( مع وضوح القضية لا يقبلون عليها بل ويحاربون حاملها )

قال تعالى : (لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌۭ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِٱلْمُؤْمِنِين رَءُوفٌۭ رَّحِيمٌۭ ﴿128﴾ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَقُلْ حَسْبِىَ ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ ﴿129﴾). سورة يونس.

وفي ذلك فوائد عظيمة جدا:
1 ـ أنها سورة الجهاد ( سورة التوبة ) تنتهي بقوله تعالى : ( فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَقُلْ حَسْبِىَ ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ ) ... وفي هذا أعظم استقرار في أن الإسلام دين رحمة وليس دين إبادة لمن خالفه (قال تعالى وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) ).
2 ـ أن الداعي إلى الله الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ... لا يطلب منه النتيجة ، لكن يطلب منه العمل ... ( فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَقُلْ حَسْبِىَ ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ ).
3 ـ رسول من أنفسنا ، يشق عليه الأمر الذي يشق علينا ، يحب لنا الخير، ويسعى جهده في إيصاله إلينا ، ويحرص على هدايتنا إلى الإيمان، ويكره لنا الشر، ويسعى جهده في تنفيرنا عنه ، شديد الرأفة والرحمة بنا ، أرحم بنا من والدينا ..... بالله هل سيتولى عن اتباعه أحد ؟! نعم تولى عنه الكثير والكثير .... حسنا الله ونعم الوكيل

.... كذلك فكن أيها الداعي إلى الله ، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ... لا عليك بعد خوفك على الناس والرحمة بهم وطلب هدايتهم ألا يسمع إليك إلا القليل ... إنها تربية على الصبر على الناس وعلى الاستمرار في الطريق ... ونِعمت التربية ....

ثم بعد ذلك تبدأ السورة التالية سورة يونس بما ختمت به سورة التوبة ...
يا للعجب كل هذا يفعله الرسول مع قومه يرسله الله إلى الناس يخوفهم من معصية الله ويبشرهم بالتقرب إلى الله تعالى بطاعته فيشتموه ويسبوه ويعتدوا عليه ويعاندوه
( أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍۢ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ قَالَ ٱلْكَـٰفِرُون إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌۭ مُّبِينٌ ﴿2﴾ ) . ومع وضوح قضية الوحي على هذا النحو , فإن الكافرين يستقبلونها كما لو كانت أمرا عجيبا: (قال الكافرون: إن هذا لساحر مبين). .