تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 31

الموضوع: التعليقات الحِسان على كتاب: (روائع البيان في تفسير آيات الأحكام) للصابوني.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي التعليقات الحِسان على كتاب: (روائع البيان في تفسير آيات الأحكام) للصابوني.

    معلوم ما للصابوني من يد في التفسير، فله كتب أعتنت بتفسير كتاب الله عز وجل، ولكن معلوم أيضًا ما وقع فيه من أخطاء في تلك الكتب نبه على بعضها كثير من مشايخنا وعلمائنا أمثال: العلامة ابن باز وابن عثيمين والألباني وبكر أبو زيد والفوزان وغيرهم.

    ومن تلك الكتب كتاب:
    (روائع البيان في تفسير آيات الأحكام)، وهذا الكتاب كان مقررًا في بعض المعاهد الشرعية في السنة الثانية وقمت بشرحه وأثناء الشرح كنت أقف على بعض الأخطاء في الترجيحات الفقهية وتأويل بعض الصفات وعدم إعطاء الأحاديث حقها من حيث التصحيح والتضعيف وغير ذلك، فعزمت التنبيه على ما أقف عليه، وفعلت ذلك بالفعل في الفاتحة، وهممت بنشرها في مجلسنا المبارك من باب المذاكرة والمناقشة، سائلًا الله عز وجل السداد والتوفيق وحسن القصد وحسن الخاتمة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    التعليقات الحِسان
    على كتاب روائع البيان
    في
    تفسير آيات الأحكام
    للصابوني
    بقلم أبي البراء محمد بن عبد المنعم آل عِلاوة


    المحاضرة الأولى
    فاتحة الكتاب
    مكية([1])وآياتها سبع آيات بالإجماع([2])

    بين يدي السورة:


    أسمائها:

    1 – الفاتحة: قيل لافتتاح الكتاب العزيز بها حيث إنها أول القرآن في الترتيب المعهود لا في النزول.([3])


    2 – أم الكتاب: لاشتمالها على المقاصد الأساسية للكتاب العزيز، ففيها الثناء على الله جل وعلا، وفيها إثبات الربوبية، وفيها التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه، وفيها طلب الهداية والثبات على الإيمان، وفيها الإخبار عن قصص الأمم السابقين، وفيها الإطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء .

    والعرب تسمى كل أمر جامع أمًا، فمكة أم القرى؛ لأن غيرها تبع لها .([4])

    ([1]) هو قول عليّ وابن عباس وأبو هريرة، والأكثرين، وقيل مدنية: قول مجاهد، وقيل: نزلت مرة بمكة ومرة بالمدينة، والصحيح أنها مكية؛ لأن سورة الحجرات مكية بالاتفاق وقد أنزل فيها: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) ، وقد فسرها جمع من الصحابة بأنها الفاتحة، وقيل: أنها نزلت بمكة، وفضائلها بالمدينة. انظر تفسير سورة الفاتحة للحافظ ابن رجب.


    ([2]) حُكي عن حسين الجعفيَّ أنها ثمان آيات، ونقل عن عمرو بن عبيد أنها ثمان آيات، وأن ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ )، آية، وكلاهما قولهما شاذ لا يلتفت إليه.


    ([3]) ففي الصحيحين من حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)، البخاري (756)، ومسلم (394) .


    ([4]) فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (مَنْ صَلَّى صَلاَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهْىَ خِدَاجٌ - ثَلاَثًا - غَيْرُ تَمَامٍ)، مسلم (904) .

    وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِى)، أبو داود (1495)، وصححه الألباني.

    وقيل سبب تسميتها يأم الكتاب؛ لأنها تتقدم على بقية سور الكتاب في الحفظ فهي تؤم السور بتقدمها عليها، وقيل: محكمة لم يتطرق إليها نسخ، من قوله تعالى: (مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) آل عمران: 7




    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    3 - السبع المثاني: لأنها سبع آيات تثنى في الصلاة، أي تكرر وتعاد فالمصلي يقرؤها في كل ركعة من ركعات الصلاة.([1])

    وقد ذكر العلامة القرطبي في تفسيره
    (الجامع لإحكام القرآن) أن لهذه السورة اثنى عشر اسمًا منها: (الشفاء والوافية والكافية والأساس والحمد، إلى آخر ما ذكر، مما روي إما بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجتهاد من الصحابة الكرام).([2])


    [1] اختلف في سبب تسميتها بالمثاني، فقيل استثنيت لهذه الأمة لم يُعطها أحد قبلهم. قاله ابن عباس.
    وقيل: لأنها تثنى في كل صلاة، وقيل: لأن فيها الثناء على الله عز وجل، وقيل: لأنه تثنى نزولها فنزلت مرتين بمرة بمكة ومرة بالمدينة، وقيل: لأن كلماتها مثنى مثنى كـ (الرحمن الرحيم)، و: (إياك نعبد وإياك نستعين)، و: (الصراط المستقيم – صراط الذين).

    ([2]) قلت: (أبو البراء): ما ذكره المصنف نقلًا عن القرطبي صحيح فأسماء الفاتحة منها ما هو موقوف على النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما هو من أقوال الصحابة وغيرهم؛ ولكن فات المصنف أسماء ظاهرة الدلالة منها : أم القرآن، كما في الحديث عن أبي هريرة المذكور عند أبي داود (1495)، وحديث عبادة بن الصامت عند مسلم (594).
    كذا اسم:
    القرآن العظيم، ففي حديث سعيد بن المعالى مرفوعًا: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ) البخاري (4474).
    وكذا اسم:
    الصلاة، ففي الحديث عن أبي هريرة قال: قال تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)، مسلم (395).
    وكذا قيل: تسمى
    رقية الحق، ففي الحديث: (وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ) البخاري (2276)، وقال: (لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ)، أبو داود (3898)، وصححه الألباني.



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    - فضائل الفاتحة:
    1 – أعظم وأفضل سورة في القرآن:

    روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فِى الْمَسْجِدِ فَدَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى. فَقَالَ: (أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ ) ثُمَّ قَالَ لِى لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ)، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ (لأُعَلِّمَنَّك سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ)، قَالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ).([1])




    ([1]) البخاري (4474)، وأبو داود (1458).




    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    2 – ما أنزل مثلها في القرآن والتوراة والإنجيل والزبور:


    روى أحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : وَقَرَأَ عَلَيْهِ أُبَيٌّ أُمَّ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ، وَلَا فِي الزَّبُورِ، وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا، إِنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ).([1])


    3 – أحد النورين الذين أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم:


    روى مسلم في صحيحه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَقَالَ هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ فَسَلَّمَ وَقَالَ أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِىٌّ قَبْلَكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلاَّ أُعْطِيتَهُ ).([2])


    - هذه أصح الرويات التي وردت في فضل سورة الفاتحة وقد وردت روايات آخرى غير هذه الروايات، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو ضعيف، وفيما ذكرنا غُنية عن التطويل، والله الموفق .([3])





    ([1]) صحيح : الترمذي (2878)، وقال حديث حسن صحيح، وأحمد (9334)، وصححه الألباني في المشكاة (2142) .
    ([2]) مسلم (806)، والنسائي (910).
    ([3]) قلت: (أبو البراء): من الصحيح الذي لم يذكره المصنف: ما رواه البخاري (2276)، ومسلم (2201)، من حديث أبي سعيد الخدري، ونحوه من حديث ابن عباس عند البخاري (5737)، في قصة اللديغ، وفيها فانطلق ينقل عليه ويقرأ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِى وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِى رَقَى لاَ تَفْعَلُوا، حَتَّى نَأْتِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِى كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ ، فَقَالَ : (وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ - ثُمَّ قَالَ - قَدْ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ سَهْمًا) ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
    وكذا ما رواه مسلم (404)، وأبوداود (972)، واللفظ له، من حديث أبي موسى الأشعري أنها من أسباب محبة الله للعبد، وفيه: فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلَاتِكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا، فَعَلَّمَنَا وَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: (إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فَقُولُوا: آمِينَ، يُحِبُّكُمُ اللَّهُ).




    [/CENTER]
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    نفع الله بكم أبا البراء
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    نفع الله بكم أبا البراء
    وبك أبا يوسف.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)

    التحليل اللفظي:

    {الحمد للَّهِ}: الحمد هو الثناء بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل.
    قال القرطبي: الحمد في كلام العرب معناه: الثناء الكامل، والألف واللام لاستغراق الجنس، فهو - سبحانه - يستحق الحمد بأجمعه، والثناء المطلق. والحمد نقيض الذم، وهو أعم من الشكر، لأن الشكر يكون مقابل النعمة بخلاف الحمد، تقول: حمدت الرجل على شجاعته، وعلى علمه، وتقول: شكرته على إحسانه.
    والحمد يكون باللسان، وأمّا الشكر فيكون بالقلب، واللسان، والجوارح.
    وذهب الطبري: إلى أن الحمد والشكر بمعنى واحد سواء، لأنك تقول: الحمد لله شكرًا.
    قال القرطبي: وما ذهب إليه الطبري ليس بمرضي، لأن الحمد ثناء على الممدوح بصفاته من غير سبق إحسان، والشكرُ ثناءٌ على الممدوح بما أولى من الإحسان، وعلى هذا يكون {الحمد} أعمّ من الشكر.([1])
    -
    {رَبِّ العالمين}: الربّ في اللغة: مصد بمعنى التربية، وهي إصلاح شؤون الغير، ورعاية أمره.
    والرّب: مشتقٌ من التربية، فهو سبحانه وتعالى مدبّر لخلقه ومربيّهم، ويطلق الربّ على معان وهي: (المَالك، والمصلح، والمعبود، والسيّد المطاع)، تقول: هذا ربّ الإبل، وربّ الدار، أي مالكها، ولا يقال في غير الله إلا بالإضافة، ففي الحديث الشريف: (لا يقل أحدُكم: أطعمْ ربّك، وضّيْء ربّك، ولا يقل أحدكم ربيّ، وليقل سيّديّ ومولاي).([2])
    -
    {العالمين}: جمع عالَم، والعالم: اسم جنس لا واحد له من لفظه كالرهط والأنام.
    قال ابن الجوزي: العالم عند أهل العربية: اسم للخلق من مبدئهم إلى منتهاهم، فأمّا أهل النظر، فالعالَم عندهم: اسمٌ يقع على الكون الكلّي المُحْدَث من فلَك، وسماءٍ، وأرضٍ وما بين ذلك وفي اشتقاق العالَم قولان:
    أحدهما: أنه من العلم، وهو يقوّي قول أهل اللغة.
    والثاني: أنه من العلامة، وهو يقوّي قول أهل النظر.
    فكلُ ما في هذا الكون دالّ على وجود الصانع، المدبّر، الحكيم.
    قال ابن عباس: (ربّ العالمين أي ربّ الإنس، والجنّ، والملائكة).
    وقال بعض العلماء: كلّ صنف من أصناف الخلائق عالمٌ، فالإنس عالم، والجنّ عالم، والملائكة عالم، والطير عالم، والنبات عالم، والجماد عالم . . الخ فقيل: ربّ العالمين ليشمل جميع هذه الأصناف من العوالم.
    -
    {الرحمن الرحيم}: اسمان من أسمائه تعالى مشتقان من الرحمة ، ومعنى {الرحمن}: المنعم بجلائل النعم، ومعنى {الرحيم}: المنعم بدقائقها.


    ([1]) تفسير القرطبي (1/137).
    قلت:
    (أبو البراء): الفرق بين الحمد والشكر يكون باعتبارين:
    الأول: باعتبار أنواعه، فالشكر أعم من الحمد؛ لأن الشكر يكون باللسان والجوارح والقلب، قال تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ: 13
    الثاني: باعتبار أسبابه، فالحمد أعم من الشكر؛ لأن الحمد يكون على المحاسن والإحسان، أما الشكر فلا يكون إلا على إحسان المشكور إلى الشاكر.
    فبين الحمد والشكر عموم وخصوص، فالعموم هو الثناء باللسان على النعمة، وينفرد الحمد في الثناء باللسان على ما ليس بنعمة من الجميل الاختياري، وينفرد الشكر بالثناء بالقلب والجوارح على خصوص النعمة.
    ([2]) متفق عليه من حديث أبي هريرة: البخاري (2552)، ومسلم (6014)، ولفظه:
    (لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ. وَلْيَقُلْ سَيِّدِى مَوْلاَىَ. وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِى أَمَتِى. وَلْيَقُلْ فَتَاىَ وَفَتَاتِى وَغُلاَمِى).



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    ولفظ {الرحمن}معناه: ذو الرحمة التي لا نظير له فيها قال الخطّابي: فـ {الرحمن} ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم ومصالحهم، وعمّت المؤمن والكافر.
    و
    {الرحيم} خاص للمؤمنين كما قال تعالى: {وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيماً} [الأحزاب: 43].
    ولا يجوز إطلاق اسم (الرحمن) على غير الله تعالى؛ لأنه مختص به جلّ وعلا، بخلاف الرحيم فإنه يطلق على المخلوق أيضًا قال تعالى:
    {بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128]
    قال القرطبي: (وأكثرُ العلماء على أن الرحمن مختصّ بالله عز وجل، لا يجوز أن يسمّى به غيره، ألا تراه قال: {قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن} [الإسراء: 110]
    فعادَل الاسم الذي لا يَشْركه فيه غيره:
    {أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرحمن آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45]
    فأخبر الرحمن هو المستحق للعبادة جلّ وعزّ.
    -
    {يَوْمِ الدين}: يوم الجزاء والحساب، أي أنه سبحانه المتصرّف في يوم الدين، تصرّف المالك في ملكه، والدينُ في اللغة: الجزاءُ، ومنه قوله عليه السلام: (إفعل ما شئت كما تدين تدان).([1])
    أي كما تفعل تجزى.
    قال في: (اللسان): والدينُ: الجزاء والمكافأة، ويومُ الدين: يوم الجزاء، وقوله تعالى:
    {أَإِنَّا لَمَدِينُونَ} [الصافات: 53]
    أي مجزيّون محاسبون، ومنه الديّان في صفة الله عز وجل.
    -
    {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}: نعبدُ: نذلّ ونخشع ونستكين، لأن العبودية معناها: الذلّة والاستعانة، مأخوذ من قولهم: طريق معبّد أي مذلّل وطئته الأقدام، وذلّلته بكثرة الوطء، حتى أصبح ممهدًا.
    والمعنى: لك اللهمّ نذل ونخضع ونخصك بالعبادة لأنك المستحق لكل تعظيم وإجلال، ولا نعبد أحدًا سواك.
    -
    {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: الاستعانة: طلب العون، قال الفراء: أعنتهُ إعانةً، واستعنتهُ واستعنت به، وفي الدعاء: (ربّ أعنّي ولا تُعِنْ عليّ).([2])، ورجل معوان: كثير الإعانة للناس، وفي حديث ابن عباس: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله).([3])


    ([1]) ضعيف جدًا: رواه البيهقي في الأسماء والصفات، ورواه في كتاب الزهد له عن أبي قلابة مرسلًا، ورواه ابن عدي في الكامل من طريق محمد بن عبد الملك الأنصاري: عن نافع، عن ابن عمر، ومحمد بن عبد الملك متروك الحديث، وراه أحمد في الزهد من طريق أبي قلابة عن أبي الدرداء موقوفًا. انظر تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري، للزيلعي (1/26).

    ([2]) صحيح: أبو داود (1510)، والترمذي (3897)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه (3962)، وصححه الألباني، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو يَقُولُ: (رَبِّ أَعِنِّى وَلاَ تُعِنْ عَلَىَّ وَانْصُرْنِى وَلاَ تَنْصُرْ عَلَىَّ وَامْكُرْ لِى وَلاَ تَمْكُرْ عَلَىَّ وَاهْدِنِى وَيَسِّرِ الْهُدَى لِى وَانْصُرْنِى عَلَى مَنْ بَغَى عَلَىَّ رَبِّ اجْعَلْنِى لَكَ شَكَّارًا لَكَ ذَكَّارًا لَكَ رَهَّابًا لَكَ مِطْوَاعًا لَكَ مُخْبِتًا إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِى وَاغْسِلْ حَوْبَتِى وَأَجِبْ دَعْوَتِى وَثَبِّتْ حُجَّتِى وَسَدِّدْ لِسَانِى وَاهْدِ قَلْبِى وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِى).

    ([3]) صحيح: الترمذي (2706)، وقال هذا حديث حسن صحيح، وأحمد (2668)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فَقَالَ: (يَا غُلاَمُ إِنِّى أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ).



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    والمعنى: إيّاك ربنا نستعين على طاعتك وعبادتك في أمورنا كلها، فلا يملك القدرة على عوننا أحد سواك، وإذا كان من يكفر بك يستعين بسواك، فنحن لا نستعين إلا بك.

    - {اهدنا}: معناه: دلّنا على الصراط المستقيم، وأرشدنا إليه، وأرنا طريق هدايتك الموصلة إلى أنْسك وقُربك.

    والهداية في اللغة: تأتي بمعنى الدلالة كقوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فاستحبوا العمى عَلَى الهدى} [ فصلت : 17 ]
    وتأتي بمعنى الإرشاد وتمكين الإيمان في القلب كما قال تعالى:
    {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ} [ القصص: 56 ].


    فالرسول صلى الله عليه وسلم هادٍ بمعنى أنه دالّ على الله {وَإِنَّكَ لتهدي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [ الشورى: 52 ]
    ولكنه لا يضع الإيمان في قلب الإنسان.


    - {الصراط المستقيم}: الصّراط: الطريقُ، وأصله بالسين (السّراط) من الاستراط بمعنى الابتلاع، سميّ بذلك لأنّ الطريق كأنه يبتلع السالك.

    قال القرطبي: أصلُ الصراط في كلام العرب: الطريق.

    والعرب تستعير (الصراط) لكل قولٍ أو عملٍ وصف باستقامةٍ أو اعوجاج، والمراد به هنا ملّة الإسلام.

    - {المستقيم}: الذي لا عوج فيه ولا انحراف، ومنه قوله تعالى: {وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه} [الأنعام: 153]
    وكلّ ما ليس فيه اعوجاج يسمّى مستقيمًا.


    ومعنى الآية: ثبّتنا يا ألله على الإيمان ، ووفقنا لصالح الأعمال، واجعلنا ممن سلك طريق الإسلام، الموصل إلى جنّات النعيم.

    - {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}: النعمةُ: لينُ العيش ورغده، تقولُ: أنعمتُ عينَه أي سررتها، وأنعمتُ عليه بالغتُ في التفضيل عليه، والأصل فيه أن يتعدّى بنفسه، تقول: (أنعمتُه) أي جعلته صاحب نعمة، إلاّ أنه لمّا ضمنِ معنى التفضل عليه عدّي بعلى {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}.

    قال ابن عباس: هم النبيّون، والصدّيقون، والشهداء، والصالحون، وإلى هذا ذهب جمهور المفسّرين، وانتزعوا ذلك من قوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ الله والرسول فأولئك مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً} [النساء: 69].

    - {المغضوب عَلَيْهِم}: هم اليهود لقوله تعالى فيهم: {وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ الله} [آل عمران: 112] وقوله تعالى: {مَن لَّعَنَهُ الله وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القردة والخنازير . . .} [المائدة: 60].

    - {الضآلين}: الضلاّل في كلام العرب هو الذهاب عن سَنَن القصد، وطريق الحق، والانحراف عن النهج القويم، ومنه قولهم: ضلّ اللبن في الماء أي غاب، قال تعالى: {وقالوا أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض . . . } [السجدة: 10]
    أي غبنا بالموت فيها وصرنا ترابًا.


    والمراد بالضالين (النّصارى) لقوله تعالى فيهم: {قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السبيل} [المائدة: 77].

    وقال بعض المفسّرين: الأولى أن يُحمل: {المغضوب عَلَيْهِم} على كلّ من أخطأ في الأعمال الظاهرة وهم الفُساق، ويُحمل: {الضالّون} على كل من أخطأ في الاعتقاد، لأنّ اللفظ عامٌ، والتقييد خلاف الأصل، والمنكرون للصانع والمشركون أخبثُ دينًا من اليهود والنّصارى، فكان الاحتراز عن دينهم أولى، وهذا اختيار الإمام الفخر.

    وقد ردّه الألوسي؛ لأن تفسير المغضوب عليهم والضالين بـ (اليهود والنصارى) جاء في الحديث الصحيح المأثور فلا يُعتد بخلافه.

    وقال القرطبي: (جمهور المفسّرين أن المغضوب عليهم اليهود، والضآلين النصارى، وجاء ذلك مفسّرًا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عديّ بن حاتم وقصة إسلامه.([1])

    وقال أبو حيان: وإذا صحّ هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب المصير إليه.

    أقول: ما ذكره الفخر الرازي ليس فيه ردّ للمأثور، بل إنّه عمّم الحكم فجعله شاملًا لليهود والنصارى ولجميع من انحراف عن دين الله، وضلّ عن شرعه القويم، حيث يدخل في اللفظ جميع الكفّار والمنافقين.

    - {آمين}: كلمة دعاء وليست من القرآن الكريم إجماعًا، بدليل أنها لا تكتب في المصحف الشريف، ومعناها: استجب دعاءنا يا رب.

    قال الألوسي: ويُسنّ بعد الختام أن يقول القارئ (آمين)، لحديث أَبِي مَيْسَرَةَ، (أَنَّ جَبْرَائِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَقْرَأَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، فَلَمَّا قَالَ: {وَلَا الضَّالِّينَ}، قَالَ : قُلْ : آمِينَ، فَقَالَ: آمِينَ).([2])



    ([1]) حسن : الترمذي (2954)، مختصرًا بلفظ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( الْيَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ وَالنَّصَارَى ضُلاَّلٌ)، ورواه مطولًا (2953)، وأحمد (19381)، وصححه الألباني.


    ([2]) مرسل: مصنف ابن أبي شيبة (8044)، وأبو ميسرة هو: (عمرو بن شُرحبيل الهمداني الكوفي)، في سماعه من عمر بن الخطاب كلام فما بالك بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في المراسيل (516): (حديثه عن عمر مرسل)، وكذا حكم عليه ابن حجر في الفتح (8/719).



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    المعنى الإجمالي:


    علّمنا الله - تقدّست أسماؤه - كيف ينبغي أن نحمده ونقدّسه، ونثني عليه بما هو أهله، فقال ما معناه: يا عبادي إذا أردتم شكري وثنائي فقولوا: الحمد لله ربِّ العالمين، اشكروني على إحساني وجميلي إليكم، فأنا الله ذو العظمة والمجد والسؤدد، المتفرد بالخلق والإيجاد، ربّ الإنس والجن والملائكة، وربّ السماوات والأرضين، وأنا الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، وعمّ فضله جميع الأنام، فالثناء والشكر لله ربّ العالمين، دون ما يعبد من دونه، بما أنعم على عباده من الخلق والرزق وسلامة الجوارح، وهداية الخلق إلى سعادة الدنيا والآخرة، فهو السّيّد الذي لا يبلغ سؤدده أحد، والمصلح أمر عباده بما أودع في هذا العالم من نظام، يرجع كلّه بالمصلحة على عالم الإنسان والنبات والحيوان، فمن شمسٍ لولاها ما وجدت حياة ولا موت ، ومن غذاءٍ به قوام البشر ، ومياه بها حياة النبات والحيوان، وأنا المالك للجزاء والحساب، المتصرف في يوم الدين، تصرّف المالك في ملكه، فخصوني بالعبادة دون سواي، وقولوا لك اللهمّ نذلّ ونخضع، ونستكين ونخشع، ونخصّك بالعبادة، ولا نعبد أحدًا سواك، وإيّاك ربّنا نستعين على طاعتك ومرضاتك، فإنك المستحقّ لكل إجلال وتعظيم، ولا يملك القدرة على عوننا أحد سواك.

    فثبتنا يا ألله على الإسلام دينك الحق، الذي بعثت به أنبياءك ورسلك، وأرسلت به خاتم المرسلين، وثبتنا على الإيمان، واجعلنا ممّن سلك طريق المقربين، طريق النبيّين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

    ولا تجعلنا يا ألله من الحائرين عن قصد السبيل، السالكين غير المنهج القويم، من الذين ضلّوا عن شريعتك القدسية، وكفروا بآياتك ورسلك وأنبيائك، فاستحقوا اللعنة والغضب إلى يوم الدين . . اللهمّ آمين.

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اللطيفة الأولى:
    أمر الباري - جل وعلا - بالتعوذ عند قراءة القرآن:
    {فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم} [ النحل: 98 ] .
    قال جعفر الصادق: (إنه لا بد قبل القراءة من التعوذ، وأما سائر الطاعات فإنه لا يتعوذ فيها، والحكمة فيه أن العبد قد ينجس لسانه بالكذب والغيبة، والنميمة، فأمر الله تعالى العبد بالتعوذ ليصير لسانه طاهرًا، فيقرأ بلسان طاهر، كلامًا أنزل من ربٍّ طيب طاهر).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اللطيفة الثانية:
    المشهور عند أهل اللغة أن البسملة هي قول القائل: (بسم الله الرحمن الرحيم).
    وفي افتتاح القرآن الكريم بهذه الآية إرشادٌ لنا أن نستفتح بها كلّ أفعالنا وأقوالنا، وقد جاء في الحديث الشريف:
    (كلّ أمرٍ ذي بال لا يُبْدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر)، أي ناقص.([1])
    فإن قيل: لماذا نقول بسم الله، ولا نقول بالله؟
    فالجواب كما قال العلامة أبو السعود: هو التفريق بين اليمين والتيمّن يعني التبرك،
    فقول القائل: بالله يحتمل القسم ويحتمل التبرك، فذكر الاسم يدل على إرادة التبرك والاستعانة بذكره تعالى، ويقطع احتمال إرادة القسم.



    ([1]) ضعيف جدًا تقدم الكلام عليه.



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اللطيفة الثالثة:
    يرى بعض العلماء أنّ الاسم هو عين المسمّى، فقول القائل: (بسم الله) كقوله:
    (بالله) وأن لفظ الاسم مقحم.
    قال ابن جرير الطبري: لو جاز ذلك وصحّ تأويله فيه على ما تأول لجاز أن يُقال: رأيت اسم زيد، وأكلتُ اسم الطعام، وشربت اسم الدواء، وفي إجماع العرب على إحالة ذلك ما ينبئ عن فساد تأويله، ويقال لهم: أتستجيزون في العربية أن يُقال: أكلتُ اسم العسل، يعني أكلتُ العسل؟
    أقول: الصحيح ما قاله المحققون من المفسّرين إنّ ذلك للتفريق بين اليمين والتبرك.([1])



    ([1]) هذه المسألة من المسائل المحدثة المبتدعة التي لم تظهر إلا بعد إنقضاء العصور الفاضلة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (2/29): (فإن الناس قد تنازعوا في ذلك والنزاع اشتهر في ذلك بعد الأئمة بعد أحمد وغيره والذي كان معروفًا عند أئمة السنة أحمد وغيره: الإنكار على الجهمية الذين يقولون: أسماء الله مخلوقة، فيقولون: الاسم غير المسمى وأسماء الله غيره وما كان غيره فهو مخلوق؛ وهؤلاء هم الذين ذمهم السلف وغلظوا فيهم القول؛ لأن أسماء الله من كلامه وكلام الله غير مخلوق؛ بل هو المتكلم به وهو المسمي لنفسه بما فيه من الأسماء، والجهمية يقولون: كلامه مخلوق وأسماؤه مخلوقة؛ وهو نفسه لم يتكلم بكلام يقوم بذاته ولا سمى نفسه باسم هو المتكلم به؛ بل قد يقولون: إنه تكلم به وسمى نفسه بهذه الأسماء بمعنى أنه خلقها في غيره؛ لا بمعنى أنه نفسه تكلم بها الكلام القائم به، فالقول في أسمائه هو نوع من القول في كلامه).



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي



    اللطيفة الرابعة:



    الفرق بين لفظ (الله) ولفظ (الإله) أن الأول اسم علم للذات المقدسّة لا يشاركه فيه غيره، ومعناه المعبود بحق، والثاني يطلق على الله تعالى وعلى غيره، وهو مشتق من ( ألَهَ ) ومعناه المعبود، سواءً كان بحق أو غير حق، فالأصنام التي كان يعبدها العرب تسمّى (آلهة) جمع (إله) لأنها عُبدت بباطل من دون الله، وما كان أحد يسمى الصنم (الله) بل كان العربي في الجاهلية إذا سئل: من خلقك؟ أو من خلق السماوات والأرض؟ يقول: الله، وفيهم يقول القرآن الكريم : (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله . . .) [ لقمان: 25 ] .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي



    اللطيفة الخامسة:

    في قولنا: (بسم الله الرحمن الرحيم) فوائد جليلة، منها: التبرك بذكر اسم الله تعالى، والتعظيم لله عز وجل، وطرد للشيطان؛ لأنه يهرب من ذكر اسم الله، وفيها إظهار لمخالفة المشركين، الذين يفتتحون أمورهم بذكر الأصنام أو غيرها من المخلوقين الذين كانوا يعبدونهم، وفيها أمان للخائف ودلالة على انقطاع قائلها إلى الله تعالى، وفيها إقرار بالألوهية، واعتراف بالنعمة، واستعانة بالله تعالى، وفيها اسمان من أسمائه تعالى المخصوصة به وهما (الله) و(الرحمن).

    قلت:
    (أبو البراء): ومنها: أن قائلها يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يبدأ أمره بذكر الله.
    ومنها:
    أنها أول الكلمات التي نطق بها الوحي لمحمد صلى الله عليه وسلم كانت {اقرأ بسم ربك الذي خلق}.
    ومنها:
    أنها يستجب ذكرها في مواضع كثيرة، عند قراءة القرآن وعند الوضوء وعند الطعام وعند الجماع وعند دخول الخلاء وعند لبس الثياب وعند خلعه ...



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اللطيفة السادسة:

    الألف واللام في (الحمد) لاستغراق الجنس([1])، والمعنى لا يستحق الثناء الكامل، والحمد التام الوافي، إلاّ الله ربّ العالمين، فهو الإله المنعوت بصفات الكمال، المستحق لكل تمجيد وتعظيم وتقديس، والصيغة وردت معرّفة (الحمدُ لله) للإشارة إلى أنّ الحمد له تعالى أمر دائم مستمر، لا حادث متجدّد، فتدبره فإنه دقيق.




    ([1])قلت: (أبو البراء:( الظاهر أنّ التعريف هنا هو تعريف الجنس، لأنّ المصدر هنا في الأصل -كما تقدّم- عوض عن الفعل، فلا جرم أن يكون الدالّ على الفعل والسادّ مسدّه دالاًّ على الجنس، فإذا دخل عليه اللام فهو لتعريف مدلوله، لأنّ اللام تدلّ على التعريف للمسمّى، فإذا كان المسمّى جنسًا فاللام تدلّ على تعريفه.
    ومعنى تعريف الجنس أنّ هذا الجنس هو معروف عند السامع، فإذا قلت:
    الحمد لله، أو العجب لك، فكأنّك تريد أنّ هذا الجنس معروف لديك ولدى مخاطبك لا يلتبس بغيره، كما أنّك إذا قلت: الرجل، وأردت معيّنًا في تعريف العهد النحوي، فإنّك تريد أنّ هذا الواحد من الناس معروف بينك وبين مخاطبك، فهو في المعنى كالنكرة من حيث إنّ تعريف الجنس ليس معه كبير معنىً، إذ تعيّن الجنس من بين بقيّة الأجناس حاصل بذكر لفظه الدالّ عليه لغةً، وهو كافٍ في عدم الدلالة على غيره، إذ ليس غيره من الأجناس بمشارك له في اللفظ ولا متوهّم دخوله معه في ذهن المخاطب، بخلاف تعريف العهد الخارجي فإنّه يدلّ على واحد معيّن بينك وبين مخاطبك من بين بقيّة أفراد الجنس التي يشملها اللفظ .
    وبهذا يتبيّن أنّ التعريف الداخل على الجنس لا يفيد إلاّ توكيد اللفظ وتقريره وإيضاحه للسامع، لأنّك لمّا جعلته معهوداً فقد دللت على أنّه واضح ظاهر، وهذا يقتضي الاعتناء بالجنس وتقريبه ممّا هو معروف عند المخاطب.
    وبما تقدّم لا يمكن أن تكون الألف والتعريف هنا للاستغراق،
    لذا قال الزمخشري: (فإن قلت: ما معنى التعريف في الحمد، قلت: هو تعريف الجنس ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كلّ أحد من أنّ الحمد ما هو. والاستغراق الذي يتوهّمه كثير من الناس وهْم منهم. انظر الكشاف: (1/ 9)
    إلاّ أنّه قد يُقال: إنّ معنى الاستغراق حاصل هنا، وذلك لأنّ الحكم باختصاص جنس الحمد به تعالى لوجود لام التعريف الجنس في قوله:
    (الحمد لله) ولام الاختصاص أو الملك في قوله (لله) يستلزم انحصار أفراد الحمد فيه.



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي


    اللطيفة السابعة:



    فائدةٌ ذكر {الرحمن الرَّحِيمِ}: عقب لفظ {رَبِّ العالمين} هي أن لفظ (الربّ) ينبيء عن معنى الكبرياء، والسيادة، والقهر، فربمّا توهّم السامع أن هذا الربّ قهّار جبّار لا يرحم العباد فدخل إلى نفسه الفزع، واليأس، والقنوط؛ لذلك جاءت هذه الجملة لتؤكد أن هذا الرب - جلّ وعلا - رحمن رحيم، وأن رحمته وسعت كل شيء.

    قال ابن القيم: (وأما الجمع بين (الرحمن الرحيم) ففيه معنى بديع، وهو أنّ (الرحمن) دالّ على الصفة القائمة به سبحانه، و (الرحيم) دالّ على تعلقها بالمرحوم، وكأنّ الأول الوصفُ، والثاني الفعلُ، فالأول: دالّ على أن الرحمة صفته أي صفة ذات له سبحانه، والثاني: دال على أنه يرحم خلقه برحمته أي صفة فعل له سبحانه، فإذا أردتّ فهم هذا فتأمل قوله تعالى: {وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيمًا} [ الأحزاب : 43 ] {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [ التوبة : 117 ] ولم يجيء قط رحمن بهم فعلمت أن (رحمن) هو الموصوف بالرحمة، ورحيم هو الراحم برحمته)، ثم قال رحمه الله: وهذه النكتة لا تكاد تجدها في كتاب.

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي


    اللطيفة الثامنة:



    قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب على سبيل التفنن في الكلام، لأنه أدخلُ في استمالة النفوس، واستجلاب القلوب، وهذا (الالتفات) ضرب من ضروب البلاغة، ولو جرى الكلام على الأصل لقال: (إيّاه نعبد) فعدل عن ضمير الغائب إلى المخاطب لنكتة (الالتفات) ومثله قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُورًا} [ الإنسان : 21 ] ثم قال: {إِنَّ هذا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً} [ الإنسان : 22 ] وقد يكون الإلتفات من (الخطاب) إلى (الغيبة) كما في قوله تعالى : {هُوَ الذي يُسَيِّرُكُمْ فِي البر والبحر حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [ يونس : 22 ] فقد كان الكلام مع المخاطبين، ثم جاء بضمير الغيبة على طريق الإلتفات.([1])




    ([1]) الالتفات لغة:
    الالتفات من الفعل (لفت) وهو بمعنى اللّيّ وصرف الشيء عن جهته، يقول صاحب لسان العرب: لفت وجهه عن القوم: صرفه، وتلفت إلى الشيء والتفت إليه: صرف وجهه إليه، واللفت ليّ الشيء عن جهته. لسان العرب 12/ 301.
    الالتفات عند البلاغيين:
    هو الانتقال بالأسلوب من صيغة التكلم أو الخطاب أو الغيبة إلى صيغة أخرى من هذه الصيغ، بشرط أن يكون الضمير في المنتقل إليه عائداً في نفس الأمر إلى الملتفت عنه، بمعنى أن يعود الضمير الثاني على نفس الشيء الذي عاد إليه الضمير الأول، فمثلاً قولك:
    (أكرم محمدًا وأرفق به) ليس من الالتفات؛ فالضمير الأول في (أكرم) للمخاطب أي: أنت، والضمير الثاني للغائب، ففيه انتقال من ضمير المخاطب إلى ضمير الغائب، ومع ذلك لا يسمى التفاتاً؛ لأن الضميرين ليسا لشخص واحد، فالأول للمخاطب والثاني لمحمد. فن البلاغة لعبد القادر حسين، ص 280




    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اللطيفة التاسعة:

    وردت الصيغة بلفظ الجمع في الجملتين
    {نَعْبُدُ} و {نَسْتَعِينُ} ولم يقل : (إياّاك أعبد وإيّاك أستعين)، وذلك لنكتةٍ لطيفة، هي اعتراف العبد بقصوره عن الوقوف في باب ملك الملوك جلّ وعلا، وطلبه الاستعانة والهداية مفردًا دون سائر العرب، فكأنه يقول : (يا رب أنا عبد حقير، ذليل، لا يليق بي أن أقف هذا الموقف في مناجاتك بمفردي، بل أنا أنضم إلى سلك الموحّدين، وأدعوك معهم، فتقبّل دعائي معهم، فنحن جميعًا نعبدك ونستعين بك).
    وتقديم المفعول على الفعل
    {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} و {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يفيد القصر والتخصيص كما في قوله: {وإياي فارهبون} [ البقرة : 40 ]
    كما يفيد التعظيم والاهتمام به .
    قال ابن عباس رضي الله عنهما:
    معناه نعبدك ولا نعبد غيرك.([1])



    ([1]) أخرجه ابْن جرير، وَابْن أبي حَاتِم، من طَرِيق الضَّحَّاك وَعنهُ. انظر الفتح السماوي بتخريج أحاديث القاضي البيضاوي (1/104)، للمناوي.



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •