجة التربية الأُسرية الفقيرة التي عاشها، ويريد أن يكونَ طبيعيًّا، ويسأل عن النصائح التي تجعله كذلك.

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ عمري 30 عامًا، نشأتُ في أسرة فقيرةٍ، ومنذ صغري وأنا أكذب على الآخرين بشأن ظروفي الاجتماعية والمادية، وعندما أُقابِلُ شخصًا جديدًا أكذب عليه، وأرسم صورة مختلفةً نوعًا ما عن الواقع، متوهمًا أنَّ ذلك سوف يُعلي من قدري لدى هذا الشخص، لكن سرعان ما أجد أنه لا داعي إلى ذلك، وأنني سوف أخسر هذا الشخص لأنه سوف يكتَشِف هذا الكذب لاحقًا كما حدَث قبل ذلك.


أعلم أن ذلك سُلوك خاطئ، وناشئ عن وجود بعض الاضطرابات النفسية وبعض الرواسب منذ الصِّغَر، وفعلًا أريد أن أتغيَّر، لكن المشكلة أن هذا الكذب أو التجمُّل يحدُث بشكل تِلقائيٍّ عند مقابلتي لشخص جديد!


أنا أريد بناء علاقات سليمة، وصداقات صادقة، وأريد أن أعيشَ حياتي كما هي بدون كذبٍ أو تجمُّل.


أريد أنا أكونَ كما أنا، ولا أريد أنْ أكونَ شخصًا آخر، هل أنا مصاب باضطراب نفسيٍّ يحتاج إلى علاج؟

أرجو منكم النصح والإرشاد، وجزاكم الله خيرًا


الجواب

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بك أخي الكريم في شبكة الألوكة، ونتمنَّى أن نكونَ عند حُسن ظنك بنا، وأنْ نكونَ خير معينٍ بعد الله في تجاوُز مشكلتك.


يعتبر الكذب مِن الصفات السيئة التي يتَّصفُ بها الشخصُ، خاصة بهذا العمر، وهذه الصفةُ مِن صفات المنافقين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وَعَد أخلف، وإذا اؤتُمن خان))، وساعد في تأكيد هذه الصفة لديك التنشئةُ الأسريةُ، والبيئةُ المحيطة بك منذ صِغرك، لكن بمجرد أن لديك الإحساس بسوء هذه الصفة ومحاولة التخلص منها ذلك يُعَدُّ شيئًا رائعًا.


حاوِلْ أن تتناسى كلَّ ما مَرَّ بك في السنوات الماضية مِن عمرك مِن الأشياء السلبية، وابدأْ بالنظرة الإيجابية المتفائلة، فبدلًا مِن أن تقول: أنا نشأتُ في أسرة فقيرةٍ، قل: أنا نشأتُ في أسرة مكتَملةٍ بوجود الأب والأم، وقِسْ على ذلك باقي الأمور في حياتك.


إحساسُك بالنقص المادي والذي لا يَدَ لأهلِك فيه هو ما دَفَعك للكذب، ولَمَّا استكثرتَ منه أصبح عادةً لا تُفارقك إلى أن وصلتَ لمراحلَ متقدمةٍ، وتريد التخلُّص منه، وأنا أجزمُ بأنك لم تصلْ لهذه المرحلة إلا بعدما رأيتَ آثاره عليك، وقد ذكرتَ بعضًا منها في رسالتك.


اصدقْ مع الله تَصدُق مع نفسك والآخرين، لا يضرنا ما سيقوله الناسُ عن حالتنا المادية أو مستوانا الاجتماعي، فهذه جميعُها بيد مُقَسِّم الأرزاق يُقَسِّمها كيفما شاء، ففَقْرُنا وغنانا ليس باختيارنا، ولا يَرفع مِن قَدْرِنا ومكانتنا شيئًا، ولكن تبقى الأخلاقُ الحميدةُ هي من ترسم الذِّكْر الطيب، فعندما يموتُ فلان لا يقول الناس عنه: رحمه الله كان غنيًّا، أو فقيرًا، أو... أو... أو...، لكنهم يقولون: فَقَدْنا الأخلاق الحميدة والتعامل الرائع، فمَن يُحبك ويُصادقك لن يصادقك لغناك وفقرك، ولكن لأخلاقك الحسنة، ومَن يحبك سيُحبك لشخصك أنت وصفاتك أنت، لا لمالك ولا منصبك.


إذًا أنت قادر على أن تُغَيِّر مِن نفسك وبكل سهولة، وأول هذا التغيير هو إرسالك لهذه الاستشارة، فاجعلها بدايةَ انطلاق لتغيير ما أردتَ تغييره في نفسك، أيضًا إذا آمنتَ بكلِّ ما ذكرتُه سابقًا، وعقدتَ النية الصادقة مع نفسك وأمام ربك أن تتغيَّر وأن تتوبَ - لأن الكذب يعتبر ذنبًا، والذنب يتوجَّب التوبة الصادقة - ستجد التغييرَ في حياتك، ومع أصدقائك، ومع أهلك، وهكذا.


وختامًا تمنياتي لك بحياةٍ سعيدةٍ ومستقبلٍ رائع




رابط الموضوع: http://www.alukah.net/fatawa_counsel...#ixzz496T2Uoa8