"لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا، ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت".. هذا ما قاله حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم...
بل شارك فيه حقيقة، وكان في العشرين من عمره، وملخص هذا الحلف:
أن قبائل قريش اجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان، فتعاقدوا، وتعاهدوا، على أن لا يجدوا بمكة مظلومًا، دخلها من سائر الناس، إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه، حتى ترد عليه مظلمته...
سبب هذا الحلف:
أن رجلاً زبيديا، قدم مكة ببضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل، ولم يدفع له الثمن، فاستنجد الزبيدي فلم ينجده أحد، بل انتهروه، فصعد على جبل أبي قبيس عند طلوع الشمس، وقريش في أنديتهم حول الكعبة، فصاح بأعلى صوته:
يا آلَ فِهْرٍ لِمَظْلُومٍ بِضَــاعَتُهُ *** بِبَطْنِ مَكَّةَ نَائِي الدَّارِ وَالنَّــفَرِ
وَمُحْرِمٍ أَشْعَثٍ لَمْ يَقْضِ عُمْرَتَهُ *** يَا لَلرِّجَالِ وَبَيْنَ الْحِجْرِ وَالْحَجَرِ
إِنَّ الْحَرَامَ لِمَنْ مَاتَتْ كَـرَامَتُهُ *** وَلاَ حَرَامَ لِثَوْبِ الفَاجِرِ الغُــدَرِ
فاجتمعت قبائل قريش، وتم الحلف، وقال الزبير بن عبد المطلب: "ما لهذا مترك"، أي: لا نتركه حتى نرد له حقه...
الدرس المستفاد:
- وجوب إقامة مثل هذا الحلف للدفاع عن المظلومين..
- لا مانع أن تضع يدك مع من يقف مع المظلومين، حتى ولو لم يكن مسلما، إذا تأكدت بأنه ليس له أهداف ضد الإسلام..
- عدم إلغاء الطرف الآخر أو تهميشه إذا عرفنا أنه يقف مع الحق...
- ومن باب أولى عليك أن تضع يدك مع أية جماعة مسلمة اشتهرت بالعدل والحق والإنصاف ونصرة المظلوم..