إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , إنه من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمد اعبده ورسوله
أما بعد ,,,
قال تعالى "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم : 21 )
وقال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" (النساء : 1 )
وقال تعالى "وَعَاشِرُوهُنّ بِالْمَعْرُوفِ" ( النساء : 19 )
قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ":
أي : طيبوا أقوالكم لهن ، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم ، كما تحب ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله ، كما قال تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) [ البقرة : 228 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة دائم البشر ، يداعب أهله ، ويتلطف بهم ، ويوسعهم نفقته ، ويضاحك نساءه ، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين يتودد إليها بذلك . قالت : سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته ، وذلك قبل أن أحمل اللحم ، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني ، فقال : " هذه بتلك " ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها . وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد ، يضع عن كتفيه الرداء وينام بالإزار ، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام ، يؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) اهــــــ
لقددرج على ألسنة بعض الوعاظ وانتشر في عدد من المواقع والمنتديات أقوال وفتاوى سارت في ركب فكر منحرف شاع في هذه العصور في عدد كثير من المنتسبين للتدين وللعلم , فكر أهم أسباب نشأته هي:
الأول: زلات لبعض المجتهدين من السلف , جمعوا من كل مجتهد منهم زلته ووضعوها في سلة واحدة وضربوا بالنصوص الواضحة عرض الحائط فأخذوا يصححون الضعيف ويلوون عنق الصحيح ويحتجون بما ليس حجة
الثاني: الانتصار لبعض العادات والثقافات الموروثة والنزعات القبلية بإضفاء الشرعية عليها لأن في المجتمع المسلم والعربي خصوصا من أراد أن يجعل أمرا ما من المُسَلَّمات ويُنزل الناس جميعا عليه طائعين أو مكرهين هو أن يجعله دينا
الثالث: محاولة التصدي لفكر آخر منحرف أيضا بدأ مع قدوم الاستعمار السياسي والثقافي للمجتمع المسلم وهو الفكر الليبرالي والذي يعنينا في هذا الموضوع "فقه المرأة" وبالتحديد "الزوجة".
فقد عمل الاستعمار ووكلاءه كثيرا لتغريب المجتمع وإفساده أخلاقيا عن طريق الكتابات و النداءات التي تدعو وتحسن للمرأة نزع الحجاب والتبرج والإختلاط بالرجال والسفر بدون محرم حتى وصلت في الآونة الأخيرة لتبرير العهر و الرقص والغناء والتمثيل الذي يعج بالمخالفات الشرعية تحت مسمى "الفن"
حتى أن واحدا يطلق عليه "داعية" وكان الأجدر أن يطلق عليه "داهية" أفتى لبعض الممثلات التائبات حين عزمن على الإعتزال بأن يرجعن للتمثيل لأنه رسالة واجبة عليهن ولأن الفن - بزعمه - من معتقداتنا!
لكن محاولة التصدي لهذا الفكر التغريبي أدت بالبعض - وهم أصحاب الفكر الأول - إلى الإنحراف والغلو في الإتجاه المقابل
وذلك كما حصل من بعض الأسلاف في الماضي حين جاءوا يواجهون الخوارج فوقعوا في الإرجاء
وآخرين جاءوا يواجهون القدرية النفاة فوقعوا في عقيدة الجبر
وآخرين جاءوا يواجهون الممثلة فوقعوا في التعطيل
فهؤلاء أيضا بدلا من أن يردوا مسألة التحرر الغير منضبط بالشرع للمرأة من إباحة التبرج والاختلاط والخروج للعمل الذي لا حاجة شرعية ولا داعي له إلا فقط مزاحمة الرجال وما يسمونه "تحقيق الذات" بدلا من أن يردوا ذلك للكتاب والسنة ويبينوا قدر الحرية التي سمح بها الشرع لكل من الرجل والمرأة وأن المرأة في الإسلام مصونة ومكرمة ولا تحتاج هذه الدعوات الليبرالية التي قد تحقق لها بريقا مؤقتا لكن ستؤدي بها إلى مخالفات شرعية ومن ثم قلة البركة ومشاكل لاحقة في الحياة بدلا من ذلك نزعوا عن المرأة - متزوجة كانت أم غير متزوجة - كل حقوقها تقريبا في الحياة وأوجبوا عليها ما لم يوجبه الله تعالى ولا رسوله عليها وجعلوا من الزوجة مجرد أمة وخادمة عند زوجها لا تكاد تجد فرقا عمليا عند هؤلاء بين الزوجة والأمة إلا ربما من حيث الصداق الذي يجب للأولى دون الثانية , ولسان حالهم يقول إله الرجال الله في السماء و إله المرأة زوجها في الأرض , فيوجبون عليها طاعة الزوج في معصية الله فتأتمر بأمره فيما نهى الله عنه وتنتهي عما ينهاها فيما أمر الله به.
فهؤلاء علموا أم لم يعلموا قد ضلوا وأضلوا , وذلك من أكثر من وجه:
الأول: التقول على الله ورسوله بغير علم وتشريع ما لم يأذن به الله في شرعه , تشريعا مرده للأهواء وتقليد ما وجدوا عليه آبائهم فأغفلوا النصوص صحيحة الثببوت صريحة الدلالة التي لا يوافقها مذهبهم وصححوا أخبار ضعيفة ومكذوبة وحملوا بعض النصوص مالا تحتمله وأقحموا فيها معان ليست فيها لتوافق مذهبهم
قال تعالى "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"
وقال تعالى "وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ"
الثاني: نفروا كثيرا من المسلمين من شرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
الثالث: أعطوا فرصة ومدخلا كبيرا للكفار و دعاة التغريب للطعن والتشكيك في الدين , ووجدت كثير من النساء ضالتهن وسعادتهن في البعد عن التدين فوقعن فريسة في شباك العلمانية التي فتحت لهن أبوابها وخدعتهن بأنهن في ظل العلمانية مكرمات ولهن حقوقا أفضل مما لهن في ظل الإسلام
فكان ذنب كثير من هؤلاء النساء يبوء بجزء كبير منه هؤلاء الجهال الذين يفتون بغير علم وآخرين يقلدون ولا يتفقهون
الرابع: تسببوا في ظلم كثير من الأزواج لزوجاتهم , فهذا يريد من زوجته أن تقطع رحمها وآخر يريد من زوجته ألا تذهب لوالديها ولا تبرهما وفي نفس الوقت يطالبها بأن تحسن لأهله هو وتقوم بخدمتهم , وآخر يفرض على زوجته أن تعمل كخادمة فقط له وللأولاد وظيفتها أن تلبي له ما يريد وتطبخ له ما يريد وقت ما يريد ولا يساعدها في شئ بل البعض يعتبر هذه إهانة في حقه الخ
وواحدة من هذه الفتاوى نحن بصددها الان , فتوى وقعت عليها مصادفة , وهي فتوى منسوبة لأحد شيوخ العصر ولا ندري إن كانت حقا فتواه أم مكذوبة عليه فالشيخ نفسه له كلام يناقض هذه الفتوى. وعلى كل المهم الان هو محتوى الفتوى و ما بها من أخطاء لأن المعنى الموجود بها مما هو موجود في فتاوى أخرى ومما يشاع بين طائفة ممن المسلمين.
وجدت أن آخذها مثالا للغلو الذي أشرنا إليه و ما فيها من ظلم للزوجات و تحميلهن واجبات لم يوجبها عليهم الشرع وحثهن على قطع الرحم وعقوق الوالدين بذريعة طاعة الزوج , وجدت أن أسوقها وأرد عليها مبينا ما فيها من أخطاء وبيان الحق في المسألة إن شاء الله تعالى عملا بقوله تعالى "وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"
عنوان الفتوى: حق الزوجس: هل خدمة الزوج واجبة أم مستحبة ؟
نص الفتوى :المطالع لبعض الكتب الفقية يرى بعض أراء الفقهاء تقول أن خدمة المرأة لزوجها مستحبة وليست واجبة !!
والوجوب الشرعي هو: ما طلب فعله علي سبيل الحتم والإلزام بحيث يثاب فاعله ويعاقب تاركه .
والقول بوجوب الخدمة هو القول الراجح بل الصحيح .
قال الله تعالى (( ولهن الذي عليهن بالمعروف))
اذا فماذا لهن وماذا عليهن ؟؟
• لهن :
1- المعاشرة بالمعروف .
2- أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت .
3- الإنفاق عليها وعلى اولادها أمر حتمي ولازم، قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم: (( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت))
• ماذا عليهن :
القائلين باستحباب الخدمة يقولون أن الذي عليهن هو الاستمتاع بهن !!
ولكن المرأة ايضا تستمتع بالرجل فهو حق مشترك بينهم وهذا يرد عليهم .
وإذا كان الرجل يكد ويعمل خارج المنزل ثم يعود فيعمل ايضا داخل المنزل فما الذي على النساء اذا ؟؟
قالوا: إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعا و احسانا !!
نقول: أن فاطمة عليها السلام أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها أنه جاءه رقيق فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال: (( على مكانكما)) فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال: (( ألا أدلكما على خير مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين فهو خير لكما من خادم)) .
ولو كانت خدمة المرأة مستحبة فقط لألزم النبي صلى الله عليه وسلم علي ان يأتي لفاطمة بخادم .
من حقوق الزوج علي زوجته :
أن تخدمه ولكن بالمعروف (أي لا يكلفها فوق طاقتها )
خدمة المرأة لأهل زوجها (أبيه وأمه ) ليست واجبة إنما مستحبة .
يستحب للرجل أن يشارك أهله في بعض أعمال البيت .
فعن إبراهيم عن الأسود قال سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته قالت كان يكون في مهنة أهله تعني خدمة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة
لا يجوز للمرأة ان تتصدق بشئ من بيته الا بإذنه قال صلى الله عليه وسلم: (( لا تنفق المرأة من بيتها شيئا إلا بإذن زوجها)) قالوا يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: (( ذلك من أفضل أموالنا))
يجوز للمرأة ان تنفق من بيت زوجها إذا علمت أنه لن يغضب .
عن همام قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره))
يجوز للمرأة أن تنفق من مالها الخاص دون إذن زوجها .
ألا تخرج من البيت دون إذنه سواء قبل البناء (بيت ابيها ) أو بعد البناء (بيت زوجها ) .
لا يجوز للمرأة أن تدخل أحد مما يكره الزوج بيته الا بإذنه (حتى أبوها و أمها . . )
لا تخشن بصدرة ( أي لا تأتي من الأفعال ما يخشن صدرة ) . .
عن بشير بن يسار عن الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (( أذات زوج أنت)) قالت: نعم، قال: (( كيف أنت له))، قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: (( فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك)) .
عن عبد الرحمن ابن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت)) .
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)).
إنتهت الفتوى.
والان الرد عليها:
قوله تعالى "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" قد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فلا نحتاج لتفسيرات غيره
فقد روى مسلم في صحيحه عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته ، في حجة الوداع : "فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف"
وقد يتسع المعنى لكل ما يشترك فيه الطرفان كالكلمة الطيبة و التجمل مثل ما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة ; لأن الله يقول : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .
فهذا هو فهم حبر القرآن عبد الله بن عباس وهكذا كان فهم الصحابة رضوان الله عليهم أنه كما يريد منها أن تتزين له فعليه أن يتزين هو أيضا لها
وكلمة "واجب" في الشرع لا ينبغي أن تقال إلا لما جاء به نص شرعي فواجبات الشرع ليست متروكة لأهواء واستحسانات البشر
وأما العرف فإن اعتبار العرف هنا هو فيما ورد به النص وهو الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه "الرزق والكسوة" يعني لم يعين الشارع قدرا محددا من المال أو الإنفاق بل تركها للعرف كل ينفق بحسب سعته وحسب ما تحتاج من مثل زوجته , قال تعالى "وَمَتِّعُوهُنّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ"
وقال تعالى "لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا"
وأما ما عليهن وهو عدم مضاجعة غير الزوج , وقد فسرت أيضا بعدم إدخال غريب لبيته في غيبته بغير إذنه - جاء في شرح النووي على الحديث:
قال المازري : قيل : المراد بذلك أن لا يستخلين بالرجال ، ولم يرد زناها ، لأن ذلك يوجب جلدها ، ولأن ذلك حرام مع من يكرهه الزوج ومن لا يكرهه .
وقال القاضي عياض : كانت عادة العرب حديث الرجال مع النساء ، ولم يكن ذلك عيبا ولا ريبة عندهم ، فلما نزلت آية الحجاب نهوا عن ذلك . اهــــــــ
وعليه فإن العرف سيق هنا أصالة لما "لهن" وليس لما "عليهن"
لأن ما عليهن معلوم بالنص الشرعي الذي يخالف عرفا كان موجودا وهو دخول الرجال الأجانب على النساء وحديثهم معهن بدون إذن الأزواج
والزوجة شرع الله لها أن تأخذ أجرة على الرضاعة وهي مما تعارف عليه بين عامة المسلمين قيام الزوجة به
قال تعالى "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى"
فهنا فرض الله على الزوج أن يعطي أجرة الزوجة التي تطلبها مقابل إرضاعها فإن شق عليه مقدار الأجرة فله أن يستأجر مرضعة أخرى
قال الحافظ بن كثير:
وقوله : ( وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) أي : وإن اختلف الرجل والمرأة ، فطلبت المرأة أجرة الرضاع كثيرا ، ولم يجبها الرجل إلى ذلك أو بذل الرجل قليلا ولم توافقه عليه ، فليسترضع له غيرها . فلو رضيت الأم بما استؤجرت عليه الأجنبية فهي أحق بولدها . اهـــــــ
فإذا كانت الزوجة لها ألا ترضع إلا بما تطلبه من مقابل مع أنه ابنها ووبضعة منها وارضاعها له أولى من غيرها فلأن يكون لها الحق في أجرة أو خادم لأعمال المنزل هو من باب أولى
وعدم وجوب خدمة الزوجة بل استحبابها هو قول أبي حنيفة و الشافعي ومالك وأهل الظاهر , قالوا:
لأن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع ، لا الاستخدام وبذل المنافع ، قالوا : والأحاديث المذكورة إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق ، فأين الوجوب منها.
وبالفعل فالأحاديث الواردة تفيد الجواز أو الاستحباب ولا تفيد الوجوب , وهي حالات أعيان لا تدل على ما يراد الاستدلال له , النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه لم يرضى أن يتزوج علي بن أبي طالب على ابنته فاطمة إلا أن يطلقها مع أن المسألة لم تكن واجب أو محرم بل مفضول وأفضل
قال الإمام القرطبي في تفسيره لقوله تعالى "وَعَاشِرُوهُنّ بِالْمَعْرُوفِ"
استدل علماؤنا بقوله تعالى : وعاشروهن بالمعروف على أن المرأة إذا كانت لا يكفيها خادم واحد أن عليه أن يخدمها قدر كفايتها ، كابنة الخليفة والملك وشبههما ممن لا يكفيها خادم واحد ، وأن ذلك هو المعاشرة بالمعروف . وقال الشافعي وأبو حنيفة : لا يلزمه إلا خادم واحد - وذلك يكفيها خدمة نفسها ، وليس في العالم امرأة إلا وخادم واحد يكفيها ؛ وهذا كالمقاتل تكون له أفراس عدة فلا يسهم له إلا لفرس واحد ؛ لأنه لا يمكنه القتال إلا على فرس واحد . قال علماؤنا : وهذا غلط ؛ لأن مثل بنات الملوك اللاتي لهن خدمة كثيرة لا يكفيها خادم واحد ؛ لأنها تحتاج من غسل ثيابها لإصلاح مضجعها وغير ذلك إلى ما لا يقوم به الواحد ، وهذا بين . والله أعلم .
اهـــــ
وحديث "لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"
فضعيف على كثرة طرقه ومضطرب أيما اضطراب من حيث القصة التي جاءت فيها هذه الجملة وكل قصة فيهم لا تخلو من ضعف سواء لضعف شديد أو جهالة في الرواة أو نكارة
فتارة جاءت في رواية أن معاذ بن جبل كان بالشام فلما قدم معاذ قال : يا رسول الله رأيت أهل الكتاب يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم أفلا نسجد لك؟ قال : لا لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها .
وهو حديث ضعيف
قال الشيخ العلامة المحدث ربيع بن هادي حفظه الله تعالى:
حديث معاذ -رضي الله عنه- في سجوده للنبي صلى الله عليه وسلم ،لم يصح إسناده ولا يصحّ معناه .
1- أما من جهة معناه فإنه لم يثبت أنه ذهب إلى الشام في حياة النبي وإنما الثابت ذهابه إلى الشام في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه – ومات بالطاعون هناك ، وفي الحديث (حين رجوعه من اليمن) وهو لم يذهب إلى اليمن إلا في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومات النبي صلى الله عليه وسلم وهو باليمن، حيث لم يعد إلا في خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- .
ثم هو من كبار الصحابة وفقهائهم الكبار بعيد جداً أن يكون بهذه الدرجة من الجهل.
ومن جهة المتن ففيه اختلاف سيأتي بيانه.
2- وأما من جهة الإسناد ففيه نكارة، ومداره على القاسم بن عوف الشيباني ضعّفه يحيى بن سعيد القطان وشعبة كما أشار إلى ذلك القطان وقال أبو حاتم : “مضطرب الحديث، ومحلّه عندي الصدق” ، وقال النسائي : “ضعيف”، وذكره ابن حبان في “الثقات”، وقال الذهبي في “الكاشف” : “مختلف في حاله”، وقال الحافظ : “صدوق يغرب” .
انظر ترجمته في “تهذيب التهذيب” ( 8/326-327) و”الكامل” لابن عدي(6/ 37) و”الميزان” للذهبي (3/376) و”الكاشف” للذهبي و”التقريب” للحافظ ابن حجر .
وقد روى هذا الحديث أحمد (4/381) من طريق إسماعيل ابن عليَّة عن أيوب عن القاسم بن عوف الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قدم معاذ اليمن أو قال الشام، فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها، فَرَوَّأ في نفسه أن رسول الله أحقّ أن يُعَظَّم، فلمّا قدم قال: يا رسول الله! رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروّأتُ في نفسي أنك أحقّ أن تعظم فقال : (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) .
ورواه أحمد عن وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن معاذ بن جبل قال : يا رسول الله! رأيت رجالاً باليمن يسجد بعضهم لبعض أفلا نسجد لك قال : (لو كنت آمراً بشراً أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها).
ورواه من طريق ابن نمير سمعت أبا ظبيان يحدث عن رجل من الأنصار عن معاذ بمعناه . المسند (4/277).
فالحديث من طريق القاسم وأبي ظبيان ليس فيه أن معاذاً سجد للنبي وإنما فيه عرض السجود للرسول ثم ردّ الرسول ذلك.
هذا مضمون هذا الحديث من هذين الوجهين، ومع ذلك فالحديث من طريق القاسم قد أعلّه أبو حاتم بالاضطراب، انظر “العلل” لابنه ( 2/253) وكذلك أعلّه الدار قطني في “علله” ( 6/37-38) .
وأعلّ حديث أبي ظبيان بالاختلاف في إسناده ثم بالانقطاع؛ لأن أبا ظبيان لم يسمع من معاذ، انظر “العلل” (6/39-40).
وأما التصريح بأن معاذاً سجد للنبي صلى الله عليه وسلم ، فرواه ابن ماجة حديث ( 1853) وابن حبان في صحيحه حديث (4171) والبيهقي (7/292) من طرق عن حماد بن زيد عن القاسم الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى به، وفيه سجد معاذ للنبي الحديث فمدار هذه الطرق على القاسم الشيباني.
وذكر الدار قطني في “علله” (6/37-39) له طرقاً أخرى منها ما سبق .
ومنها عنه عن زيد ابن أرقم عن معاذ .
ومنها عنه عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن أبيه عن معاذ .
ومنها عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن صهيب عن معاذ .
ثم قال : والاضطراب فيه من القاسم بن عوف.
فهذا حال هذا الحديث المنسوب إلى معاذ فيه عدة علل :
1- الأولى : ضعف القاسم بن عوف الشيباني .
2- الثانية : اضطرابه في الأسانيد .
3- الاختلاف في المتن .
4- الانقطاع في إسناد أبي ظبيان بينه وبين معاذ .
5- الاختلاف عليه، ونحن نستبعد وقوع مثل هذا من هذا الصحابي الفقيه الجليل معاذ ابن جبل -رضي الله عنه
وتارة جاءت في رواية عن سراقة بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها .
رواه الطبراني من طريق وهب بن علي عن أبيه وكلاهما مجهولان
وتارة جاءت في قصة عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في نفر من المهاجرين والأنصار فجاء بعير فسجد له فقال أصحابه : يا رسول الله تسجد لك البهائم والشجر فنحن أحق أن نسجد لك؟ قال : اعبدوا ربكم وأكرموا أخاكم ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولو أمرها أن تنقل من جبل أصفر إلى جبل أسود ومن جبل إلى جبل أبيض كان ينبغي لها أن تفعل .
وهذه سندا فيها علي بن زيد ضعيف شيعي ومثل هذه الرواية مما يوافق بدعة الشيعة في الغلو في تعظيم آل البيت ولا أدري كيف رواها بعض أصحاب السنن
ومتنا فرواية منكرة جدا فكيف تسجد البهائم للنبي؟ ولما أرادوا أن يسجدوا له قال : اعبدوا ربكم. يعني معنى هذا أن سجود البهائم للنبي في هذه الرواية كان سجود عبادة!! سبحان الله
فالرواية باطلة لا شك
وقد حكم على هذا الحديث ابن حزم رحمه الله وهو من أئمة المحدثين بأنه باطل وهذا هو كلامه موثق بالمصدر:
قال ابن حزم:
وقد اختلف قوم فيما ذكرنا واحتجوا بأخبار ساقطة - :
منها - خبر رويناه من طريق الحارث بن أبي أسامة عن يزيد بن هارون عن يوسف عطية عن ثابت البناني عن أنس بن مالك { أن رجلا غزا وترك امرأته في علو وأبوها في سفل وأمرها أن لا تخرج من بيتها فاشتكى أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره ؟ فقال لها : اتقي الله وأطيعي زوجك - ثم كذلك إذ مات أبوها ولم تشهده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله غفر لأبيك بطواعيتك لزوجك } . يوسف بن عطية متروك الحديث ولا يكتب حديثه .
ومن طريق مسدد عن عبد الواحد بن زياد عن ليث بن أبي سليم عن عطاء عن ابن عمر { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حق الرجل على زوجته ؟ فقال كلاما منه : أن لا تخرج من بيتها إلا بإذنه ، فإن فعلت لعنتها ملائكة الله وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع إلى بيتها أو تتوب ، قيل : يا رسول الله وإن ظلمها ؟ قال : وإن ظلمها } .
ليث ضعيف ، وحاش لله أن يبيح رسول الله صلى الله عليه وسلم الظلم ، وهي زيادة موضوعة ليست لليث بلا شك .
ومن طريق قاسم بن أصبغ أنا ابن أبي العوام ثنا عبيد بن إسحاق - هو العطار - أنا حيان بن علي العنزي عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن بريدة { أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لو كنت آمرا بشرا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها تعظيما لحقه } .
ومن طريق وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله حرفا حرفا ، ليس فيه " تعظيما لحقه " .
ومن طريق خلف بن خليفة عن حفص ابن أخي أنس بن مالك عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها } .
ومن طريق أبي داود أنا عمرو بن عون أنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن شريك بن عبد الله القاضي عن حصين عن الشعبي عن قيس بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق } .
أنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الجسور أنا أحمد بن الفضل الدينوري أنا محمد بن جرير الطبري أنا إبراهيم بن المستمر أنا وهب بن جرير بن حازم أنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن سراقة بن جعشم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها } .
قال أبو محمد ( ابن حزم) : كل هذا باطل
المصدر:
(المحلى بالآثار - ج10 ص331 - 333 )
وحتى لو صح الحديث فالسجود المقصود هو سجود التحية وليس سجود العبادة أو التذلل كسجود والدي يوسف عليه السلم له لما رفعهما على العرش
ولكن السجود بجميع أنواعه قد حرم في الإسلام إلا لله تعالى
فالحديث لا يصح ولو صح لما صلح استنباط أي حكم شرعي منه
والقول بأن الإستمتاع بهن ليس يحق فيه لهن مقابل لأن المرأة أيضا تستمتع بالرجل (حق مشترك) فهذا قول في غاية السقوط , وصاحبه يجب ألا ينسب لأهل العلم , فهذا القول مصادم للنصوص القرآنية الصريحة الدلالة في وجوب إعطاء المهر للمرأة مقابل الإستمتاع
قال تعالى "فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً"
فالله تعالى فرض للزوجة فريضة مالية (مهرا) وبين أن هذا المهر هو مقابل الإستمتاع , ولو كان هذا الدعاء الساقط صحيحا لما فرض الله لهن شيئا مقابل الإستمتاع لأنه مشترك!
بل معروف بين الناس ومما هو مستقر في الفطر أن المتعة شئ يحسب للرجل , يبدي له الرغبة ويبذل العطاء لنيله
فحتى في عالم الزواني فالمشهور أن المومسات هن من يُطلبن من قبل الرجال ويأخذن الأجر ولا نكاد نسمع عن العكس
كذلك فإن في المعاشرة الزوجية يكفي الرجل أن يجامع مرة في االعمر أما المرأة فعليها أن تستجيب لطلب زوجها إذا دعاها للفراش - إلا بالطبع إن كان عندها عذر شرعي من مرض أو حيض أو خلافه
تبين إذن أن هذا قول باطل ظاهر البطلان
فعجبا على من يتجرأ بالكلام في دين الله بغير علم, و الله المستعان.