بسم الله الرحمن الرحيم حقيقة قصة يأجوج و مأجوج: الحقيقة الثانية و الثالثة:
الحقيقة الثانية:
يأجوج و مأجوج بشر، من ولد آدم ، فهم بنو يافث بن نوح، وهما اسمان أعجميان عند الأكثر منعا من الصرف للعلمية والعجمة، وقيل بل عربيان واختلف في اشتقاقهما فقيل من أجيج النار وهو التهابها وقيل من الأجة بالتشديد وهي الاختلاط أو شدة الحر وقيل من الأج وهو سرعة العدو وقيل من الأجاج وهو الماء الشديد الملوحة ووزنهما يفعول ومفعول وهو ظاهر قراءة عاصم وكذا الباقين إن كانت الألف مسهلة من الهمزة فقيل فاعول من يج مج وقيل ماجوج من ماج إذا اضطرب ووزنه أيضا مفعول قاله أبو حاتم قال والأصل موجوج وجميع ما ذكر من الاشتقاق مناسب لحالهم.
و لعلهم شبهوا بالنار الملتهبة المتأججة لكثرة تقلبهم و اضطرابهم و تخريبهم و إفسادهم في الأرض.
لكن مع ذلك هم بشر من سلالة آدم عليه السلام، و بهذا يرد على من وصفهم بأوصاف لا يقبلها نقل و لا عقل، يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في كتاب النهاية في الفتن و الملاحم:" "يأجوج ومأجوج ناس من الناس ، يشبهون الناس كأبناء جنسهم من الأتراك المخرومة عيونهم ، الزلف أنوفهم ، الصهب شعورهم ، على أشكالهم وألوانهم ، ومن زعم أن منهم الطويل الذي كالنخلة السحوق أو أطول ، ومنهم القصير الذي هو كالشيء الحقير ، ومنهم من له أذنان يتغطى بإحداهما ، و يتوطى بالأخرى ؛ فقد تكلف ما لا علم له به ، وقال ما لا دليل عليه..".اهـ -1-
و يقول في كتابه البداية و النهاية:" وهكذا من زعم أنهم على أشكال مختلفة وأطوال متباينة جدا.
فمنهم من هو كالنخلة السحوق، ومنهم من هو غاية في القصر، ومنهم من يفترش أذنا من أذنيه ويتغطى بالأخرى فكل هذه أقوال بلا دليل ورجم بالغيب بغير برهان. والصحيح أنهم من بني آدم وعلى أشكالهم وصفاتهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا "، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن.
وهذا فيصل في هذا الباب وغيره.". اهـ -2-
الحقيقة الثالثة:
خروجهم من علامات الساعة الكبرى كما نصت على ذلك بعض الأحاديث السابقة، و كما هو ظاهر القرآن الكريم، قال تعالى:" حتى إذا فتحت يأجوج و مأجوج و هم من كل حدب ينسلون و اقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين ظلموا..."-الأنبياء:96-97.
يقول الشيخ أبو بكر الجزائري :" و منها- أي من أشراط الساعة الكبرى- انكسار سد يأجوج و مأجوج، و خروج تلك الأمة المفسدة المدمرة لتعيث في الأرض فسادا، و تروع الناس أيما ترويع.."اهـ -3-.
و من الأحاديث الصريحة في ذلك ما رواه الإمام مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: اطلع النبي صلى الله عليه و سلم علينا و نحن نتذاكر، فقال:" ما تذاكرون؟" قالوا: نذكر الساعة، قال:" إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات، فذكر الدخان و الدجال و الدابة و طلوع الشمس من مغربها و نزول عيسى بن مريم و يأجوج و مأجوج..."الحديث.
يتبع إن شاء الله تعالى
--------------------------------------------
-1- النهاية في الفتن و الملاحم: 1/69.
2- البداية و النهاية: 2/130.
-3- -عقيدة المؤمن:256-.