سمعت هذا المثل العامي كثيراً: (( لا تأخذ امرأة بعد مطوع ))، ومعناه: لا تتزوج امرأة قد تزوجها قبلك رجل متمسك بالتعاليم الشرعية، وكنتُ استهجن القائل وأعنفه، إعتقاداً مني أن المثل اخترعه الفسّاق وأصحاب المعاصي وروجوه، لتشويه صورة أهل الصلاح والاستقامة، بكثرة خلواتهم بالنساء، وانهماكهم بالشهوات، إلا أني وجدت كلاماً للقرطبي يفتح آفاقاً أخرى في النظر لهذا المثل، حيث يقول: (ويقال : إن كل من كان أتقى فشهوته أشدّ؛ لأن الذي لا يكون تقياً، فإنما يتفرّج بالنظر واللمس ، ألا ترى ما رُوي في الخبر : " العينان تزنيان واليدان تزنيان " فإذا كان في النظر واللمس نوع من قضاء الشهوة قلَّ الجماع ، والمُتَّقي لا ينظر ولا يمس، فتكون الشهوة مجتمعة في نفسه فيكون أكثَر جماعا . وقال أبو بكر الورّاق : كلّ شهوة تقسي القلب إلا الجماع فإنه يصفي القلب؛ ولهذا كان الأنبياء يفعلون ذلك) انتهى كلامه رحمه الله .