معنا سلاح مؤكد للنصر فكن أنت أول من يستخدمه.
- عن حارثة بن وهب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ " قالوا: بلى. قال - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره"، ثم قال: "ألا أخبركم بأهل النار؟ " قالوا: بلى. قال: "كل عتلٍّ جواظ مستكبر".
- وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ربَّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" .
- وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كسرت الرُّبيع وهي عمة أنس بن مالك ثنية جارية من الأنصار، فطلب القوم القصاص، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص، فقال أنس بن النضر عمُّ أنس بن مالك: لا والله لا تكسر سنُّها يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أنس كتاب الله القصاص، فرضي القوم وقبلوا الأرش، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره".
قال النووي رحمه الله : ( أي لو حلف على وقوع شيء أوقعه الله إكراماً له بإجابة سؤاله و صيانته من الحنث في يمينه . و هذا لعظم منزلته عند الله ، و إن كان حقيراً عند الناس . و قيل : معنى القَسَم هنا : الدعاء ، و إبراره إجابته ) .

وتفسير هذه الأحاديث بالحديث الآتي:
ـ عن أنس رضي الله عنه قال : كَسَرت الرُّبَيِّعُ ـ و هي عمة أنس بن مالك ـ ثَنِيَّةَ جاريةٍ من الأنصار، فطلب القومُ القصاص . فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم ، فأمر بالقصاص . فقال أنس بن النضر ـ أخو الرُّبَيِّعَ ـ : لا و الله لا تكسر سنها يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (يا أنس ! كتابُ الله ـ أي حكمه و قضاؤه - القصاص ) . فرضي القوم و قبلوا الأرش . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) .
هذا بخلاف المتألي على الله تعالى كما في الحديثين الآتيين:
ـ عن جندب بن جنادة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حدَّثَ : ( أن رجلا قال : و الله ! لا يغفر الله لفلان . و إن الله تعالى قال : من ذا الذي يتألى علي أن أغفر لفلان ، فإني قد غفرت لفلان ، و أحبطت عملك ) .
ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين ، فكان أحدهما يذنب و الآخر مجتهدٌ في العبادة ، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب ، فيقول : أقصِر ! فوجده يوماً على ذنبٍ ، فقال له : أقصِر . فقال : خلِّني و ربِّي ، أبُعِثتَ عليَّ رقيباً ؟ فقال : و الله لا يغفر الله لك ، أو لا يدخلك الله الجنة ، فقبض أرواحهما . فاجتمعا عند ربِّ العالمين ، فقال لهذا المجتهد : أكنت بي عالماً ؟ أو كنت على ما في يدي قادراً ؟ و قال للمذنب : اذهب فادخل الجنة برحمتي . و قال للآخر : اذهبوا به إلى النار ) . قال أبو هريرة : و الذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه و آخرته .

ويتضح الأمر بقصة الإسكافي :
محمد بن المنكدر له قصة عجيبة غريبة، يقول: في يومٍ من الأيام قحط أهل المدينة، فخرجوا يستسقون فما سقوا -أي: ما نزل المطر- كل أهل المدينة، ومن أهل المدينة؟ إنهم الصالحون العباد، يقول: وكنت في تلك الليلة في المسجد وكان المسجد مظلماً، وقد اتكأت على سارية فدخل رجل لا أعرفه، ولم ينظر إليَّ وكان متوشحاً ببردة، فتقدم إلى المسجد، وجلس في الصف الأول وأخذ يصلي، وبعد أن انتهى من صلاته رفع يديه وأخذ يدعو الله ويثني عليه، ثم قال: أقسمت عليك يا رب لما سقيتهم -يقسم على الله أن يسقيهم المطر- يقول محمد بن المنكدر: قلت في نفسي: هذا الرجل مجنون، كل أهل المدينة خرجوا إلى الله يستسقونه وما سقاهم، وأنت تقسم على ربك أن ينزل المطر، فوالله ما أنزل يديه إلا والسماء ترعد، والمطر ينزل، يقول: فعجبت من أمره يقول: فأخذ يبكي، وهو يقول: من أنا حتى تستجيب لي؟ من أنا حتى تستجيب لي؟ عذت بحولك وقوتك، ثم أخذ يثني على ربَّه جلَّ وعلا، وأخذ يصلي حتى الفجر، يقول: فتبعته بعد الفجر حتى علمت منزله، وجئته في الصباح، فدخلت ونظرت فإذا هو إسكافي -أي: يصلح الأحذية- فقلت له: يا فلان! أنا صاحب البارحة الأولى في المسجد -أي: نظرت إليك وعلمت ما الذي جرى- فقال: يا أبا عبد الله! ما شأني وشأنك؟ يقول: فخرجت وانتظرته في اليوم الثاني فما جاء المسجد، وكذا اليوم الثالث فما جاء، يقول: فذهبت إلى البيت لأسأل عنه فقالت عجوزٌ عند البيت: يا أبا عبد الله! ماذا فعلت معه، منذ أن فارقته جمع أمتعته وخرج من البيت ولم يرجع إلى هذه الساعة، يقول: بحثت عنه في المدينة كلها فلم أره ولم أسمع به.

وبعد ... لا بد من استخدام هذا السلاح الفعال لإزاحة الغمة وعودة المجتمع لوضعه الأصلي ولفطرته السوية قبل فوات الأوان ... فلا بد من بداية استخدام هذا السلاح ... ومعداته بسيطة جدا ... دوام الذكر والصلاة والقيام وقراءة القرآن وتدبره والعمل الصالح .