09-04-2012 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
يقول مؤسس الجامعة وصاحب الفكرة اندر واطسون : " أنتم الآن تسألون ماذا عن الشخصية المتوقعة لهذه الجامعة الكبيرة المقترحة، وأستطيع أن أضع صورة لها أمامكم، فهي في البداية لابد أن تكون مسيحية; لأن الشرق اليوم في حاجة إلي تعاليم يسوع المسيح، فيجب أن تكون هناك جامعة مسيحية تمجد السيد المسيح في العالم الإسلامي


اسم الكتاب : أهداف الجامعة الأمريكية بالقاهرة
الناشر : دار فرحة للنشر والتوزيع بالقاهرة
عدد صفحات الكتاب : 310 صفحة
المؤلف : الدكتورة سهير حسين البيلي

مقدمة :
لطالما كتب الباحثون حول أدوار مشبوهة تقوم بها مؤسسات تعليمية وجامعات غربية في بلادنا الإسلامية , وكثيرا ما كانت كتاباتهم تقابل بالنقد والتكذيب , وفي حين تأتي الدلائل متتابعة , لا يزداد الآخرون إلا مكابرة وعنادا ..
وبين أيدينا اليوم كتاب مهم يأتي في إطار محاولة الكشف عن الدور الثقافي لإحدى أهم المؤسسات التعليمية الغربية في مصر وهي الجامعة الأمريكية بالقاهرة .
والحقيقة أن الكتاب يدعو للقراءة والانتباه لما فيه من أدلة ومستندات وإثباتات تاريخية ومنطقية .
ففي عام 1899م نادي ثلاثة من مبشري الإرسالية الأمريكية في مصر من بينهم أندر واطسن ، بإقامة كلية بروتستانتية تعلم الإنجليزية على غرار كلية روبرت باستانبول، أو الكلية البروتستانتية السورية، وتكون ملائمة لعاصمة مصر، وذكروا أن الغرض من إنشائها هو تعليم الشباب المصري، حيث إن ستين شابا مصريا يسافرون بعد إنهائهم الدراسة الثانوية إلى بيروت لاستكمالهم تعليمهم كل عام.
وفي عام 1902 طلبت هيئة الإرساليات الأجنبية للكنيسة المسيحية المتحدة في أمريكا إلى الإرسالية في مصر توضيح الأسباب الكامنة وراء افتتاح الجامعة في دلتا مصر، وأخذت الإرسالية المصرية ترسل التقرير تلو التقرير حتى 1909، وفي فبراير أرسلت تقرير تؤيد فيه على أن مصر مؤهلة في هذا الوقت لإقامة هذا المشروع، وكان من أدلتهم على ذلك أنه صار بمصر نوعان من التعليم، وهو التعليم العلماني والتعليم الديني المتشدد بالإضافة إلى أن كثيرا من الشباب المصري يسافر إلى أوروبا لاستكمال تعمليه العالي. وذكرت الإرساليات أيضا أن الكنيسة يجب ألا تهمل الأزمة التي تمر بها مصر حاليا، وهي اهتزاز المعتقدات بين كل الطبقات المسلمة , وإثر ذلك عملت اللجنة بجد على إنشاء هذا الصرح المسيحي في مصر، وتغلبوا على العقبات المادية، وذلك بحصولهم على منحة كبيرة من جون د. روكفيلر.
وكانت المنحة المقدمة تقدر بنحو مليوني دولار، وأكد مندوب روكفيلر، وهو (ستار ج. ميرفي ( على أنه إذا لم تكن هذه الكلية تابعة للتبشير الأمريكي فإن روكفيلر من غير المحتمل أن يمدهم بالاعتمادات المالية.
ويتحدث الكتاب عن الوصول إلى حقيقة الأهداف لإنشاء الجامعة , والوقوف على الأهداف المعلنة للجامعة والأهداف غير المعلنة .
الشخصية المسيحية للجامعة وللقائمين عليها
يقول مؤسس الجامعة وصاحب الفكرة اندر واطسون : " أنتم الآن تسألون ماذا عن الشخصية المتوقعة لهذه الجامعة الكبيرة المقترحة، وأستطيع أن أضع صورة لها أمامكم، فهي في البداية لابد أن تكون مسيحية; لأن الشرق اليوم في حاجة إلي تعاليم يسوع المسيح، فيجب أن تكون هناك جامعة مسيحية تمجد السيد المسيح في العالم الإسلامي، أما عن شخصيتها التربوية، فإنه لابد وأن تحتوي علي قسم عال ومدرسة نصرانية للدفاع عن العقيدة المسيحية، حيث التبشير التام يكون للوطني والأجنبي علي السواء، ولسوء الأحوال في مصر في تلك الفترة خشي الأثرياء وضع أموالهم في مشروع لم تتضح هويته بعد، ورغم ذلك تم الموافقة علي اختيار مجلس أوصياء للجامعة المقترحة يكون ممثلا لكل الكنائس المسيحية البروتستانتية، ويتكون من واحد وعشرين عضوا..."
لماذا مصر؟ ولماذا القاهرة بالذات؟
يذكر واطسن أن مصر تعتبر ذات أهمية تاريخية من حيث حضارتها القديمة، وتمتاز بعدة مميزات منها موقعها , وكونها تمثل المركز العقلي العربي , ومنها انها طريق للشعوب العربية ..أما عن: لماذا القاهرة بالذات ففيها الجامعات المصرية وفيها الازهر
كانوا يفكرون في مكة !
قال وليم بانكروفت :" نحن نفكر في مكة، ولكن تأثير مكة وجداني، أما القاهرة فهي مركز فكري قوي، ففيها الأزهر، وما يزيد على مائتي دار للطباعة والنشر، ويصل إنتاجها إلى مراكش وجاوا، والصين، كما يتدفق نحو القاهرة جموع من المسلمين الرحالة، يأتون من كل مكان لأهداف دينية، وتجارية، وأعدادهم تفوق كثيرا أعداد الحجاج الذين يتوافدون أفواجا في أشهر الحج على مكة، وبالتالي فإننا نبحث عن مكان، حيث يمكن أ ن تقدم تعاليم السيد المسيح بصورة أكثر انتشار ا في العالم الإسلامي كله، فهذا المكان هو مدينة القاهرة "

الفصل الأول : عوامل مساعدة
تركز المؤلفة فى هذا الفصل اهتمامها الرئيسى على عدة عوامل :
أولها العوامل الداخلية:
كالسياق الاجتماعي ؛ فقد كان المجتمع المصرى مهيئاً داخلياً لتقبّل الهيمنة الاستعمارية، والتى كان من مؤشراتها نمو التعليم الأجنبى فى البلاد.
وتقديم حكام مصر المساعدة للأجانب ، فلم يعارض محمد على الوجود الأجنبى فى البلاد؛ فقد استعان بهم فى بناء دولته الحديثة، وبدأت البَعثات الدينية التبشيرية تظهر فى مصر مع سياسة محمد على ، لدرجة أنه أتاح لهم حرية الدِّعاية الدينية. ثم تلا ذلك عهد الخديوى "سعيد" والذى شجع الإرساليات الأجنبية عن طريق المساعدات التى قدمها لها، وكان ذلك بداية عهد التغلغل الأجنبى فى البلاد، ثم عهد "إسماعيل" الذى شجع الإرساليات فى البلاد؛ وذلك لإرضاء الدول الأوروبية التى كانت تمده بالقروض، وثالث هذه العوامل هو تغلغل الثقافة الأوروبية التى بدأت مع حملة نابُليون، ثم تبنى محمد على مشروع إنهاض مصر على أسس من النموذج الغربى .
ثانيا: العوامل الخارجية :
ومنها : الامتيازات الأجنبية، والتنافس الاستعمارى على مصر، متمثلاً فى الحملات العسكرية والتحالفات السياسية والهيمنة الاقتصادية، ثم تدفق الأجانب على مصر، ثم الإرساليات التبشيرية، والاستشراق
أصناف المدارس الأجنبية :
يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أقسام رئيسية وهى :
أولا : مدارس الطوائف غير الإسلامية، ويندرج تحتها مدارس المسيحيين واليهود .
ثانياً: مدارس الجاليات الأجنبية، وتضم مدارس الأرمن ومدارس الجاليات الإيطالية واليونانية والألمانية .
ثالثاً: مدارس الإرساليات والفِرَق الدينية وتضم الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية ومن المدارس الأخيرة الإرساليات الأمريكية.

الفصل الثاني : التعليم الامريكي
مثّلت الإرسالية الأمريكية أول شكل من أشكال التغلغل الثقافى الأمريكى فى البلدان العربية وفى مصر،
تقول المؤلفة أنه حتى بداية القرن التاسع عشر لم يكن لها أية مصالح تجارية فى مصر، أو أى تمثيل قنصلى فى الدولة العثمانية بأكملها، وقد ظل هذا الوضع حتى عام 1930م، عندما عقدت الولايات المتحدة الأمريكية الاتفاق الودى التجارى أو "المعاهدة التجارية" مع السلطان العثمانى.
وبدأ وجود الإرسالية فى مصر مع بداية عام 1851م، وكان غرض الإرسالية فى البداية تحويل مسيحيى مصر الأرثوذكس إلى المذهب البروتستانتى، وأيضاً التبشير بالمسيحية بين المسلمين، وتم تسخير التعليم لخدمة الغرض التبشيرى..

الفصل الثالث : عوامل نشأة الجامعة الأمريكية
ويحتوي على أربعة محاور :
أولاً: بداية التفكير فى إنشاء الجامعة الأمريكية بالقاهرة،
ثانياً: ظروف مهيأة لنشأة الجامعة الأمريكية بالقاهرة .
ثالثاً: الخطوات العملية لنشأة الجامعة الأمريكية بالقاهرة
رابعاً: الجامعة الأمريكية بالقاهرة والمؤسسات المدنية والدينية
خامساً: التوجّهات السياسية للجامعة ( التوجه الديني المسيحي , والتوجه الاجتماعي , والتوجه الأكاديمي )
هدف الجامعة :
تم النص في وثيقة إنشاء الجامعة الأمريكية على هدفها بالقول : " الهدف: "تقديم التربية المسيحية لشباب مصر والأراضي المجاورة لها، وذلك عن طرق إقامة معهد للتعليم على أعلى المستويات التربوية الفعالة؛ لتظهر للعالم الإسلامي السمات الخلقية للسيد المسيح، التى باستطاعتها وحدها تنشيط الحياة الفكرية وبعث روح التجديد فى المجتمع، وإصلاح حياة الفرد".

الفصل الرابع : العلاقة بين الأهداف المعلنة للجامعة والممارسات الداخلية
ظل الهدف التنصيري هو الأساس في عمل الجامعة لفترات طويلة بعد إنشائها , والملاحظ أن المؤسسين لم يكونوا يخفون ذلك كثيرا كما يحدث الآن , وكانت الدروس تشمل تعليم الإنجيل وعلومه، وإعداد النخبة الحاكمة وفقاً للمبادئ المسيحية، وقد طورت الجامعة على هذا الأساس ما تمارسه من وسائل لتحقيق أهدافها، وذلك من خلال الاجتماع الدينى، والمحاضرات العامة، والمناهج الدراسية، واختيار أعضاء هيئة التدريس، وأنشطة الجامعة الأخرى.
وهنا قالت المؤلفة: " ومما سبق نستطيع أن نلمس الأهداف الحقيقية للجامعة، وهى السعى لتنصير المجتمع المصرى"
الفصل الخامس : الواقع المصري
تناول هذا الفصل الأوضاع الفكرية فى الواقع المصرى. وركزت المؤلفة على الفكر الليبرالى، والفكر الاشتراكي، والفكر الإسلامي التجديدي . ثم الأوضاع السياسية فى الواقع المصري، ثم الأوضاع الاقتصادية .
وقالت المؤلفة أننا نجد فى أعقاب ثورة يوليو حتى عام 1963م، تغييراً فى الأهداف المعلنة للجامعة الأمريكية؛ لكى تتواءم مع النظام الجديد، كما نلمس نوعاً من الكياسة والحذر فى الإفصاح عن المضامين الدينية التنصيرية .
الفصل السادس :الأهداف المعلنة والتحول
انعكست الأوضاع والظروف فى المجتمع المصري والعلاقات المصرية الأمريكية المضطربة خلال فترة التحول الاشتراكي فى مصر على الأهداف المعلنة للجامعة الأمريكية. وتبنت الجامعة أهدافاً جديدة؛ لكي تتناسب مع الأوضاع المجتمعية والعالمية المتغيرة، ولكى تحاول إثبات أنها تعمل لخدمة المجتمع المصري، حتى تتمكن من الاستمرار فى وقت كانت الاتجاهات العدائية تتعاظم نحو كل ما هو أمريكي.
الفصل الأخير
يلقى الفصل الأخير الضوء على تغيرات النظام في الجامعة الأمريكية وكيف أنها حاولت المواءمة والتكيف مع تغيرات النظام المصري الجديد حيث سعى إلى إقامة علاقات وطيدة مع الغرب ومع أمريكا على وجه الخصوص، والذي بدأت مؤشراته مع بداية السبعينات وتبلور بصورة واضحة عام 1974م مع تبنى مصر سياسة "الانفتاح الاقتصادي" . وقد سارت الأحداث بخُطى سريعة لتدعيم مصالح الجامعة الأمريكية .