بسم الله وبعد :
فهذا مبحث مختصر من مبحث آخر لي في الفتن الأربعة، وما يقع في الفتنة الرابعة من فتن وهرج وأهوال وأمور عظام، وكأن هذه الفتنة قد بدأت في زمننا هذا لبدوّ أماراتها والله أعلم، وفيما يلي إليكم أبرز أدلة هذه الفتن الأربعة المدلهمات ، والتفصيل فيها ومدّتها وما يحصل فيها وما يتبعها من أهوال وأمارات ، على أن بعض الرواة قد عدّها ثلاثة اختصارا، ومنهم من عدها خمسة مضيفا عليها فتنة موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تلا ذلك من ردة ومنع زكاة ، والأشهر المحفوظ أنها أربعة من غيرِ عدِّ ذلك كما سيتبين في هذه الأدلة التالية :
المطلب الأول : تسمية الفتن الأربعة ، وذكر ما ظهر منها :
إن الفتن في هذه الأمة كثيرة، إلا أنّ أبرزها أربعة فتن مُهلكات ، أهلكها آخرها :
الفتنة الأولى : فأول فتنة هي الصماء النشف : التي استُحلّت فيها الدماء فقط ، حيث ابتدأت بفتنة الدار ومقتل عثمان إلى خلافة عليّ ، وحدث فيها وقعة الجمل وصفين، وكان الحق فيها مع عليّ وأصحابه، إلى أن انتهت بمقتل عليٍّ وتمليك معاوية ، ثم تنازل الحسن رضي الله عنه له ، وبهذا التأمت الجماعة مرة أخرى طيلة مدة عشرين عاما .
الفتنة الثانية : ثم حدثت ثاني الفتن وهي العمياء الرضف : في زمن الملك العضوض ، وذلك بعد موت معاوية واستخلاف يزيد بن معاوية ، ورفض بيعته من طرف الحسين وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم ، ثم استشهاد الحسين ثم عبد الله رضي الله عنهم ، ثم فتنة ابن الأشعث ، وفي هذه المرحلة حدثت فتنة الحرة في زمن يزيد وهي التي استحلت فيها الدماء والأموال والفروج أيضا ، كما قال المدائني: "أباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثة أيام؛ يقتلون من وجدوا من الناس، ويأخذون الأموال ، ووقعوا على النساء، حتى قيل: إنه حبلت ألف امرأة في تلك الأيام من غير زوج "، ثم استتب الأمر للأمويين إلا فتنا صغيرة ومتفرقة هنا وهناك .
وقد انقسم الصحابة إلى فريقين في هذه الفتنة، فاعتزلها أكثرهم، ووقف جماعة منهم مع الحسين ثم مع عبد الله بن الزبير ، ونصح المعتزلون الحسين بأن لا يذهب إلى العراق ليلا يغدر به أهلها، فحصل ذلك له ، والله المستعان .
3 الفتنة الثالثة وهي البتراء الدهيماء : وهي التي لا يدري المقاتل فيها هل هو على حق أو باطل، وهي فتنة أهل المشرق التي وقعت بين بني العباس وبني أمية ، وكأنها هي التي وُصفت بقوله :" قتلاها قتلى الجاهلية "، وهي نفسها التي خرج منها مهدي بني العباس السفاح الذي أعاد الحقوق لأهل البيت بعد أن عانوا من التقتيل والتشريد طيلة زمن بني أمية، وقد اختلط أمر مهدي بني العباس السفاح، ضدّ آخر حكام بني أمية السفياني، بمهدي آخر الزمان وسفيانه على بعض المحدثين والرواة فأدمجوا الأحاديث بعضها في بعض وهو وَهْمٌ كما هو مبين في البحث :
4 وأما الفتنة الرابعة فهي العمياء المظلمة الصيلم المستأصلة : التي تقع في زمن الملك الجبري، والملوك الجبابرة الدكتاتوريون ، فإنها فتنة يحدث فيها شدة الظلم وشبه الفَناء من كثرة القتل والهرج ، لا تكاد تنطفئ في مكان إلا واشتعلت في مكان آخر، تمتد من المشرق إلى المغرب، وتنتشر بالشام، وتتفتت فيها مصر وتخرب، ثم العراق حتى يحسر الفرات بها عن جبل من ذهب يُقتل لأجله تسعة أعشار المتقاتلين، ثم يخرج السفياني وتقوم ملحمة كبيرة بمنى يخرج على إثرها المهدي محمد بن عبد الله، وترجع الخلافة إلى المسلمين ببيت المقدس بعد أن تخرب المدينة ، ثم يموت فيظهر بعد أمد القحطاني وهو مهدي صالح تقوم في عهده الملحمة الكبرى ويفتح بعدها روما ثم يخرج الدجال .
وفي غضون هذه الفتنة أيضا تحدث فتنة أصحاب الرايات الصفر والسود، كما يحدث في عضونها صلح وتحالف بيينا وبين الروم لمقاتلة عدو مشترك من ورائهم – كأنهم الروس-، وعدو من قبل المشرق – ربما الصين-، والله أعلم .
وفي غضونها أيضا يدخل الكثير من الروم والفرنجة في دين الله حتى يشتط الروم غيظا فيقرروا مقاتلة من أسلم منهم، فيمنعهم المسلمون فتحدث بذلك الملحمة الأخرى ؟؟
ثم أن هذه الفتنة الرابعة هي التي تُمحّص الناس حتى يصيروا إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه ، وقد وصفت بقوله : "اللسان فيها أشد من وقع السيف"، وهذا أمر ظاهر جلي في هذا التهييج الإعلامي والصحفي من محاربة للمسلمين ، وتحريض على قتل المخالفين، وتنقصهم، وذكر مثالبهم، وإثارة العداوة بينهم ، فصارت فتنة اللسان هذه أعظمُ وقعا من وقع السلاح بكثير ، لأنها هي المُمَهِّدة لها ، وهي فتنة عمياء لا تفرّق بين عسكريّ أو مدني ، ولا بين صغير أو كبير ، وهي فتنة صماء لا يُستمع فيها لاستغاثة مظلوم ولا صُراخ منكوب ، بل تستأصل الجميع ، والله المستعان، وكل هذه الأمور والمحطات التي ذكرت قد جاءت بها السنن والأحاديث كما في البحث :
المطلب الثاني : ذكر أدلة هذه الفتن الأربعة، والتفصيل فيها ومدّتها وما يحصل فيها وما يتبعها من أهوال وأمارات :
الحديث الأول : عبد الله بن مسعود :
قال نعيم 82 حدثنا يحيى بن سعيد العطار عن عبد الرحمن بن الحسن عن الشعبي عن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تكون في أمتي أربع فتن يكون في الرابعة الفناء"، الله أعلم إن سمعه الشعبي من عبد الله :
فقد خرجه أبو داود (4241) وأبو بكر (7/503) عن الشعبي عن رجل عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما :« يكون في آخر الزمان أربع فتن ، يكون في آخرها الفناء »، فيه راو مبهم، لكنه حسن لغيره لما له من شواهد كثيرة من حديث عمران وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وابن عمر وابن مسعود وحذيفة وعلي وغيرهم، وكلها ستأتي بالتفصيل في غضون هذا البحث :
الدليل الثاني : حديث عمران : خرجه نعيم (86) عن رشدين، والطبراني (416) عن كامل الجحدري كلاهما عن ابن لهيعة حدثني أبو معبد عن الحسن عن عمران بن الحصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" سيكون أربع فتن ، فتنةٌ يستحل فيها الدم، والثانية يستحل فيها الدم والمال، والثالثة يستحل فيها الدم والمال والفرج "، فيه ضعف ابن لهيعة، وأما أبو معبد فهو عبد الملك بن أبي جمعة وثقه ابن حبان وأبو حاتم وابن قُطْلُوْبَغَا ، وضعفه ابن معين والنسائي، وذكره العقيلي والساجي وَابن الجارود وَابن شاهين في الضعفاء ، وله شواهد أخرى :
دليل ثالث : حديث أبي هريرة : قال نعيم في الفتن 89 حدثنا يحيى بن سعيد العطار عن ضرار بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عمن حدثه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تأتيكم بعدي أربع فتن: الأولى يستحل فيها الدماء ، والثانية يستحل فيها الدماء والأموال، والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج ، والرابعة صماء عمياء مطبقة تمور مور الموج في البحر حتى لا يجد أحد من الناس منها ملجأ تطيف بالشام وتغشى العراق وتخبط الجزيرة بيدها ورجلها ، وتعرك الأمة فيها بالبلاء عرك الأديم ، ثم لا يستطيع أحد من الناس يقول فيها مه مه ثم لا يعرفونها من ناحية إلا انفتقت من ناحية أخرى "، يحيى لين وإسحاق متروك ، وللحديث وجه آخر أقوى منه :
الدليل الثالث : تابع لما سبق : قال نعيم 675 - حدثنا عثمان بن كثير عن محمد بن مهاجر وحدثني جنيد بن ميمون عن صفوان بن عمرو عن أبي هريرة رضى الله عنه قال :" الفتنة الرابعة عمياء مظلمة تمور مور البحر لا يبقى بيت من العرب والعجم إلا ملأته ذلا وخوفا ، تطيف بالشام وتعشى بالعراق وتخبط بالجزيرة بيدها ورجلها، تعرك الأمة فيها عرك الأديم ، ويشتد فيها البلاء حتى ينكر فيها المعروف ويعرف فيها المنكر، لا يستطيع أحد يقول مه مه ، ولا يرقعونها من ناحية إلا تفتقت من ناحية ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ، ولا ينجو منها إلا من دعا كدعاء الغرق في البحر ، تدوم إثني عشر عاما تنجلي حين تنجلي وقد انحسرت الفرات عن جبل من ذهب فيقتلون عليها حتى تقتل من كل تسعة سبعة "، رجاله ثقات غير جنيد أو حميد بن ميمون أبو عبد الحميد لم يُترجم له غير الدولابي وخرج له الضياء في المختارة محتجا به، وقد ذكر أبو حاتم أن بقية روى عن أبي عبد الحميد، فالله اعلم ، وصفوان بن عمرو الحمصي ثقة صدوق، وقد ورد هذا الحديث عن ضرار بن عمرو أيضا وضرار ضعيف:
قال نعيم 90 - حدثنا عثمان بن كثير بن دينار عن محمد بن مهاجر أخي عمرو بن مهاجر قال حدثني جنيد بن ميمون عن [ضرار بن عمرو] قال قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {أو يلبسكم شيعا} قال:" أربع فتن تأتي الفتنة الأولى فيستحل فيها الدماء، والثانية يستحل فيها الدماء والأموال، والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج، والرابعة عمياء مظلمة تمور مور البحر تنتشر حتى لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته "، وورد من طريق ضرار تحديد مدة الفتنة أيضا، كما روى صفوان :
قال نعيم في الفتن970 - حدثنا عثمان بن كثير عن محمد بن مهاجر حدثني جنيد بن ميمون عن ضرار بن عمرو عن أبي هريرة قال :" تدوم الفتنة الرابعة إثنا عشر عاما تنجلي حين تنجلي وقد أحسرت الفرات عن جبل من ذهب فيقتل عليه من كل تسعة سبعة "،
ويروى في ذلك ثمانية عشر عاما ولم يصحّ :
قال نعيم حدثنا يحيى بن سعيد - وهو لين - عن ضرار بن عمرو وهو ضعيف عن إسحاق ابن أبي فروة وهو متروك عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الفتنة الرابعة [ثمانية] عشر عاما ثم تنجلي حين تنجلي وقد انحسر الفرات عن جبل من ذهب تكب عليه الأمة فيقتل عليه من كل تسعة سبعة "، وهذا إسناد ضعيف جدا والأول أصح ، وله شواهد أخرى لكن في جزء إظهار الفرات لجبل عظيم من الذهب :
قال نعيم حدثني غير واحد عن ابن عياش عن يحيى بن أبي عمرو عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يحسر الفرات عن جبل من ذهب وفضة ، فيقتل عليه من كل تسعة سبعة فإن أدركتموه فلا تقربوه "،
وقد خرّج أصل هذا الحديث مسلم ، وابن حبان (6691) عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيأتي عليكم زمان يحسر الفرات عن جبل من ذهب، فيقتتل عليه الناس، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون"، قال: يا بني، إن أدركته، فلا تكونن ممن يقاتل عليه"، ولفظ مسلم :" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو ".
ولحديث الفتنة متابعات أخرى :
الدليل الرابع : قال نعيم في الفتن 88 حدثنا ضمرة بن ربيعة عن يحيى بن أبي عمرو السيباني قال قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أربع فتن تكون بعدي ، الأولى تسفك فيها الدماء، والثانية يستحل فيها الدماء والأموال، والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج، والرابعة عمياء صماء تعرك فيها أمتي عرك الأديم "،
ثم خرج نعيم (127) حدثنا ضمرة بن ربيعة عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" الفتنة الرابعة تعرك فيها أمتي عرك الأديم يشتد فيها البلاء حتى لا يعرف فيها المعروف ولا ينكر فيها المنكر ".
وبنفس الإسناد 367 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الفتنة الرابعة :" لا ينجو من شرها إلا من دعا كدعاء الغرق، أسعد أهلها كل تقي خفي، إذا ظهر لم يعرف وأن جلس لم يفتقد ، وأشقى أهلها كل خطيب مسقع أو راكب موضع " ، وهذا إسناد حسن لغيره رجاله ثقات، إلا أنه منقطع لأن يحيى عاش خمسا وثمانين سنة وتوفي سنة 148، يعني أنه ولد سنة 63، وأما أبو هريرة فتوفي سنة تسع وخمسين، قال الصالحي في سبيل الهدى (10/165) :" سند جيد رجاله ثقات وفيه انقطاع "
الدليل السادس : خرجه العسكري والدوري في تاريخه عن عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي النبي صلى الله عليه وسلم :" أتتكم الدهيماء قالها ثلاثا ترمي بالنشف والثانية ترمي بالرضف والثالثة سوداء مظلمة إلى يوم القيامة قتلاها قتلى جاهلية "، ولم يذكر الفتنة الرابعة، والصواب أن الدهيماء هي الرابعة والأخيرة :
ولحديث الفتنة الرابعةِ شاهدٌ آخر وفيه تتابع الفتن إلى فتنة جبل الذهب في نهر الفرات ثم خروج المهدي، والله أعلم :
الدليل السابع : حديث علي : قال نعيم 94 حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد قال سمعت عبد الله بن زرير الغافقي يقول: سمعت عليا رضى الله عنه يقول :" الفتن أربع فتنة السراء وفتنة الضراء وفتنة كذا ، فذكر معدن الذهب، ثم يخرج رجل من عترة النبي صلى الله عليه وسلم يصلح الله على يديه أمرهم"، وهذا حسن لغيره، وهو حسن على مذهب طائفة، لأن رجاله ثقات غير ابن لهيعة وقد روى عنه هنا ابن وهب وهو ممن ينتقي من حديثه ، وله شواهد مرسلة مر بعضها وسيأتي باقيها :
وخرج الداني في الفتن (1/286) بن معبد، حدثنا بشر بن بكر، عن ابن لهيعة، رفعه إلى علي بن أبي طالب، قال: " تكون أربع فتن، الأولى: استحلال الدماء، والثانية: استحلال الدم والأموال، والثالثة: استحلال الدم والأموال والفروج، والرابعة: لو كنت في جحر ثعلب لدخلت عليك الفتنة "
الدليل الثامن : حديث حذيفة :
قال نعيم 80 - حدثنا ابن عيينة وأبو أسامة عن مجالد عن عامر عن صلة قال سمعت حذيفة بن اليمان يقول :" في الإسلام أربع فتن تسلمهم الرابعة إلى الدجال الرقطاء والمظلمة وهنه وهنه "، إسناده حسن من أجل مجالد، لكنه يُتْقن حديث عامر الشعبي وهو أعلم الناس به :
وقال نعيم أيضا 105 - حدثنا هشيم عن مجالد حدثنا الشعبي عن صلة بن زفر سمع حذيفة بن اليمان وقال له رجل: خرج الدجال فقال حذيفة: أما ما كان فيكم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلا والله لا يخرج حتى يتمنى قوم خروجه، ولا يخرج حتى يكون خروجه أحب إلى أقوام من شرب الماء البارد في اليوم الحار، وليكونن فيكم أيتها الأمة أربع فتن: الرقطاء والمظلمة وفلانة وفلانة ، ولتسلمنكم الرابعة إلى الدجال، وليقتتلن بهذا الغائط فئتان ما أبالي في أيهما رميت بسهم كنانتي "، وله متابعات أخرى:
ولنعيم (74) (1939) نا الوليد ورشدين عن ابن لهيعة عن عبد العزيز بن صالح عن حذيفة – قال نعيم : وسمى الوليد بينه وبين حذيفة رجلا لم أحفظه -، ولفظه :" فَالْأُولَى خَمْسٌ، وَالثَّانِيَةُ عِشْرُونَ، وَالثَّالِثَةُ عِشْرُونَ، وَالرَّابِعَةُ الدَّجَّالُ "، يعني إلى أن تنتهي بخروجه كما سبق ، وله طرق أخرى :
فقال نعيم 92 حدثنا مروان بن معاوية حدثنا الوليد بن عبد الله بن جميع حدثنا أبو الطفيل قال سمعت حذيفة يقول:" الفتن ثلاث تسوقهم الرابعة إلى الدجال ، التي ترمي بالرضف ، والتي ترمي بالنشف ، والسوداء المظلمة والتي تموج موج البحر "،
ولأبي نعيم (1/273) وأبي بكر (7/450) عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: " ثلاث فتن والرابعة تسوقهم إلى الدجال: التي ترمي بالرضف، والتي ترمي بالنشف، والسوداء المظلمة التي تموج كموج البحر، والرابعة تسوقهم إلى الدجال "، وهذا حديث حسن صحيح، رجاله ثقات، والوليد بن جميع فيه مقال وهو صدوق، وقد تابعه الغطفاني والأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال: نحوه، خرجه عنهما أبو نعيم وابن الجعد.
ومع ذلك فالحديث شبه المتواتر عن حذيفة رضي الله عنه وهو أعلم الناس بالفتن :
وخرج أبو نعيم في الحلية (1/273) والحاكم وصححه (4/511) من طريق الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة رضي الله عنه قال: «[ أَتَتْكُمُ الْفِتَنُ تَرْمِي بِالنَّشَفِ، ثم] أتتكم الفتنة ترمي بالرضف، [ثم] أتتكم الفتنة السوداء المظلمة، إن للفتنة وقفات ونقفات، فمن استطاع منكم أن يموت في وقفاتها فليفعل».
ومن الرواة من اقتصر على ذكر ثلاثة فتن ولم ينف غيرها :
فخرج الحاكم (4/579) عن عمران بن مسلم الخياط عن زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة في هذا المسجد، فقال: «أتتكم الفتن ترمي بالعسف، ثم التي بعدها ترمي بالرضخ، ثم التي بعدها المظلمة ما فيكم رجل حتى يرى ما ترون، لم ير فتنة المسيح فيراها أبدا»
ولابن عساكر (39/478) عن الصلت بن بهرام عن زيد بن وهب قال جاءنا كتاب من عثمان قرئ على الناس ... ثم جاءنا قتله فجزع الناس من ذلك فخرجت إلى صاحب لي ... فأتينا منزل حذيفة فلم نجده فأتينا المسجد فوجدناه مسندا ظهره إلى سارية ومعه رجل فقلت إني أظن أن له حاجة فجلسنا دونهما فجاء رجل فجلس إليهما فقمنا فجلسنا إليه وهو عاض على إبهامه وهو يقول: "أتتكم ترمي بالنشف ، ثم يليها أخرى يرمي بالرضف ، ثم المظلمة التي يصبح المرء فيها مهتديا ويسمى ضالا ويسمى مهتديا ويصبح ضالا والعاقل حيران بين ذلك لا يدري أضل أم اهتدى ألا إن لها دفعات ومثاعب ، فإن استطعت أن تموت أو تكون في وقفاتها فافعل"، فقال الرجل الذي جلس إليه: جزاكم الله أصحاب محمد شرا ، فوالله لقد لبستم علينا حتى ما ندري أنقعد أم نقوم فهلا نهيت الناس يوم الجرعة؟ قال: قد نهيت عنها نفسي وابن الخضرامة، ولو لم أنهه لكان من القائمين فيها والقائلين ".
ومن الرواة من لم يذكر الفتنة الثالثة، وذكر غيرها إلى الرابعة الدهيماء العمياء :
الدليل التاسع : حديث عبد الله بن عمر :
خرجه الحاكم وصححه (4/513) وأبو داود 4242 عن عمير بن هانئ العنسي قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: كنا قعودا عند رسول الله فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس، فقال قائل: يا رسول الله وما فتنة الأحلاس؟ قال: " هي هرب وحرب، ثم فتنة السراء، دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني، وليس مني، وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع، ثم فتنة الدهيماء، لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقضت، تمادت يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال، من يومه، أو من غده "، وللفتنة الرابعة شواهد أخرى :
الدليل العاشر : عوف بن مالك : خرجه ابن ماجه (4042) والبخاري في الصحيح (3176) عن بسر بن عبيد الله أنه سمع أبا إدريس قال: سمعت عوف بن مالك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فقال :" اعدد ستا بين يدي الساعة :
1 موتي ، ( يطلق عليه بعضهم باسم الفتنة الأولى ).
2 ثم فتح بيت المقدس .
3 ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، [لفظ ابن ماجه :" ثم داء يظهر فيكم يستشهد الله به ذراريكم، وأنفسكم، ويزكي به أموالكم]، ( وهو طاعون عمواس في عهد عمر).
4 ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ، ( في زمن الفتوحات)
5 ثم فتنة [بينكم] لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، (هي هذه الفتنة الرابعة)
6 ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا "،
وهذه المرحلة السادسة هي حرب الملحمة الكبرى أثناء الفتنة الرابعة ، قبيل خروج الدجال، وفي قوله :" ثم هدنة"، إشارة إلى ذكر الغزو الصليبي السابق لبلاد المسلمين ، لأن الهدنة لا تكون إلا بعد غزو وحروب والله ولي التوفيق .
الحادي عشر: مرسل :
قال نعيم 91 - حدثنا الحكم بن نافع عن أرطاة بن المنذر قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" تكون في أمتي أربع فتن يصيب أمتي في آخرها فتن مترادفة فالأولى تصيبهم فيها بلاء حتى يقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف والثانية حتى يقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف والثالثة كلما قيل انقضت تمادت والفتنة الرابعة تصيرون فيها إلى الكفر إذا كانت الإمعة مع هذا مرة ومع هذا مرة بلا إمام ولا جماعة ثم المسيح ثم طلوع الشمس من مغربها ودون الساعة اثنان ".