بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة الثالثة عشر من : قراءة شيخنا أبي عُبُود - عبد الله بن عبود باحمران - لكتاب ( الجامع في العلل والفوائد / للدكتور ماهر الفحل ) .
قال الشيخ الفاضل أبو عُبُود عبدالله بن عبود باحمران - حفظه الله ووفقه :

الحلقة الثالثة عشر :


1) قال الدكتور في (1/118-119) : (( وإنَّ مما يؤسف له أنَّ كثيراً ممن ينتحل صناعة الحديث ، ظن أنَّ هذه الصناعة قواعد مضطردة كقواعد الرياضيات ؛ فأصبح يعمل القواعد على ظواهر الأسانيد ، ويحكم على الأحاديث على حسب الظاهر ، بل ربما كان قصارى جهد أحدهم الحكم على الإسناد من خلال " تقريب " الحافظ ابن حجر وما أشبه ذلك ، من غير مراعاة لما يلحق الرواية سنداً ومتناً من ملابسات وعلل وأخطاء واختلافات . وإننا لنلمح هذا كثيراً حينما نجد تصحيحات المتأخرين تخالف إعلال المتقدمين )) أهـ .
أ*) إذا وُجد هذا واقعاً ؛ فإني أشارك الدكتور أسفه حزناً على حديث وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يدخل فيها ما ليس منها .
ب*) الدكتور بدأ بقوله : (( أنَّ كثيراً ممن ينتحل صناعة الحديث ... )) ، وختم بقوله : (( وإننا لنلمح هذا كثيراً حينما نجد تصحيحات المتأخرين تخالف إعلال المتقدمين )) .
ج*) فيكون من انتحل صناعة الحديث بالأوصاف السابقة هم المتأخرون ويدخل فيهم المعاصرون الذين يصححون كثيراً مما أعلَّه المتقدمون .
د) فيكون عاد الدكتور إلى التهويل الذي لن يكون مطابقاً للواقع إلاّ إذا ذكر مَنْ مِن أئمتنا المتأخرين والمعاصرين يفعل ذلك ، وكم عدد الأحاديث التي خالفوا فيها أئمتنا المتقدمين ، فصححوا ما أعلّوه ؟ .
هـ ) وأنا بدوري حفاظاً على النعمة التي أكرمنا الله عز و جل بها ، ويفتخر عقلاء أهل عصرنا بها مفاخرين بها الأجيال من بعد الحافظ ابن حجر ؛ أَلاَ وهو الإمام محمد ناصر الدين الألباني الذي يخطئ ويصيب كما يخطئ ويصيب أهل الديانة والعلم .
و) فأنقل من قول الإمام محمد ناصر الدين الألباني انتقاده على من يحكم على الأحاديث حسب ظواهر أسانيدها :
1) قال في ( إرواء الغليل ) (6/57- 58) : (( أن ابن حزم نظر إلى ظاهر السند فصححه ، وذلك ما يتناسب مع ظاهريته . أما أهل العلم والنقد ، فلا يكتفون بذلك بل يتتبعون الطرق ويدرسون أحوال الرواة ، وبذلك يتمكنون من معرفة ما إذا كان في الحديث علة أوْ لا ، ولذلك كان معرفة علل الحديث من أدق علوم الحديث ، إن لم يكن أدقها إطلاقاً ، لذلك رأينا أهل العلم والنقد منهم قد حكموا على الحديث بأنه وهم ، وأن الصواب فيهم ( كذا في المطبوع ) الوقف ، منهم الدارقطني والبيهقي وغيرهم ممن نقل كلامهم وأقرهم عليه كالزيلعي ، فأين يقع تصحيح ابن حزم من تضعيف هؤلاء ؟ ! . )) أهـ .
وفي آخر الجزء الثامن ذكر الإمام محمد ناصر الدين الألباني تاريخ انتهاء هذا التخريج وهو : ( 27 / رمضان / 1386هـ ) .
فكم كان سِنّ الدكتور الفحل عند انتهاء الإمام محمد ناصر الدين الألباني من ( إرواء الغليل ) ، فضلاً عن تاريخ وقت كتابة ما نقلتُه من نقد الإمام محمد ناصر الدين الألباني لمن يحكم على الأحاديث حسب ظواهر الأسانيد ؟ .
2) قال في ( الضعيفة ) (2/86، رقم 620) : (( ثم إن المحققين من العلماء قديماً وحديثاً لا يكتفون حين الطعن في الحديث الضعيف سنده على جرحه من جهة إسناده فقط . بل كثيراً ما ينظرون إلى متنه أيضاً فإذا وجدوه غير متلائم مع نصوص الشريعة أو قواعدها لم يترددوا في الحكم عليه بالوضع ، وإن كان السند وحده لا يقتضي ذلك كهذا الحديث ... )) أهـ .
وتاريخ المقدمة لهذا المجلد الثاني من السلسلة الضعيفة والذي ذكره الإمام محمد ناصر الدين الألباني هو : ( 1/ ذو القعدة / 1398هـ ) .
فكم كان سِنّ الدكتور الفحل عند تسطير الإمام لهذه المقدمة ، فضلاً عن تسطير هذا القول ؟ .
و أما الاعتماد على تقريب الحافظ ، فقد تقدم اعتماد الدكتور على تقريب الحافظ في رواية محمد بن عجلان لأحاديث أبي هريرة ، وبيَّنتُ أنَّ الصواب بخلافه .
2) قال الدكتور في (1/119) : (( ومع أنَّا قد ابتلينا بكثرة تصحيح الأحاديث بمجرد النظر في الأسانيد أو اعمال القواعد ، كذلك ابتلينا بالمبالغة في التصحيح بالشواهد والمتابعات ، من غير بحث ونظر ؛ خشية أنَّ تلك المتابعات والشواهد وهم وخطأ . )) أهـ .

*أ) انتهينا من مبالغات الدكتور في تصحيح الأحاديث بمجرد النظر في الأسانيد ، والطلب ما زال قائماً بذكر أسماء مَن يفعل ذلك .
ب ) والتقوية بالشواهد والمتابعات إذا كانت موجودة بما ذكره الدكتور ؛ فأنا معه على إنكار هذه التقوية والتحذير منها .
ج) و إذا كان الدكتور ينسب هذا النوع من التقوية إلى أئمتنا المتأخرين والمعاصرين ؛ فالدكتور مطالب بذكر الأسماء وعدد الأحاديث التي قوَّوها بهذا النوع من التقوية ؛ لنتحقق من مطابقة قول الدكتور للواقع .
د) وللحفاظ على جوهرة عصرنا أن يصيبه رثاث قول الدكتور ممن يقبل هذا القول بدون تحقيق ومعرفة مقامات الرجال ؛ أنقل من قول الإمام محمد ناصر الدين الألباني ما به يُرَدُّ قول الدكتور فيذكر أسماء مَنْ عناهم بهذا :
1) مقدمات الإمام لكتبه كالسلسلتَيْن والإرواء ، وغاية المرام وصحيح وضعيف الترغيب والترهيب وصحيح سنن ابن ماجه ، وغيرها ، فيها ذكر شروط التقوية بالمتابعة والشاهد .
2) أنقل – مما عندي من أوراق ، فإني بعيد عن مكتبة الإخوة – من عمله أنه لا يقوِّي بما لا يصلح للتقوية سنداً ومتناً :
*أ) قال في ( الضعيفة ) (2/99 ، رقم 640) : (( فما معنى تعقب السيوطي إذن على ابن الجوزي بهذه الطريق المنكرة باعترافه ... )) أهـ .
*ب) قال في ( الضعيفة ( (2/173، رقم 750) : (( وهذا الحديث أورده السيوطي شاهداً للحديث الذي قبله فلم يحسن لشدة ضعفه ونكارة لفظه . )) أهـ .
*ج) قال في ( الضعيفة ) (2/335، رقم 930) : (( فدل ذلك على أن ذكر شعبة في هذا السند منكر ، تفرد به ابن الجُنْدي هذا ، ولولا ذلك لكانت متابعة قوية من شعبة لحماد ، ولصح بذلك الحديث ، ولكن هيهات هيهات ! ! )) أهـ .
*د) قال في ( الضعيفة ) (2/396، رقم 971) : (( وقد توبعت من فاطمة بنت الحسين بن علي ابن أبي طالب ، وهي ثقة فاضلة إلا أن الطريق إليها لا يصح ... )) أهـ .
*ه) قال في ( الضعيفة ) (2/406، رقم 975) : (( وجملة القول أن الحديث ضعيف بجميع طرقه ، وخيرها حديث بكر بن عبدالله المزني وهو مرسل ، وهو من أقسام الحديث عند المحدثين ، ثم حديث عبد الله بن مسعود ، وهو خطأ ، وشرها حديث أنس بطريقيه . )) أهـ .
*و) قال في ( الضعيفة ) (2/420،رقم 992) : (( والحق أنه لا يجوز تقوية الحديث ولا تضعيفه بآثار متعارضة فتأمل . )) أهـ .
*ز) ذكر في ( الضعيفة ) (3/58،رقم 1007) رواية ابن جُريج ، عن عمرو بن شعيب ، وقال : (( وهذا إسناد ضعيف ، لأن ابن جريج مدلس وقد عنعنه . وقد تابعه مدلس آخر وهو الحجاج بن أرطاة قال : عن عمرو بن شعيب به )) وحكم على الحديث بالضعف ، وبيَّن هذا في (3/145، رقم 1041) .
*ح) قال في ( الضعيفة ) (3/64، رقم 1009) : (( فثبت مما تقدم أن هذا الشاهد عن جابر لا يصلح شاهداً لحديث ابن عباس لثبوت خطأ الراوي في قوله : " شيئ " بدل : " شرك " ، فهو شاذ ، ومقابله هو المحفوظ . )) أهـ .
*ط) في ( الضعيفة ) (3/108-109، رقم 1030) ذكر أثر العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان ربما بلغ بالوضوء إبطه في الصيف . وضعَّفه من أجل العمري. ثم ذكر متابعة للعمري من طريق عبد الله ابن صالح : ثنا الليث عن محمد بن عجلان عن نافع ، فلم يعتمده للتقوية ، وقال : (( عبد الله بن صالح هو كاتب الليث المصري ، وهو ضعيف أيضاً ... فمثله لا يحتج بحديثه لاحتمال أن يكون مما أدخل عليه وافتعله خالد بن نجيح ، وكان كذاباً . ففي ثبوت الإطالة المذكورة عن ابن عمر من فعله ؛ وقفة عندي . )) أهـ .
*ي) قال في ( الضعيفة ) (3/162، رقم 1052) : (( ... فهذه الرواية مثل رواية أحمد وابن أبي شيبة عن عبد الرزاق تؤكد أن إسقاط ابن أبي السري من الحديث قوله : " فيما بلغنا " خطأ منه ترتب عليه أن اندرجت القصة في رواية الزهري عن عائشة ، فصارت بذلك موصولة وهي في حقيقة الأمر معضلة ، لأنها من بلاغات الزهري ، فلا تصح شاهداً لحديث الترجمة المذكور أعلاه . )) أهـ .
ك) قال في ( الضعيفة ) (3/179، رقم 1066) : (( .. كذا قالا ؛ ظناً منهما أن المؤمل بن إسماعيل لم يتفرد به ، وأنه تابعه موسى بن إسماعيل ، في رواية " الأوسط " ، ولو صح ذلك لكان الإسناد جيداً ، رجاله رجال الصحيح ، لأن موسى بن إسماعيل وهو التبوذكي ثقة محتج به في " الصحيحين " ولكنه لا يصح ذلك ، لأن الرواية المشار إليها خطأ من بعض النساخ كما سبق تحقيقه ، ... )) أهـ .
*ل) قال في ( الضعيفة ) (3/204،رقم 1083) : (( ثم ذكر السيوطي للحديثين ثلاث طرق أخرى عن أبي هريرة أحدها واهٍ جداً ، والثاني معلول ، والثالث ضعيف مع أنه أخطأ في سنده فلابد من سوقها لبيان حقيقة أمرها : )) أهـ ثم ذكرها برقم (1084، 1085، 1086) .
*م) قال في ( الضعيفة ) (3/204، رقم 1149) : (( .. فلا يذهبن وَهْلُ أحد إلى أنه يمكن تقوية تلك الطريق بطريق الطبري هذه ، لأن مدارهما على مجهول . )) أهـ .
ن) قال في ( الضعيفة ) (3/318،رقم 1176) : (( وقد يقال : إن الحديث يقوى بما رواه ابن لهيعة بسنده عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ : ... قلت : قد كان يمكن ذلك لولا أن الحديث بهذا اللفظ منكر كما سبق بيانه آنفاً ، فلا يصح حينئذ أن يكون شاهداً لهذا الحديث )) اهـ .
*س) قال في ( الضعيفة ) (3/340، رقم 1190) : (( وهو ضعيف ، ومع ضعفه فلا يؤثر في المشهود له لشدة ضعفه كما هو معروف ، ثم إن شهادته قاصرة )) أهـ .
*ع) قال في ( الصحيحة ) (4/92،رقم 1566) : (( وقد وقفت له على شاهد ، ولكنه ضعيف جداً ، أذكره للمعرفة لا للاستشهاد )) أهـ .
*ف) قال في ( الصحيحة ) (4/185-186، رقم 1640) : (( ولما كان من شروط الشواهد أن لا يشتد ضعفها وإلا لم يتقو الحديث بها كما قرره العلماء في " علم مصطلح الحديث " ، وكان من الواجب أيضاً أن تكون شهادتها كاملة ، وإلا كانت قاصرة ، لذلك كله كان لابد لي من إمعان النظر في هذه الشواهد أو ما أمكن منها من الناحيتين اللتين أشرت إليهما ؛ قوة الشهادة وكمالها أو العكس ، ... ) أهـ .
ثم ختم نظره فقال : (( وخلاصة القول : إن أكثر هذه الشواهد لا تصلح لتقوية الحديث بها ، إما لشدة ضعف إسناده ، وإما لاختصارها ... )) أهـ .

3 ) قال الدكتور في (1/119-122) : (( ومن الأمثلة التي من خلالها يظهر لنا جلياً تباين منهج المتقدمين والمتأخرين حديث عيسى بن يونس ، عن هشام بن حسَّان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة مرفوعاً : ((مَنْ ذَرَعه القيئُ عليه قضاءٌ ، ومن استقاء فليقضِ )) أخرجه أحمد ، والدرامي ، والبخاري ، وأبوداود ، وابن ماجه ، والترمذي ، والنسائي ، وابن الجارود ، وابن خزيمة ، والطحاوي ، وابن حبان ، والدارقطني ، والحاكم ، والبيهقي ، والبغوي ، من طرق عن عيسى بن يونس به . وقد توبع عيسى بن يونس ، تابعه حفص بن غياث عند ابن ماجه ، وابن خزيمة ، والحاكم ، والبيهقي . هذا الحديث صححه المتأخرون منهم : ابن حبان ، والحاكم ..، والبغوي ، وصححه أيضاً العلامة الألباني ، والشيخ شعيب الأرناؤوط ، والدكتور بشار ، بينما نجد جهابذة المتقدمين أعلوا هذا الحديث بالوقف ، وعدَّوه من أوهام هشام بن حسَّان ، وأنَّ الصواب في الحديث الوقف . قال البخاري : (( لا أراه محفوظاً )) نقله عنه تلميذه الترمذي ، وقال أبوداود : ((سمعت أحمد يقول : ليس من ذا شيئ ، والصحيح في هذا عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر )) ، وقال البيهقي : (( وبعض الحفاظ لا يراه محفوظاً )) ، ونقل الزيلعي عن (( مسند إسحاق بن راهويه )) : (( قال عيسى بن يونس : زعم أهل البصرة أنَّ هشاماً وهم في هذا الحديث )) ، وقال الدارمي : (( زعم أهل البصرة أن هشاماً أوهم فيه ، فموضع الخلاف هاهنا )) ، ووجه توهيم هشام بن حسان : أنَّ الحديث محفوظ موقوفاً ، ورفعه وهم ، توهم فيه هشام .قال البخاري : (( ولم يصح , وإنما يروى هذا عن عبد الله بن سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رفعه ، وخالفه يحيى بن صالح ، قال : حدثنا يحيى ، عن عمر بن حكيم بن ثوبان سمع أباهريرة قال : (( إذا قاء أحدكم فلا يفطر ، فإنَّما يخرج ولا يولج )) ، وهذا نظر عميق من البخاري في إعلال الرواية المرفوعة بالرواية الموقوفة ، وإنَّ الوهم الذي دخل على هشام إنما كان بسبب رواية عبد الله بن سعيد المتروك ، وقد وافق البخاريَّ على هذا الإعلال الإمام النسائي فقد قال : (( وقفه عطاء )) ، ثم ذكر الرواية الموقوفة )) ... إذن فإعلال جهابذة المحدثين ومنهم : أحمد والبخاري والدارمي والنسائي – وَهُم مَنْ هُم في الحفظ والإتقان – لا ينفعه ولا يضره تصحيح المتأخرين . )) أهـ .
*أ) عرفتُ الآن مَنْ هم المتأخرون والمعاصرون الذين لهم منهج مبايِنٌ لمنهج المتقدمين ، الدكتور الفحل أدخل شعيباً و بشاراً مع العلامة الألباني ؛ لماذا ؟ . سيأتي – إن شاء الله – الجواب .
*ب) الدكتور فصَّل في بيان الإعلال ولم يرفع رأسه إلى لماذا صححه ابن حبان والحاكم والبغوي ؟ لماذا ؟ .
ج*) هل هؤلاء الأئمة : ابن حبان ، والحاكم ، والبغوي ، والألباني ؛ مجتهدون لهم أن يخالفوا مَنْ قبلهم حسب القواعد والقرائن المتبعة ؟ أم لأنهم خالفوا المتقدمين ؛ فلا يكون ذلك إلا لاختلاف المنهج ؟.
د) الدكتور بدأ بذكر المصححين المتأخرين بابن حبان ، والحديث قد عزاه إلى ابن الجارود ، وابن خزيمة ، فلِمَ لم يذكر ابن الجارود وابن خزيمة ؟ .
هـ) فإذا لم يكونا من المتأخرين منهجاً فهما من المتقدمين منهجاً ؛ فيكون هذا الحديث اختلف فيه المتقدمون فصححه منهم : ابن الجارود وابن خزيمة .
و) وهذا الحديث ذكره الدكتور في (3/420-424) وقال : (( هذا الحديث صححه بعض العلماء منهم : ابن خزيمة ، وابن حبان ، الحاكم .. والبغوي )) أهـ .
وذكره الدكتور أيضاً في (4/480- 484) ومما قاله : (( وصححه جمع من الأئمة منهم : ابن خزيمة ، وتلميذه ابن حبان ، والحاكم ، والألباني ... )) أهـ .
فهنا زاد تصحيح ابن خزيمة ، يبقى ابن الجارود .
ز) الدكتور ذكر حديثاً في (2/381-385) ومما قاله : (( هذا الحديث صححه عدد من الأئمة : من المتقدمين : ابن خزيمة ، وابن حبان ، وقال الحاكم : " هذا حديث صحيح ... " ، ومن المتأخرين : العلامة أحمد شاكر ، والشيخ حسين سليم أسد ، وقوى إسناده الشيخ شعيب )) أهـ .
وختم بحثه بقوله : (( بعد ذلك كله ، لا نجد لمن صحح المرفوع حجة ، بعد تضعيف جهابذة المحدثين من المتقدمين ، والأولى لمن أراد مخالفتهم من المتأخرين ... )) أهـ .
فما معنى قوله : (( ... من المتقدمين : ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ... )) أهـ .
ح*) الأئمة ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، ذكرهم الدكتور ضمن مسرد أئمة العلل (1/44، 45، 46) ، وكذا ذكرهم الدكتور علي الصياح ضمن سرد مجمل لأئمة العلل العارفين به رقم (57، 79، 98) .
4) أتذاكر – إن شاء الله – مع الدكتور في قوله عن هذا الحديث أنَّه : (( يظهر لنا جليًّا تباين منهج المتقدمين والمتأخرين )) أي : أن من صححه إنما صححه لتباين منهجه عن منهج المتقدمين ، وليس اجتهاداً في تنزيل شروط الحديث الصحيح عليه ؛ لذلك أذكر – إن شاء الله – لماذا هؤلاء الأئمة صححوا هذا الحديث ، و ما به صححوا هل هو مخالف لمنهج المتقدمين أم هو من منهجهم ، ولا أتذاكر في أي القولين صواب .
*أ) الحديث الصحيح عند المعللين والمصححين تعريفه واحد :
(( هو الذي رواه عدل تام الضبط ، عن مثله إلى منتهاه متصل السند ، ولا يكون شاذاً ولا معللاً )) كما ذكره الدكتور في (1/72) .
ب) فالمصححون يشترطون فيه : (( ولا يكون شاذاً ولا معللاً )) ، وبهذا فهم يخالفون جمهور الفقهاء والأصوليين المخالفين لمنهج المتقدمين .
*ج) اختلف الإمام أحمد و الإمام البخاري في ثبوت حديثٍ ما، فهل هذا الاختلاف اختلاف في المنهج أم اختلاف في تحقّق شروط القبول ؟ .
الجواب هو الثاني لاتفاقهما على شروط القبول .
*د) وكذلك في حديثنا هذا اختلاف في تحقّق شروط القبول لاتفاقهم مع المعلّلين على شروط الحديث المقبول .
*ه) لا يحكم على الحديث الذي اختلف في رفعه ووقفه إلاّ بعد الموازنة والمقارنة ، وعند الحكم قد يُرَجَّح المرفوع ، وقد يُرَجَّح الموقوف ، وقد يكون الموقوف والمرفوع صحيحَيْن ؛ لماذا ؟ حسب المرجحات والقرائن المحيطة بالحديث ، وهذه المرجّحات والقرائن يُراعى فيها تحقيق أو غلبة الظن : (( ولا يكون شاذاً ولا معللاً )) .
*ه) وبعد هذا أذكر أموراً كمدخل لهذا المذاكرة والدكتور يقول بها :
1) لا يلزم لصحة الحديث تعدّد الطرق ، فيكون الحديث فرداً صحيحاً كما في (5/285) .
2) الثقة لا يضره عدم المتابعة ، كما في (5/300) .
3) نقّاد الحديث إنما يُعلّون الحديث بالتفرّد حيث تنضم إليه قرينه تدل على خطأ ذلك الراوي المتفرّد بالحديث .
وهذا الحديث قال بعضهم بتفرّد عيسى بن يوسف الثقة به ، وقال بعضهم بتفرّد هشام بن حسان أثبت الناس عن ابن سرين به ، وتفردهما لا يضر؛ لأن الوقف من ابن سيرين نفسه - كما سيأتي إن شاء الله - .
4) أن الخطأ في رواية الثقة طارئ لأن الأصل في روايته الصواب بخلاف الراوي الضعيف فالأصل في روايته الخطأ والصوابُ طارئٌ كما في (1/29) .
5) يعتري الراوي أحياناً – لأسبابٍ ما – الكسل فيحدِّث بالحديث وهو في حالة الكسل لمناسبةٍ جَرَت لا على سبيل التحديث كفتوى أو موعظة أو غير ذلك ، فينقص منه كأن يوقفه وهو مرفوع ، فيأخد بعض الرواة ذلك الحديث الموقوف عن الراوي ، فيرويه على ما فيه من نقص ، ثم يحدِّث الراوي بالحديث على النشاط ، فيأخد بعض الرواة هذا الحديث المرفوع ، فيرويه عنه مرفوعاً ، فينشأ الاختلاف ، لهذا السبب وهذا لا يعتبر عله في الحديث كما في (1/75-76) .
6) محمد بن سرين تارة يصرِّح برفع الحديث ، وتارة يوقفه على حسب نشاطه في الحال ، نقله الدكتور من قول الدراقطني كما في (1/100) و (3/413) .
7) عند الاختلاف على الشيخ تُقدَّم رواية التلميذ المعروف بكثرة ملازمة شيخه ومعرفته بحديثه وتثبته فيه و إتقانه له ، كما في (1/105 ،109) .
8) هشام بن حسان الراوي لهذا الحديث عن محمد بن سيرين هو من أثبت الناس في محمد بن سيرين كما في (4/480، الحاشية " 1 " ) .
ولقراءة بقية الحلقه انقر على الرابط الحلقة الثالثة عشر من قراءة أبي عُبُود لكتاب الجامع في العلل والفوائد/ للدكتورالفحل - {منتديات كل السلفيين}