وللفائدة..
فقد قيل إنّ مالكًا إنّما احتذى موطّأه على كتاب حمّاد بن سلمة، وقيل: إنّ كتاب ابن جريج قبل ذلك. (مجموع الفتاوى 10: 362)،
وفي كتاب الجامع للخطيب: (كان ممن سلك طريق ابن جريج في التصنيف، واقتفى أثره في التأليف: من أهل عصره، والمدركين لوقته، سوى الأوزاعي وابن أبي عروبة: الربيع بن صبيح بالبصرة وشعبة بن الحجاج وحماد بن سلمة بها أيضا جميعا، ومعمر بن راشد باليمن، وسفيان الثوري بالكوفة، وصنف مالك بن أنس موطأه في ذلك الوقت بالمدينة ..). وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (20: 322): (وأما الموطأ ونحوه فإنه صُنِّف على طريقة العلماء المصنِّفين إذْ ذاك .. ولم يكونوا يصنِّفون ذلك في كتب مصنَّفة إلى زمن تابع التابعين؛ فَصُنِّفَ العلم، فأوّل مَن صَنَّف ابنُ جريج شيئا في التفسير وشيئا في الأموات، وصنف سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر وأمثال هؤلاء يصنفون ما في الباب عن النبي

والصحابة والتابعين، وهذه هي كانت كتب الفقه والعلم والأصول والفروع بعد القرآن، فصنَّف مالكٌ الموطأ على هذه الطريقة ..). وقال ابن حجر في الهدي: (اعلم - علمني الله وإياك - أن آثار النبي

لم تكن في عصر أصحابه وكبار تبعهم مدوّنة في الجوامع ولا مرتبة لأمرين: أحدهما: أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك كما ثبت في صحيح مسلم "خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم. وثانيهما: لسعة حفظهم، وسيلان أذهانهم؛ ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة؛ ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار، وتبويب الأخبار لما انتشر العلماء في الأمصار، وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكرى الاقدار؛ فأوّل من جمع ذلك الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما، وكانوا يصنفون كل باب على حدة، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة، فدونوا الأحكام: فصنف الإمام مالك الموطأ وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم، وصنف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج بمكة، وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو (1) الأوزاعي بالشام، وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة، وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار بالبصرة، ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم، إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي

خاصة وذلك على رأس المائتين). وفي التدريب للسيوطي: (قال العراقي وابن حجر: وكان هؤلاء في عصر واحد فلا ندري أيهم سبق).
___________
(1) وفي الهَدي - ص6 ط. السلفية وشيبة ص8 ويدي لا تطول الآن طيبة وروابطها معطّلة وأحسبها أفضل طبعات الهَدي لا الفتح -:
(أبو عمر وعبد الرحمن بن عمر والأوزاعي). والصواب: "أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي"، كما أثبت، والله أعلم.