من فتاوى فضيلة الشيخ الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-
الفتوى رقم: 204
الصنف: فتاوى العقيدة والتوحيد



السؤال: ما هو القدر المجزئ من الإيمان الذي يستحقُّ صاحبُه دخول الجنَّة؟ أهو قول واعتقاد فقط؟ وإن كان قولاً واعتقادًا وعملاً فما هو القدر المجزئ من العمل؟ وفَّقكم الله لِما يحبُّه ويرضاه وجزاكم الله خيرًا.

الجواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فبغضِّ النظر عن حُكم تكفير تارك الصلاة مِن عدم تكفيره، فإنّ جِنسَ العمل عند أهل السُّنَّة والجماعة هو من حقيقة الإيمان وليس شرطًا فقط، فالإيمان هو: قول، وعمل، واعتقاد، لا يصحُّ إلاّ بها مجتمعة، ولذلك كان الإمام الشافعي -رحمه الله- يرى عدم تكفير تارك الصلاة مع حكايته الإجماع أنّه لا يجزئ إيمان بلا عمل، والفرق مع الخوارج والمعتزلة الذين يقرِّرون أنّ الإيمان: قول وعمل واعتقاد أنّ الإيمان -عندهم- يزول بزوال العمل مطلقًا بخلاف أهل السُّنة ففيه من الأعمال ما يزول الإيمان بزواله سواء كان تركًا -كترك الشهادتين وجنس العمل اتفاقًا، أو ترك الصلاة على اختلافٍ بين أهل السُّنة أو كان فعلاً كالذبح لغير الله والسجود للصَنَم…- والعمل في هذا القسم شرط في صحّته، وفيه من العمل ما ينقص الإيمان بزواله ولا يزول كليًّا، أي: يبقى معه مطلق الإيمان لا الإيمان المطلق مثل الذنوب دون الكفر، فالعمل في هذا القسم شرط في كماله.
وعليه، فخلوّ إيمان القلب الواجب من جميع أعمال الجوارح ممتنع وغير متصوَّر، وضمن هذا التقرير يصرِّح ناشر مذهب السلف شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بقوله: «إنّ جنس الأعمال من لوازم الإيمان، وإنّ إيمانَ القلب التامَّ بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع سواءً جعل الظاهر من لوازم الإيمان أو جزءًا من الإيمان»(١).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

الجزائر في:09 ربيع الأول 1426ﻫ
الموافق ﻟ: 18 أفريل 2005م

١- «مجموع الفتاوى»: (7/616).