تأملت في سورة الطلاق فإذا هي وحدها مفتاح حل لكثير من النزاعات بين الزوجين بعد طلاقهما .



فالسورة ليست تذكر أحكاما فحسب ، بل تذكر ما هو أعظم من ذلك ، وهو كيف يمكن أن يحافظ المرء على #دينه الذي قد يضيع بعض منه في مثل هذه المشاحنات ، حيث تراه #صخرة خلقاء لا تستجيب للمرتقي، #وحية صماء لا تسمع للراقي !!


فالناظر لبيوت كثير من المسلمين يجد أنه ما يتم الطلاق إلا وتتبدل المعاملات من حسن لسيء ، ومن سيء لأسوأ.


#فالرجل قد أسكرته خمرة الكبر، واستهوته غرة التيه !


#والمرأة تقول بهتاً، وزوراً بحتا !


وما أنزل الله من داء ، إلا وأنزل له دواء ، وفي هذه السورة من ذلك :


أن الله سبحانه نوع بين #الترغيب_والترهي ب فيها ، حتى يكون أمر المرء دائرا بين حسنيين ، إما إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان.



فمن الترغيب:


أنه في أكثر من آية يوصي (( واتقوا الله )) ، ويوصي بأمور إما أن تجلب المودة بعد الفراق ، أو تبعد نزغات الشيطان في تصويره لكل واحد قسيمه على صورة في بعده غير التي هو عليه في الحقيقة (( لا تخرجوهن ولا يخرجن )) .


وتعليل ذلك بقوله تعالى ((لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا )). أي : أمرا يزول به سبب الطلاق ، ويتغير به ما في النفوس ، #وقلَّ أن يكون ذلك الأمر إن خرجت المرأة أو أخرجها الرجل.


ثم بيان أن (( ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر )) وأنه (( من يتق الله )) في إيقاعه الطلاق على وجه صحيح ، لا على وجه بدعي ، ولا على وجه ظلم وبغي (( يجعل له مخرجا )) من همه وكربه ، (( ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، وأي رزق دون ذلك ففوته غنيمة، والظفر به هزيمة .


ولكي لا يحزن أحد الطرفين على ما يبديه من معروف ويقابل عليه بالإساءة والنكران ، أمر الله بالتوكل عليه ((ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) .


ومن لم يصلح معه الترغيب ، فإنه يزجره الترهيب ، فذكر الله عز وجل أن هذه ليست أحكام البشر لينازع فيها (( وتلك حدود الله ، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه)) حتى لا يجور ، ولا تبغي المرأة ، بل يتقي كل منهما ربه .


ثم أتبع الله عز وجل آيات الطلاق #بأعظم_مخوف رأيته على الإطلاق فيها ، إذ يقول سبحانه بعد سبع آيات متواليات (( وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا ، وعذبناها عذابا نكرا ، فذاقت وبال أمرها ، وكان عاقبة أمرها خسرا ، أعد الله لهم عذابا شديدا ، فاتقوا الله يا أولي الألباب ...)) .


فمما وقر في قلبي ، أن هذه الآية لها ارتباط بما قبلها ، ومن أُرشد لذلك تبين له لماذا من يخالفون أمر الله في الطلاق يقعون في ضنك وعذاب وخسران ، فإنها طائفة خرجت عن حد الاعتدال، وذهبت ذات اليمين وذات الشمال (( فذاقت وبال أمرها ، وكان عاقبة أمرها خسرا )) .


ومن يتقه ، فيوقعه على ما أمر الله ، ولا يبغي ولا يظلم (( يجعل له مخرجا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ) ) .


((فاتقوا الله ياأولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ، رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا )) .

http://elmokhalestv.com/index/details/id/84316