24-07-2014 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
بعد أيام قليلة سينقضي شهر رمضان ببركاته ونفحاته، وسينقضي معه - كذلك- عام من الجراح والآلام، فمنذ رمضان الماضي والأمة الإسلامية تعيش مرحلة من أكثر مراحلها صعوبةً وشدةً وكرباً وبلاءً.. فلا تكاد تخلو بقعة من بقاع عالمنا الإسلامي إلا وفيها جرح ينزف، وصوت يصرخ، أو مستغيث يطلب الغوث، أو جائع يبحث عما يسد به رمقه، أو مكروب أنهكه الفقر والمرض والظلم، أو لاجئ يبحث له عن مأوى.


بعد أيام قليلة سينقضي شهر رمضان ببركاته ونفحاته، وسينقضي معه - كذلك- عام من الجراح والآلام، فمنذ رمضان الماضي والأمة الإسلامية تعيش مرحلة من أكثر مراحلها صعوبةً وشدةً وكرباً وبلاءً.. فلا تكاد تخلو بقعة من بقاع عالمنا الإسلامي إلا وفيها جرح ينزف، وصوت يصرخ، أو مستغيث يطلب الغوث، أو جائع يبحث عما يسد به رمقه، أو مكروب أنهكه الفقر والمرض والظلم، أو لاجئ يبحث له عن مأوى.
فالناظر في المشهد السياسي الدولي يلحظ تكالباً دولياً على جراحات المسلمين، ففي بورما يضطهد البوذيون مسلمي الروهنجيا، ويسومونهم سوء العذاب، وفي إفريقيا الوسطى لا يختلف الأمر كثيراً، وكذلك الوضع في نيجيريا والصومال والسودان وأفغانستان والأحواز...، فهناك تكالب عجيب واتفاق مريب على أوجاع المسلمين وجراحاتهم، يشترك فيه عملاء الداخل والخارج من ساسة وإعلاميين وغيرهم ممن باعوا ضمائرهم لمن يدفع أكثر.
ولا يقتصر الأمر على الدول التي يُستضعف فيها المسلمون- إما لقلة عدد المسلمين أو لقوة شوكة النصارى وغيرهم من أهل الملل والديانات الأخرى- بل تعيش غالب البلدان الإسلامية- التي يغلب فيها عدد المسلمين- مآسي عديدة، لا تختلف في كثير من جوانبها عما تعيشه الأقليات المسلمة المستضعفة في بلدان الخارج، فقد هانت على الساسة دماء المسلمين؛ لأجل كراسي زائلة ومتع فانية.
فجميع بلدان الربيع العربي تحول ربيعها إما إلى صيف حارق أو شتاء قارس، ولم يعد لسنوات الربيع وعبيره أي أثر، فدبت الصراعات في غالب هذه البلدان وكثرت النزاعات المذهبية والعرقية والدينية، ففي اليمن صراع وفي ليبيا حرب وفي مصر دماء تسفك ليل نهار، وفي غير هذه البلدان استبداد وظلم وقهر.
أما فلسطين وغزة- وما أدراك ما غزة؟- فجرح عميق وألم دفين، سيما بعد شماتة كثير من المسلمين في أهل غزة، وتمني الموت لهم، بل والتعاون مع العدو لإذلالهم وقتلهم نكاية في حركة حماس- زعماً-، فأي خذلان أكثر من هذا؟!! وأي خيانة كهذه الخيانة؟!!
وفي العراق جرح آخر، وهو هو جرح سوريا، حيث استقوى الشيعة على أهل السنة وتكالبوا عليهم، فإيران تدعم في مليشيات بشار والمالكي ليل نهار، بل العالم كله ممثلاً في أمريكا والصين وروسيا وفرنسا يدعمون مجازر الشيعة، ويوفرون للشيعة مظلة سياسية لإخماد ثورة أهل السنة في سوريا والعراق مهما كلف الأمر، حفظاً لمصالحهم ومصالح الشيعة، وخوفاً من تولي قوى سنية زمام الأمور في البلدين.
فبأي حال سيعود علينا هذا العيد، بما مضى أم بأمر فيه خير وبشر وأمل لهذه الأمة المنكوبة، التي كثر أعدائها، وزاد فيه أهل النفاق، الذين كان لهم عظيم الأثر فيما نحن فيه الآن من وهن وضعف وبلاء... فنسأل الله أن يعيد علينا هذا العيد بالخير والنصر والسعادة، وأن يشفي صدور الأمهات الثكالى والمكروبين والمصابين.
وليس معنى تذكيرنا بآلام أمتنا أنها دعوة للتشاؤم أو اليأس أو الحزن، أو دعوة لعدم الفرح بالعيد، بل الواجب علينا أن نفرح بنعمة الله علينا؛ أن وفقنا لصيام هذا الشهر وقيامه، فغيرنا- رغم سعادته الظاهرة- لم يزل على ملة الكفر، يرفل في أوزاره ومعاصيه، أمَّا نحن فالله أنعم علينا بالإسلام وكفى بها نعمة، فلنفرح بالعيد اتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولنَدُعُ الله ونعمل لنصرة الإسلام والمسلمين، يقول الله تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).