قل لا أسألكم عليه شيئاً

ـ حينما يضحي الداعية المسلم بوقته وماله وجهده ليهبه للناس ابتغاء مرضاة الله تعالى ، وطلبا لهداية الناس إلى الحق .... فهو بذلك يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم.....

قال تعالى : ( وَيَا قَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إلاّ عَلَى اللّهِ ) .

ـ وحينما يضحي طالب العلم بوقته وماله وجهده ليسهر الليل الطويل ، وينفق الأموال الكثيرة على العلم وكتب العلم ، والرحلة في طلب العلم ، ابتغاء مرضاة الله تعالى ، وطلبا لهداية الناس إلى الحق .... فهو بذلك يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم.....

قال تعالى : ( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ، وقال تعالى : ( يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ )

ـ وحينما يضحي قاريء القرآن بوقته وماله وجهده ليحفظ القرآن ويرحل في أخذ الإجازات والقراءات على المشائخ وينفق الأموال ، ابتغاء مرضاة الله تعالى ، وطلبا لهداية الناس إلى الحق .... فهو بذلك يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم.....

قال تعالى: ( وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ) .

ـ وحينما يضحي الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بوقته وجهده وماله لينصح هذا ويرشد هذا ويأخذ على يد هذا ويفهم هذا ويوقظ هذا من غفلته .... إما بالكلمة وإما بالكتب وإما بالملصق .... ينفق هذه الأوقات والأعمار والأموال والجهد ، ابتغاء مرضاة الله تعالى ، وطلبا لهداية الناس إلى الحق .... فهو بذلك يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم.....

وقال تعالى: ( وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ) ، وقال تعالى: ( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) .

ويوافق على فعلهم هذا الشرع الحنيف ويمدحه .


ـ للأسف الشديد ركنا إلى الدنيا واقتدينا بأصحابها ، فلم ننتفض إلى العمل للآخرة كما ننتفض للعمل للدنيا ...وقد حذرنا الله عز وجل من ذلك ...

قال تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ. أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) ... وقال تعالى :(وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ).

ـ لو سألت شخصا من الأشخاص ( رجلا أو امرأة) ما طموحاتك؟
فقال : أصبح لاعب كرة قدم مشهور أو مغنيا مشهورا أو ممثلا مشهورا أو للأسف راقصة مشهورة ... يصبح متمناه ... حقيقيا ... تجد الآلاف من الأموال والشهرة الإعلامية مسخرة لهم ويظهرهم المجتمع على أنهم القدوة ....
هذا هو الفن المعروف اليوم لدى الناس (للأسف).

ـ وعلى خلاف ذلك لو سألت شخصا من الأشخاص ما طموحاتك ؟
فقال: أصبح قارئا للقرآن أو طالب علم أو داعية أو آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر أو واعظا أو خطيبا .... تجد الأمر يصعب عليه ... فعذرا لم يؤيده أحد ... اللهم إلا القلة من الناس ... ولكن عليه أن ينفق من وقته وجهده وماله لكي يصبح كما يريد ، دون أ يُلفت إليه الأنظار ولا يفتح له المجال لينمي طموحاته وقدراته كي يسخرها فيما يريد أن ينفع بها نفسه ويخدم الإسلام ..
وهو بهذا الطموح يصطدم بالواقع ، فعليه أن يعمل للكسب وعليه أن يتزوج وعليه أن يعيش حياته كما يعيشها الباقون من الناس .
فلا يدري .. أيترك هذه الطموحات لغيره كي ينفذوها .. وينشغل هو بالدنيا كما انشغل بها هؤلاء الناس ؟ أم يضحي بالوقت والمال والجهد كما ضحى الذين من قبله من الأنبياء والصالحين والمصلحين ..؟ أم يكتفي بأن يكون مشاهدا ومحبا للفكرة ويشاهد هؤلاء المصلحين ، ويكون منتهي مشاركته معهم هو المشاهدة فقط لا غير ثم يذهب هو وامرأته وأولاده لأعمالهم ودنياهم كما يذهب الباقي من الناس ؟

( عَنْ إِسْرَائِيلَ ، قَالَ : كَثُرَ مَنْ يَطْلُبُ الْحَدِيثَ فِي زَمَنِ الأَعْمَشِ ، فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، مَا تَرَى مَا أَكْثَرُهُمْ ؟ قَالَ : لا تَنْظُرُوا إِلَى كَثْرَتِهِمْ ، ثُلُثُهُمْ يَمُوتُونَ ، وَثُلُثُهُمْ يَلْحَقُونَ بِالأَعْمَالِ ، وَثُلُثُهُمْ مِنْ كُلِّ مَائَةٍ يُفْلِحُ وَاحِدٌ . ).


لو كان قارىء القرآن يأخذ راتبا من الدولة لحفظ الناس القرآن
ولو كان طالب العلم يأخذ راتبا من الدولة لطلب الناس العلم
ولو كان الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يأخذ راتبا من الدولة لأمر الناس بالمعروف ونهو عن المنكر
ولو كان شهود صلاة الجماعة بمقابل ولو ضئيل من الدولة لأقبل التاركين لها إلى المساجد


قال صلى الله عليه وسلم:( والذي نفسي بيده لو يَعلم أحدهم أنه يجد عَرْقًا سَمِينًا، أو مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ العِشَاء )، والعرق بقية لحم أو عظم عليه لحم ، والمرماتان ما بين ظلف الشاة من اللحم )

ـ إننا أمة الإسلام لا نريد أقواما يضعون أنفسهم موضع المصلحين ومكانهم ثم يكونون عبئا على مكانهم وعلى أنفسهم فلا يقدروا أن يكملوا مشوارهم الذي ابتدؤوه وبنوه وأملوه في صغرهم وطالبوا بتحقيقه في الكبر .. ثم ما أن أتى عليهم العمل الدنيوي والزواج والأولاد كان مشوارهم مجرد حلم وانتهى ، وعلى أولادهم أن يبدؤوه من جديد لكي يكون هذا الذي سيبنيه أولادهم بعدما يكبروا وينشغلوا في الحياة الدنيا حلما أيضا ....
ـ إننا أمة الإسلام نريد رجالا ونساء ... يقول كل واحد منهم بعدما ينفق ماله ووقته وجهه في سبيل الله عز وجل (لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إلاّ عَلَى اللّهِ).