اعتماد المدخل القصصي في مقررات اللغة العربية الخاصة بالقراءة في مراحل ما قبل التعليم الجامعي- سبب الحشو الذي تحاربه الوزارة
(1)
في مقالي "التناقض في مقدمات الأدلة الإرشادية للقرائية ومقدمات كتب اللغة العربية لما قبل التعليم الجامعي" أشرت إلى التناقض الموجود في كتب اللغة العربية من وهم إحداث التكامل بين علوم اللغة العربية لا لشيء إلا بذكرها في وحدات مدرجة في كتاب واحد.
وهنا أتناول مظهرا جديدا من مظاهر هذا التناقض المنهجي في كتب اللغة العربية بين النظرية والتطبيق.
ما هو؟
إنه التناقض بين الهدف الذي تعلنه الوزارة من وجوب عدم وجود حشو وبين أسلوب كتابة موضوعات اللغة العربية التي تستوجب الحشو اللفظي.
كيف؟
إنها تختار من بين أساليب التعبير عن الفكر الأسلوب الأكثر بعدا عن هدف عدم الحشو.
كيف؟
إن أساليب التعبير عن الفكر تتنوع ثلاثة أنواع.
ما هي؟
إنها: الأسلوب الأدبي، والأسلوب العلمي، والأسلوب العلمي المتأدب.
فيم تختلف؟
تختلف في الصوروالأخيلة التي تخاطب النفس والقلب والمخيلة في الأسلوب الأدبي، والمعلومات والعرض التحليلي أو المنطقي التي تخاطب العقل في الأسلوب العلمي، والمزج بينهما بقدْرٍ في العلمي المتأدب.
فإن أردنا الزخرف اللفظي والإطالة التعبيرية اخترنا الأسلوب الأدبي، وإن أردنا الاختصار اعتمدنا الأسلوب العلمي.
وعلى أي صورة يأتي الأسلوب بمختلف أنواعه؟
إن الأسلوب يتلبَّس الأجناس الأدبية المختلفة من قصة أو مقال أو مسرحية أو رواية، لكن هناك أجناس أدبية تلائم أحد الأساليب أكثر من غيرها.
مثل ماذا؟
مثل المقال الذي يلائم السرد العلمي الذي يبغي القصد وعدم التطويل؛ فهو على الرغم من صلاحيته للأسلوب الأدبي فإنه يلائم العلمي لمباشرته التعبيرية.
(2)
فهل تسلك كتب اللغة العربية هذا السبيل؟
لا.
كيف؟
إنها تختار المدخل القصصي الذي يكون سببا في التطويل والحشو، وتختار من زوايا القص الزاوية الأكثر عرضة للتطويل.
كيف؟
إن للسرد القصصي أكثر من رؤية وزاوية للقص، وهي تختلف فيما بينها من وسائل التعبير الفني.
ما هي؟
هناك وجهة نظر القاص الملم بكل شيء، وفي هذا النوع الذي يتبنى وجهة نظر الغائب لا بد من تناول السرد الشخصيات والأحداث والحوارات تناولا أكثر تطويلا من النوع الثاني.
وما النوع الثاني؟
إنه القاص الذي يعتمد ضمير المتكلم الذي يمكن أن يسرد المعلومات من دون تطويل في صورة أقرب إلى مباشرة المقال.
(3)
ماذا يختار مؤلفو موضوعات اللغة العربية لا سيما كتب مرحلتي التعليم الأساسي؟
إنهم يختارون للقص وجهة نظر الغائب الذي يطيل أكثر من بقية وجهات النظر القصصي الأخرى.
وماذا في هذا؟
فيه تناقض مع هدف من أهداف الوزارة الرئيسة التي تعلن كثيرا وجوب وجودها في مقرراتها الذي ذُكِر في صدر المقال.
ما هو؟
إنه محاربة الحشو والتطويل؛ فإن هذا الهدف يتناقض واختيار المدخل القصصي في كتابة موضوعات اللغة العربية، ويزداد التناقض حدة باختيار وجهة نظر الغائب للسرد القصصي التي تتطلب مدخلا لذكر المعلومة أطول من المدخل الذي يمكن أن يكون في المقال.
ومن يبتغي المعرفة فليمض إلى أحد موضوعات اللغة العربية المصوغة صياغة قصصية، وليحدد معلوماتها وقضاياها المتضمنة، ثم يذكر هذه المعلومات وقضاياها المتضمنة في مقال، ولير الفرق اللفظي بينهما؛ اللفظي لأن القراءة تقرأ، والحرفي لأنها مكتوبة وقد يكتبها المتعلم للتدريب.