تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: القول الصحيح المغني .. في قلقلة شعبة لدال "لدني"

  1. #1

    افتراضي القول الصحيح المغني .. في قلقلة شعبة لدال "لدني"


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله_ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . أما بعد ...

    فهذا بحث مختصر أردت أن أوضح فيه كيفية أداء كلمة " لدنه " لشعبة بإشمام الدال شيئا من الضم ، حيث اختلف القراء في زماننا في كيفية أداء هذه الكلمة ، فمنهم من يقرؤه بالإشمام مع قلقلة الدال كـ ( الشيخ محمد سالم "صاحب الفريدة " والشيخ حسنين جبريل والشيخ أيمن سويد وهم من طلبة العلامة الزيات وغيرهم من أخذوا عن الشيخ الزيات ) وكذا فضيلة الشيخ الدكتور عبد الباسط هاشم ، والشيخ العلامة عبد الرازق إبراهيم موسى ، والشيخ محمد عبد الحميد ، والشيخ عباس المصري ، والشيخ إيهاب فكري ، ومحمد سامر الدمشقي ، والشيخ وليد المنيسي وغيرهم .
    ومنهم من يشم الدال بلا قلقلة كـ ( الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف ، والشيخ محمد تميم الزعبي ، والشيخ أحمد الديب ، والشيخ سعيد يحيى رزق وغيرهم .

    ومنهم من جعل المسألة فيها خلاف في الأداء ، وذهب إلى ذلك صاحب كتاب (التحقيق الوفي في رواية شعبة عن عاصم الكوفي ) لأحمد بن نضال القطيشات يقول فيه بعد نقل كلام العلامة القاضي : إذا كان ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة فلا بد من القلقلة .
    أما على المذهب الثاني فلا قلقلة ؛ لأن الإشمام مع الدال فزال به سبب القلقلة .)ا.هـ164


    وقبل الخوض في ذكر المسألة أود التنويه على أهمية المشافهة وأن المشافهة أصل أصيل .
    نعم المشافهة هي الأصل وهذا ما عليه اعتقاد المسلمين قاطبة قال تعالي: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)
    قال البغوي في تفسيره:"
    وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ أي: تؤتى القرآن وتلقن مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ أي: وحيا من عند الله الحكيم العليم." صـ377
    فدل علي أن نبينا قد تلقي القرآن من لدن حكيم عليم ، وما زال الناس يتلقون القرآن جيلا بعد جيل بالمشافهة والتلقين ومازال القراء هم المعتمد الأول في نطق القرآن قال ا.د/عبد الصبور شاهين في كتابه ـ علم الأصوات ـ :" ...فإن صوتي الطاء والقاف يكونان قد تعرضا للهمس خلال القرون وصارا ينطقان بوصفهما الجديد مهموسين ،عند قراء القرآن وهم المقياس المثالي لسلامة النطق الحرفي للفصحي "ا.هـ صـ112، وأقوال الأئمة في ذلك كثيرة .
    قال الزرقاني في مناهل العرفان : لقد مرت على الأمة أجيال وقرون وما شعرت بغضاضة في التزامها الرسم العثماني
    على أن المعول عليه أولا وقبل كل شيء هو التلقي من صدور الرجال .
    وبالتلقي يذهب الغموض من الرسم كائنا ما كان ، وليس بعد العيان بيان ))ا.هـ275
    ثم قال بعدها : كان الاعتماد في نقل القرآن ولا يزال على التلقي من صدور الرجال ثقة عن ثقة وإماما عن إمام إلى النبي
    لذلك اختار عثمان حفاظا يثق بهم وأنفذهم إلى الأقطار))278
    ثم قال مؤكدا :
    قلنا غير مرة إن المعول عليه في القرآن الكريم إنما هو التلقي والأخذ ثقة عن ثقة وإماما عن إمام إلى النبي وإن المصاحف لم تكن ولن تكون هي العمدة في هذا الباب )ا.هـ284
    ففي كتاب" إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر" قال الدمياطي في تعريف المقرئ: " من علم بها أداء ورواها مشافهة فلو حفظ كتابا امتنع عليه (إقراؤه) بما فيه إن لم يشافهه من شوفه به مسلسلا لأن في القراءات أشياء ( لا تحكم إلا بالسماع والمشافهة ) بل لم يكتفوا بالسماع من لفظ الشيخ فقط في التحمل وإن اكتفوا به في الحديث ، قالوا لأن المقصود هنا كيفية الأداء ، وليس من سمع من لفظ الشيخ يقدر علي الأداء أي فلابد من قراءة الطالب علي الشيخ بخلاف الحديث فإن المقصود منه المعني أو اللفظ ، لا بالهيئات المعتبرة في أداء القرآن ،أما الصحابة فكانت طباعهم السليمة وفصاحتهم تقتضي قدرتهم علي الأداء كما سمعوه منه صلي الله عليه وسلم لأنه نزل بلغتهم ." ا.هـ صـ 68

    وقد أجاد الشيخ محمد علي خلف الحسيني الشهير بالحداد شيخ القراء بالديار المصرية بقوله ( ...وإذ قد علمت أن التجويد واجب وعرفت حقيقته علمت أن معرفة الأداء والنطق بالقرآن على الصفة التي نزل بها متوقفة على التلقي والأخذ بالسماع من أفواه المشايخ الآخذين لها كذلك المتصل سندهم بالحضرة النبوية لأن القارئ لا يمكنه معرفة كيفية الإدغام والإخفاء والتفخيم والترقيق والإمالة المحضة أو المتوسطة والتحقيق والتسهيل والروم والإشمام ونحوها إلا السماع حتى يمكنه أن يحترز عن اللحن والخطأ وتقع القراءة على الصفة المعتبرة شرعا إذا علمت ذلك تبين لك أن التلقي المذكور واجب لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما هو معلوم ولأن صحة السند عن النبي عن روح القدس عن الله بالصفة المتواترة أمر ضروري للكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ليتحقق بذلك دوام ما وعد به تعالى في قوله جل ذكره )إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) وحينئذ فأخذ القرآن من المصحف بدون موقف لا يكفي بل لا يجوز ولو كان المصحف مضبوطا . قال الإمام السيوطي : ( والأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وأحكامه متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من الأئمة القراء المتصلة بالحضرة النبوية ) اهـ فقوله على الصفة المتلقاة من الأئمة... إلخ صريح في أنه لا يكفي الأخذ من المصاحف بدون تلق من أفواه المشايخ المتقنين .... فإن الإنسان يعجز عن أداء الحروف بمجرد معرفة مخارجها وصفاتها من المؤلفات ما لم يسمعه من فم الشيخ فكيف لا نتعلم القرآن مع كثرة جهلنا وعدم فصاحتنا وبلاغتنا من المشايخ الماهرين في علم التجويد فإن رسول الله مع كمال فصاحته ونهاية بلاغته تعلم القرآن عن جبريل في جمع من السنين خصوصا في السنة الأخيرة التي توفي فيها ومع أفضليته على جبريل والعجب من بعض علماء زماننا فإنه إذا وجد أهل الأداء في أعلى المراتب تعلم منه وفي أدنى المراتب لا يتعلم منه استكبارا عن الرجوع إليه ...ولذا قيل
    من يأخذ العلم عن شيخ مشافهة يكن عن الزيغ والتصحيف في حرم
    ومن يكن آخذا للعلم من صحف فعلمه عند أهل العلم كالعــدم " ا.هـ كتاب" القول السديد في بيان حكم التجويد" صـ9:11

    وهذا هو المجمع عليه بين أئمة الأقطار ، إلا أن الإشكال في هذه المسألة أن الناقلين اختلفوا عن شيخ بعينه وليكن الشيخ الزيات ، حيث تفرق طلبته بين قائل بالقلقلة ، ومعدم لها ، وكلا الفريقين لم يذكرا خلافا في المسألة ، والذي يظهر أن الخلاف جاء من نقل القراء عن الشيخ الزيات ، والظاهر أيضا القول بخطأ البعض ، وبصواب الآخر مادام الشيخ لم يُنقل عنه خلاف .
    والاحتمال بالخطأ وارد حيث يقول العلامة ابن مجاهد في تفاوت قدرات الناقلين عن الشيخ :

    1. فمن حملة القراءات المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراءات العارف باللغات ومعاني الكلمات البصير بعيب القراءات المنتقد للآثار فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين .

    2. ومنهم من يعرب ولا يلحن ولا علم له بغير ذلك فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر علي تحويل لسانه فهو مطبوع علي كلامه .

    3. قال ابن مجاهد فيمن لا يؤخذ العلم ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه ليس عنده إلا الأداء لما تعلم لا يعرف الإعراب ولا غيره فذلك الحافظ فلا يلبث مثله أن ينسي إذا طال عهده فيضع الإعراب لشدة تشابهه ....وقد ينسي الحافظ فيضع السماع وتشتبه عليه الحروف فيقرأ بلحن لا يعرفه وتدعوه الشبهة إلي أن يرويه عن غيره ويبرئ نفسه عسي أن يكون عند الناس مصدقا فيحمل ذلك عنه وقد نسيه ووهم فيه وجسر علي لزومه والإصرار عليه ، أو يكون قد قرأ علي من نسي وضيع الإعراب ودخلته الشبهة فتوهم .فذلك لا يقلد في القراءة ولا يحتج بقوله .


    4. ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعاني ويعرف اللغات ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس والآثار فربما دعاه بصره بالإعراب إلي أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون مبتدعا وقد رويت في كراهة ذلك أحاديث...( وقد روي ابن مجاهد آثارا تأمر القراء باتباع الأثر ونكتفي باثنين ) عن ابن مسعود :" اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم " وروي أن عليا ـ ـ قال: إن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ يأمركم أن تقرءوا القرآن كما علمتم " .ا.هـ السبعة صـ 45ـ46

    وقبل الخوض في غمار المسألة أوضح التعريف سريعا بمصطلحي القلقلة والإشمام .
    أما القلقلة :
    القلقلة :
    تعريفها : لغة: التحرك والاضطراب
    واصطلاحا : قوة اضطراب صوت الحرف الساكن من مخرجه ليظهر ظهورا كاملا .
    حروفها : مجموعة في كلمة ( قطب جد ) ق ـ ط ـ ب ـ ج ـ د
    سبب تسميتها :
    أنها في حالة سكونها تتقلقل عند خروجها حتى يسمع لها نبرة قوية ـ أي صوت عال ـ وذلك لأن من صفاتها الشدة وهى تمنع الصوت أن يجرى معها ، والجهر يمنع النفس أن يجرى معها , والجهر يمنع النفس أن يجرى معها كذلك فلما امتنع جريان الصوت والنفس مع خروفها احتيج إلى التكلف في بيانها بإخراجها شبيهة بالمتحرك .

    مراتب القلقلة :
    الأولى : الساكن الموقوف عليه المشدد نحو ( بالحقّّّ)
    الثانية : الساكن الموقوف عليه المخفف ( محيطْ )
    الثالثة : الساكن الموصول ــ سكونه أصلى ــ وهذا قد يكون في وسط الكلمة مثل (يجْمع ) ويكون في آخر الكلمة بشرط وصلها بما بعدها مثل ( إن يسرقْ فقدْ سرق ... ) ـ أي وسط الآية حال وصلها ـ
    وهذه المراتب لم يختلفوا فيها ــ من حيث وجود القلقلة ــ والخلاف في الوجه الرابع : المتحرك مطلقا كالطاء والباء من ( طَبَع)

    أما قولهم ( أصواتا – صويت – صوت شبه النبرة) كل هذا اختلاف في التعبير وهو من الخلاف اللفظي الذي لا حقيقة له ، وقد بين ذلك العلامة شهاب الدين الخفاجي ( ت 1069) حيث قال : (القلقلة أو سماها بالمصدر توسعا ، ومثله سهل ويقال لها حروف القلقلة ، واللقلقة وكلاهما بمعنى الحركة ، وإليه أشار المصنف بقوله تضطرب لأنه افتعال من الضرب معناه ما ذكر قال في المصباح : يقال رميته ، فما اضطرب أي ما تحرّك ، ومنه اضطراب الأمور بمعنى اختلافها لما يلزمها من ذلك ، وإنما سميت بها لأنّ صوتها لا يكاد يتبين به سكونها ما لم يخرج إلى شبه المتحرّك لشدة أمرها ، وإنما حصل لها ذلك لكونها شديدة مجهورة ، فالجهر يمنع النفس أن يجري معها والشدة تمنع الصوت من جريه معها فاحتاح بيانها إلى تكلف ، وحصل ما حصل من الضغط للمتكلم عند النطق بها ساكنة حتى تخرج إلى شبه تحريكها لقصد بيانها ، ومنهم من عللها بأنها حين سكونها تتقلقل عند خروجها حتى يسمع لها صوت ونبرة ، وفيه تجوّز لأنه أراد بتقلقلها مشابهتها للمتقلقل لا تحرّكها حقيقة ، وإلا لزم اجتماع السكون ، والتحرّك في حالة واحدة ، ومن علل بأنها إذا وقف عليها تقلقل اللسان بها عند خروجها فقد سها ؛ لأنّ الباء منها ، وهي شفوية لا يتحرّك اللسان بها )ا.هـ1/163 حَاشِيةُ الشِّهَابِ عَلَى تفْسيرِ البَيضَاوِي

    والذي نخلص من تعريف القلقلة أن الساكنة لا بد من قلقلتها (ولم يستثنوا من ذلك سوى الساكن المدغم مثل (والطّور" (الحقّ هو) وصلا ويلحق بذلك المدغم الناقص مثل (أحطت ـ بسطت ـ ألم نخلقكم ) . ولم يرد أي استثناء سوى المدغم بقسميه .
    ومنع القلقلة عن الحرف يعني عدم ظهور الصويت ، ولذا لابد من صويت زائد مع الحرف الساكن (قطب جد ) ، فلو وقفت على "حميد " بدون قلقلة لم يتبين لك صوتها حتى تأتي بالقلقلة .وهذا واضح .

    أما الإشمام :
    الإشمام : عبارة عن الإشارة إلى الحركة من غير صوت
    وقال بعضهم : أن تجعل شفتيك على صورة الضمة إذا لفظت بها.وكلاهما واحد شرح الطيبة . لأحمد بن محمد ابن الجزري .
    قال الضباع : معنى الإشمام في اللغة : مأخوذ من "أشممته الطيب" أي وصلت إليه شيئا يسيرا مما يتعلق به وهو الرائحة ."الإضاءة صـ60
    وقال في الروضة الندية : الإشمام مشتق من الشم كأنك أشممت الحرف رائحة الحركة .أ.هـ الدقائق المحكمة صـ60

    أنواع الإشمـــــام
    النوع الأول : إشمام السكون وكيفيته : أن تقف على الكلمة بالسكون ثم تشير بشفتيك من غير صوت – بدون تراخى – أي بعد الفراغ من الإسكان مباشرة .
    النوع الثاني : إشمام " تأمننا" قال المالكي :" فاعلم أن أصل هذه الكلمة (تأمننا) بنونين الأولى لام الفعل و حقها أن تكون محركة بالفم و الثانية ضمير المتكلم عن نفسه و غيره إلا أنها كتبت في المصحف بنون واحدة أ.هـــــ
    أصل تأمنا --- تأمننا فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة لم يسبقها ناصب ولا جازم . فهي إذا بنونين مظهرتين وقد أجمعوا على إدغام النون الأولى في الثانية ، و اختلفوا في كيفيه قراءتها إلى ثلاث قراءات
    القراءة الأولى : قراءة أبى جعفر بالإدغام المحض من غير روم ولا إشمام
    القراءة الثانية : بالإخفاء – أي الاختلاس – وذلك بالإتيان ببعض ا لحركة أي بعدم إتمام الحركة في النون الأولى المضمومة . وهذا هو الراجح من طرق التيسير الشاطبية
    القراءة الثالثة : بالإدغام المحض ثم الإشارة بالشفتين .
    ولكن اختلفوا في كيفية الإشارة هل هي بعد نطقك بالميم مباشرة ؟ أم بعد الإدغام ؟ قال السخاوى بعد ذكره إشمام القراء وهو ضم الشفتين من غير إحداث شيء في النون ، وتكون الإشارة على هذا القول بعد الإدغام ،وأجازوا أيضا أن يؤتى بذلك بعد سكون النون المدغمة كما يؤتى به بعد سكون الراء من " قدير" عند الوقف ، فيقع ذلك قبل كمال الإدغام وإلى هذا القول ذهب محمد بن جرير وجماعة من النحاة وجماعة من ا لمقرئين ا.هـ فتح الوصيد 2/291
    وإشمام تأمنا أيضا يكون له أثر في السمع و لكن ليس كأثر الروم فضم الشفتين أثناء الإشمام يكون له أثر على الغنة بخلاف إن نطقها بغير غنة قال المالكي نقلا عن مكى :" و تكون الإشارة على قولهما إشماما لا روما لأنها لا تقتضى تفكيك النون الأولى من الثانية ، و إن كان لها مع ذلك أثر في السمع . فتأمله " أ.هـ
    وقال الضباع في إرشاد المريد " قالوا وتكون الإشارة إلى ا لضمة بعد الإدغام فيصح معه حينئذ الإدغام والروم اختيار الداني وبالإشمام قطع أكثر أهل الأداء واختاره المحقق ابن الجزرى وقد قرأ ت على شيخي عبد ا لله الجوهري بالإسكان ثم الإشمام مع الإدغام وعلى غيره قرأت بالإشمام مباشرة بعد الميم مع الإدغام . والإشمام وكلتا الطريقتين إشارة بالشفتين وقت الإدغام وقال الإمام أحمد ابن محمد ابن الجزرى فجعلها بعضهم إشماما وهو إشارة إلى ضم النون بعد الإدغام فيكون الإدغام فيه صحيحا ا.هـ شرح الطيبة
    والنوع الثالث : إشمام ا لحرف وهو خلط حرف بحرف كما في الصراط وباب أصدق ومصيطر والمصيطرون
    والإشمام خلط صوت الصاد بصوت ا لزاي فيمتزجان فيتولد منهما حرف ليس بصاد ولا زاي ا.هـ أبو شامة
    . وبعضهم يطلق عليه " ظاء العوام " وهذا مما لا ينضبط إلا بالمشافهة وما ذكرته من كلام أبى شامة إنما هو من باب التقريب .
    والنوع الرابع : إشمام الحركة و هذا الإشمام عبارة عن خلط الحركة بأخرى كما في قيل و غيض و أشباههما.
    ومما تقدم فإن مصطلح الإشمام قد يطلق ويراد به الإشارة بالشفتين دون صوت ، ويراد به أيضا الإتيان بجزء من الحركة بحسب ما تقدم .
    وبعد التعريف بهاتين المصطلحين نعود إلى مبحثنا وهو كيفية أداء كلمة " لدنه " بالإشمام على قراءة شعبة ، وذلك بعد التعريف بالإمام شعبة :
    اسمه : شعبة بن عياش بن سالم الحناط الأسدي النهشلي الكوفي .
    كنيته : أبو بكر .
    مولده : ولد سنة خمس وتسعين من الهجرة .
    وفاته : توفي في جمادى الأولى سنة ثلاثة وتسعين ومائة .
    كان إماماً كبيراً عالماً عاملاً حجة من كبار أهل السنة .
    كان يقول : من زعم أن القرآن مخلوق فهو عندنا كافر زنديق عدو لله لا نجالسه ولا نكلمه .
    عرض القرآن على عاصم أكثر من مرة ، وعلى عطاء بن السائب ، وأسلم المقري .
    وعمر دهراً طويلاً ، إلا أنه قطع الإقراء قبل موته بسبع سنين .
    وعرض عليه القرآن أبو يوسف يعقوب بن خليفة الأعشمي ، وعبد الرحمن بن أبي حماد ، ويحيى بن محمد العليمي ، وعروة بن محمد الأسدي ، وسهل بن شعيب وغيرهم .
    روى عنه الحروف سماعاً من غير عرض إسحاق بن عيسى وإسحاق بن يوسف الأزرق ، وأحمد بن جبر ، وعلي بن حمزة الكسائي ويحيى بن آدم ، وعبد الجبار بن محمد العطاردي وغيرهم .
    ولما حضرته الوفاة بكت أخته ، قال لها ما يبكيك ؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها القرآن ثماني عشرة ألف ختمة .

    يتبع بإذن الله.......

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2013
    المشاركات
    13

    افتراضي رد: القول الصحيح المغني .. في قلقلة شعبة لدال "لدني"

    السلام عليكم

    هل القلقلة عملية يقوم بها جهاز النطق أم هي صفة يحملها الصوت اللغوي ؟؟

    تحية طيبة

  3. #3

    افتراضي رد: القول الصحيح المغني .. في قلقلة شعبة لدال "لدني"

    ( لدنه ـ لدني )
    اختلف في ( لدنه ـ لدني ) في سورة الكهف فقط من قوله تعالى: (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ (سورة الكهف آية 2). وقوله تعالى: ( قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) (سورة الكهف آية 76)، وما جاء من الخلاف في هذه الكلمة في غير سورة الكهف غير معمول به .
    قال الشاطبي :
    وَمِنْ لَدْنِهِ في الضَّمِّ أَسْكِنْ مُشِمَّهُ ***وَمِنْ بَعْدِهِ كَسْرَانِ عَنْ شُعْبَةَ اعْتَلاَ
    وقال الشاطبي :
    .............وَنُونَ لَدُنِّي خَفَّ صَاحِبُهُ إِلَى
    وَسَكِّنْ وَأَشْمِمْ ضَمَّةَ الدَّالِ صَادِقًا.............

    قال ابن الجزري:
    من لدنه للضّمّ سكّن وأشم ... واكسر سكون النّون والضّمّ صرم
    وقال ابن الجزري:
    ............... ... ............ وصرف
    لدني أشمّ أو رم الضّمّ وخف ... نون مدا صن ......

    «لدنه» بإسكان الدال مع إشمامها ، وكسر النون ، والهاء، ووصلها بياء في اللفظ فتصير «لدنهي» وذلك للتخفيف.)
    وقرأ الباقون «لدنه» بضم الدال، وسكون النون، وضم الهاء، وذلك على الأصل.
    أما " لدني ":
    المعنى: «لدني» بضم الدال، وتخفيف النون، وذلك على الأصل في ضم الدال، وحذفت نون الوقاية اكتفاء بكسر النون الأصلية لمناسبة الياء.
    وقرأ المرموز له بالصاد من «صرف» وهو: «شعبة» بوجهين:
    الأول: إسكان الدال مع الإيماء بالشفتين إلى جهة الضم للمح الأصل فيصير النطق بدال ساكنة مشمّة، فيكون الإشمام مقارنا للإسكان.
    الثاني: اختلاس ضمة الدال لقصد التخفيف، وكلا الوجهين مع تخفيف النون.
    وقرأ الباقون «لدنّي» بضمّ الدال، وتشديد النون .
    و «لدن» ظرف غير متمكن بمعنى «عند» وهو مبني على السكون.

    جاء في «المفردات»: «لدن» أخص من «عند» لأنه يدل على ابتداء نهاية، نحو:
    «أقمت عنده من طلوع الشمس إلى غروبها». فيوضع «لدن» موضع نهاية الفعل.
    وقد يوضع موضع «عند» فيما حكي، يقال: «أصبت عنده مالا ولدنه مال» وقال بعضهم «لدن» أبلغ من «عند» وأخصّ. اهـ

    وأصلها «لدن» على وزن «فعل» مثل: «عضد» فخففت بإسكان الوسط، وأشير إلى الضم بالإشمام تنبيها على أنه الأصل، وكسرت النون على الأصل في التخلّص من التقاء الساكنين، كما في «أمس» وكسرت الهاء اتباعا لكسر ما قبلها، ووصلت لوقوعها بين محركين، وكانت الصلة ياء مجانسة لحركة ما قبلها.)ا.هـ بتصرف من شرح الطيبة للشيخ محمد سالم محيسن .
    فكلمة " لدنه " بالهاء لا خلاف فيها لشعبة من الشاطبية أو الطيبة .
    أما " لدني " زاد في الطيبة وجه اختلاس الدال ، وفي الشاطبية الإشمام فقط دون الاختلاس .
    ولذا سيكون كلامنا على (لدنه ) في الأكثر لعدم الخلاف بين الطرق عن شعبة .
    اختلف القراء في التعبير عن معنى الإشمام في هذه الكلمة .
    قال في الهادي : (بإسكان الدال وإشمامها الضم ) .
    وقال في الكنز : (بإسكان الدال وإشمامها شيئا من الضم ) .
    وقال في التجريد (بإشمام الدال الضم إشماما خفيفا )
    وقال التلخيص : (باختلاس ضمة الدال ) .
    وقال ابن الباذش (واختلاس ضمة الدال ) .
    وقال في المفيد في القراءات الثمان لمحمد الحضرمي (ت560) : "من لدنه " باختلاس الدال ..)ا.هـ .

    وبقية كتب أصول النشر لم تخرج عن هذه العبارات .
    وقد يعتقد البعض عن هناك عدة مذاهب في هذه الكلمة حيث هناك اختلاف في العبارات (اختلاس ـ وإشمامها شيئا من الضم ـ وإشمامها شيئا من الرفع ـ إشماما خفيفا ) .
    فإذا أمعنا النظر في هذه العبارات ـ مع اتفاقهم في القراءة ـ نلحظ أن تعبيرهم ( بالاختلاس ) يقرّبنا من القول بالقلقلة ؛ لأن القلقلة توحي بالاختلاس ـ أي كأنه مختلس لأجل صوت القلقلة ) ، وهو ما قاله بعض المتأخرين ـ القائلين بعدم القلقلة ـ (إذا أظهرت القلقلة ظهر صوت الضم، والإشمام هنا إشارة بدون صوت.) وما ذهب إليه المتأخرون غير صحيح فهناك فرق ضئيل بين القلقلة والاختلاس الحقيقي " ثلثي الحركة " .

    ولكن ما معنى الاختلاس عند ابن الباذش وغيره : "معنى الاختلاس: النطق بالحركة سريعة، وهو ضد الإشباع.)
    ولكن هل هذا ما يعتقده ابن الباذش أو من قال بالاختلاس ؟
    الجواب : لا يوجد من قرأ بالاختلاس ـ أي ثلثي الحركة ـ ، قال الإمام ابن الجزري ـ رحمه الله ـ في ( النشر): (واختلفوا) في (من لدنه) فروى أبو بكر بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون والهاء ووصلها بياء اللفظ .
    وانفرد نفطويه عن الصريفيني عن يحيى عن أبي بكر بكسر الهاء من غير صلة وهي رواية خلف عن يحيى وقرأ الباقون بضم الهاء والدال وإسكان النون وابن كثير على أصله في الصلة بواو0)ا.هـ
    وقال أيضا وهو يتحدث عن (من لدني ) والخلاف فيها ( الحرف كما أن حرف أول السورة وهو (من لدنه) يختص بالإشمام ليس إلا )ا.هـ

    فلم يحك خلافا في المسألة ؛ بل ذكر من انفرد باختلاس الهاء وهو ما قاله ( بكسر الهاء من غير صلة) أي أن " الدال " لا خُلف فيه .
    والتعبير بالإشمام لا إشكال فيه ، أما الاختلاس فهو معروف لدا القراء بأنه يستخدم للتعبير عن جزء من الحركة ، ولا شك أنهم لا يقصدونه هنا ، وهذا ما قاله في " إتحاف فضلاء البشر " حيث قال :(واختلف في ( من لدنه ) فأبو بكر بإسكان الدال مع إشمامها الضم ...... وإشمام الدال للتنبيه على أصلها في الحركة وهو هنا عبارة عن : ضم الشفتين مع الدال بلا نطق ...... وتجوّز الأهوازي بتسميته اختلاسًا )ا.هـ
    فدلّ أنهم قد يتجوّزون في العبارة ، وما معنى التجوّز عند القراء ؟
    التجوّز لغة : " تَجَوَّزَ فِي الأَمْرِ " : اِحْتَمَلَهُ .
    والقول بالاختلاس تجوّز يقرّب من القول بالقلقلة ولكنها ليست على الحقيقة ـ أي ليس اختلاسًا " ثلثى الحركة " ـ ولكنه قريب منه .
    ومثال في التجوّز : قال في النشر (... وقد عبّر قوم عن الترقيق في الراء بالإمالة بين اللفظين كما فعل الداني وبعض المغاربة ، وهو تجوز ؛ إذ الإمالة أن تنحو بالفتحة إلى الكسرة وبالألف إلى الياء )
    والفرق بين الترقيق والإمالة واضح كما شرحه ابن الجزري إلا أنهما اشتركا في تنحيف الراء وإن اختلفت طريقة أدائهما ..هذا هو التجوّز في العبارة .
    فقد لحظوا صوتي الإشمام مع القلقلة فأطلقوا تعبيرا مقاربًا لهذا الأداء ؛ لأن القراءة بلا قلقلة لا تحدث صوتا يقارب الاختلاس بحال من الأحوال ، وليس التعبير بالاختلاس عبثا أو تغاير في المرادفات ، بل له مدلول من العبارة .
    وما يدلّك على هذا أيضا ما نقله ابن الجزري في (من لدني ) وهو الذي فيه خلاف حيث نقل وصْف الإشمام ، ووصْف الاختلاس ، وذكر شرحهما ، بينما لم يفعل ذلك في ( لدنه ) رغم اختلاف التعبير بالإشمام والاختلاس حيث قال : (واختلفوا في (من لدني) ، فقرأ المدنيان بضم الدال وتخفيف النون وروى أبو بكر بتخفيف النون واختلف عنه في ضمة الدال فأكثر أهل الأداء على إشمامها الضم بعد إسكانها وبه ورد النص عن العليمي وعن موسى بن حزام عن يحيى وبه قرأ الداني من طريق الصريفيني ولم يذكر غيره في التيسير وتبعه على ذلك الشاطبي ، وهو الذي في الكافي ، والتذكرة ، والهداية ، وأكثر كتب المغاربة ، وكذا هو في كتب ابن مهران ، وكتب أبي العز وسبط الخياط .
    وروى كثير منهم : اختلاس ضمة الدال وهو الذي نص عليه الحافظ أبو العلاء الهمذاني والأستاذ أبو طاهر بن سوار وأبو القاسم الهذلي وغيرهم .
    ونص عليهما جميعاً الحافظ أبو عمرو الداني في مفرداته وجامعه وقال فيه : والإشمام في هذه الكلمة يكون إيماءاً بالشفتين إلى الضمة بعد سكون الدال وقبل كسر النون كما لخصه موسى بن حزام عن يحيى بن آدم .
    ويكون أيضاً إشارة بالضم إلى الدال فلا يخلص لها سكون بل هي على ذلك في زنة المتحرك .
    وإذا كان إيماءاً كانت النون المكسورة نون (لدن) الأصلية كسرت لسكونها وسكون الدال قبلها وأعمل العضو بينهما ولم تكن النون التي تصحب ياء المتكلم بل هي المحذوفة تخفيفاً لزيادتها .
    وإذا كان إشارة بالحركة كانت النون المكسورة التي تصحب ياء المتكلم لملازمتها إياها كسرت كسر بناء وحذفت الأصلية قبلها للتخفيف .
    قلت : وهذا قول لا مزيد على حسنه وتحقيقه وهذان الوجهان مما اختص بهما هذا الحرف كما أن حرف أول السورة وهو (من لدنه) يختص بالإشمام ليس إلّّا ومن أجل الصلة بعد النون .
    وكذلك ما ذكره ابن سوار عن أبي بكر في قوله (من لدن حكيم) في سورة النمل ، وهو مما انفرد به من طرقه عن يحيى والعليمي ، وهو مختص بالاختلاس ليس إلا من أجل سكون النون فيه ، فلذلك امتنع فيه الإشمام وقرأ الباقون بضم الدال وتشديد النون .)ا.هـ
    فقوله (والإشمام في هذه الكلمة يكون إيماءاً بالشفتين...) يقصد به الإشمام بدون صوت الحركة .
    وقوله (ويكون أيضاً إشارة بالضم إلى الدال فلا يخلص لها سكون) ويقصد به الاختلاس المعني به "ثلثي الحركة " .
    وقد وصف أيضا العلامة أبو شامة المقدسي ـ في إبراز المعاني ـ الإشمام قائلا :
    وَمِنْ لَدْنِهِ في الضَّمِّ أَسْكِنْ مُشِمَّهُ *** وَمِنْ بَعْدِهِ كَسْرَانِ عَنْ شُعْبَةَ اعْتَلاَ

    أي أسكن ضم الدال في حال كونك مشمه فالهاء في مشمه للضم والكسران في النون والهاء وهذا معنى قول صاحب التيسير: قرأ أبو بكر- من لدنه- بإسكان الدال وإشمامها شيئا من الضم وبكسر النون والهاء ويصل الهاء بياء وكذا قال صاحب الروضة : إشمامها شيئا من الضم ، وصرح الأهوازي : فقال باختلاس ضمة الدال ، وأما مكي فقال : الإشمام في هذا إنما هو بعد الدال ؛لأنها ساكنة فهي بمنزلة دال زيد المرفوع في الوقف وليس بمنزلة الإشمام في- سيئت- .
    وقيل : لأن هذا متحرك ولم يذكر الشيخ في شرحه غير هذا القول ، فقال : حقيقة هذا الإشمام أن يشير بالعضو إلى الضمة بعد إسكان الدال ولا يدركه الأعمى لكونه إشارة بالعضو من غير صوت .
    قال أبو علي : وهذا الإشمام ليس في حركة خرجت إلى اللفظ وإنما هو تهيئة العضو لإخراج الضمة ليعلم أن الأصل كان في الدال الضمة فأسكنت كما أسكنت الباء في سبع والكسر من النون لالتقاء الساكنين وكسرت الهاء بعدها لأجل كسرة النون نحو به ومن أجله. )ا.هـ

    فأنت ترى أن الكل مجمِع على الإشمام لا غير وألحقه الإمام مكي بسكون الوقف ؛ بل ونفى أن يكون ملحقا بالحركة في قوله : (وليس بمنزلة الإشمام في- سيئت-) وكذا قول أبي شامة ( ولا يدركه الأعمى لكونه إشارة بالعضو من غير صوت .) .
    وقد وضع الإمام مكي قاعدة جليلة في التفرقة بين الإشمام مع الإشارة بلا صوت ، وبين الإشمام الذي هو الإشارة مع جزء من الحركة حيث قال في "الكشف " : ..فكل إشمام في حرف ساكن لا يسمع إنما هو ضم الشفتين لا غير .
    وكل إشمام في متحرك يسمع كالإشمام في " قيل ، وحيل ، وسئ " ...)ا.هـ

    والذي يظهر مما سبق أن القلقلة تقرّب الحرف من الحركة ـ أي كأنها محركة ـ فإذا غلفتها بالإشمام ظهرت لك وكأنها مختلسة ـ وإن كانت في الحقيقة إشمام صوت القلقلة ـ .
    ومن وصفها بالإشمام وصف هيئة الشفتين ولم يعوّل على ذكر القلقلة ؛ لأنها معلومة ولا يُحتاج لذكرها .
    وهذا ما يؤيده الشيخ محمد إبراهيم محمد سالم صاحب كتاب (فريدة الدهر في تأصيل و جمع القراءات العشر) (...وملاحظة القلقلة مع كسر النون والهاء بالكسر والصلة )ا.هـ3/1117

    أما قول صاحب كتاب (التحقيق الوفي في رواية شعبة عن عاصم الكوفي ) لأحمد بن نضال القطيشات يقول فيه بعد نقل كلام العلامة القاضي : إذا كان ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة فلا بد من القلقلة .
    أما على المذهب الثاني فلا قلقلة ؛ لأن الإشمام مع الدال فزال به سبب القلقلة .)ا.هـ164
    فالجواب :
    الخلاف لفظي بينهما ، وهو عين الخلاف في مسألة خروج الحركة ، حيث جعل الجعبري الحرف والحركة مقترنان ـ أي يخرجان في زمن واحد ـ ، فالذي يقول باقتران الحرف والحركة ؛ لابد أن يقول باقتران الحرف والإشمام ؛ لأن الإشمام إشارة للحركة ، وشدة القرب بينهما يوحي بأنهما مقترنان ، بينما الحركة تخرج قبل الحرف وهو الراجح .

    وكذا الحال في هذه المسألة خلاف لفظي ؛ لأن الجعبري لا يخالف هؤلاء القراء في أدائه .
    وأما قوله (أما على المذهب الثاني فلا قلقلة ؛ لأن الإشمام مع الدال فزال به سبب القلقلة)أ.هـ

    وهذا عجيب ؛ لأن الإشمام لا ينفي كونه ساكنا ؛ لأن هذا النوع من الإشمام لا يكون إلا مع الساكن ـ كما سبق ـ ، وإن لم يكن الأمر كذلك علينا أن نعتبر أن هذا النوع من الإشمام الذي يضاهي الإشمام في المحرك نحو: (قيل ، وغيض وبابهما ) الذي يزول به السكون ، وهو ليس كذلك ، وقد أجمع القراء أن هذا الإشمام يكون مع سكون الدال .بما فيهم الجعبري نفسه حيث يقول :( "من لدنه " بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون ....) .
    وعلى ما تقدم يكون عبارته (إذا كان ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة فلا بد من القلقلة .) لا تخالف العبارة الثانية (...لأن الإشمام مع الدال فزال به سبب القلقلة) .
    فإذا كان قول الداني وغيره لابد فيه من القلقلة ، فقول الجعبري أيضا يوافقه. والله أعلم .

    أما ما قاله العلامة الطيبي :
    و أشمم هنا مقارنا للحرف *** لا بعد لفظه كحال الوقف .

    وشرح الشيخ القاضي في "البدور الزاهرة " هذا الخلاف قائلا :
    " من لدنه " قرأ شعبة بإسكان الدال مع إشمامها الضم ....قال في الغيث: والمراد بالإشمام هنا ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة على ما ذكره مكى والداني وعبد الله الفارسى وغيرهم. وقال الجعبري لا يكون الإشمام بعد الدال بل معه تنبيها على أن أصلها الضم وسكنت تخفيفا ، انتهى. والظاهر أن الحق مع الجعبري.))ا.هـ

    فيقال فيه ما قيل في سابقه بأن الخلاف لفظي ، وقول الجعبري (بل معه تنبيها على أن أصلها الضم وسكنت تخفيفا) لا ينفي السكون أثناء أداء الإشمام ، وقد سبق قوله بالإسكان . والله أعلم .

    ونخلص مما سبق :
    *أن القلقلة صفة لازمة للحرف الساكن من أحرفها ولا يمكن أن تنفك عنها بحال إلا في الإدغام الكامل والناقص .
    *أن خروج الإشمام مع القلقلة تشبه الاختلاس ؛ لأن للقلقلة صويتا يشبه الحركات كما عبّر الداني وغيره .
    * أن منع القلقلة في الدال إلغاء صفة من صفات الحرف بغير دليل ، والأصل بقاء الصفة .
    *الفرق الضئيل بين القلقلة والحرف المختلس ينفي تخوف البعض بأنه إذا قلقلها خرجت كأنها مختلسة ـ ثلثي الحركة ـ .
    *أن الاختلاس لا يمكن حمله على الحركة لإجماع القراء على سكون الدال ، ولا يجتمع إشمام حركة مع حرف ساكن ـ وسبق في قول مكي ـ .والله أعلم

    هذا ما من الله به علىّ وأسأله أن يتقبله منا وأن يجعله خالصا لوجه .... آمين
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •