تمايز إعراب التراكيب في إطار الصيغة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في هذين التركيبين اللذين يتمايزان من حيث الإعراب في إطار الصيغة نظرا لتغير منزلة المعنى بين أجزاء التركيب:
قال تعالى:"*فأما اليتيم َ فلا تقهر"*.
ونقــــــول:" فأما اليتيمُ فلا تقهره".
في التركيب الأول تقدم المفعول نحو "أما" ،بحسب الأهمية المعنوية ،بينها وبين المفعول ،لأنها أداة شرط وتوكيد وتفصيل ،ولأنها داخلة لمعنى فيه ، وهو معنى الشرط والتوكيد والتفصيل ، وتم نصب المفعول والفعل ما زال في الذاكرة ، وتم الربط بين الفعل والمفعول برابط الاحتياج المعنوي ،وتم التدليل على هذه العلاقة بواسطة علامة أمن اللبس ،وقد بقي المفعول مفعولا رغم تقدمه لأن الفعل ما زالا محتاجا إليه ،ومكانه شاغر،لم يُملأ بما يحتاجه الفعل الذي بعده ،والمفعول ما زال مبنيا على الفعل المتأخر .وقد اختار سبحانه وتعالى التركيب الأول لأنه يلبي الهدفين:المعنوي واللفظي ،لأن فواصل الآيات الكريمة ساكنة ،والوقوف على الهاء فيه صعوبة.
أما في التركيب الثاني فقد تقدم المفعول الذي سيصبح مبتدأ نحو "أما" ،بحسب الأهمية المعنوية ،بينها وبين المفعول لأنها أداة شرط وتوكيد وتفصيل،ولأنها داخلة لمعنى فيه ، وهو معنى الشرط والتوكيد والتفصيل ، وتم رفع الاسم المتقدم ليكون مبتدأ (مبني عليه) وتم إشغال الفعل المتأخر بضمير الاسم المتقدم حتى يخرج الاسم المتقدم من طلب الفعل ،والجملة الفعلية خبر للمبتدأ المتقدم
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ، وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز إعراب التراكيب .