تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: إشكاليات خطيرة... تطبيق الشريعة الإسلامية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb إشكاليات خطيرة... تطبيق الشريعة الإسلامية

    إشكاليات خطيرة
    تطبيق الشريعة الإسلامية (1)
    محمد شلبي محمد
    إنه لشيءٌ مؤذٍ أن أضَعَ تطبيقَ الشريعة الإسلامية موضعَ إشكالية!والذي يَزيدني أذًى أنَّ الذين يَعتبرونها إشكاليةً كثيرٌ منهم مسلمون، أو بالأحْرى معدودونَ مِن المسلمين..ورغمَ معارضتي لصياغةِ العنوان حمَلني على طرْحِه محاكاةُ الحوار الفِكري المعاصِر مع بعضِ الجِهات التي كتبتُ - لأخاطب عقولَها - هذا المقال.

    وليس ببعيدٍ عنْ إدراكِ القرَّاء والمعنيِّين بهَمِّ الإسلامِ وأُمَّة الإسلامِ ما نحن فيه مِن تناقضاتٍ تجعَل الحليمَ حيرانَ.
    ليس مِن موقفِ بعضِ العلمانيِّين والليبراليِّين وأضرابِهم.بل تَجعل الحليمَ حيرانَ مِن موقفِ مسلمين مِن عامَّة الناس، ممَّن لم يَجُلْ بعقولهم شبهاتُ الفِكر الاستشراقي والتبشيري والعلماني.

    لقدْ صُدِمتُ - فعلاً - مِن كثرةِ اختلالِ مَن أناقشهم حولَ موضوعِ (تطبيق الشريعة الإسلاميَّة).
    لقدْ رأيتُهم يصدُّون عنها صدودًا.ويقولون قولاً إدًّا.ولذلك رأيتُ أنَّ قضيةَ الوقت الواجبة بيانُ ما أُبهِم على هؤلاء مِن موضوعِ تطبيق الشريعة الإسلامية في مجتمعاتٍ إسلاميَّة تربَّتْ فيها أجيالٌ وأجيالٌ لم تذقْ طعمَ الشريعة ولم تشمَّ رِيحَها.

    خاصَّة وقدِ استبان للمستبصِر أنَّ الله تعالى أذِن بعودةِ المسلمين إلى رُشدِهم وقيامِ دولة المسلمين الكبرى - بإذن الله تعالى - التي يُحكَم فيها بأمْرِه تعالى، أمْره الذي بَدَأه مِن ألف وأَربعمائة وستَّة وأربعين عامًا.

    وليس هذا واللهِ رُؤيا حالِمٍ بقدْر ما هو رُؤيةُ واقعٍ مُبين.
    فها هي البلادُ مِن المغرب فالجزائر، فتونس فليبيا، فمصر يَلتقي المغربُ العربيُّ بالمشرق العربي، الجميعُ يتجهَّز للرُّبَّان المسلِمِ الذي يقود سفينةَ الإسلام، في لُجَّة الأحداث والصِّراعات، والمواقف والأفكار.وقدْ خصَّصتُ هذا المقال في رصْدِ موقفِ طوائفِ المجتمع الإسلامي مِن تطبيقِ الشريعةِ الإسلاميَّة.

    فبعدَ استقرائي للواقِع بالقدْر الذي أَراه كافيًا، مِن شرائحَ عمريَّةٍ وثقافيَّة مختلفة، وجدتُ أنَّ موقفَ الناس مِن تطبيقِ الشريعةِ يُقسِّمهم إلى أصنافٍ أرْبَعة:
    طائِفة بالشَّريعة عالِمون، ولها كارِهون.
    وطائِفة بها عالِمون، ولها مُحبُّون.
    وطائفة بالشريعةِ جاهلونَ، ولها كارِهون.
    وطائفة بها جاهِلون، ولها محبُّون.
    • • • • •
    فأمَّا أوَّلُ هؤلاء، فهُم بأخبثِ المنازل، وليسَ بيْن المسلمين الحقِّ أحدٌ مِن هؤلاء.فالذين يَعلمون الشريعةَ ويُدرِكون ما فيها مِن تفاصيلَ ومحاسنَ تَكلَّم عنها الأوَّلون والآخِرون، واستفادَ بها الشرقُ والغربُ، ثم يَكرهونَ تطبيقَها وتَحكيمَها في حياتِهم، قومٌ ليسوا مِن الإسلامِ في شَيءٍ؛ ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [النحل: 83].

    ويُمثِّل هؤلاء ثُلَّة كبيرة مِن العلمانيِّين العرَب، فالعرَبُ أقدرُ الناس على فَهم الدِّين الإسلامي؛ إذ أنزل الله تعالى القرآن ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 195]؛ وذلك ﴿ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4]، وهؤلاء بحُكم نشأتِهم أقربُ لفَهم الشريعةِ مِن المستشرقين والغربيِّين، فإنَّ رفْضَ الشريعة يَعظُم منهم ويجاوز كلَّ حدّ.
    والعجيبُ أنَّهم يَجْهَرون برفضِ الشريعةِ مِن فوق منابرِ الإعلام المبطِل، في البلادِ الإسلاميَّة.وقدْ تتبعتُ هؤلاء فوجدتُ بعضَهم يرفضون الشريعةَ بقولٍ صريح، ووجدتُ بعضًا يُحرِّفون فيها، ويتأوَّلونها تأولاً باطلاً، والتحريفُ والتأويلُ نوعٌ مِن الرفض المختبِئ في صورةِ الأخْذ.فهُم حين يَرفُضون أمرَ الله تعالى ونهيَه صراحةً، يُؤوِّلون الكلامَ بمعانٍ توافق هواهم، وتُخالِف أمرَ الله، فآلَ أمرُهم إلى رفْض كلامِ الله تعالى.

    مِن أولئك - حتى يَحْذَر الناس -
    "عمرو حمزاوي" - رأس مِن رُؤوسهم في مصر - بعدَ أنْ "لُمِّعَ" وجُمِعَ له ليكونَ رأسًا؛ يقول في برنامج تليفزيوني:
    اللهُ لا دَخْلَ له بالسياسة.

    ويقول:
    ما المشكلةُ في أن تتزوَّج المسلمةُ بمسيحي؛ أليستْ حريةً شخصيَّة؟!
    والردُّ على هذا له مَقامٌ تالٍ.

    وممَّن يُمثِّل هذا الصنفَ بعضُ الليبراليِّين ممَّن يؤمنون ببعضِ الكتاب ويَكفُرون ببعض، على ما سأُبيِّن في مقالٍ خاص بالردِّ على هؤلاء.
    ومِن آخرِ ما علمتُ، وأعجبُ ما عَلمتُ! قومٌ يصلُّون ويصومون تطوعًا كلَّ اثنين وخميس، ثم يَرفُضون تطبيقَ الشريعة الإسلاميَّة!

    وليسَ لهذه الظاهرةِ العجيبةِ إلا تعليلٌ واحد:
    إنَّ الأنبوبَ المعوج لا يتَّسع للشعاعِ المستقيم.
    • • • • •

    وأمَّا العالِمون بالشريعةِ وهم لها مُحبُّون، فهو أمرٌ مُنتَظر مِن قومٍ رَضُوا باللهِ ربًّا وبمحمَّد رَسولاً، فصارَ لا إله لهم إلا اللهُ ولا مُشرِّع لهم بأمْره إلاَّ النبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.ويُمثِّل هؤلاء طوائفُ التيَّارات الإسلاميَّة على اختلافها، وكلُّهم وَضَعوا نُصبَ أعينهم تطبيقَ الشريعةِ الإسلاميَّة أوَّل قرارٍ بعدَ التمكين.وكذلك هناك شرائحُ كثيرةٌ مِن عوامِّ المسلمين وخواصِّهم، ومُثقَّفيهم وأنصاف مُثقَّفيهم، تريدُ تطبيقَ الشريعة، وتنتظر ذلك الأمرَ انتظارَ الظمآنِ للماء.

    فكلُّ نفْس أسلمتْ لله واستسلمتْ لأوامِره لا يَسعُها إلا الرِّضا بأمْرِه ونهيِه.
    • • • • •

    وأمَّا الجاهلون بالشريعةِ الكارهون لها، فهُم بمكانٍ في الخُبث أقلّ جُرْمًا مِن ذويهم السابقين، فهؤلاء جَهِلوا شيئًا والإنسانُ عدوُّ ما يَجهَل.وإنْ كان هؤلاءِ غيرَ معذورين فيما يَفعلون؛ لأنَّ الكُره نوعُ عداءٍ، ولا يجوز أن يُعادَى اللهُ تعالى ورسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم.

    ويُمثِّل هؤلاءِ فئاتٌ مِن الممثِّلين والمطرِبين ممَّن خالفتْ أعمالُهم ظاهِرَ الشريعة وباطنَها،
    وآخَرون ممَّن كوَّنوا تصوُّرَهم عنِ الشريعة مِن خلالِ الإعلام والأفلام التي لا همَّ لها ليلَ نهارَ إلاَّ تشويهُ صورةِ الدِّين والمسلمين.

    ولقدْ قُدِّر لي أن أناقشَ بعضَ المسلمين ممَّن يعلمون في مقاماتٍ ثقافيَّة يجهلون مِن الشريعةِ كلَّ شيءٍ إلا الصلاة والصيام، ولما كان المجتمعُ أكبرَ مِن نفوسهم استغرقَهم نظامُه الذي يتصادَم مع ضوابطِ الشريعة، فصاروا يرفضونها؛ جهلاً بمحاسنِها، واعتيادًا للواقِع الذي استُغرِقوا فيه.
    • • • • •
    وأمَّا الصِّنف الجاهلونَ بها، المحبُّون لها، فهؤلاءِ على درجةٍ مِن خير، ولكن أقرَب لدركةٍ مِن شرٍّ، فمَن جهِل شيئًا، سهُل عليه أن يُعاديهَ وأن يُلَبَّسَ عليه فيه.فهؤلاءِ الذين لا يَعلمون مِن شريعتهم أكثرَ تفاصيلها، ولا يَدرون إلاَّ الإلهَ الواحِد، والنبي المعصوم - صلَّى الله عليه وسلَّم.غيرَ أنَّ لهم مِن الفطرة في أعماقِهم صوتًا عاليًا يردُّهم عنِ الشرِّ، ويركب بهم ظهورَ الخير، فهُم على هدْي فِطرتهم يحبُّون كلامَ الله تعالى، وإنْ كانوا لا يَعلمون منها ما يدعوهم لحبِّها، ولكن هؤلاء يسهُل على غيرِهم إضلالُهم.واجتيالهم عن جادةِ الطريق.وممَّن يمثِّل هؤلاءِ بعضُ الصوفيَّة، الذين يَزعمون أنَّهم يحبُّون اللهَ والرسولَ، ولكن جَهلهم بالشريعةِ والعِلمِ الصحيح، لم يوقفْهم على ما يتعارَض مِن أفعالِهم مع العقلِ الصريح.

    ومِن هؤلاء جهلاءُ لا يَقرَؤُون ولا يَكتُبون، ورغمَ ذلك يحبُّونَ اللهَ ورسولَه، ويُريدونَ لدينِ الله أن يَسُود، ويُريدون لشرعِه أن يَعُود.

    فهذه أنواعُ الناس تُجاهَ قضيةِ الشريعة وتطبيق الشريعة:
    محبٌّ عن عِلمٍ أو جهْل، وكارِهٌ عن عِلم أو جهْل.


    وفي المقال التالي - بإذن الله تعالى - نُفصِّل القولَ في بعض دوافِع الرفضِ لدَى هؤلاء، وهو أمرٌ هامٌّ لاستبيانِ المُشَكِّلات التي تُشكِّل الحالةَ الإسلاميَّة الراهِنة.

    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: إشكاليات خطيرة... تطبيق الشريعة الإسلامية

    إشكاليات خطيرة
    تطبيق الشريعة الإسلامية (2)
    في المقالِ السابِق عرضتُ أطيافًا مِن المجتمع تختلِف مواقفها مِن تَطبيقِ الشريعة، وهذه المواقفُ تَكمُن خلْفَها دوافعُ تتعدَّد وتختلِف، منها دوافعُ ذاتية، ومنها دوافعُ خارجيَّة.

    فالدوافع الذاتية:
    وهي النابعةُ مِن ذات الشخْص لم يؤثِّر عليه فيها مؤثِّر خارجي، ومنها على ما بدَا لي:
    1- إرادة الخير بعدَ تصوُّرٍ خطأ:
    أراد فريقٌ الخيرَ للأمَّة، فسلَك لذلك الباب الخطأ.

    إذْ يَخافون أن ينتج مِن تَطبيق الشريعةِ الإسلاميَّة في المجتمع المعاصِر كوارثُ.

    بعضُهم يقول: إقامَة الشريعةِ والحدود ستؤدِّي إلى ثورةِ بعض "المواطنين" مِن المسيحيين "الذين سيُظلَمون ظلمًا بيِّنًا، وتُقمَع حريَّاتهم قَهرًا وغلَبَة"، وهذا لن يُحقِّق الاستقرار في المجتمَع بحال، ومجتمع غير مستقرٍّ لن يكونَ فيه بيئة للتقدُّم والرقيِّ، وسنزداد فَقرًا على فقرٍ، ومرضًا على مرَض.وبعضهم يقول: حين تُطبَّق الشريعة لن نرَى غيرَ قطْع الأيادي والرِّقاب، وسلْخ الظهور بالسِّياط، وإقامةَ الحدود بهذه الصورة ستؤدِّي إلى عذابٍ أليم، وستكون مستجدَّاتٌ لا تَحتملها ظروفُ العصر الحديث الذي جعَل العالَم كلَّه قريةً واحدة، يرى فيها المرءُ "حريَّات غير محصورة"، واحترمًا "لخصوصية الغَيْر".وبعضهم يقول: تطبيقُ الشريعة الإسلامية على هذا النَّحو سيؤدِّي إلى تدخُّل الدول المعادية للإسلام؛ بحُجَّةِ حقوق الإنسان، ممَّا يهيِّج حربًا كبرى في المنطقة، وسنصير محلاًّ للاحتلال الأجنبي.فلمَّا تصوَّر هؤلاءِ ذلك، دَعاهم هذا التصوُّر إلى معارضةِ تَطبيق الشريعة؛ خوفًا على المجتمَع مِن التبعات المعاصِرة، وسوف أُناقِشُ هذا التصوُّرَ في مقامه.

    2- اعوجاج السلوك:
    الأنبوب المعوج لا يَقبل الشعاع المستقيم.

    لذلك؛ فلا غَرْوَ أن نجِد اللصَّ والقاتل، والرَّجل الفاحِش البَذيء، وأهل الدعارات والخمَّارات - أوَّل مَن يَكرهُون تطبيقَ الشَّريعة؛ لأنَّ الشَّرْع مستقيمٌ، فلن تَقبلَه نفوسُهم المعوجة.وهذه قضية واقعيَّة.

    مَن لم يتَّخذ اللهُ إلهًا، اتَّخذ إلهه هواه.

    وإذا كان ذلك رأيتَهم: ﴿ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الزمر: 45].
    ♦ ♦ ♦

    والدوافع الخارجية:
    وهي عواملُ خارجةٌ عن الإنسان توجِّه فِكرَه، وتُشكِّل تصوُّراتِه، منها:
    1- الإعلام:
    لا شكَّ أنَّ أفلامَ عادل إمام عن المسلِم الإرهابي والمسيحي الملتزِم الدَّيِّن، ومسلسلات "لا تناقِش ولا تجادِل يا أخ علي"، وأضراب هذا الإعلام المبطِل المفسِد، كَوَّن صورةً مشوَّهة للإسلام والشريعة الإسلاميَّة في أذهانِ الذين يَتَربَّون ويُربُّون أَبناءَهم على غذاءِ القنوات العلمانيَّة والفِكر المتحرِّر المنحلّ.والشاشة الصَّغيرة - في دِراسات أكاديميَّة - لها مِن الأثَر ما يَعجِز السحرُ عن بلوغِه.

    واللِّسانُ ينطق بمخزونِ العقل، والعَقل تُسَيِّره معطياتُ الحواس.

    فإذا كان السَّمع والبَصر والفؤاد ممتلئين بالباطِل، فلا بدَّ أن يكونَ العقل ممتلئًا بالباطِل، ولا بدَّ كذلك أنْ يكون السلوكُ كلُّه باطلاً.
    فمُعظم الذين يَكرهون تطبيقَ الشريعة إنْ هُم إلاَّ ضحايا للفِكر العلماني المستمَدِّ مِن القنوات الفضائيَّة.

    وأعجَبُ العجَب - واللهِ أعجب العجب! - أنْ نرَى مسلمين يجلسون أمامَ قناة (الكرامة) و(الحياة) النصرانيتين يستمعون للتشويهاتِ والأباطيل والشُّبهات والشهوات.ثم يَتكلَّمون عن بشاعةِ تَطبيق الشريعة.

    خيَر تعليق أنْ نقول: لا تَعليق!

    2- التعليم:
    تَنتشِر في بلادِ المسلمين مدارسُ ليستْ مِن الإسلام في شيءٍ.

    لا أقول: نِظام الدِّراسة فقط، وإنما أعْني بالأكثر مناهِجَ الدِّراسة.

    إنَّ الطلاب يَدخُلون المدرسةَ وهم يعلمون أنَّ دِينهم الإسلام، وأنَّ رَسولَهم محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم إذا بدأتِ الدراسة تَعلَّموا في مناهجِ التربية الإسلاميَّة أنَّ: "دِين الله واحِد".عنوان حقّ يُراد به باطِل.

    فالدِّين واحد في ضوءِ التتابُع التاريخي، وليس في ضوءِ المعاصَرة الآن.

    فالأدْيان الأولى واليهوديَّة الأولى والنصرانيَّة الأولى والإسلام، كلُّ ذلك واحِد مِن حيث كانتِ الأنبياءُ جميعًا تقول قولاً واحدًا: لا إله إلا اللهُ، وكلُّ ما عدَاه خلقٌ له تعالى.أمَّا أنْ أُساوي بين دِين يهودي محرَّف ودِين نصراني محرَّف، وبيْن دِينٍ إسلاميٍّ سليمٍ، فهذا هو التدليسُ الخبيث.

    وما "مَجمَع الأديان" في مِصر إلا دليلٌ على هذا التدليس.

    والنتيجة الطبيعيَّة لهذا التدليس أن يَعتبِر الطالبُ المسلم أنَّ الأديان كلَّها سواء؛ شيء جميل!

    إذًا فالشريعةُ التي تُبيح أفضلَ مِن الشريعة التي تحرِّم.

    والدِّين الذي يُبيح الخَمر والعُري ولا يوجد فيه عقوباتٌ على الجرائِم إلا "الاعتراف" أمامَ رجلِ الدِّين، هو دِينٌ - في نظر المتعلِّمين المستجْهَلين - خيرٌ مِن دِين يُحرِّم ويعاقِب.هذا جانبٌ مِن التعليم.

    والجانِبُ الآخَر من التعليم:
    البعثات..
    أعرِف ثُلَّةً مِن الطلاب يذهبون إلى أوروبا، ثم يعودون بغيرِ الوجه الذي ذَهبوا به؛ يَذهبون طلابًا ذوي عِلم، ثم يعودون دكاترةً جاهِلين!وما كان "طه حسين" إلاَّ مثالاً واحدًا تَبِعه مِن بعدُ أمثلةٌ كثيرة.

    ومَن درَس في الجامعاتِ رأَى وسَمِع.

    هذا، وكانتْ تلك السطورُ كشفًا للمرَض، فليكن المقالُ التالي بإذنِ الله وَصفًا للعلاج.

    3- فساد المجتمع:
    يقولون الطبع يغلب التطبع.. إلا في هذه الحالة.. فإن التطبع غلب الطبع..

    فالفطرة الإنسانية تنحرف.. وتنجرف.

    كما قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما مِن مولودٍ إلاَّ يُولَد على الفِطرة، فأبواه يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانه... الحديث))؛ [البخاري: 1358].فكذلك يُولَد جيلٌ في بِيئة فاسِدة ويرَى التطبيقَ العملي في المجتمع للتنظير الفِكري في الإعلام والتعليم، فينساق ويَغرَق، حتى يُصبحَ الصوابُ خطأً، ويصبح الخطأ صوابًا.وصَدَق رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ قال: ((إنَّها ستأتي على الناسِ سِنون خدَّاعة، يُصدَّقُ فيها الكاذبُ، ويُكذَّب فيها الصادقُ، ويُؤتَمن فيها الخائِن، ويُخوَّن فيها الأمين، ويَنطِق فيها الرويبضة))، قيل: وما الرويبضةُ؟ قال: ((السفيهُ يَتكلَّم في أمْر العامة))؛ "مسند أحمد" (7899)، وحسَّنه الشيخ الأرناؤوط، وهو في الصحيحة دون قوله: "وما الرويبضة".

    فهذا الجيلُ الذي يُولَد في هذا الزَّمان، وهذه البيئة لا بدَّ أن يكونَ رأيه في الشَّريعة أنَّها تَجاوزَها العصر، وأنَّها لا تَصلُح للقرنِ الحادي والعِشرين، ولا بدَّ أن تكونَ بصيرتُه عشواءَ.
    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb رد: إشكاليات خطيرة... تطبيق الشريعة الإسلامية

    إشكاليات خطيرة
    تطبيق الشريعة الإسلامية (3)

    قد عرَضْنا في المقالينِ السابقين أطياف الرَّافضين لشريعةِ الربِّ، وذكَرْنا طرفًا مِن الدوافع الذاتيَّة والخارجيَّة، التي تحدو كلاًّ منهم ليكون على هذا الرأي الشاذّ.

    وفي هذا المقال أُناقِش الدوافعَ الذاتيَّة وأبيِّن ما وراءَها مِن باطل، حتى يدافعَ كلُّ امرئ نفسه فيما تحسُّ به وتشعُر، وعقله فيما يُدبِّر ويُفكِّر:
    1- الردُّ على مَن يخشى تبعاتِ تطبيق الشريعة:بادِئ ذِي بَدء: هل يُخشَى مِن تطبيق الشريعة التي ظلَّتْ تَحكُم العالَمَ الإسلاميَّ طِيلةَ ألف وثلاثمائة وسبعة وسبعين عامًا؟!حين أُلغِيت المحاكمُ الشرعيَّة وبَقِيت المحاكمُ الأهليَّة عام 1955.

    إنَّنا حُرِمنا مِن حُكم الشريعة الإسلامية ما يُقارب 56 عامًا فقط، حدَث فيها الثَّغرة الجبَّارة في مجتمعاتنا، والتشوُّه الرهيب في أخلاقِنا وعاداتنا.

    أيها الناس:
    إنَّ البُعد عن المنهاج، يُورِث الاعوجاج.أقول لِمَن يخافون تَطبيقَ الشريعة: أين كانتِ المشكلاتُ التي عنها تتحدَّثون طِيلةَ هذا التاريخ؟!متى كان الناسُ يتذمَّرون مِن كبْت حريَّاتهم، ومتى كان في التاريخ الإسلامي ثورةٌ واحدةٌ نَشبَت لهذا السَّبَب؟!ومتى قامتِ الأقليَّات الدِّينيَّة تشكو كبْتَ حريَّاتها، في جزءٍ مِن أجزاءِ هذا التاريخ؟!إنَّ أسعدَ الأقليَّات في العالَم - كما يقول الشيخُ الغزاليُّ - هي الأقليَّاتُ النصرانيَّة واليهوديَّة في مجتمعٍ إسلامي.ألم يَكُن الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- يعايش اليهودَ والنَّصارى، ويجاورهم في أنحاءِ المدينة؟ألَم يكونوا كذلك في عهدِ الصَّحابة ومَن بعدَهم.

    إلاَّ مَن اعتدَى وخان، فنال جزاءَ سيِّئة بمِثلها.
    ثم لم يَشتكِ مِن هؤلاء أحدٌ يومًا مِن الأيَّام.

    ولم يَشتكِ أحدُهم يومًا مِن الأيام إلاَّ ونال حقَّه، وزِيادة.
    هذا عمرُ بن الخطَّاب حينما يَعتدي ابنُ سيدنا عمرو بن العاص على ابنِ رجلٍ قِبطي، وكان سابَقَه فسَبَقَه القِبطيُّ، فضرَبه، وقال: أتَسبِق ابنَ الأكرمين؟!ولما أرْسل القبطيُّ إلى عمرَ بنِ الخطَّاب بالشكوى، أحْضَر عُمرُ عَمرًا وابنَه ومعهما القبطي وابنه، وأعطَى السوطَ للمضروب.وقال: اضربِ ابنَ الأكرمين!اضربِ ابنَ الأكرمين! أين هذا الظلمُ الذي يَنال هؤلاء؟!

    وكان ذلك في منَعَةِ المسلمين وقوَّتهم، فما بالُنا بزَمانٍ حالَ فيه حالُ المسلمين قِلةً بعدَ كثرة، ونَقصًا بعدَ زِيادة؛ لبُعدهم عن شريعةِ ربِّهم.
    ♦♦♦♦
    وأمَّا الردُّ على الذين يخافون ثورةَ المجرمين بعدَ عِقابهم العقابَ الشرعيَّ، وتَقييد فسادِ الفاسداتِ في شوارع المسلمين يُرِدْنَ أن تشيعَ الفاحشةُ في الذين آمنوا، ويَحتكمون إلى هيئاتِ حقوقِ الإنسان واحترامِ خصوصياتِ الفَرْد.

    فإنِّي أقولها صريحةً:
    الحريَّةُ لا تُعطَى إلاَّ لِمَن يستحقُّها ويحترمها.فأنْ نجعلَ اللصَّ حرًّا في أنْ يسرقَ بُيوتَنا.وأنْ نجعلَ العاهرَ حرًّا في أن يَعتدي على نِسائنا.وأنْ نجعلَ الضالَّ حرًّا في أن يَفتنَنا.فهذا ما لا يقوله رأيٌ حَكيم، ولا عقلٌ سليم.لا حُريَّة لهؤلاءِ، ولا شفيعَ لهم ولا نَصير.

    فالخصوصيةُ لِمَن لم يَفْضَحْ نفْسَه.
    أمَّا مَن يَفضَح نفْسَه بالمعاصي يَقترفها عِيانًا، فلا احترامَ لخصوصيته.والإسلام لم يُكلِّفْنا أنْ نكسِر على الناسِ بُيوتَهم؛ لنثبتَ ما يفعلون مِن معاصٍ.

    إنَّما كُلِّفنا أن نُعاقِب مَن جاهَر بالمعصية ممَّن انتزَع الشيطانُ حياءَهم، وشوَّه فطرتَهم.
    ثم مَن رأى قبلُ أنَّ المحدودَ في زمانِ الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- ثار على الحدِّ، ونَظَّم التمرُّدَ والعِصيان؟إنَّ المجرِم يعلم أنَّه مجرِم، وكان المجرمون مِن قبل يُقدِّرون أنهم يستحقُّون العقاب، أمَّا في هذا الزمان، فالمجرم يُريد أن يُعاقبَ البريء وينتقم مِن الضحية!هذه مقاييسُ آخِر الزمان.
    ♦♦♦♦
    وأمَّا الذين يخافون التدخُّلَ الأجنبيَّ في شؤون البِلاد؛ بحُجَّة حقوق الإنسان إذا طُبِّقتِ الشريعة، خوفًا مِن ظلمِ طوائفَ معيَّنة، أو الجَور على حقوقِ الأفراد، فهؤلاء واهمون.

    هل كان الاحتلالُ الأمريكيُّ في العراق وأفغانستان بحُجَّة الشريعة؟!

    وهلْ كان الاحتلالُ الإسرائيليُّ لفلسطين بحُجَّة الشريعة؟!إنَّ المُعتدِي لا يَعتدي إلا في حالةٍ واحِدة.إذا استضعف الطَّرَف المعتدَى عليه.أمَّا أصحاب القوَّة الاقتصاديَّة والثقافيَّة والسياسيَّة، فهؤلاء "معصومون" مهما كانوا يَفعلون.فالقويُّ عزيزٌ أبدًا عندَ أُمم العالَم، والضعيف ذليلٌ أبدًا عندَ أُمم العالَم.

    كان الناس ((إذا سَرَق فيهم الشَّريفُ ترَكوه، وإذا سرَق فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحَدَّ))، وهذا ما تفعله أمريكا - قُطب القوَّة العالميَّة المزعوم الموهوم - مع الصِّين في أزماتِها الدبلوماسيَّة، ومع كوريا الشماليَّة في قضية التسلُّح النوويِّ، ومع إيران التي تَقوَّت، تنظُر بعين الشرِّ هنا وهناك.

    فلماذا نخاف نحن ممَّن هو أوْلى أن يخافَ منَّا؟!

    فالأعداءُ الذين يَحمُون المجرمين لا سُلطانَ لهم على أُمَّة حُرَّة عزيزة، هذا قانونُ الدُّنيا، وميزان القوَّة والضعْف.ولو كانتِ الدولُ تُعاقَب لانتهاكها حقوقَ الإنسان، لكانتِ الدول القويَّة التي لا تُؤمِن بالله حقيقةً أوْلَى بالعقاب؛ مِن أجل "سحقِها" حقوقَ الإنسان داخلَ وخارج أراضيها.
    ♦♦♦♦
    2- الردُّ على اعتراضِ أصحابِ السُّلوك المعْوَجّ:إنَّ أبلغ ردٍّ على هؤلاءِ أن يُقال لهم: لماذا لا تَستقيمون على حُكم الأعراف الاجتماعيَّة؟!فما أتَى الدِّين إلاَّ مُحِقًّا لصالحها، مبطلاً لطالحِها.

    فالمرأةُ حين تتبرَّج في شوارعِ المسلمين تكون فريسةً لعقدةٍ نفسيَّة.

    إنها تحبُّ المدْح، والغواني يغرهنَّ الثناءُ.
    وتحبُّ الظهور.

    ولكنَّها في هيئتها تلك تعرِف أنَّها ممقوتةٌ مِن الصالحين في المجتمع، ومِن عامَّة الشعب الطيِّب.

    وإنَّ أيَّ أحدٍ ممَّن يفعل أفعالَ المعوجِّين، أو يستحسن أفعالَ المعوجين، لا يمكن أن يُقرَّ لك بتحليله هذا الاعْوِجاج.

    وإنما قُصاراه أن يعترِفَ ويستمرَّ في الضلالة.

    أو يحاول أن يجرَّك لتضل، فتكون أنتَ وهو سواءً في الضلالة.
    فيَأمَن بضلالِك أن تُنكِر عليه ضلالَه.

    فتظلُّ هذه ويظلُّ هذا في عذابٍ كبير.
    إمَّا مِن قِبَل رفْض المجتمع الذي فيه بقيةٌ مِن خير لسلوكِه واعوجاجه، فيتمثَّل نفسَه دومًا مجرِمًا مُبْعَدًا.وإمَّا مِن قِبَل إحساسِه - إنْ كان لا يَزال به إحساسٌ - بأنَّه "شيطان" مِن شياطين الإنس، لا يَسكُن عن إغواءِ المجتمع.هي أمورٌ بيِّنة.

    هل رأيتُم أحدًا أبدًا يَستحي ويَخزَى مِن أن يَعرِف الناس سبقَه للخيرات وفِعْل الصالحات؟!

    هلْ يُمكن للمريض المشرِف على الهلاك أن يرفُضَ العلاج، ثم يوافقه مَن حولَه مِن أهلٍ وأطبَّاء؟!إنَّنا نحتاج أن نردَّ على رافضي الشريعة بنَفْس شِدَّة ردِّ أهل المريض وأطبائِه عليه.

    إنَّ هؤلاءِ مَرْضَى، ومضطرُّون إلى العلاج.
    وقد أثْبَت العلاج "الوضعي" فشلَه في علاجِ أمراض الناسِ القلبيَّة والرُّوحيَّة والسلوكيَّة، فمِن الحقِّ المبين أن نَحملَ هؤلاءِ حَمْلاً على قَبول "العلاج الرباني".لأنَّه لزامٌ على كلِّ بصير أن يأخُذَ بيد كلِّ أعْمَى!

    والله المستعان.
    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •