دور الاحتياج اللفظي في تدنِّي مستوى الكلام


التقديم القبيح
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،فالألفاظ هي المعاني أو هي الصورة الحسية للمعاني التي يربط المتكلم بينها برابط الاحتياج والأهمية المعنوية ،فيخضع ترتيبها للضابط المعنوي غالبا ، وربما كان ترتيبها بالضابط اللفظي ،ومما تم تقديمه بالضابط اللفظي قول الشاعر:
فقد – والشك – أظهر لي عناء// بوشك فراقهم صرد يصيح
والأصل فيه هو:
فقد أظهر صردٌ يصيح بوشك فراقهم والشكُ عناءً لي
لكنَّ الشاعر وقع في ثلاثة أشياء مكروهة أو قبيحة تحت ضغط الضابط اللفظي ، وهي:
أولا : تقديم المعطوف على المعطوف عليه ، والمباعدة بينهما كثيرا ، ولو أنه اكتفى بتقديمه لغفر له العرب ذلك ،لأن من العرب من يقول: قام ثم زيد عمرو.
ثانيا:الفصل بين قد والفعل بواسطة المعطوف،في قوله:


فقد والشكُّ

ولا حاجة معنوية للحرف "قد" مع المعطوف ،حيث إنَّ "قد" تفيد تحقيق أو تشكيك الفعل ولا حاجة معنوية بينها وبين الاسم.
ثالثا:تقديم مطلوب الصفة على الصفة والموصوف ،في قوله :

بوشك فراقهم صرد يصيح
وهو تقديم أقل قبحا من سابقه لأن مطلوب الصفة بقي قريبا منهما.
وبسبب عدم توافر شرط الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية بين أجزاء التركيب يٌصنّف التقديم فيه بأنه من التقديم القبيح ،ويصنّف قول الشاعر بأنه من المستقيم القبيح ،فكل ما يقوله العربي مقبول ،من المستقيم الحسن إلى القبيح إلى الكذب ،ما لم يلبس أو يناقض نفسه ، فما دام الكلام غير ملبس فهو جدير بالاحترام والقبول ،ويكفي المتكلم أن يقول كلاما مفهوما بعيدا عن اللبس والتناقض.

وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ، وباختصار:الإنسا يتحدث تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس.