قَالَ مَالِكٌ رحمه الله: لَا يُؤْخَذُ العِلْمُ عَنْ أَرْبَعَةٍ: سَفِيْهٍ يُعلِنُ السَّفَهَ، وَإِنْ كَانَ أَرْوَى النَّاسِ، وَصَاحِبِ بِدْعَةٍ يَدعُو إِلَى هَوَاهُ، وَمَنْ يَكْذِبُ فِي حَدِيثِ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتُ لَا أَتَّهِمُهُ فِي الحَدِيثِ، وَصَالِحٍ عَابِدٍ فَاضِلٍ، إِذَا كَانَ لَا يَحْفَظُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ([1]).
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: ((فيا أيُّها الطالِبُ! إذا كنتَ في السَّعةِ والاختيارِ؛ فلا تَأْخُذْ عن مُبْتَدِعٍ: رافِضِيٍّ أو خارجيٍّ أو مُرْجِئٍ أو قَدَرِيٍّ أو قُبُورِيٍّ ... وهكذا؛ فإنك لن تَبْلُغَ مَبْلَغَ الرجالِ - صحيحَ العَقْدِ في الدينِ مَتينَ الاتِّصالِ باللهِ صحيحَ النظَرِ تَقْفُو الأَثَرَ - إلا بِهَجْرِ المبْتَدِعَةِ وبِدَعِهِم))اهـ.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – مُعَلِّقًا على كلام الشيخ بكر -: ((وظاهر كلام الشيخ, أنه لا يؤخذ عن صاحب البدعة شيء حتى فيما لا يتعلق ببدعته, فمثلًا إذا وجدنا رجلًا مبتدعًا لكنه جيد في علم العربية: البلاغة والنحو والصرف, فهل نجلس إليه ونأخذ منه العلم الذي هو مجيد فيه أو نهجره؟
ظاهر كلام الشيخ أننا لا نجلس إليه؛ لأن ذلك يوجب مفسدتين:
المفسدة الأولى: اغتراره بنفسه فيحسب أنه على حق.
والمفسدة الثانية: اغترار الناس به؛ حيث يتوارد عليه طلاب العلم ويتلقون منه, والعامي لا يفرق بين علم النحو وعلم العقيدة.
لهذا نرى أن الإنسان لا يجلس إلى أهل الأهواء والبدع مطلقا, حتى وإن كان لا يجد علم العربية والبلاغة والصرف مثلًا إلا فيهم؛ فسيجعل الله له خيرًا منهم؛ لأن كوننا نأتي إلى هؤلاء ونتردد إليهم لا شك أنه يوجب غرورهم واغترار الناس بهم([2])))اهـ.
[1])) ((سير أعلام النبلاء)) (8/ 68).
[2])) ((شرح حلية طالب العلم)) (104، 105).