من متشابهات القرآن الكريم
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في هاتين الآيتين الكريمتين:
قال تعـــالى:"فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ"
"وقال :"وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاءالآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشرمثلكم
في الآية الكريمة الأولى قرن الوصف "الذين كفروا" إلى الموصوف "الملأ" ثم جاء بالحال "الجار والمجرور"،فكان منتهى بيان فاعل قال ، ثم جاء بالقول ، ومثل ذلك قوله :"وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ" وهذا هو الأصل حيث ترتب الكلام بحسب الأهمية المعنوية ،أما في الجملة الثانية فقد عُطفت أفعال على الصفة وهي قوله "الذين كفروا" فقدم "من قومه" الحال ، وأخر "الذين كفروا" الصفة ، ليتصل الحال مع صاحب الحال بحسب الأهمية المعنوية ،لأن تأخيره يضعف العلاقة المعنوية بين الحال وصاحب الحال ،وعندها لا يُعتقد أن الملأ من قومه ، كما أن تأخيره ملبس ، وحتى لا يُحال بين الصفة "الذين كفروا" وبين ما عُطف عليها من صفات ، ولو أدى هذا إلى الفصل بين الصفة والموصوف بالحال ،وهذا هو العدول عن الأصل.
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ،وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل .