إن المتتبع لما كتب ويكتب في موضوع أخطاء القراء يجد أن أغلبها يقع في الحروف المتقاربة في مخارج الحروف،ومن أهمها:الضاد والظاء،الدال والذال،السين والشين..ومرد ذلك إلى الجهل بعلم مخارج الحروف،كما تقع هذه الأخطاء أحيانا في الوقف والاستئناف،ومرد ذلك إلى الجهل بالوقف ودقائق اللغة العربية.
وهذه الأخطاء تتكرر من حين لآخر من طرف بعض أئمة المساجد والخطباء والوعاظ،بل من بعض القراء المشهود لهم بالكفاءة والإتقان في فن التجويد.
وكان الدافع إلى كتابة هذه الفقرات ما سمعته البارحة في صلاة المغرب بمسجد مشهور بفاس من إمام معدود من كبار القراء،قرأ في الركعة الأولى أواخر سورة الكهف:"قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلملت ربي..."قرأ بالذال في الكلمتين معا،فقلت سبحان الله؛ما ذا يقال لمن يحفظ بلا فهم،ويتلو بدون قواعد،ويؤم الناس دون استحقاق؟!
تلك هي مشكلتنا:يتهافت الفارغون على الصدارة،ويقذف المؤهلون بأقبح النعوت وأخبث الأوصاف.
أذكر أنني حضرت حفلة تحدث فيها أحد المدعوين عن فضائل القرآن،وتطرق إلى بعض أخطاء الأئمة والقراء-وكان بعضهم حاضرا-واستشهد بأمثلة كثيرة أكتفي منها بالفرق بين نفد ونفذ،منها قوله تعالى:"ما عندكم ينفد وما عند الله باق".وقوله عز وجل"يامعشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا من اقطار السماوات والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان".
ومما ذكر في هذا الحفل أيضا أن أحد الأئمة كان يقرأ أحيانا في صلاة العشاء: "...قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين" ويستأنف :" وأهلك إلا من سبق عليه القول.."ولما سأله أحد المصلين عن هذا الفصل قال مفسرا:أهلك الله كل من لم يركب السفينة!فنبهه السائل إلى خطئه،وبين له أن المقصود ب( أهلك)
أهل نوح عليه السلام ،وليس من الهلاك،ولذلك تقرأ الآية موصولة لتحقيق المعنى المراد.