ملخص السؤال:
فتاة لا تثق في الحديث مع أهلِها، وتحبُّ شابًّا وهو يحبها، وتحوَّل الحبُّ بينهما إلى صداقةٍ، وتسأل عن تبدُّل مشاعرها، وأنها تريد أن تظلَّ بجانبه، كما تسأل عن الصلاة لراحتها فيها، مع أنها لا تُصَلِّي.
تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.جزاكم الله خيرًا على إتاحة عرْضِ مشكلاتنا، وما يُتعبنا، وددتُ لو فَضْفَضْتُ بما في قلبي، مع أنَّ أمي قريبة مني، لكنني لا أثق فيها، ولا أستطيع أن أتكلَّم معها؛ لأنَّ علاقتنا غير طيبة، وأما أبي فأنا أكرَهُه ولا أطيق الحديث معه.مشكلتي أنني أحبُّ شابًّا، وهو يحبني، ويعرف كل شيء عني، ودومًا يقف معي ويُساعدني في الأشياء الجيدة، لكن حصلت بيننا بعض المشاكل التي جعلتْ بيننا بُعْدًا في الفترة الأخيرة، وتحوَّل الحبُّ إلى صداقةٍ.كانتْ نيتُه الزواج، وأنا أريدُه، لكن تغيَّر شعوري، وأريدُه صديقًا لي، وهو كذلك.أنا لا أصلي، وإذا صليتُ تكون صلاتي مُتقطِّعة، مع أني أرتاح في الصلاة جدًّا.

فأخبروني ماذا أفعل؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
أختي العزيزة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أُرَحِّب بك أختي في قسم استشارات شبكة الألوكة، وبعدُ:فأشكر لك ثقتَك فينا، وأُرَحِّب بك في كل وقت وحين.عزيزتي، قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الأحقاف: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 15]، وفي سورة العنكبوت: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [العنكبوت: 7، 8].فاللهُ - سبحانه وتعالى - حَضَّ على الإحسانِ إلى الوالدين، والتعامُل معهما بالحسنى، والتوصيةُ بالوالدين وَرَدَتْ في القرآن في أربعة مَواضع مَقْرونة بعبادة الله: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36]، وقال: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا ﴾ [البقرة: 83]، وفي سورة الأنعام: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الأنعام: 151]، وفي سورة الإسراء: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23].فهذه أربعةُ مَواضع يأمُر فيها الحقُّ سبحانه الأولادَ بالإحسان إلى الوالدين، ويقرن هذا لأهميته بعبادة الله، وكأنهما في الميزان سواء؛ لأنهما سبب الوُجود المباشر، وبرُّهما والإحسان إليهما تمهيدٌ وتدريب يُذكِّرك بالسبب الأعلى لوجودك، وهو الخالقُ سبحانه وتعالى.وهذه الوصيةُ يلزمنا الله بها حتى إن كان الولدان كافرين؛ يقول تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [العنكبوت: 8]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15].فيا عزيزتي، الإحسانُ إلى الوالدين واجبٌ على الأبناء، ومَن للإنسان أقرب مِن أبويه؟ أو من يخاف عليه أكثر مِن أبويه؟أمُّك أكثرُ إنسان في هذه الدنيا يخاف عليك، ويريد لك الخير كله، فحاولي أن تفتحي لها قلبك، وتشركيها في مشاكلك، أما إن وجدتِ منها عدم تفهُّم - وهذا احتمالٌ بعيدٌ - فاجعلي لك صديقات مُلتزمات يُساعِدْنَك على الخير، ويحْفَظْنَ سِرَّك.عزيزتي، الصلاةُ تلبيةٌ لنِداء الله سبحانه وتعالى، وهي تواصُل معه سبحانه، ضعي هذا الأمر نصب عينيك، واستشعري وأنت تُصلِّين أنك الآن مع الله سبحانه وتعالى، خالقنا، ورازقنا، ومدبِّر أمورنا كلها، ادعيه في سُجودك له تعالى، اسأليه ما تريدين، واطلبي منه العون وتحقيق الآمال، فاللهُ سبحانه وتعالى قريبٌ مجيبٌ،وأقرب ما يكون العبدُ لله تعالى وهو في سُجوده؛ قال الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى قال: مَنْ عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضتُ عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه كنتُ سَمْعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئِنْ سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه))؛ رواه البُخاري.أما يا عزيزتي ترْكُ الصلاة فهو كبيرةٌ من الكبائر، وقد قال الله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]، وقال: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ﴾ [المدثر: 42 - 45]، وقال: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ [المدثر: 27 - 30].عندما تضعين كلَّ هذه الأمور في الحسبان ستلتزمين في الصلاة بإذن الله تعالى، وعليك بدعاء الله تعالى دائمًا أن يجعلك من المصلين، قال تعالى: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ﴾ [إبراهيم: 40].عزيزتي، لا يوجد في الإسلامِ صداقةٌ بين شابٍّ وفتاةٍ، مَن يريدك عليه أن يدخلَ مِن الباب وليس مِن الشباك، فانتبهي واحرصي، والشابُّ عندما يريد الزواج لن ينظرَ إلى واحدةٍ خرج معها، أو حتى تكلَّم معها وبَثَّتْهُ مَشاعرها، وهو إن فعَل فلن ينسى لك هذا، ولن يَأْمَن لك، هذا بالإضافة إلى أنك تقومين بمعصيةٍ وأنت تتكلمين معه وهو أجنبيٌّ عنك.عزيزتي، أنتِ صغيرةٌ، ولم تفقهي الحياة وما فيها، فاستعيني في فَهْمِها بمَنْ هم أكبر منك ولن تجدي أفضل لك مِن أهلك.أما عن كُرهك لوالدك، فبالنظر إلى أهمية الإحسان إلى الوالدين حتى وإن كانا كافرين، فعليك إبعاد فكرة كرهك لوالدك، وتأكَّدي مِن أنه يحبك لكن بطريقته التي قد لا تَسْتَسِيغِينَه ا، لكنه يُحبك ويخاف عليك، فسامحي تقصيره إن قصَّر، وسامِحي أيَّ فِعل أدَّى إلى إشعارك بكراهيته، والتمسي له أعذارًا فهو والدُك، وحق عليك بره ومعاملته بالحسنى.وادعي له أن يُغَيِّره الله ليصبحَ كما تحبين وكما تريدين، وأكثري عزيزتي مِن الاستغفار؛ ففيه الراحة وفيه الطمأنينة والقُرب من الله تعالى.
والله الموفق