نص المقال :
بسم الله الرحمن الرحيم
00000 إن دمج الكلمات الاربع ( كل وشيئ ) و ( الذين وهم ) فيما أورده مصحف مؤسسة مطبوعاتي علمي ( elmi ) في طهران لم يكن شاملا لكل ما ورد في القرآن منها كما أسلفنا في القسم الاول ، فقد أوردها فيما سواها مفصولة في كل القرآن ما يعني أن المصحف الشريف المذكور قد اتسع فيه خلاف الرسم القرآني الشريف . كما أن مصاحف ايرانية اخرى مطبوعة جاءت فيها الكلمات الاربع مفصولة ، وجاء مصحف الجمهورية الاسلامية في ايران في هذا القرن الخامس عشر الهجري وبخط الشيخ عثمان طه ( أطال الله في عمره ) على رسم مصحف المدينة النبوية الشريف والكلمات الاربع مفصولة فيه ولا دمج فيها. ونفس الشيئ وردت مفصولة في مصاحف الدولة العثمانية التي طبعته في استانبول واستمرت تطبع بعد انقضاء عهد العثمانيين وذلك في استانبول وفي البلدان العربية طيلة القرن الرابع عشر الهجري الفائت كدمشق في بلاد الشام وبغداد في العراق والقدس في فلسطين وبيروت في لبنان ووزعت مكتبات مرزا في المملكة العربية السعودية .وطبعت كذلك في طهران في ايران وبيونس ايرس في الارجنتين في امريكا الجنوبية ( والله تعالى هو الوارث في كل العصور لكتابه الكريم في عباده والى ان يرث الارض ومن عليها يوم الدين يوم يقوم الناس بين يديه وهو رب العلمين وهو خير الوارثين ) .
إن ذلك كله يدفعنا قبل كل شيئ الى تتبع المصاحف المخطوطة الشريفة التي ترتقي الى القرون الهجرية المبكرة كلما امكن وتوفرت للبحث والدراسة للوصول الى حكم قاطع فيما ذهب اليه المصحف الايراني الذي نحن بصدده سواء في الكلمات الاربع التي وصلها ودمجها كلمتين كلمتين او حتى في غيرها مما تتطلبه دراسة الرسم والخط فيه . من جانب اخر فأن مصاحف ايرانية اخرى مطبوعة ترد فيها الكلمات الأربع ( حد الاطلاع ) موصولة ايضا ، ومصاحف اخرى مخطوطة في العصور الحديثة تتزامن مع بدايات عصور الطباعة وتعود للقرن الثالث عشر الهجري وقد شاهدناها من على شبكة المعلومات والاتصالات الدولية ( انترنت) ترد فيها الكلمات الاربع موصولة تعيدنا كلها الى نفس الاهمية التي يعلقها الكاتب عن الحاجة الى مصاحف مخطوطة قديمة ظل كاتبوها متمسكين بالرسم العثماني دون الترخص او التأثر بخط الهجاء والاملاء العربي . وحتى يتوفر للكاتب ولأي دارس وباحث اخر مثل هذه المصاحف الشريفة نجد أن من المناسب جدا الرجوع الى مصنفات هجاء ورسم المصاحف الاولى التي فصّلت في صورة رسم كلمات القرآن في الآيات الكريمة . وقد تكون مثل هذه المصنفات وافية بالمراد حين تتحدث عن رسم المصاحف العثمانية الائمة والمصاحف القديمة التي نسخت عنها وذلك في عصر مؤلفي تلك المصنفات . وبهذا الخصوص نشير الى اقدم هذه المراجع ومنها مثلا كتاب ( هجاء مصاحف الامصار ) لابي العباس المهدوي ( ت 440 هجري ) ، وكتاب ( المقنع في رسوم مصاحف الامصار ) للامام أبي عمرو الداني ( ت 444 هجري ) .
فالمهدوي وهو عالم في العربية والقراءآت يورد ما وقع في القرآن من مقطوع وموصول ويبيّن العلة فيه حين يقول : (ان علة وقوع المقطوع والموصول في القرآن هو من كتاب الكاتب على لفظ المملي وكذلك المدغم فأن ذلك جائز فما كتب مقطوعا كان على الاصل ، واذا كتب موصولا فلكثرة الاستعمال حتى صار ككلمة واحدة ).
اما الامام ابو عمرو الداني فيروي باسناده عن بشر بن عمر عن معلّى قوله : ( كنا اذا سألنا عاصما عن المقطوع والموصول ، قال : سواء لا ابالي اقطع ذا ام وصل ذا انما هو هجاء ). ويعقب الامام الداني على قول الامام عاصم هذا بقوله : ( واحسبه يريد المختلف في رسمه من ذلك دون المتفق على رسمه منه ) . ومن قول أبي العباس المهدوي يتبين أن وقوع المقطوع والموصول في القرآن هو من كتابة الكاتب على لفظ المملي . وان المقطوع والموصول كما يراه الامام عاصم هو من الهجاء . وفي هذين القولين مايفيد بوضوح أن كتابة المصاحف كانت تجري وتتم في المقطوع والموصول وغيرهما (بقدر ما )على أبواب من هجاء العربية . ومن الثابت المعروف في تاريخ القرآن كتابة الناس للقرآن على قراءة ائمة القراءة ومن افواههم كالكسائي كما ذكر ذلك ابن قتيبة ( ت 276 هجري ) في كتابه أدب الكاتب . يتبع القسم الثالث والاخير بعون الله تعالى