تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الفطرة الإلهية وقاية وعلاج من الإلحاد (2)

  1. Post الفطرة الإلهية وقاية وعلاج من الإلحاد (2)

    30-09-2013 | د. عامر الهوشان
    إن الفطرة السوية التي نتكلم عنها كعلاج من الإلحاد, يمكن أن تقبل الإسلام وتهتدي إليه سبحانه وتعالى, وتترك الإلحاد الذي تلوثت به, بما أودع الله فيها وفي كل الخلائق من قوانين كلية، تظهر آثارها في الطفل الناشئ الذي لم يتعلم أو يتكلم، فهو يدرك أن الحادث لابد له من محدث، وأن الجزء دون الكل، وأنه يستحيل الجمع بين المتناقضين.







    بعد بيان أهمية قضية الإلحاد في المقال الأول, وبعد ذكر خطورة هذه القضية ومدى تأثيرها على شبابنا وبناتنا, في عصر أصبح العالم بأسره قرية صغيرة, بل قل: جهازا صغيرا في جيب مسلم أو مسلمة, مع ما يحتويه هذا العالم من أفكار هدامة, ومذاهب فكرية وفلسفية كافرة, ومن بينها الفكر الإلحادي الذي بدأ يزداد وينتشر بين أبنائنا وبناتنا, وبعد بيان أسباب وطرق الوقاية من هذا الداء, وتوضيح الأساليب الفعالة لعدم الوقوع فيه من البداية, تطبيقا للمبدأ والمثل الشائع: درهم وقاية خير من قنطار علاج.

    بعد بيان كل ذلك, واستكمالا وتتميما لعنوان المقال, كان لا بد من بيان وسائل العلاج من هذا المرض بعد وقوع الداء, فقد يغفل بعض المسلمين عن بعض أبنائهم وبناتهم في وقت الوقاية واللقاح,الذي لو تلقوه في وقته في الصغر, لكان مانعا لهم من احتمال الوقوع في مثل هذا المرض -بإذن الله- في الكبر, ونظرا لكون (لو) تفتح عمل الشيطان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولكونها لا تنفع بعد وقوع المحذور وحصول المكروه, فإن الأهم معالجة المرض ومقاومته, بدلا من البكاء والنواح على نتائجه وآثاره.

    وعلاج أي داء أو مرض –كما هو معلوم عند الأطباء– متوقف على مدى انتشاره في الجسد, فكلما كان انتشاره أقل كلما كانت إمكانية الشفاء منه أفضل وأنجع, فالمرض قد يكون واحدا, ولكن درجات شدته وانتشاره في الجسد تختلف من شخص لآخر, ولذلك تتوجه النصيحة دائما للآباء والمربين في الإسلام, لملاحظة درجة انخفاض تدين المسلم وتلوثه بأي لوثة فكرية أو نفسية إلحادية, وذلك من أجل المسارعة إلى علاجها قبل استفحالها, وقبل أن يستيقظ الوالد أو المربي على ولده أو ابنته أو تلميذه, وقد اجتاح الإلحاد عقله ونفسه, فيندم على التفريط في العلاج, في وقت كان يمكن فيه الشفاء.

    وإذا كانت طرق معالجة الإلحاد كثيرة ومتشعبة, إلا أن عنوان المقال يجعلنا نتقيد بالمعالجة المتعلقة بالفطرة الإنسانية السليمة, تلك الفطرة التي هي في الأصل وقاية من الوقوع في الإلحاد, كما رأينا في المقال السابق, وهي بنفس الوقت علاج ودواء من هذا الداء الخطير, وذلك من خلال:

    1- اتباع وسيلة القرآن الكريم الحوارية مع الفطرة الإنسانية، تلك الوسيلة التي خاطب الله بها الكافرين والمنكرين لوجوده سبحانه و تعالى, كما خاطب بها أولئك الذين يجعلون مع الله إلها آخر, من المشركين الذين كانوا يعبدون الأصنام في زمن النبي صلى الله عليه وسلم, فيذكرهم بفطرتهم التي لا بد أن يلجؤوا إليها ويعودوا لظلها في أوقات الشدة والكرب والمصيبة, من دون آلهتهم التي يعبدونها من دون الله, كوسيلة لمعالجتهم من شركهم وكفرهم بالله تعالى وبوجوده ووحدانيته.

    قال تعالى : {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} يونس/22

    قال ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} أي: هلكوا {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي: لا يدعون معه صنما ولا وثنا، بل يفردونه بالدعاء والابتهال، كما قال تعالى في آية الإسراء: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنْسَانُ كَفُورًا} (67)، وقال هاهنا: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ} أي: هذه الحال {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} أي: لا نشرك بك أحدا، ولنفردنك بالعبادة هناك كما أفردناك بالدعاء هاهنا. (1)

    وقال القرطبي: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ جُبِلُوا عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ فِي الشَّدَائِدِ، وَأَنَّ الْمُضْطَرَّ يُجَابُ دُعَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، لِانْقِطَاعِ الْأَسْبَابِ وَرُجُوعِهِ إِلَى الْوَاحِدِ رَبِّ الْأَرْبَابِ , فَقد أَجَابَهُمْ الله تعالى عِنْدَ ضَرُورَتِهِمْ وَوُقُوعِ إِخْلَاصِهِمْ ، مَعَ عِلْمِهِ سبحانه أَنَّهُمْ يَعُودُونَ إِلَى شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ . (2)

    فهذه الآيات وأمثالها في القرآن الكريم كثير, يمكن أن تكون علاجا للمسلم الذي وقع في براثن الإلحاد , فإذا كان الله تعالى قد خاطب بهذه الآيات من كان على شركه وكفره الأصلي , فيمكن من باب أولى التوجه بهذه الآيات إلى المسلمين المتأثرين ببعض شبهات الإلحاد وأوهامه , وتذكيرهم بافتقارهم إلى الله تعالى في كل وقت وحين , وخاصة في وقت الشدة والكرب والمحن .

    2- اتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في معالجة المشركين, ممن كان يشرك مع الله إلها آخر, وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم, ما يثبت اتباعه لأسلوب الرجوع إلى فطرة الإنسان المودعة في تكوينه, لاستنهاضها من أوحال الشرك التي طمست معانيها وأخفت معالمها.

    ومن ذلك حديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي : يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ اليَوْمَ إِلَهًا ؟؟ قَالَ أَبِي : سَبْعَةً سِتَّةً فِي الأَرْضِ وَوَاحِدًا فِي السَّمَاءِ. قَالَ : فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ ؟؟ قَالَ : الَّذِي فِي السَّمَاءِ. قَالَ : يَا حُصَيْنُ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ . قَالَ : فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنِيَ الكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِي ، فَقَالَ : قُلْ : اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي ، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي.

    قال الترمذي هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مِنْ غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ.(3)

    إن أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم في مواجهة ظاهرة الشرك والكفر التي كانت منتشرة في عهده, والذي اعتمد في معالجته على الحوار المستند على الفطرة السليمة المخلوقة في الإنسان, تؤكد أهمية ودور هذه الفطرة في معالجة الإلحاد وإنكار الإله المنتشرة في زماننا هذا, وذلك من خلال استحضار المواقف الصعبة والحرجة التي لا تخلو منها حياة أي إنسان, والتذكير بما يجول وقتها داخل غمار نفسه وقلبه, وتذكيره بنداء الفطرة الذي يدعوه ساعتها, باللجوء إلى جهو واحدة ومصدر واحد, هو الله سبانه وتعالى.

    3- اللجوء إلى العقل الذي لا يمكن أن يخالف الفطرة: فالعقل والفطرة في توافق تام, فلا العقل يخالف الفطرة, ولا الفطرة تنافي العقل, ولذلك كانت دعوة القرآن الكريم للإنسان باستخدام العقل الفطري للوصول إلى التوحيد والإيمان بالله تعالى, مع بيان أن كل من خالف التوحيد والإيمان بوجود الله تعالى, فقد خالف العقل الفطري الذي وهبه الله لهذا الإنسان.

    قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} الروم/30

    فمخالفتهم لفطرة الله عز وجل إنما كانت من جهلهم بربهم, وعدم استخدامهم لعقولهم التي توصل إلى الإيمان بوجوده لا محالة.

    وقال تعالى: {مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} الحج/71 , فبين عز وجل أن عبادتهم لما عبدوا كانت بغير هدى من الله ولا علم وإنما هو جهلهم وعبثهم.

    وفي القرآن حوار للكفار والمشركين رائع, يصلح نموذجا لحوار من تلوث بشيء من الكفر والإلحاد في هذه الأيام, قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ * وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُ مْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ * إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} الأعراف/191/193 .

    إنه العقل المتضمن لبدهيات العلوم والمعارف كافة, كاستحالة اجتماع النقيضين, وبطلان التسلسل والدور وغيرها, والتي من خلالها تمكن الإنسان من الوصول إلى ما نراه اليوم من تقدم وتكنولوجيا.

    إنها الفطرة الإنسانية التي نطق بها ذلك الأعرابي البسيط عندما سئل: بم عرفت ربك ؟؟ فأجاب بقوله: البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير, فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج أفلا تدل على السميع البصير.

    لقد استخدم الصحابة الكرام هذا الأسلوب في إقناع أقرب الناس إليهم بوحدانية الله تعالى, وترك عبادة الأصنام والشرك بالله, وذلك من خلال إيقاظ الفطرة العقلية البدهية المودعة في نفس كل إنسان.

    فقد ورد في قصة إسلام عمرو بن الجموح رضي الله عنه, أنه قد اصطنع صنما أقامه في داره وأسماه (منافا)، فاتفق ولده معاذ بن عمرو وصديقه معاذ بن جبل على أن يجعلا من هذا الصنم سُخرية ولعب، فكانا يدلُجان عليه ليلا فيحملانه ويطرحانه في حفرة يطرح الناس فيها فضلاتهم، ويصبح عمرو بن الجموح رضي الله عنه فلا يجد (منافا) في مكانه؛ فيبحث عنه حتى يجده طريح تلك الحفرة؛ فيثور ويقول: ويلكم! من عدا على آلهتنا هذه الليلة؟؟ ثم يقوم بغسله وتطهيره وتطيبه، فإذا جاء الليل صنع الصديقان من جديد بالصنم مثل ما صنعا من قبل، حتى إذا سئم عمرو بن الجموح جاء بسيفه ووضعه في عنق (مناف) وقال له: (إن كان فيك خير فدافع عن نفسك)!

    فلما أصبح لم يجده مكانه بل وجده بالحفرة نفسها، ولم يكن وحيدا بل كان مشدودا مع كلبٍ ميتٍ في حبلٍ وثيق, وبينما هو في غضبه وأسفه، اقترب منه بعض أشراف المدينة الذين سبقوا إلى الإسلام، وراحوا وهم يشيرون إلى الصنم يخاطبون عقل عمرو بن الجموح وفطرته، محدِّثينه عن الإله الحق الذي ليس كمثله شيء، وعن محمد صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين، وعن الإسلام الذي جاء بالنور,وفي لحظات ذهب عمرو بن الجموح فطهر ثوبه وبدنه، وتطيب وتألق، وذهب ليبايع خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم على الإسلام.(4)

    إن الفطرة السوية التي نتكلم عنها كعلاج من الإلحاد, يمكن أن تقبل الإسلام وتهتدي إليه سبحانه وتعالى, وتترك الإلحاد الذي تلوثت به, بما أودع الله فيها وفي كل الخلائق من قوانين كلية، تظهر آثارها في الطفل الناشئ الذي لم يتعلم أو يتكلم، فهو يدرك أن الحادث لابد له من محدث، وأن الجزء دون الكل، وأنه يستحيل الجمع بين المتناقضين، وهذا من أوائل العقل وبواكيره، وقلوب بني آدم جميعا مفطورة على قبول الإسلام وإدراك الحق، ولولا هذا الاستعداد ما أفاد النظر ولا البرهان، شأنها في ذلك شأن الأبدان، فطرها الله تعالى قابلة للانتفاع والاغتذاء بالطعام والشراب، ولولا هذا الاستعداد لما حصل انتفاع بذلك الطعام والشراب.

    فهل أدركنا قيمة هذه الفطرة الإلهية ؟؟!! وهل وعينا عظيم قدرتها على الوقاية من آفة الإلحاد وعلاجه ؟؟!!
    ============================== =================


    الفهارس

    (1) تفسير القرآن العظيم ابن كثير 4/259

    (2) الجامع لأحكام القرآن 8/325 و 13/223

    (3) سنن الترمذي 5/397 برقم 3484

    (4) أسد الغابة 1/842
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    في الوقاية

    قبل أن نتعرض لبعض ما ينبغي عمله تجاه شبابنا حتى لا يقعوا في براثن الإلحاد،تجدر الإشارة إلى أن جزءا من الوقاية، هو محاولة إعادة من ألحد إلى الإيمان ذلك أن هؤلاء يبثون أفكارهم ومن واجبنا أن نبين لهم الحق، عملا بالأمانة التي افترضها الله علينا فمن وفقه الله وهداه فحمدا لله الذي أنقذه من النار وبذلك نكون قد قلصنا عدد الملحدين ومن ثم تأثيرهم وهذه خطوة مهمة في سبيل الوقاية أما بقية الخطوات فتتمثل فيما يلي:
    1- ينبغي النظر إلى الشباب الحائر نظرة من يحمل أفكارا تؤرقهم، ومن ثَم فهم يحتاجون إلى من يناقشهم لا لمن يتهمهم بالكفر والإلحاد لأنه لا يبالي بهذه الاتهامات بل يعتبر من يوجهها له يحجر على الحريات. وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يتعامل مع من ارتكب كبيرة بمنتهى الشفقة لدرجة أنه بدا الأسى عليه – صلى الله عليه وسلم – عند تطبيق حد السرقة لأول مرة حتى قال الصحابة: (يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّكَ كَرِهْتَ قَطْعَهُ ؟ قَالَ: ” وَمَا يَمْنَعُنِي، لَا تَكُونُوا عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ).
    كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم – قطع يد السارق لتسببه – بسرقته – في قطع يده وكان من الممكن أن تقدم هذه اليد الخير لنفسها وللناس، هذا الشعور النبيل ينبغي أن يغمرنا عندما نرى ملحدا أو من يسير نحو الإلحاد، وينبغي أن نضع نصب أعيننا ونحن نتعامل مع المخطئين “لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم” لا تساعدوا الشيطان في إضلالهم ، مدوا أيديكم وقدموا كل ما يمكنكم من معونة ليتبين الرشد من الغي.
    نضع نصب أعيننا ونحن نتعامل مع المخطئين “لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم” لا تساعدوا الشيطان في إضلالهم

    2- ينبغي أن نتلقى كل سؤال يتعلق بذات الله تعالى وصفاته بكل اهتمام، فربما كان شكًّا يعتري ذهن السائل أو شبهة ألقيت عليه لو لم يجد لها ردا توغلت في عقله وجذبت ما يشابهها من أفكار وإن لم تكن الإجابة حاضرة عند من يُسأل فليبحث ولا يتحامل على السائل.

    وتأسيا بالمنهج القرآني الذي أجاب عما يجول في الخواطر من أفكار مقلقة بأبلغ رد من مثل قوله تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260]، ينبغي ألا يخشى القائمون على التربية من مناقشة هذه المسائل مع الشباب.
    3- إتاحة الفرصة للشاب أن يبدي كل ما عنده اقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – عندما حاول عتبة بن ربيعة تقديم عروض مغرية للنبي – صلى الله عليه وسلم – لكي يترك دعوة الإسلام، ومع أن الرجل منذ اللحظة الأولى تكلم بكلام لا يمكن للنبي – صلى الله عليه وسلم – أن يقبله إلا أن النبي – صلى الله عليه وسلم – تركه حتى فرغ ثم سأله أفرغت يا أبا الوليد (عتبة بن ربيعة)؟ قال نعم، ثم تلا آيات بينات بدى تأثيرها على عتبة و صاحبه هذا التأثير إلى أن عاد إلى قومه حتى قال أحدهم: (لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به) نفذت كلمات الله إلى قلبه بعد أن أبدى كل ما عنده وصار قلبه محلا لقبول ما يلقى عليه أو التفكير فيه لنعطي الفرصة كاملة لكل من يؤرقه الشك لكي يبدي كل ما في نفسه وليكن شعارنا: ” أفرغت يا أبا الوليد”.
    4- ينبغي أن نقتدي بالقرآن الكريم وهو يتحدث عن الألوهية فتجده خاطب المنكرين خطابا ينفذ إلى أعماق القلب و العقل قال سبحانه {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، يا له من خطاب يملك على الإنسان أقطار نفسه ويقودها إلى الحق! وبمثل هذه الطريقة القرآنية التي تخاطب الإنسان وتجعل منه قاضيا على نفسه وشريكا في البحث عن الحقيقة، يبدو نور الحق لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
    حوار يقبل فيه المحاور المسلم أن تتعدد جولاته، وأن يقوم محاوره وهو مستعد – على أقل تقدير – للتفكير فيما دار بينهما وإعادة النظر في موقفه
    التحصين يقتضي أن يجمع المختصون هذه الشبهات ويجيبوا عنها بعبارة واضحة وبشكل جماعي

    5- ينبغي أن تكون المناهج الدراسية باعثة على الإيمان واليقين لا مجرد معلومات تدرس ثم تنسى، ويبقى الدور الأهم للمعلم المؤمن برسالته والذي يستكمل النقص – إن وجد- في المنهج. كما ينبغي تدريس العقائد بشكل يتناسق فيه الفكر مع العاطفة، وأرى أن المطلوب هو صياغة علم العقائد صياغة يتعلق فيها القلب بالله سبحانه وتعالى تعلقا ينجيه من المهالك ويشعره بمحبة الله سبحانه لخلقه وذلك اقتداء بطريقة القرآن الكريم ولنأخذ مثلا قوله تعالى:{ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } غافر
    6- تعاون المناهج الدراسية على إبراز قدرة الله وعظمته في الكون، من دقة وتناسق وتعاون بين المخلوقات على إتمام رسالتها وربط ذلك بآية كريمة كقوله تعالى {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}.
    7- تحصين الشباب مما يمكن أن يعرض لهم في المستقبل من أفكار قد تثير شكوكا عند البعض، وكيفية مواجهتها، فعندما أمر الله تعالى نبيه – صلى الله عليه وسلم – أن يحول قبلته من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة أخبر نبيه أن السفهاء سيتساءلون في المستقبل ما الذي جعل المسلمين يحولون قبلتهم؟ ولقن الله تعالى المسلمين الجواب {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وفي هذا درس لنا فالشبهات التي يثيرها الملحدون قديمة، وأقصى ما يمكنهم هو صياغتها صياغة جديدة تزيد اللبس، والتحصين يقتضي أن يجمع المختصون هذه الشبهات ويجيبوا عنها بعبارة واضحة وبشكل جماعي وموسوعي، مفندين للشبهات مع مراعاة الطبيعة النفسية والعقلية للفئة المستهدفة، وأن ينشر ذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة.
    8- تعريف الناشئة بما يعود عليهم من نفع عندما يؤمنون بإله يملك الكون ويرعى عباده المؤمنين ويكافئهم على أعمالهم بحياة طيبة ،ومدى التناسق بين المؤمن والكون فكلاهما يسبح بحمد ربه.
    ما سبق من أفكار ينبغي على كل من يرى أن الإيمان إذا ضاع فلا أمان وأن الإلحاد هو إفساد للكون أن يبادر إلى بذل ما يمكنه من جهد في سبيل إعادة الإنسان إلى فطرته فيأمن الجميع وتتنزل رحمات السماء وتستخرج خيرات الأرض .
    منقول من إسلام أون لين
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •