الدرس التاسع والعشرون

الحال
الحال وهو: وصفٌ فَضلَةٌ يبيّنُ هيئةَ صاحبِهِ عندَ وقوعِ الفعلِ.
مثل: جاءَ زيدٌ ضاحِكًا، فضاحكًا: حال منصوب؛ لأنه وصف أي اسم مشتق لكونه اسم فاعل، وفضلة أي ليس مسندا ولا مسندا إليه إذْ المسند هو جاءَ والمسند إليه هو زيدٌ، وقد بيّنَ هيئة زيد عند وقوع المجيء بدليل أنه يقال: كيفَ جاءَ زيدٌ ؟ فيقال: راكبًا، وهذه علامة الحال صحة وقوعها في جواب كيفَ، ويسمى زيدٌ صاحب الحال.
ومثل: خرجَ عمرٌو مغمومًا، فمغمومًا: حال منصوب؛ لأنه وصف لكونه اسم مفعول، وفضلة، وقد بين هيئة عمرو وهو صاحب الحال عند الخروج لأنه يقال: كيفَ خرجَ عمرٌو ؟ فيكون الجواب: مغمومًا.

شروط الحال
يشترط في الحال أربعة شروط هي:
1- أن يكون وصفًا وهو الاسم المشتق، وما وردَ من الأحوال اسما جامدا يجب تأويله بمشتق، مثل: بعتُ القمحَ صاعًا بدرهمٍ،فصاعًا:ح ل من القمحِ،وهو اسم جامد فنؤوله بمشتق والتقدير بعتُ القمحَ مُسَعَّرًا بدرهم،ومسعَّرا اسم مفعول.
2- أن يكون فضلة أي لا يكون الحال مسندا ولا مسندا إليه.
3- أن يكون صالحا للوقوع في جواب كيف.
4- أن يكون نكرة، وما ورد معرفة يجب تأويله بنكرة،مثل: جاءَ الضيفُ وحدَهُ،يؤول بنكرة والتقدير جاءَ الضيفُ منفردًا.

شروط صاحب الحال
ويشترط في صاحب الحال أحد الأمور التالية:
1- التعريف مثل: جاءَ زيدٌ ضاحِكًا.
2- أو التخصيص بوصف أو بإضافة مثل: جاءَ رجالٌ غرباءُ مسرعينَ، وحضرَ ذَوُو فاقةٍ سائلينَ.
3- أو التعميم بأن تقع النكرة بعد نفي أو نهي أو استفهام مثل: ما ندِمَ طالبٌ مجتهدًا، ولا يفرحْ أحدٌ شامتًا بأخيهِ، وهل في الدارِ رجلٌ حافظًا.
4- أو التأخير أي تأخير صاحب الحال عن الحال مثل: أتاني سائلًا رجلٌ، فسائلًا: حال من رجل.


أقسام الحال
أولا: انقسامها بحسب الإفراد وعدمه إلى ثلاثة أقسام: مفردة، وشبه جملة، وجملة.
1- الحال المفردة مثل: جاءَ زيدٌ راكبًا.
2- الحال شبه الجملة مثل: رأيتُ عمرًا في الدارِ، ففي الدار: جار ومجرور متعلقان بحال محذوف لعمرو، أي رأيته حال كونه في الدارِ، ومثل: رأيتُ بكرًا عندَ النهرِ، فعندَ: ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بحال محذوف لبكر.
3- الحال الجملة مثل: جاءَ زيدٌ يضحكُ، فيضحكُ: فعل مضارع وفاعل مستتر والجملة في محل نصب حال لزيد.
ومثل: جاءَ عمرٌو وهو صائمٌ، وهو صائمٌ: جملة من مبتدأ وخبر في محل نصب حال لعمرو.
وقد اشتهرت قاعدة على ألسنة المُعْرِبِينَ وهي: ( الجمل بعد النكرات صفاتٌ وبعد المعارفِ أحوالٌ ).
تقول: جاءَ رجلٌ يركضُ، فالجملة من يركض والفاعل المستتر في محل رفع صفة لرجل.
وتقول: جاءَ زيدٌ يركضُ، فجملة يركض في محل نصب حال لزيد.
ثم إن الجملة التي تقع حالا يشترط فيها ما يلي:
1- أن تكون خبرية، فلا تكون الجملة الإنشائية حالا.
2- أن يكون فيها رابط يربطها بصاحب الحال.
والرابط في الجملة الفعلية هو الضمير نحو جاءَ زيدٌ يركضُ، فالفاعل المستتر العائد على زيد هو الرابط.
وأما في الجملة الاسمية فالرابط فيها إما الضمير وحده مثل: جاءَ زيدٌ يدُهُ على رأسِهِ،فالضمير في يده العائد على زيد هو الرابط.
وإما الواو وحدها مثل: جاءَ زيدٌ والمطرُ نازلٌ، فالمطر نازل مبتدأ وخبر في محل نصب حال لزيد، والرابط هنا هو الواو التي تسمى بواو الحال لأنه يأتي بعدها جملة تعرب حالا والمعنى هو جاءَ زيدٌ حال كون المطر نازلا أو مع نزول المطرِ.
وإما الواو والضمير معا مثل: جاءَ زيدٌ وهوَ غضبانُ، فهو غضبان: جملة من مبتدأ وخبر في محل نصب حال لزيد، والرابط هو الواو التي هي واو الحال، والضمير هوَ العائد على زيد.
ثانيا: انقسامها بحسب التأسيس والتأكيد إلى قسمين: مؤسِّسَة ومؤكِّدة.
1- المؤسِّسَة وتسمى المُبَيِّنَة وهي: التي تفيد معنى جديدًا لا يستفادُ من الكلامُ إلا بذكرها، وكل ما تقدم من أمثلة هو للحال المؤسسة وهي الأصل كقولنا: جاءَ زيدٌ ضاحكًا، فإنه لولا ذكر الضحك لم نستفد هيئة زيد عند مجيئه.
2- المؤكِّدة وهي: التي لا تفيد معنى جديدًا وإنما تقوي معنى تحتويه الجملة قبل مجيء الحال.
مثل: لا تظلمْ الناسَ باغيًا، فالبغي هو الظلم ولو حذفنا كلمة البغي ما نقص معناه ولفهم من بقية الكلام.
ومنه قوله : ( فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا ) فضاحكًا: حال مؤكدة من الضمير المستتر العائد على سليمان عليه السلام، وإنما قلنا هي حال مؤكدة لأن تبسم في معنى ضحك.
الفرق بين الحال والنعت
هنالك قاعدة مشهورة عند العلماء وهي: ( الحالُ وصفٌ لصاحِبِهِ قيدٌ لعامِلِهِ ) ومعناها يتضح بالمثال:
إذا قلتَ: جاءَ زيدٌ ضاحِكًا، فالضحك من حيث المعنى وصف لصاحب الحال وهو زيد، وهو قيدٌ للذي نصب ضاحكًا وهو جاءَ؛ لأنَّ المعنى هو أنه ضاحكٌ في وقت المجيء.
وبهذا يتبين الفرق بين الحال والنعت فإن النعت لا يقيد عامله، تقول: جاءَ زيدٌ الضاحكُ، فالضاحكُ وصف لزيد، وقد يكون ضاحكا قبل المجيء لا حال المجيء بخلاف قولك: جاءَ زيدٌ ضاحكًا فهو ينص على أنه وقت المجيء كان ضاحكا وقد لا يكون قبل المجيء كذلك.

مسألة
قد تتعدد الحال نحو: جاءَ زيدٌ ضاحكًا فرِحًا، قال : ( فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفًا ) فغضبانَ حال أولى، وأسِفًا حال ثانية.

( شرح النص )
بابُ الحالِ: وهوَ وصْفٌ فَضْلَةٌ في جوابِ كيفَ، كـ ضربْتُ اللصَ مكتوفًا.
وشرطُها التنكيرُ، وصاحبِها التعريفُ، أو التخصيصُ أو التعميمُ أو التأخيرُ، نحوُ ( خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ )، ( فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلْسَائِلِينَ )، ( وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ ) وَلِمَيَّةَ مُوحِشًا طَلَلُ.
.............................. .................... .............................. .................... ...................
لما أنهى المؤلفُ الكلامَ على المفعولاتِ شرعَ في الكلامِ على بقية المنصوبات، ومنها الحال فقال: ( بابُ الحالِ ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا ( وهوَ وصْفٌ ) أي اسم مشتق كاسم الفاعل واسم المفعول ( فَضْلَةٌ ) أي ليس مسندا ولا مسندا إليه، يقعُ ( في جوابِ كيفَ كـ ضربْتُ اللصَ مكتوفًا ) تقول: كيفَ ضربتَ اللصَ؟ فيقال: مكتوفًا، فمكتوفًا: حال منصوب لأنه وصف لأنه اسم مفعول، فضلة لأنه ليس مسندا ولا مسندا إليه، واقع في جواب السؤال بكيفَ.
( وشرطُها ) أي الحال هو ( التنكيرُ ) وما وقع معرفة فإنه يؤول بنكرة مثل: جاءَ زيدٌ وحدَهُ، فوحدَه: حال منصوب وهو معرفة لإضافته إلى الضمير وهو مؤول بمنفرد، ( و ) شرطُ ( صاحبِها ) أي صاحب الحال إمَّا ( التعريفُ ) نحو جاءَ زيدٌ راكبًا ( أو التخصيصُ ) بوصفٍ أو إضافة نحو جاءَ رجلٌ كبيرٌ راكبًا، وجاءَ غلامُ زيدٍ راكبًا ( أو التعميمُ ) بأن تقع النكرة في سياق نفي أو نهي أو استفهام نحو ما جاءَ رجلٌ راكبًا، ولا تركبْ دراجةً مسرِعًا، وهل في المسجدِ رجلٌ عالمًا ( أو التأخيرُ ) عن الحال نحو جاءَ راكبًا رجلٌ، ثم أخذ يمثل للحالات الأربع أعني التعريف والتخصيص والتعميم والتأخير بقوله: ( نحوُ ) قوله : ( خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ )فخُشَّعًا: حال من فاعل يخرجون وهو الواو والمعنى هو يخرجُ الكفارُ من قبورِهِم حال كونهم خُشَّعًا أبصارُهُم، وصاحب الحال هنا معرفة لأنه ضمير وهو أعرف المعارف، ونحو قوله ( فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلْسَائِلِينَ ) فسواءً: حال من أربعة وجاز كون صاحب الحال نكرة لأنه قد أضيف إلى أيام فتخصص، ونحو قوله : ( وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ ) فلها منذرونَ: جملة من خبر مقدم ومبتدأ مؤخر في محل نصب حال لقرية، وهي وإن كانت نكرة لكنها هنا عامة لوقوعها بعد نفي، وكقول الشاعر: ( لِمَيَّةَ مُوحِشًا طَلَلُ ).. يَلُوحُ كَأَنَّهُ خِلَلُ، لِمَيَّة: اللام حرف جر، مَيَّةَ: اسم مجرور بالفتحة لأنه علم لامرأة وهو اسم محبوبته، والجار والمجرور خبر مقدم، والمبتدأ هو طلل، موحشًا: المكان الموحش المهجور، طَلَل: ما تبقى بارزا من آثار الديار، يلوح: يلمع، الخِلَل: جمع خِلة وهي بطانة منقوشة بالمعادن يوضع فيها غمد السيف، والمعنى هو لهذه المرأة شيء مرتفع من بقايا آثار دارها موحش يلمع للناظر من بعيد كأنه بطانة غمد السيف، والشاهد هو أن موحشًا حال من طلل الذي هو نكرة، والمسوغ لذلك تقدم الحال على صاحبها.
تنبيه: يحسن التنبه إلى الفرق بين شبه الجملة في حالة تعلقها بالفعل فلا تكون حينئذ حالا، وفي حالة تعلقها بمحذوف في محل نصب حال.
مثال الأول: ذهبَ زيدٌ إلى السوقِ، فالجار والمجرور هنا متعلقان بالفعل ذهب وليس في محل نصب حال لزيد فإنك إذا أظهرتَ الحال المحذوفة وقلت: ذهبَ زيدٌ موجودا إلى السوقِ، لما استقام المعنى.
ومثال الثاني: رأيتُ زيدًا في السوقِ، فإن شبه الجملة في محل نصب حال أي رأيتُ زيدًا موجودًا في السوقِ، قال : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) فعلى قومه متعلقان بخرجَ، وفي زينته متعلقان بمحذوف حال والتقدير فخرج على قومه حال كونه في زينته.


( تدريب )
أعرب ما يلي:
1- قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا.
2- لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا.
3- عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا.