سُورَةُ الْحِجْرِ مَكِّيَّةٌ، وَآيَاتُهَا تِسْعٌ وَتِسْعُونَ
{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ}[الحجر: 1]

{الر تِلْكَ} هَذِهِ الْآيَاتُ..
{آيَاتُ الْكِتَابِ} آيَاتُ الْكُتُبِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْقُرْآنِ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ..
{وَقُرْآنٍ} وَآيَاتُ قُرْآنٍ..
{مُبِينٍ}[الحجر: 1] يَبِيْنُ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ رُشْدَهُ وَهُدَاهُ.
{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}[الحجر: 2]

{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} بِاللَّهِ فَجَحَدُوا وَحْدَانِيَّتَه ُ..
{لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}[الحجر: 2] لَوْ كَانُوا فِي دَارِ الدُّنْيَا مُسْلِمِينَ.. قال إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِي: إِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَقُولُونَ: كُنَّا أَهْلَ شِرْكٍ وَكُفْرٍ، فَمَا شَأْنُ هَؤُلَاءِ الْمُوَحِّدِينَ ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ عِبَادَتُهُمْ إِيَّاهُ؟ فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ «يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ».
{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[الحجر: 3]

{ذَرْهُمْ} ذَرْ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ..
{يَأْكُلُوا} فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مَا هُمْ آكِلُوهُ..
{ وَيَتَمَتَّعُوا } مِنْ لَذَّاتِهَا وَشَهَوَاتِهِمْ فِيهَا إِلَى أَجَلِهِمُ الَّذِي أَجَّلْتُ لَهُمْ..
{وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ} عَنِ الْأَخْذِ بِحَظِّهِمْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِيهَا، وَتَزَوُّدِهِمْ لِمَعَادِهِمْ مِنْهَا بِمَا يُقَرِّبُهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ..
{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [الحجر: 3] غَدًا إِذَا وَرَدُوا عَلَيْهِ وَقَدْ هَلَكُوا عَلَى كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَشِرْكِهِمْ، حِينَ يُعَايِنُونَ عَذَابَ اللَّهِ، أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ تَمَتُّعِهِمْ بِمَا كَانُوا يَتَمَتَّعُونَ فِيهَا مِنَ اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ كَانُوا فِي خَسَارٍ وَتَبَابٍ.
{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4]

{وَمَا أَهْلَكْنَا} يَا مُحَمَّدُ..
{مِنْ} أَهْلِ..
{قَرْيَةٍ} مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الَّتِي أَهْلَكْنَا أَهْلَهَا فِيمَا مَضَى..
{إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4] إِلَّا وَلَهَا أَجَلٌ مُؤَقَّتٌ وَمُدَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، لَا نُهْلِكُهُمْ حَتَّى يَبْلُغُوهَا، فَإِذَا بَلَغُوهَا أَهْلَكْنَاهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَكَذَلِكَ أَهْلُ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَنْتَ مِنْهَا وَهِيَ مَكَّةُ، لَا نُهْلِكَ مُشْرِكِي أَهْلِهَا إِلَّا بَعْدَ بُلُوغِ كِتَابِهِمْ أَجَلَهُ، لِأَنَّ مِنْ قَضَائِي أَنْ لَا أَهْلِكَ أَهْلَ قَرْيَةٍ إِلَّا بَعْدَ بُلُوغِ كِتَابِهِمْ أَجَلَهُ.
{مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } [الحجر: 5]

{مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا} مَا يَتَقَدَّمُ هَلَاكُ أُمَّةٍ قَبْلَ أَجَلِهَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ أَجَلًا لِهَلَاكِهَا..
{وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } [الحجر: 5] وَلَا يَسْتَأْخِرُ هَلَاكُهَا عَنِ الْأَجَلِ الَّذِي جُعِلَ لَهَا أَجَلًا.