يندفع الثور هائجاً نحو الخرقة الحمراء ! ليس ثمة سبب مقنع, هو فقط كُره الثور لهذا الأحمر. لو قُدِر لك أن تسأل الثور : ما بال الخرقة ؟ لقال : لأنها حمراء !.
ولو قلت له : لكنك ستهلك بسيف المصارع ! , لقال : لكنني يمكن أن أقتله أو أجرحه ! .
فتقول له : لكنك إن قتلته ستبقى الخرقة الحمراء سالمة !. فيرد : المهم أن أشفي غليلي من المصارع وخرقته .

ونهاية هذا كله هلاكٌ حتمي للثور وبقاءٌ حتمي للخرقة الحمراء .

قال تعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) فلو أن الثور أدرك أن الله سبحانه ما خلقه لنطح الخرق الحمراء لما أقدم على هذه الخطوة المهلكة . لكنها حكمة الله سبحانه.

وأحدنا _ نحن بني البشر _ الذي كرمنا الله بالعقل يجب أن يفطن لهذه العبرة, فهيجان المشاعر والغيرة يجب أن تنضبط بضابط الشريعة الغراء الحكيمة, فلو أن مسلماً أبتلاه الله في ابنته فنما إلى علمه أنها زنت مع شابٍ ما والعياذ بالله فما ظنكم ستكون ردة فعل الأب ؟
لا أحد منا يشك أبداً بأن الأب يمكن أن يقتل الشاب والبنت أو أحدهما مع أن الله حكم عليهما ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ... الآية ) فإن تهور الأب وقتل الشاب ؟ ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ... ) وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)
وقد سُجن الأئمة أحمد وابن تيمية فهل استنجدا بمشاعر الناس لنصرة الحق في هذه الفتنة الدينية العظيمة ؟ لا ... بل صبروا ونالوا الأجر ودحر الله بصبر أحمد وحكمته فتنة خلق القرآن .
( يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ )

دمتم بروية وتعقل وحكمة وفقه