***** أهميَّة الوثائق التَّاريخيَّة *****
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
• الْحَمدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى أَشْرَفِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْ نَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، أَمَّا بَعْدُ :
• فإن كثيرا من العوائل في المنطقة لا يستطيع أبناؤها توثيق أنسابهم من خلال الوثائق ، لا لعدم وجود غالبها، أو لأنهم ليسوا من أهل المنطقة، أو لأنه ليس لهم أصل، بل لأن غالب الوثائق الخاصة بأسرهم تعتبر في حكم المعدوم عندهم، فهي تؤول غالبا إلى أحد أبناء فروع هذه الأسر، فيقوم ذلك الشخص بالتحفظ عليها، ثم يمنع بقية أفراد العائلة وفروعها من الاطلاع عليها، أو الحصول على صورة منها ، خاصة إن كانت تلك الوثائق تحوي أوقافا تمَّ السطو عليها من أحد أجداد المحتكرين لتلك الوثائق، أو لأن فيها مواريث عامَّة تم التكتم عليها .
• ومن تتبع الحجج الَّتِيْ يحتفظ بها فروع أبناء هذه الأسر فسيستطيع بناء نسب أسرتهم إلى أقدم وثيقة لا زالت في حوزتهم، وعندما عمل شجرة أنساب لأسرتنا، فقد وصل إلى عام ألف من الهجرة تقريبا، بعد أن تتبع غالب الوثائق المنثورة عند أفراد عائلتنا ، فأخرج لنا شجرة بديعة تسر الناظرين من أبناء الأسرة ، وتسهِّل على أبناء كل فرع معرفة أقاربهم وأين تلتقي الفروع.
وهذا العمل سيبقى مفخرة له عند أسرتنا خاصة، وسيكون أساسا يبني عليه كل من جاء بعده منهم، أسأل الله أن يكتب أجره وأن يطيل عمره على الطَّاعة.
وأنا الآن بصدد جمع حجج عائلتنا وترتيبها وفهرستها، ثم توزيع صورها على جميع أفراد العائلة، لتبقى مستنداتهم محفوظة عندهم، مرتبة ومفهرسة، يسهل عليهم أو غيرهم من الحريصين الوصول إليها.
وقد نشرت بعضها على المواقع ، كان تاريخ آخرها عام ( 1039 هـ )
تجدها على هذا الرابط :
http://www.ghamid.net/vb/showthread.php?t=29617
• ومشكلة حجب الحجج والوثائق عن القريب والبعيد من أبناء المنطقة، جعلت الكثير من تاريخ المنطقة - المبثوث داخل تلك الوثائق - مجهولا عند الباحثين والمهتمين، فكثير من الأبناء الذين ورثوا تلك الوثائق من آبائهم - خاصة من ليس لديه اهتمامات بتاريخ المنطقة - قد لا يعيرون المعلومات التي تحويها تلك الوثائق بالا، وربما لا يدري بعضهم عن أهميتها، أو قيمة ما فيها من معلومات يعرفها المهتمون بالتَّاريخ، لأن المهتمين والحريصين يبنون التاريخ من خلال ربط النقاط المتفرقة في حجج قرى المنطقة، إضافة إلى التاريخ الشفوي المروي وغيرها من الأمور الَّتِيْ لا تخفى عليكم وفقكم الله .
• وقد كررت في مواضيع كثيرة أني على استعداد للذهاب لأي أسرة يرغب أهلها في فهرسة وترتيب حججهم ووثائقهم، وتصويرها ثم إعادتها إليهم، وقد فعلت هذا لبعض الأسر فوجدت عندهم كنوزا مدفونة تهم كل حريص على توثيق تاريخ المنطقة.
فالحجج الَّتِيْ لا يلتفت إليها بعض الإخوة نستطيع أن نستخرج منها :
1- علماء المنطقة وقضاتها .
2- المدارس أو الرباطات الَّتِيْ كانت تقام الدروس فيها .
3- المذاهب التي كانت تُدرَّس في المنطقة .
4- المذاهب التي كان يحكم به العلماء ويفتون بها .
5- حصر فتاويهم وأحكامهم ومراجعتها على كتب العلم المعتمدة .
6- حصر مشايخ المنطقة ومشايخهم الذين درسوا عليهم .
7- حصر أمراء المنطقة وحكامهما الذين تعاقبوا على حكمها .
8- حصر الحكومات الَّتِيْ خضعت لها المنطقة .
9- حصر مقدار ما كانت تخرجه كل قرية من الحبوب وغيرها للحكام .
10- الأحكام والسلوم الَّتِيْ كانت سائدة بين أبناء المنطقة .
11- العملة الَّتِيْ كانوا يتعاملون بها في البيع والشراء .
12- المعاهدات والحدود وطريقة حمايتها .
13- معرفة أسواق المنطقة وعقَّادتها .
14- معرفة الحبوب الَّتِيْ كانت تزرع في المنطقة .
15- معرفة الحروب الَّتِيْ كانت في المنطقة وأسبابها .
• وهناك العديد من الفوائد الأخرى الَّتِيْ يسهل استخراجها من تلك الحجج
• وأحب التنبيه إلى نقاط أراها مهمة :
أ*- أن توثيق المشاكل والحروب وغيرها لا يعني الدعوة إلى إحياء العداوات أو إثارة النعرات كما يظن بعض ضيقي الأفق هداهم الله، فالتوثيق موجود لكل حقب التاريخ، ومن تأمل كتب التاريخ عرف ذلك، سواء كان التوثيق على المستوى الفردي أو الجماعي .
ب*- أن حجج ووثائق كل أسرة مهما كان شأنها لا بد أن تحوي معلومات تفيد في توثيق شيء من النقاط الَّتِيْ ذكرتها أو غيرها مما تركت ذكره، فالبيوت الكبيرة، وبيوت حكام المنطقة، وبيوت أهل العلم؛ نستطيع استخراج فوائد كبيرة منها، والبيوت الأخرى نستطيع أن نستخرج منها فوائد أيضا، فلا يحقرن أحد شيئا من الوثائق الَّتِيْ عنده .
ج*- غالب وثائق الأسر لم يعد لها قيمة في المواريث وغيرها، وقيمتها الحقيقية هي قيمة ما فيها من معلومات تاريخية يستفيد منها الباحثون.
د- أن توثيق التاريخ وتدوينة لا يرتبط بالحكومات الَّتِيْ تعاقبت على المنطقة، ولو أخفينا تاريخ الفترات الَّتِيْ ارتبطت فيها المنطقة بالحكومات الَّتِيْ سبقت الحكومة السعودية – أعزَّها الله بالتوحيد - لأخفينا تاريخ منطقتنا وطمسناه، ومن نظر في كتب التاريخ علم أن المؤرخين يسردون التاريخ كما هو دون اعتبار للحكومات المتعاقبة، فالحكومات المتعاقبة تعتبر جزءا مهما من تاريخنا الذي لا ينبغي أن نهملة، ولا ينبغي أن يجعلها العقلاء عقبة في توثيق التاريخ .
• ونحن نحمد الله على نعمة الأمن والتوحيد الَّتِيْ نعيشها في ظل حكومتنا، ونسأل الله أن يزيدها عزا وتمكينا وتمسكا بدينه، ويعينها على نصرة الدين وأهله .
• عندي والله الكثير من الوثائق والحجج الَّتِيْ أستطيع من خلالها أن أنزل كتابا أو كتابين او أكثر عن شيء من تاريخ المنطقة ، لكني أرى أني لا زلت في بدايات الطريق ، ولو بقيت عشر سنين أو يزيد وأنا في مرحلة الجمع للتراث المخطوط في المنطقة فلا أعتبره ضياعا للوقت، فلو اجتمع عندي عشرة آلاف وثيقة من وثائق المنطقة مثلا، فسيكون التأليف الذي أخرجه مرجعا يفخر به أبناء المنطقة، لأن معلوماته ستكون عمدة، لأني لن أدخل فيه إلا ما تأكدت من صحته، ووقفت على وثائقه، أو رويته وسمعته من مؤرخي المنطقة وظهر لي صحته.
• وأنا أعتبر نفسي تلميذا لكل مهتم بتاريخ المنطقة، أو من ألَّف عنها، لأني أستفيد من الجميع، وأسأل الله أن يبارك في جهودهم وأن ينفع بهم .
خالد بن عمر الفقيه الغامدي
1430 هـ