جاءت القصة في كتاب الكبائر للذهبي رحمه الله قال :
مما حكي ( ولا سند لها ) قال بعضهم : رأيت رجلا مقطوع اليد من الكتف وهو ينادي :
من رآني فلا يظلمن أحدا ، فتقدمت إليه فقلت له : يا أخي ما قصتك ؟ قال : يا أخي قصة عجيبة وذلك أني كنت من أعوان الظلمة فرأيت يوما صيادا وقد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني فجئت إليه فقلت : أعطني هذه السمكة فقال : لا أعطيكها أنا آخذ بثمنها قوتا لعيالي فضربته وأخذتها منه قهرا ومضيت بها قال : فبينا أنا أمشي بها حاملها إذ عضت على إبهامي عضة قوية ، فلما جئت بها إلى بيتي وألقيتها من يدي ضربت على إبهامي وآلمتني ألما شديدا حتى لم أنم من شدة الوجع والألم وورمت يدي ، فلما أصبحت أتيت الطبيب
وشكوت إليه الألم فقال : هذه بدء الآكلة أقطعها وإلا تقطع يدك ، فقطعت إبهامي ، ثم ضربت على يدي فلم أطق النوم و لا القرار من شدة الألم فقيل لي : إقطع كفك فقطعته و انتشر الألم إلى الساعد و آلمني ألما شديدا ولم أطق القرار وجعلت أستغيث من شدة الألم ، فقيل لي : اقطعها إلى المرفق فقطعتها فانتشر الألم إلى العضد و ضربت على عضدي أشد من الألم الأول فقيل اقطع يدك من كتفك و إلا سرى إلى جسدك كله فقطعتها فقال لي بعض الناس : ما سبب ألمك ؟ فذكرت قصة السمكة فقال لي : لو كنت رجعت في أول ما أصابك الألم إلى صاحب السمكة واستحللت منه وأرضيته لما قطعت من أعضائك عضوا فاذهب الآن إليه واطلب رضاه قبل أن يصل الألم إلى بدنك قال : فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته فوقعت على رجليه أقبلها وأبكي وقلت له : يا سيدي ، سألتك بالله إلا عفوت عني فقال لي : ومن أنت ؟ قلت : أنا الذي أخذت منك السمكة غصبا وذكرت ما جرى و أريته يدي فبكى حين رآها ثم قال : يا أخي قد أحللتك منها لما قد رأيته بك من هذا البلاء فقلت : يا سيدي بالله هل كنت قد دعوت علي لما أخذتها ؟ قال : نعم قلت : اللهم إن هذا تقوى علي بقوته على ضعفي على ما رزقتني ظلما ، فأرني قدرتك فيه . فقلت : يا سيدي قد أراك الله قدرته في وأنا تائب إلى الله عز وجل عما كنت عليه من خدمة الظلمة ، ولا عدت أقف لهم على باب ولا أكون من أعوانهم ما دمت حيا إن شاء الله. وبالله التوفيق
موعظة : إخواني كم أخرج الموت نفسا من دارها لم يدارها و كم أنزل أجسادا بجارها لم يجارها و كم أجرى العيون كالعيون بعد قرارها ـ شعر :
( يا معرضا بوصال عيش ناغم ... ستصد عنه طائعا أو كارها )
( إن الحوادث تزعج الأحرار عن ... أوطانها و الطير عن أوكارها )
أين من ملك المغارب والمشارق وعمر النواحي وغرس الحدائق ونال الأماني وركب العوائق ؟ صاح به من داره غراب بين ناعق وطرقه في لهوه أقطع طارق و زجرت عليه رعود و صواعق و حل به ما شيب بعض المفارق و قلاه الحبيب الذي لم يفارق و هجره الصديق و الرفيق الصادق و نقل من جوار المخلوقين إلى جوار الخالق نازله و الله الموت فلم يحاشه و أذله بالقهر بعد عز جاشه و أبدله خشن التراب بعد لين فراشه و مزقه الدود في قبره كتمزيق قماشه و بقي في ضنك شديد من معاشه و بعد عن الصديق فكأنه لم يماشه ما نفعه و الله الإحتراز و لا ردت عنه الركاز بل ضره من الزاد الأعواز و صار و الله عبرة للمجتاز و قطع شاسعا من السبل الأوفاز و بقي رهينا لا يدري أهلك أم فاز و هذا لك بعد أيام و ما أنت فيه الآن أحلام و دنياك لا تصلح و ما سمعت ستراه غدا على التمام و يقع لي ولك ويحك ! أما يؤثر فيك الكلام ؟