تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تفسير سورة الأنفال من مختصري لتفسير الطبري (متجدد)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي تفسير سورة الأنفال من مختصري لتفسير الطبري (متجدد)

    سُورَةُ الَأنْفَالِ وَآيَاتُهَا خَمْسٌ وَسَبْعُونَ
    الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْأَنْفَالُ

    {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1]
    {يَسْأَلُونَكَ} يَسْأَلُكَ أَصْحَابُكَ يَا مُحَمَّدُ.. وَاخْتُلِفَ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجَلِهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَفَلَ أَقْوَامًا عَلَى بَلَاءٍ، فَأَبْلَى أَقْوَامٌ وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاخْتَلَفُوا فِيهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى رَسُولِهِ، يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ مَا فَعَلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَاضٍ جَائِزٌ، واستدلوا على ذلك بما ثبتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا» قَالَ: فَتَسَارَعَ فِي ذَلِكَ شُبَّانُ الرِّجَالِ، وَبَقِيَتِ الشُّيُوخُ تَحْتَ الرَّايَاتِ فَلَمَّا كَانَتِ الْغَنَائِمُ، جَاءُوا يَطْلُبُونَ الَّذِي جَعَلَ لَهُمْ، فَقَالَتِ الشُّيُوخُ: لَا تَسْتَأْثِرُوا عَلَيْنَا، فَإِنَّا كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ، وَكُنَّا تَحْتَ الرَّايَاتِ، وَلَوِ انْكَشَفْتُمْ لَفِئْتُمْ إِلَيْنَا، فَتَنَازَعُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ».. وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ مِنَ الْمَغْنَمِ شَيْئًا قَبْلَ قِسْمَتِهَا، فَلَمْ يُعْطِهِ إِيَّاهُ؛ إِذْ كَانَ شِرْكًا بَيْنَ الْجَيْشِ، فَجَعَلَ اللَّهُ جَمِيعَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستَدَلوا بما جاءَ عَنْ سَعْدِ بنِ مالكٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ بِسَيْفٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّيْفُ قَدْ شَفَى اللَّهُ بِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَسَأَلْتُهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ: «لَيْسَ هَذَا لِي وَلَا لَكَ»، قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ، قُلْتُ: أَخَافُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَنْ لَمْ يُبْلِ بَلَائِي، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفِي، قَالَ: فَقُلْتُ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ، قَالَ: «إِنَّ السَّيْفَ قَدْ صَارَ لِي»، قَالَ: فَأَعْطَانِيهِ، وَنَزَلَتْ: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ».. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا قِسْمَةَ الْغَنِيمَةِ بَيْنَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَعْلَمَهُمُ اللَّهُ أَنَّ ذَلِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ دُونَهُمْ لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ شَيْءٌ، وَقَالُوا: مَعْنَى: «عَنْ» فِي هَذَا الْمَوْضِعِ «مِنْ» وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: يَسْأَلُونَكَ مِنَ الْأَنْفَالِ، وَقَالُوا: قَدْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَؤُهُ: «يَسْأَلُونَكَ الْأَنْفَالَ» عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ.. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ قَوْمٍ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْفَالَ أَنْ يُعْطِيَهُمُوهَ ا، فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ أَنَّهَا لِلَّهِ، وَأَنَّهُ جَعَلَهَا لِرَسُولِهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ، جَازَ أَنْ يَكُونَ نُزُولُهَا كَانَ مِنْ أَجْلِ اخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَةِ مَنْ سَأَلَهُ السَّيْفَ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ سَعْدٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ إِيَّاهُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَةِ مَنْ سَأَلَهُ قَسْمَ ذَلِكَ بَيْنَ الْجَيْشِ..
    {عَنِ الْأَنْفَالِ} عَنِ الْفَضْلِ مِنَ الْمَالِ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ الْقِسْمَةُ مِنْ غَنِيمَةِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ الَّذِينَ قُتِلُوا بِبَدْرٍ لِمَنْ هُوَ.. والْأَنْفَالِ: هِيَ زِيَادَاتٌ يَزِيدُهَا الْإِمَامُ بَعْضَ الْجَيْشِ أَوْ جَمِيعَهُمْ، إِمَّا مِنْ سَلَبِهِ عَلَى حُقُوقَهِمْ مِنَ الْقِسْمَةِ، وَإِمَّا مِمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ بِالنَّفَلِ، أَوْ بِبَعْضِ أَسْبَابِهِ، تَرْغِيبًا لَهُ، وَتَحْرِيضًا لِمَنْ مَعَهُ مِنْ جَيْشِهِ عَلَى مَا فِيهِ صَلَاحُهُمْ وَصَلَاحُ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ صَلَاحُ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، وَقَدْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْفَرَسُ وَالدِّرْعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا عَادَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرُهُ إِلَى الْإِمَامِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ لِغَلَبَةٍ وَقَهْرٍ، يَفْعَلُ مَا فِيهِ صَلَاحُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْجَيْشُ بِقَهْرٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ لِأَنَّ النَّفَلَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِنَّمَا هُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الشَّيْءِ، يُقَالُ مِنْهُ: نَفَلْتُكَ كَذَا، وَأَنْفَلْتُكَ: إِذَا زِدْتُكَ، وَالْأَنْفَالُ: جَمْعُ نَفَلٍ.. فَإِذَا كَانَ مَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَا، فَكُلُّ مَنْ زِيدَ مِنْ مَقَاتِلَةِ الْجَيْشِ عَلَى سَهْمِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ لِبَلَاءٍ أَبْلَاهُ أَوْ لِغَنَاءٍ كَانَ مِنْهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، بِتَنْفِيلِ الْوَالِي ذَلِكَ إِيَّاهُ، فَيَصِيرُ حُكْمُ ذَلِكَ لَهُ كَالسَّلَبِ الَّذِي يَسْلُبُهُ الْقَاتِلُ، فَهُوَ مُنَفَّلٌ مَا زِيدَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْجَبَةً فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِحَقٍّ، فَلَيْسَتْ مِنَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا الْقِسْمَةُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا رَضَخَ لِمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ فَهُوَ نَفَلٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ مِمَّا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقِسْمَةُ.. فَالْفَصْلُ إِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْنَا بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَالنَّفَلِ، أَنَّ الْغَنِيمَةُ هِيَ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ بِغَلَبَةٍ وَقَهْرٍ، نَفَلَ مِنْهُ مُنَفَّلٌ أَوَلَمْ يُنَفَّلُ، وَالنَّفَلُ: هُوَ مَا أُعْطِيهِ الرَّجُلَ عَلَى الْبَلَاءِ وَالْغَنَاءِ عَنِ الْجَيْشِ عَلَى غَيْرِ قِسْمَةٍ..
    {قُلِ} لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ..
    {الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} دُونَكُمْ، يَجْعَلُهُ حَيْثُ شَاءَ.. وَاخْتَلَفُوا فِيهَا، أَمَنْسُوخَةٌ هِيَ أَمْ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ، وَقَالُوا: نَسَخَهَا قَوْلُهُ: «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ»[الأنفال: 41] الْآيَةَ.. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ مَنْسُوخَةً، وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ: قُلِ الْأَنْفَالَ لِلَّهِ، وَهِيَ لَا شَكَّ لِلَّهِ مَعَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا وَالْآخِرَةِ، وَلِلرَّسُولِ يَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ بِوَضْعِهَا فِيهِ.. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَنْفَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّلُ مَنْ شَاءَ، فَنَفَّلَ الْقَاتِلَ السَّلَبَ، وَجَعَلَ لِلْجَيْشِ فِي الْبَدَاءَةِ الرُّبُعَ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَنَفَّلَ قَوْمًا بَعْدَ سُهْمَانِهِمْ بَعِيرًا بَعِيرًا فِي بَعْضِ الْمَغَازِي، فَجَعَلَ اللَّهُ -تَعَالَى ذِكْرُهُ- حُكْمَ الْأَنْفَالِ إِلَى نَبِيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنَفِّلُ عَلَى مَا يَرَى مِمَّا فِيهِ صَلَاحُ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَنْ يَسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا مَنْسُوخٌ لِاحْتِمَالِهَا مَا ذَكَرْتُ مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْتُ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُحْكُمَ بِحُكْمٍ قَدْ نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا، فَقَدْ دَلَلْنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا عَلَى أَنْ لَا مَنْسُوخَ إِلَّا مَا أَبْطَلَ حُكْمَهُ حَادِثٌ حَكَمَ بِخِلَافِهِ يَنْفِيهِ مِنْ كُلِّ مَعَانِيهِ، أَوْ يَأْتِي خَبَرٌ يُوجِبُ الْحُجَّةَ أَنَّ أَحَدَهُمَا نَاسِخٌ الْآخَرَ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ لِلْأَئِمَّةِ أَنْ يَتَأَسَّوْا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَغَازِيهِمْ بِفِعْلِهِ، فَيُنَفِّلُوا عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ يُنَفَّلُ، إِذَا كَانَ التَّنْفِيلُ صَلَاحًا لِلْمُسْلِمِينَ ..
    {فَاتَّقُوا اللَّهَ} فَخَافُوا اللَّهَ أَيُّهَا الْقَوْمُ، وَاتَّقُوهُ بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ، وَأَصْلِحُوا الْحَالَ بَيْنَكُمْ..
    {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ، لِلَّذِينَ غَنِمُوا الْغَنِيمَةَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَشَهِدُوا الْوَقْعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الْغَنِيمَةِ، أَنْ يَرُدُّوا مَا أَصَابُوا مِنْهَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.. وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا تَحْرِيجٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى الْقَوْمِ، وَنَهْيٌ لَهُمْ عَنِ الاخْتِلَافِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، مِنْ أَمْرِ الْغَنِيمَةِ وَغَيْرِهِ..
    {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وَانْتَهُوا أَيُّهَا الْقَوْمُ الطَّالِبُونَ الْأَنْفَالَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَقَدْ بَيَّنَ لَكُمْ وُجُوهَهُ وَسُبُلَهُ..
    {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1] إِنْ كُنْتُمْ مُصَدِّقِينَ رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا آتَاكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ، فَسَلَّمُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ يَحْكُمَانِ فِيهَا بِمَا شَاءَا، وَيَضَعَانِهَا حَيْثُ أَرَادَا.
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال: 2]

    {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يُخَالِفُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَتْرُكُ اتِّبَاعَ مَا أَنْزَلَهُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ حُدُودِهِ وَفَرَائِضِهِ، وَالِانْقِيَادَ لِحُكْمِهِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَ قَلْبُهُ، وَانْقَادَ لَأَمْرِهِ، وَخَضَعَ لَذِكْرِهِ، خَوْفًا مِنْهُ، وَفَرَقًا مِنْ عِقَابِهِ.. قال السُّدِّيُّ: هُوَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يَظْلِمَ أَوْ يَهِمَّ بِمَعْصِيَةٍ فَيَنْزِعَ عَنْهُ..
    {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} وَإِذَا قُرِئَتْ عَلَيْهِ آيَاتُ كِتَابِهِ صَدَّقَ بِهَا، وَأَيْقَنَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَازْدَادَ بِتَصْدِيقِهِ بِذَلِكَ إِلَى تَصْدِيقِهِ بِمَا كَانَ قَدْ بَلَغَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ تَصْدِيقًا، وَذَلِكَ هُوَ زِيَادَةُ مَا تُلِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ إِيمَانًا..
    {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال: 2] وَبِاللَّهِ يُوقِنُونَ فِي أَنَّ قَضَاءَهُ فِيهِمْ مَاضٍ فَلَا يَرْجُونَ غَيْرَهُ وَلَا يَرْهَبُونَ سِوَاهُ.
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[الأنفال:3]
    {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} الَّذِينَ يُؤَدُّونَ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ بِحُدُودِهَا..
    {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[الأنفال:3] وَيُنْفِقُونَ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ مِنَ الْأَمْوَالِ فِيمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يُنْفِقُوهَا فِيهِ، مِنْ زَكَاةٍ وَجِهَادٍ وَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَنَفَقَةٍ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ نَفَقَتُهُ، فَيُؤَدُّونَ حُقُوقَهُمْ..
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    أُولَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهْمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[الأنفال: 4]
    {أُولَئِكَ} هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ..
    {هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} لَا الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم ْ قَدْ آمَنَّا وَقُلُوبُهُمْ مُنْطَوِيَةٌ عَلَى خِلَافِهِ نِفَاقًا، لَا يُقِيمُونَ صَلَاةً، وَلَا يُؤَدُّونَ زَكَاةً، فَجَعَلَ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ مُؤْمِنًا حَقًّا، وَجَعَلَ الْكَافِرَ كَافِرًا حَقًّا، فَقَالَ: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ» إِلَى قَوْلِهِ: «أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا»[النساء: 151]، وَهُوَ قَوْلُهُ: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ» [التغابن: 2] ..
    {لَهُمْ} لِهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتَهُمْ..
    {دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهْمْ} دَرَجَاتٌ، وَهِيَ مَرَاتِبُ رَفِيعَةٌ..قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ أَعْمَالٌ رَفِيعَةٌ وَفَضَائِلُ قَدَّمُوهَا فِي أَيَّامِ حَيَاتِهِمْ.. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ مَرَاتِبُ فِي الْجَنَّةِ..
    {وَمَغْفِرَةٌ} وَعَفْوٌ عَنْ ذُنُوبِهِمْ وَتَغْطِيَةٌ عَلَيْهَا..
    {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[الأنفال: 4] قِيلَ: الْجَنَّةُ، وَهُوَ عِنْدِي مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ لَهُمْ مِنْ مَزِيدِ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَهَنِيءِ الْعَيْشِ.
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •