من متشابهات القرآن الكريم


رضوان الله - تعالى - مسك الختام
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قوله تعالى :"* وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوانٌ من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم"* هذه الآية الكريمة مبنية على وعد الله - تعالى - للمؤمنين والمؤمنات ،أما الأشياء التي وعدوا بها فهي الجنة والمساكن الطيبة ، وقد تقدم ذكرالجنات على ذكرالمساكن الطيبة لأنها أعظم وأهم من الثانية ، كما أن الثانية في الأولى ، فيجب أن تتقدم الجنات على المساكن الطيبة ، والواو في قوله تعالى "ورضوانٌ " استئنافية ،لأن "رضوان"مرفوعة وما قبلها منصوب ، فهي ليست معطوفة على ما قبلها ،وليس بينهما احتياج معنوي ، أو أهمية معنوية ، وهذا الرضوان لم يوعدوا به ، وليس مبنيا على فعل الوعد ، لأنه سيكون بعد دخول الجنة ،لاحظ معي كيف عطف الرضوان على ما قبله لأن الآية الكريمة مبنية على ما للذين آمنوا عند ربهم ، قال تعالى :"* قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جناتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواجٌ مطهرةٌ ورضوانٌ من الله والله بصير بالعباد"*، وكذلك هنا تم تقديم الجنة على الأزواج المطهرة ،لأن الجنات أعظم وأهم ، ولأن الزوجة في الجنة ، ولا تكون الثانية إلا في الأولى . وفي الآية الكريمة الأولى ذُكرت المساكن الطيبة لأنها للمؤمنين وللمؤمنات ، أما في الآية الكريمة الثانية فقد ذُكرت الأزواج المطهرة لأن الآية الكريمة تتحدث عن جزاء الذين اتقوا . وفي الآيتين الكريمتين تم تقديم النعيم المادي على النعيم المعنوي ،لأن المؤمنين تركوا ملذات الحياة وشهواتها ،وسيجازيهم الله بأحسن منها في الآخرة ، كما أن النعيم المادي متقدم على النعيم المعنوي بالزمن ،قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ! فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ! فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : ما لنا لا نرضى ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ؟ فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك ، قالوا : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك !؟ قال : أحل عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا " فهذا النعيم هو مسك الختام . وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس .

[/center]