عرّف بعضهم الظلم على أنه: التصرف في ملك الغير، وقالوا: إن الظلم مستحيل على الله تعالى، وجعلوا هذا تفسيراً لما جاء في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرَّمتُ الظلم على نفسي).
قال ابن رجب رحمه الله تعالى في "جامع العلوم والحكم" (274): (وقد فسر كثير من العلماء الظلم: بأنه وضع الأشياء في غير موضعها. وأما من فسره بالتصرف في ملك الغير بغير إذنه، وقد نقل نحوه عن إياس بن معاوية وغيره، فإنهم يقولون إن الظلم مستحيل عليه وغير متصور في حقه؛ لأن كل ما يفعله فهو تصرف في ملكه)
وسنَزِنُ هذين التفسيرين بميزان السلف الذي أظهره لنا العلامة ابن القيم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (إن طرق الناس اختلفت في حقيقة الظلم الذي يُنزَّه عنه الرب سبحانه وتعالى، فقالت الجبرية: هو المُحال الممتنع لذاته كالجمع بين الضدين وكون الشيء موجوداً معدوماً، قالوا: لأن الظلم إما التصرف في ملك الغير بغير إذنه وإما مخالفة الأمر، وكلاهما في حق الله تعالى محال، فإن الله مالك كل شيء وليس فوقه آمِر تجب طاعته)...
إلى أن قال: (وقال أهل السنة والحديث ومن وافقهم: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وهو سبحانه حكم عدل لا يضع الشيء إلا في موضعه الذي يناسبه ويقتضيه العدل والحكمة والمصلحة...وهذا قول أهل اللغة قاطبة، وتفسير الظلم بذينك التفسيرين اصطلاح حادث ووضع جديد...
وهذا القول هو الصواب المعروف في لغة العرب والقرآن والسنة، وإنما تُحمل ألفاظهما على لغة القوم، لا على الاصطلاحات الحادثة، فإن هذا أصل كل فساد وتحريف وبدعة، وهذا شأن أهل البدع دائماً يصطلحون على معانٍ يضعون لها ألفاظاً من ألفاظ العرب، ثم يحملون ألفاظ القرآن والسنة على تلك الاصطلاحات الحادثة) مختصر الصواعق 198، 199
وينظر: مجموع الفتاوى 18/136-210
والحمد لله رب العالمين.